مقالات

العلة في المجنون أم في الخَبِل ؟ هذا ما يجري في الموصل .. باختصار

د. طه حامد الدليمي

ما يجري في الموصل اليوم – وبقية المناطق السنية – نتيجة طبيعية لوضع غير طبيعي.

وهذه الغيرية ليست من النوع المعقول، أي الذي يمكن أن يرتكبه عاقل، بل ما يجري إنما هو من فعل فاعل غير عاقل البتة: لا من الجانب الشيعي ولا الجانب السني.

وحتى أفرق بين اللامعقول الشيعي واللامعقول السني أحيل القارئ إلى واقعة حقيقية حدثت في ربوع أخوالي في ريف المحمودية. لكن قبل ذلك دعونا نقف برهة أمام الجذر اللغوي الذي يعين على التفريق بين (الخَبِل “بكسر الباء” والمجنون).

يقول ابن منظور في (لسان العرب): “والخَبَل: جَوْدة الحُمْق بلا جنون”. فالخَبِل هو الأحمق ما لم يبلغ الجنون. وهذا ما ينطبق تماماً على قصتنا.

جبار شاب ذو تصرفات مستهجنة وبدوات غريبة. قبيل الاحتلال امتهن الرقية، فكان يدور على المجانين يرقيهم بالقرآن والأدعية الشرعية. جيء به يوماً إلى مريض من أخوالي فرقاه، وبينما هو لكذلك إذ رأى مجنوناً يدعى صويلح. وصويلح مجنون جنوناً ولادياً وراثياً لا علاج له. لكن جبار أصر على أن يرقيه رغم توضيح الحاضرين وقولهم له: إن الأمر مفروغ منه فلا تحاول. وطفق جبار يرقي صويلح، ومن حوله ينظرون إليه نظرات ساخرة تتخللها ابتسامات وهسهسات. وطال بجبار المُقام وهو يقسم على الجني أن “ينطق على لسانه ولا يؤذيه”. لكن الجني بقي صامتاً صامداً دون أن تند عنه نأمة أو حركة.

وظل جبار يقسم ويرقي، ويقسم ويرقي. ثم طلب عصاً فأتوا جبار بها مجبَرين. وجرب جبار وسائله كلها ولم يند عن المجنون شيء، بقي كما هو رغم أن جبار لم يبق كما هو. أخيراً فرضت الحال وطول الوقت أن يتوقف جبار عما هو فيه. وأفلت صويلح من بين يديه لينفذ بجلده وهو يشير إلى جبار بيديه ويحرك شفتيه حركة خاصة ويدلع لسانه قائلاً: “خبل، خبل!”. كان مشهداً طريفاً أضحك الحاضرين، لا على صويلح وإنما على جبار.

صدقت والله يا صويلح!

إن كنت المجنون فجبار هو الخَبِل.

بين الجنون الشيعي والخبال السني

الشيعة مصابون بجنون جمعي ولا شك. أقوالهم، أفعالهم، طقوسهم، دينهم، تصرفاتهم، أحقادهم… كل شيء فيهم ينم عن شعب مجنون جنوناً جمعياً (رسمياً). سيؤدي بهم في نهاية المطاف إلى الدمار والانتحار.

هل انتهينا من هذا؟

لكم أن تسألوا الآن: إذا كان الشيعة على هذه الحال فكيف اخترق جنونهم السنة العقلاء حتى وصل إلى الموصل، فضلاً عن بقية بلدان الأمة؟ من سمح له بذلك؟ أما من عاقل يقف بوجهه؟ كيف منذ 2003 حتى اليوم لم يرتفع صوت عربي أو إسلامي ينكر على الشيعة بهذا الاسم (الشيعة) تحديداً، ويقول: كفى همجية وعدواناً على السنة بهذا الاسم (السنة) دون مواربة؟! هل تعلمون أنه لأول مرة منذ ذلك الحين يرتفع صوت قبل أيام يضع النقاط على الحروف، ومن بلد غير عربي، هو تركيا. لا أقول هذا طامعاً أو آملاً بنجدة عربي لنا. لينجدوا أنفسهم أولاً، إنما بياناً للواقع، وكلمة للتاريخ، وشاهداً للمقال، ووضعاً لنقطة على حرف ظل عاطلاً منها طوال هذه المدة المديدة.

بالله عليكم أليست هذه الأمة مخبولة؟ بالله عليكم!

أتريدون شاهداً آخر من بين مئات الشواهد على خبال أمة السنة.. أمة الإسلام يا لَلأسف!

هل سمعتم بـ(المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء للدعوة والإفتاء)؟ هذا اسمه. هل لاحظتم: (كبار العلماء)؟! وهو تابع للإخوان المسلمين في العراق. وهل قرأتم (بيان رقم (62) بشأن انطلاق عمليات تحرير محافظة نينوى)؟ هذا عنوانه الصادر عنه لا عني! هل لاحظتم (تحرير محافظة نينوى)؟! إليكم لقطة مما جاء في البيان:

“يبارك المجمع الفقهي لكبار العلماء للدعوة والإفتاء انطلاق هذه العمليات… ويدعو القوات الأمنية المشاركة في هذه العمليات إلى تغليب المصلحة العامة، والحفاظ على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة والتعامل بمهنية عالية… كما ويدعو إلى التعامل بأخلاق الإسلام في الحرب…”. هذا و(القوات الأمنية المشاركة) ما تركت مكاناً في أي أرض سنية ومنذ 2003 إلا وأهلكت ما فيه من حرث ونسل! متعاملة حقاً “بأخلاق الإسلام في الحرب”.. إسلامهم لا إسلامنا.

بالله عليكم هل العلة في المجنون أم في الخَبِل؟ بالله عليكم!

قبل أيام كنت أتهاتف مع صاحب منبر إعلامي، وإذ نحن نتناقش في الوضع الحالي والأحداث الجارية وأسبابها وكون أهل السنة هم من جنوا على أنفسهم وما زالوا يجنون، وبجنون.. رويت له قصة جبار وصويلح وسألته: بالله عليك أليست العلة في الخبل قبل المجنون؟ فأجابني وهو يضحك بما معناه: لقد أصبت كبد الحقيقة. وحين قلت له: آن الأوان إذن لتصحيح المفاهيم المختلطة الشائعة في الثقافة السنية. قال: لا لا، نحن نريد كلاماً ضد الشيعة!

بالله عليكم ألسنا نعيش في وسط أمة عقلاؤها مخابيل؟!

وصدق الله تعالى إذ يقول:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (آل عمران:118-120).

ويقول:

(لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47) لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ) (التوبة:47،48).

20/10/2016

بيان

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى