في كل عام تتجدد الذكرى فيتجدد الألم.. لا من ناحيتها الذاتية الخاصة فحسب، بل إن لما نحن بصدده عمقه الموضوعي العام، وأثره الذي يستغرق الأمة جمعاء.
في إعدام الرئيس صدام حسين رحمه الله دروس كثيرة في حاجة إلى تجلية، وإلى نظر من أكثر من زاوية. خصوصاً من قبل أولئك الذين يستهويهم الغوص في أعماق الحدث ودلالاته النفسية: الفردية والجمعية. وكيف تنعكس فيه شخصية الفاعل، وترتسم من خلاله الخيوط الخفية المحركة لتلك الشخصية.
صدام البعثي أم صدام السني ؟
لكن قبل كل شيء أسأل هذا السؤال:
هل صدام البعثي – كما يصفه الشيعة، وينساق وراءهم البعض من غيرهم – هو الذي أعدمه الشيعة فجر ذلك اليوم المعبأ بالمعاني والإيحاءات والرموز؟ أم صدام السني؟
وبلا مقدمات ولا مواربة أجيب: لم يكن صدام العلماني البعثي هو الذي أعدمه الشيعة فجر ذلك اليوم. ولا الطاغية ولا الظالم، وضع ما شئت من أوصاف. إنما هو (صدام السني) ذلك الذي أعدم فجر ذلك اليوم! ولم يكن الأمريكان هم الذين أعدموه، بل الشيعة والشيعة حصراً، تقدمهم إيران. هذا ما كانت تنزف به الذاكرة الجمعية للأمة في مشهد لن يمحى لألف قادم من الأعوام. واجتاح الحزن حتى أولئك الذين أبغضوه لأي سبب من الأسباب، وهي كثيرة. وحتى أولئك الذين كانوا يتمنون موته بأي وسيلة، وأي يوم وأي سبيل. هل كان يخطر ببالهم مهما جمح الخيال أن يُقتَل هذه القِتلة وفي يوم عيد الأضحى!
لم ينتقم الشيعة من صدام يوم قتلوه، إنما كانوا ينتقمون من الأمة.. من السنة!
وكان ذلك اليوم 30/12/2006، 10/12/1427 يوم تحول كبير في وعي الجماهير المعزولة عن العناوين الحقيقية للصراع، ويوم تَشكُّل جديد لثقافتها الوطنية الخائبة؛ ليس اليهود والغرب هم أعداء الأمة فحسب. لا بل الشيعة أيضاً. هكذا تكلمت منصة الإعدام!
في ذلك اليوم بدأ الشيعة بصنع تابوتهم بيدهم.
أفيحتفل سفلة القوم بأعراسهم في يوم أحزاننا، ويكون صدام حسين كبش الحفل الذبيح؟ لا والله!
الشخصية الميثولوجية للشيعة
الشخصية الشيعية شخصية ميثولوجية، تستند إلى عقلية خرافية مفعمة بالأساطير، لاسيما الحزينة منها، فترويها بإسراف وتعتقدها حقيقة فتتفاعل معها حد البكاء، وتحكم علاقتها بالآخر فتصدق فيه ما ترويه من أساطير، وتستورد الماضي كأنه حاضر لم يغادر بعد لحظة الواقع ليدخل في حكم التاريخ. وتُسقط ما تتوهمه من جرائم الماضين على عاتق المعاصرين، فتنتقم من الحاضر للماضي الغابر بصورة تتجاوز الشرع والمنطق والعرف والذوق والقانون. لهذا يتعامل الشيعة مع الآخر طبقاً لمجموعة من القصص الأسطورية والمفاهيم الخرافية والعقد النفسية الجمعية، وما تخرج عنها من مبادئ وثوابت وقيم أنتجت أنماطاً من الأخلاق والتصرفات والسلوك خارج نطاق المنطق.
إعدام الرئيس صدام حسين شاهد واضح على الشخصية الشيعية الميثولوجية وطريقتها الشاذة في التعامل مع الأمة؛ حين تُحمّل المجموع مسؤولية فعل الفرد. كما أنه جريمة بشعة عبرت عن مدى الحقد المريض الذي تكنه صدورهم تجاه السنة!
أصر الشيعة على ثلاثة أمور بارزة وموقظة للذاكرة السنية في العراق والذاكرة الجمعية للأمة في عمومها فيما يتعلق بالرئيس صدام:
- اعتباره رمزاً سنياً طائفياً، مع أن مشكلة الفكر العلماني عامة والقومي منه خاصة بُعد أصحابه السنة عن الطائفية. فلو كان صدام طائفياً ما سقط. صدام – بعقليته الوطنية وأوهامها التاريخية، واقتصاره على الجهد العسكري دون الثقافي العقائدي – هو الذي مهد للشيعة تمهيداً ربما لم يسبق له مثيل، ومن ورائهم إيران للسيطرة على العراق واحتلاله، بما فيه إعدامه كتحصيل حاصل، وجزئية من جزئيات الحدث.
- تجريمه وبناء حكم إعدامه على حادثة محاولة اغتياله التي نفذها مجموعة من حزب الدعوة في مدينة الدجيل (الشيعية)، دون بقية ما نسب إليه من تهم، كالإبادة الجماعية بالسلاح الكيمياوي لمدينة حلبچة الكردية (السنية). ولا يخفى ما في ذلك من رمزية تشير إلى حصر (شرف) قتله بالشيعة وحدهم. في إقصاء واضح لشركائهم. وهي الرمزية الثانية لأسباب الحكم. ولا أدري كيف رضي الكرد بذلك؟! أم كيف فهموها أو فسروها؟! أم لم يفهموها بسبب طغيان الحقد على صدام.
- الإصرار على إعدامه في يوم النحر أو اليوم الأول من عيد الأضحى. وهو ما يهمني من الحديث بهذه المناسبة.
هذا التصرف البشع، الخارج عن أي شعور بالإنسانية، لا يقدم عليه إلا من انتكست فطرته وصرف الله قلبه فصار فحمة سوداء تنبض بالحقد، وتقطر برغبة الانتقام والتشفي والثأر، بطريقة استعراضية تعبر عن نفسية سادية تتجسم فيها تشكيلة من النقائص لا تجتمع إلا في شيطان رجيم..
إثبات الذات حسب قانون “أنت تتألم.. إذن أنا موجود”. وقاحة نفس منقطعة النظير، وصفاقة وجه أبرد من رقاقة حديد في ليلة زمهرير! شذوذ نفسي لا يقل شذوذاً وبشاعة عن (الاستعراء)، الذي يصيب بعض الأشخاص فتتولد لديهم رغبة لا تقاوم بـ(استعراض) سوءاتهم أمام الآخرين. في ذلك اليوم كان الشيعة (يستعرضون) عوراتهم أمام الخلق على شاشات الفضاء! ويكشرون عن سوءاتهم، لا أقول بلا خجل ودونما حياء فحسب، بل بنشوة عارمة، وتلذذ ظاهر، وتفاخر تقطر شهوته من عيونهم، وأنيابهم قبل أي شيء آخر!
تجاوز لكل الحدود
تجاوز الإعدام كل الحدود؛ فالدستور يمنع التنفيذ أيام العطل، فكيف إذا تم في يوم عيد، وعيد الأضحى! في إشارة إلى اعتبار الرئيس صدام حسين أضحية من أضاحي ذلك اليوم! ولا يرقع هذا الشرخ كون الشيعة يتأخرون دوماً عن عيد الأمة بيوم؛ فذلك ليس فيه أكثر من دلالته على كونهم ليسوا من الأمة. كما أن الدستور يقضي بوجوب مرور شهر على صدور القرار حتى يكتسب درجته القطعية ويكون صالحاً للتنفيذ. وهذا ما لم يحصل.
أما حيثيات الطريقة التي تمت بها عملية الإعدام فقد كشفت عن همجية الشيعة ورعاعيتهم.. قوم متخلفون ليسوا على شيء من معرفة لأدبيات الحكم وسلوكياته، فضلاً عن إتقان فنه واستعمال أدواته. تسيرهم عواطفهم النكوصية، وتحكمهم عُقدهم النفسية. لم يراعوا جلال الموت ولا شريعة الإسلام، ولا تقاليد العالم المتمدن. بل اتخذوا من مشهد الإعدام حفلة شعبية عبروا فيها عن شهوة مريضة للانتقام.
وشهدت عشية ذلك اليوم حفلاً ساهراً أقامه نوري المالكي لابنه أحمد بمناسبة زواجه، الذي تعمد أن يكون في يوم الإعدام زيادة في إظهار الانتقام والاستفزاز والإرغام! وكان الحفل باذخاً إلى حد الفضيحة بحيث منع التصوير وصودرت الكاميرات وهواتف المشاركين بالفرح بالقوة، سوى ابنته (إسراء) التي كانت تصور بكاميرا ديجتال حديثة. ونقل أن نوري المالكي أقسم أمام ذويه قبل شهرين أن هدية العرس لابنه ستكون رأس صدام حسين!
المشهد المهيب للإعدام
في تقرير مصور([1]) يروي جندي أمريكي في رسالة له إلى زوجته مشهد إعدام الرئيس صدام، رافقه من عند باب زنزانة السجن حتى تنفيذ عملية الإعدام، فيقول: إن باب الزنزانة فتح الساعة الثانية صباحاً بتوقيت لندن، وأخبر رئيس المجموعة الموكلة بالتنفيذ صدام بأنه سيعدم خلال ساعة، ولم يكن الرجل مرتبكاً. وطلب صدام تناول وجبة من الأرز مع لحم دجاج مسلوق كان قد طلبها منتصف الليل. وشرب عدة كؤوس من الماء الساخن مع العسل، الشيء الذي تعود عليه منذ صغره. ثم دعي لاستخدام الحمّام لكن صدام رفض ذلك.
في الساعة الثانية والنصف توضأ صدام وجلس على طرف سريره المعدني يقرأ القرآن الذي كان هدية من زوجته. وفي الساعة الثانية وخمسين دقيقة أدخل صدام إلى قاعة الإعدام. وقرأ عليه منشور الحكم وهو ينظر دون مبالاة بينما كان جلادوه بعضهم يرتعد، وبعضهم الآخر كان خائفاً حتى من إظهار وجهه! وهؤلاء ارتدوا أقنعة أشبه بأقنعة العصابات. ويفصح الجندي الأمريكي في رسالته عن شيء طريف حين رأى صدام يبتسم فحدثته نفسه بأن يهرب من القاعة معتقداً أن هناك كميناً على اتفاق مسبق معه لغّم المكان. وهذا هو سر ابتسامته؛ فليس من المعقول أن يضحك إنسان لحظة إعدامه بثوانٍ قليلة! إ.هـ.
تم الإعدام في قاعة الاستخبارات العسكرية العراقية السابقة التي تعرف بـ”الشعبة الخامسة”، في ترميز لا يخفى للانتقام لإيران؛ فمن هذا المكان كان صدام يدير الحرب ضد إيران طوال ثمانية أعوام. وقيل: إن الحبل تم عقده بتسع وثلاثين عقدة على عدد الصواريخ التي أطلقها صدام على كيان إسرائيل سنة 1991.
وتلقينا أنباء الحدث، وكان التلفزيون الشيعي في العراق من خلال قناته (العراقية) مصدرها الوحيد في الساعات الأولى من الصباح. وليتك كنت هناك لتدرك لِمَ أجمع علماء الأمة على أن أمة لم تكذب كالشيعة، حتى الإمام الشافعي: “لم أر أحداً من أهل الأهواء أشهد بالزور من الرافضة!”. وقال عبد الله بن المبارك: “الدين لأهل الحديث والكلام والرأي لأهل الحيل والكذبُ للرافضة”. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: “سبحان من خلق الكذب وأعطى تسعة أعشاره للرافضة”! وقال أيضاً: “وقد اتفق أهل العلم بالنقل والرواية والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف ، والكذب فيهم قديم، ولهذا كان أئمة الإسلام يعلمون امتيازهم بكثرة الكذب”.
ورددت وكالات الأخبار ما قاله مستشار الأمن الوطني تمثال الكذب موفق الربيعي في تلك الساعات فقد زعم أن صدام كان يرتجف من الخوف مرتبكاً لا يصدق ما يدور حوله، وردد كلمات مبهمة. لكن شريطاً مصوراً بهاتف محمول عرضته قناة (الجزيرة) بعد ذلك كشف القناع عن الحقيقة وتبين زيف ما ادعاه القوم، ومنه قول الحكومة أنه لم توجه أي إهانات لصدام حسين وأن الإعدام نفذ بحرفية واحترام. بينما روى لي صديق عن وزير عراقي سني حدثه موفق الربيعي نفسه أنه كان ضمن مجموعة فيهم عبد العزيز الحكيم وإبراهيم الجعفري مصطفين ينظرون إلى صدام حسين وقد أقبل يرسف بقيوده. كان منظره مهيباً أدخل الخوف إلى قلبه. يقول: فلما حاذانا ووصل قبالتي نظر إلي دون الآخرين شزراً نظرة خاطفة وقال: “موفق شبيك خايف!”. يقول: ولولا أنني أمسكت بيد الجعفري لسقطت من الرعب! وقد حكى ما يؤيد هذا القاضي الكردي منير حداد نائب رئيس المحكمة التمييزية التي تولت البت في تصديق حكم الإعدام، وذلك بعد سنين على إحدى القنوات الفضائية، شاهدت ذلك بنفسي.
