مقالات

تخاليط العضاريط أسطورة تتلمذ الأئمة الأربعة على يد الإمام جعفر الصادق

د. طه حامد الدليمي 

يقول العضاريط المنسوبة لأهل السنة يجارون في ذلك كذبة الشيعة: إن الأئمة الأربعة: – أبا حنيفة ومالك والشافعي وأحمد – تتلمذوا على يد الإمام جعفر الصادق. وآخر من طلع علينا في ذلك د. أحمد الكبيسي إذ يقول: “الخلافة الحقيقية على هدي النبوة: أي على هدي أهل البيت، الذين تجمع عليهم الأمة الإسلامية في كل مكان، سيدنا الباقر وسيدنا الصادق عليهما السلام، كما قال أبو حنيفة: “ما فتح الله عليّ العلم إلا عندما اتصلت بالباقر والصادق؛ أصابتني منهما ريح النبوة”. ووصفهما بأنهما “أساتيذ كل علماء وشيوخ المسلمين”.

وهذا من الكذب المفضوح. وإليك البيان:

الإمامان : محمد بن إدريس الشافعي ، وأحمد بن حنبل

لا تحتاج إلى تكذيب بيان كذب تلك الفرية سوى النظر في تاريخ وفاتهما، الذي يكشف لك أن الإمامين المذكورين ولدا بعد وفاة جعفر!

فقد توفي جعفر (سنة 148هـ). بينما ولد الشافعي (سنة 150هـ)، وولد ابن حنبل (سنة 164هـ).

أما الإمام أبو حنيفة (80هـ – 150هـ) والإمام مالك (93هـ – 179هـ)، فمن أقران الإمام جعفر (80هـ – 148هـ). لكن الأمر في حاجة إلى شيء من التفصيل.

الإمام أبو حنيفة

أما أبو حنيفة فقال فيه ابن تيمية (المنهاج:7/531): (قال الرافضي: “وأما أبو حنيفة فقرأ على الصادق”. والجواب: أن هذا من الكذب الذي يعرفه من له أدنى علم، فإن أبا حنيفة من أقران جعفر الصادق، توفي الصادق سنة ثمان وأربعين ومئة، وتوفي أبو حنيفة سنة خمسين ومائة، وكان أبو حنيفة يفتي في حياة أبي جعفر والد الصادق. وما يعرف أن أبا حنيفة أخذ عن جعفر الصادق ولا عن أبيه مسألة واحدة. بل أخذ عمن كان أسن منهما كعطاء بن أبي رباح وشيخه الأصلي حماد بن أبي سليمان. و جعفر بن محمد كان بالمدينة). أي إن أبا حنيفة عاش في الكوفة وليس في المدينة التي فيها جعفر بن محمد.

نعم جالس أبو حنيفة جعفراً وقد يكون سمع منه أحاديث ومسائل في الفقه، لكن لا يعد هذا تتلمذاً مؤثراً في تكوينه العلمي. كما أن أحمد بن حنبل جالس الشافعي، وكما أن الشافعي جالس محمد بن الحسن، واستفاد كل منهم من صاحبه. لكن ليس على سبيل التلمذة. فليس كل من جالس أحداً صار له تلميذاً، لا سيما العلماء في مجالسات بعضهم بعضاً. وأما مقولة: (لولا السنتان لهلك النعمان) – أي لولا سنتان تعلم فيهما أبو حنيفة من جعفر الصادق لهلك أبو حنيفة – فمن أكاذيب الشيعة وتخاليط العضاريط.

الإمام مالك بن أنس

القول في الإمام مالك كالقول في أبي حنيفة.

قال شيخ الإسلام (المنهاج:7/531): (قال الرافضي: “أما المالكية فأخذوا علمهم عن علي وعن أولاده”. والجواب: أن هذا كذب ظاهر؛ فهذا موطأ مالك ليس فيه عنه ولا عن أولاده إلا قليل جداً. وجمهور ما فيه عن غيرهم. فيه عن جعفر تسعة أحاديث).

ثم قال ابن تيمية (المنهاج:7/533): (وبالجملة فهؤلاء الأئمة الأربعة ليس فيهم من أخذ عن جعفر شيئاً من قواعد الفقه، لكن رووا عنه أحاديث، كما رووا عن غيره، وأحاديث غيره أضعاف أحاديثه).

قلت: خذ مثلاً الإمام مالك: روى عن تسعمئة شيخ، ثلاثمئة منهم من التابعين. فكان ماذا إن روى عن جعفر تسعة أحاديث؟ علماً أنه لم يأخذ عنه شيئاً من قواعد الفقه”.

لقد قلت مرة: ليس العلة في المجنون، إنما العة في الخبل.

2/1/2017

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى