النصرانية صناعة فارسية بامتياز
د. طه حامد الدليمي
شرحنا في مقالات سبقت دور الفرس الفاعل في صناعة الأديان الثلاثة: اليهودية والنصرانية والتشيع، على العكس مما هو شائع في الثقافة الرائجة من أن اليهود هم وراء ذلك، وبيّنا أن هذا من شدة مكر الفرس، تواروا وراء اليهود حتى لا يكتشف دورهم وسرهم.
بدأت فكانت المقالة الأولى عامة كالمقدمة في الموضوع، وثنيت فكتبت مقالتين عن دور الفرس في صناعة اليهودية: إحداهما عن (تحريف التوراة على يد الفرس) والأُخرى عن (دور الفرس في صناعة التلمود اليهودي)، ألحقتهما بمقالتين مكملتين أولاهما بعنوان (الأستاذية الفارسية السر الرابط بين الشيعة واليهود)، والثانية (من آثار الأستاذية الفارسية المشتركات النفسية بين الفرس واليهود والشيعة).
والآن حلّ أوان بيان دور الفرس في صناعة النصرانية.
العهد القديم ( التوراة المحرفة )
النصرانية في أصلها حب ورحمة وزهد، جاءت لإعادة التوازن إلى اليهودية التي أسرفت في الحقد والعنف والركون إلى الدنيا. فكيف انقلبت هي الأخرى ووقعت في المطب نفسه الذي وقعت فيه اليهودية؟
لقد ابتلعت النصرانية الطعم حين اعترفت بكتاب (العهد القديم)، جزءاً لا يتجزأ من (الكتاب المقدس) عندها، والذي يتكون من جزءين: (العهد القديم) أي التوراة المحرفة، و(العهد الجديد) أي الإنجيل المحرف. وكتحصيل حاصل تسلل التحريف الفارسي، الذي جرى على يد الكاهن عزرا بن سرايا، إلى جسد النصرانية فتحولت إلى صليبية تتسم بالحقد والعنف والركون إلى الدنيا، وإن ادعت أو تظاهرت بعكس ذلك.
لكن البحث يظهر أن الأمر أعمق من ذلك، وأن النصرانية صناعة فارسية بالفعل الأول وليس بالتسلل فقط، وبامتياز.
الأمر واضح .. مقارنة مباشرة فقط !
الغريب كل الغرابة أن هذا الموضوع لا يحتاج لأي بحث معمق أو جهد كبير؛ فالأمر من الوضوح بحيث تكفي مقارنة مباشرة بين الديانتين لينكشف المستور. يبدو أن النصارى كانوا من البساطة بحيث لم يحتج الفرس معهم إلى غير النسخ واللصق المباشر، مع تغيير الأسماء فقط، ثم تسليم وتسلم! وصدق الله تعالى إذ سمى النصارى (ضالين) فقال: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) (6،7)؛ قال النبي : (اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون)([1]).
المسيح في الديانة النصرانية هو نسخة طبق الأصل وصورة فوتوغرافية جاهزة عن الإله (ميثرا) إله النور في الديانة الزرادشتية، الذي سبق وجوده في أساطير المجوس ميلاد المسيح بألف وستمئة عام.. سلمها المجوس للنصارى يداً بيد ومثلاً بمثل! وقاعدة البيانات أو المعلومات المثبتة لما أقول مبذولة لمن أراد، وشبكة المعلومات جاهزة للجميع:
- لقد ولد ميثرا، حسب اعتقاد الفرس، في الخامس والعشرين من ديسمبر. أما تاريخ ولادة المسيح الحقيقية ففي آذار لا في ديسمبر!
- ولد ميثرا من امرأة عذراء هي (أناهيتا), وكانت تلقب بـ(أم الإله).
- كان الفرس يلقبون ميثرا بـ(ابن الرب)؛ فهو فابن الإله (أهورامزدا) كما أن المسيح عند النصارى ابن الله.
- ميثرا هو الوسيط بين الإله أهورامزدا وبين الناس، كما يعتقد النصارى في المسيح .
- سجد لميثرا عظماء المجوس وهو طفل كما يخبر النصارى عن المسيح.
- جرب الشيطان ميثرا وامتحنه كما جرب يسوع وامتحنه.
- يتعمد اتباع ميثرا، مثل النصارى، بالماء.
- لميثرا اثنا عشر تلميذاً وحوارياً من أتباعه قاموا بنشر دينه في الأرض. وقد تناول معهم العشاء الأخير قبل موته.
- صلب ميثرا على خشبة ودفن في قبر حجري، ثم بعث حياً وارتفع إلى السماء في اليوم الثالث، اليوم نفسه الذي يحتفل فيه النصارى بقيامة يسوع من الأموات.
- سيعود ميثرا، كما المسيح عند النصارى، مرة أخرى في نهاية العالم ليحكم بين الناس الأحياء منهم والأموات وسيبني مملكة السلام إلى الأبد.
- يؤمن عُباد ميثرا بطقس (التناول المقدس) بأن يشربوا خمراً ويتناولوا خبزاً ليحُل الرب فيهم، تماماً كالنصارى.
- كانت الإشارة التي يختتم بها الاحتفال بعيد ميثرا في الخامس والعشرين من ديسمبر هي دقّات ناقوس.
- يشترك عزّاب وعذارى في خدمة ميثرا، في وجه تشابه مع الرهبان والراهبات، الذين لا يتزوجون في دين النصارى.
- يصور الزرادشتيون ميثرا دائماً وخلفه قرص الشمس كما يفعل النصارى بعيسى وأمه.
- يوم العطلة الأسبوعية الدينية في النصرانية هو يوم الأحد يوم الشمس (Sunday). وكان النصارى في البدء يتعبدون الرب يوم السبت فغيّره قسطنطين ليتوافق مع ما يفعله عباد الشمس. وفي صباح كل أحد، يوم الشمس، يرتاد النصارى الكنيسة لحضور القداس.
فماذا أبقت النصرانية من الزرادشتية؟
1/11/2016
___________________________________________________________________________________________
- – رواه الترمذي وقال: حديث صحيح، وأحمد والطيالسي وغيرهم. وقال الألباني في (تخريج أحاديث شرح العقيدة الطحاوية): صحيح. ↑