دخل صدام القاعة يرسف بقيوده ويداه مجموعتان وراء ظهره، ورجُلان مقنعان يحيطان به، حاول أحدهم وضع لثام الموت الأسود على عينيه فرفضه وبدت على وجهه علامات الرفض والاستغراب، فلفه على رقبته تحت القميص فإذا هو يزداد تألقاً وهيبة وكأنهم ألبسوه ربطة عنق صنعتها أنامل في منتهى الذوق! وتقدم بثبات نحو حبل المشنقة. فلما ارتقى منصة الإعدام قال مرتين “يا الله” تفصل بينهما ثوان قليلة، في حين ضجت الأصوات بالصلاة الشيعية المعروفة “اللهم صل على محمد وآل محمد”، مذيلة بـ”عجل فرجه والعن عدوه” أعقبها مباشرة صوت منفرد يهتف: “مقتدى مقتدى مقتدى”، فقال صدام ساخراً وهو يبتسم ابتسامة عريضة: “هيّ هاي المرجلة”! ونعب أحدهم: “إلى جهنم”، ونعق آخر: “يعيش محمد باقر الصدر”. لم يأبه صدام لهذه الأصوات.. وصعد مِنصة الإعدام لينشغل بترتيل الشهادتين بهدوء.. رددها مرة وسكت لحظة، ثم أعادها فلم يمهلوه حتى هوت به المشنقة وهو يتلفظ باسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم اختفت صورته لتظهر بعد لحظات معلقاً بالحبل ووجهه وعيناه تنظران إلى الأعلى، وعقدة الحبل عند شدقه الأيسر، بينما كان المحيطون به يكررون في تلك اللحظات عبارتهم الطائفية “اللهم صل على محمد وآل محمد، وعجل فرجه والعن عدوه”.
بل وجه بعضهم اللعنة إليه صراحة قائلاً: “سقط الطاغية لعنة الله عليه”! ولا يخفف من وقع المشهد سماع صوت يستنكر صاحبُه، قيل: هو القاضي منقذ الفرعون المدعي العام لمحكمة الدجيل، قائلاً: “الرجل في حالة إعدام أرجوكم”؛ فلقد طاف الرعاع بعد قليل شوارع (المنطقة الخضراء) يحملون على أكتافهم الفرعون وهم ينهقون: (منصورة يا شيعة حيدر)، قريباً من جثة الرئيس عند مبنى رئاسة الوزراء!
هكذا تمت عملية الإعدام في مشهد رائع، لو أراد أكبر مخرج سينمائي عالمي أن يتخيله، ويحوله إلى فلم يخلد صدام حسين، لما استطاع أن يرقى إلى مستوى صورته الحقيقية كما وقعت، والتي التقطها أعداؤه له بتلك الكاميرا البسيطة لذلك الهاتف الجوال، على شريط لم تتجاوز مدته دقيقتين وخمسين ثانية!
الشيعة .. العداوة الأبدية للأمة
إعدام صدام حسين رحمه الله، بصرف النظر عن شخصيته وتدينه وفكره، يمثل في الذاكرة الشيعية الفارسية إعداماً لكل الرموز العربية الإسلامية، وليس لصدام الذي يصفونه بـ(الطاغية والظالم والديكتاتور). الظلم عند الشيعة عقيدة وعقدة، لا فعل وممارسة. فلو كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه حاكم العراق لخرجوا عليه وألصقوا به شتى ألوان الظلم. بل الصديق عندهم يمثل أول ظالم لهم في تاريخ الإسلام، ولو كان هو الحاكم بدل صدام، وصار في قبضة الشيعة لفعلوا به ما فعلوا بصدام([2]). ولولا الأمريكان لرأيت منهم ما هو أدهى وأعجب وأغرب!
وقد عبر عن هذه النفسية المريضة النائب الصدري بهاء الأعرجي فقال في شباط/2010 تحت قبة البرلمان: المؤامرة تدور على الشيعة منذ زمان أبي بكر إلى زمان أحمد حسن البكر!
وإذا كان تاريخ العلاقات العراقية الفارسية هو تاريخ صراع، وعلاقة دم، لم تهدأ النار المتأججة فيه على الحدود بين الطرفين وعلى مدى خمسين قرناً من الزمان، فإن التاريخ نفسه يكرر نفسه مع الشيعة في دلالة واضحة على توحد الجهتين؛ وأنه ليس ثمت إلا جهة واحدة لكنها اتخذت لها اسماً جديداً فرضته عليها الظروف الحادثة. مع فارق واحد هو نقصان الحقبة الزمنية للتاريخ الثاني بطبيعة الحال عن التاريخ الأول بستة وثلاثين قرناً. ونحن نتحدى المخالفين، أصحاب أسطورة (الشيعة العرب)، الذين مازالوا على ضلالهم يفرّقون بين الشيعة فيقسمونهم إلى شيعة عرب وشيعة فرس، والتشيع إلى تشيع عربي وتشيع فارسي.. نتحداهم مدة ستة وثلاثين قرناً أخرى ليكتمل نصاب الخمسين قرناً أن يثبتوا أسطورتهم فيفرقوا بين الجهتين على ميدان الواقع المنظور لا في أحلام الخيال الموهوم.
ما يدور في العراق اليوم من أحداث ترمي إلى اجتثاث السنة العرب على أيدي الشيعة، إنما هو تعبير عن صراع حضاري أبدي بين الفرس والعرب.. المجوس والمسلمين، ولكن بثوب جديد وعنوان جديد. وقد اكتشفنا هذه الحقيقة منذ عقود، ونحن على أساسها عاملون. وعلى طريق النصر في سبيل الله ماضون. وإذا كان “لكل زمان دولة ورجال”، فنحن رجال هذا الزمان، وشعارنا قول الشاعر:
إنّا وإنْ أحسابُنا كرُمتْ لسنا على الأحسابِ نتّكلُ
نبني كما كانتْ أوائلُنا تبني ونفعلُ مثلَ ما فعلوا
ولن نتخلى عن كسب المعركة بإذن الله تعالى مهما كلف الأمر، والموعد بغداد، والطريق في مساره التاريخي الحتمي الماضي إلى قم (حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين).
………………………………………………………………………………………………………………………………………………..
- – على الرابط التالي: http://www.youtube.com/watch?v=P3hr9jrA3jA. ↑
- – في (بحار الأنوار:39/53) للمجلسي عن المهدي الموهوم: (وأجيءُ إلى يثرب، فأهدم الحجرة “يعني الحجرة النبوية”، وأُخرج من بها وهما طريان “أي أبوبكر وعمر” فآمر بهما تجاه البقيع، وآمر بخشبتين يُصلبانِ عليهما، فتورِقان من تحتهما). ولهم تخليطات مضحكة في عقيدة (الرجعة) من مثل أن المهدي إذا قام أحيى الله له عائشة أم المؤمنين حتى يجلِدَها الحد! ↑
“عدْ ليس هذا الموت لك
أنت العراق وما ملك
يا سيد النهرين من
أبقى النخيل وأعجلك
يا خطو موسى مسرعا
لله في أثر الملك
السامريُّ وعجلهُ
عادا فماذا اشغلك”
أحسنت وأجدت رسم الوجع يا دكتور.
وهل سيفهم السنة العرب ان قتل الرمز – بغض النظر ان كنا نختلف مع سياسته او نؤيدها – هو قتل للامة باجمعها، واذا حصل من اراد قتل الامة فرصة طال زمنها او قصر فلن يتراجع عن ذلك ولو تحول لون الانهار والبحار الى لون الدم! لو كانت الرسالة قد وصلت الى السنة العرب قيادات وجماهير لما سقط العراق ولبنان واليمن وسوريا بيد ايران ومليشياتها،وكان من الممكن ان يكون الملايين من السنة العرب اليوم على قيد الحياة، رحم الله شهداء الامة التي قتلت بغير ذنب اقترفته الا انها سنية عربية، ولحى الله قيادات السنة العرب وجماهيرهم ، ولعن الله دعاة القومية والوطنية، والاسلاميون الذين لايميزون بين العدو والصديق.
في كل مرة تمر علينا هذه الذكرى الأليمة تهيج علينا كامن الألم لما فيها من الرمزية والدلالة التي لم تغب عن فهم الصغير والكبير، وسلوتنا بكل ما جرى علينا أهل السنة أن نردد: لن نتخلى عن كسب المعركة بإذن الله تعالى مهما كلف الأمر، والموعد بغداد، والطريق في مساره التاريخي الحتمي الماضي إلى قم (حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين).