مقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

مجزرة الحويجة – الذكرى السادسة

لماذا نحن نصنع التاريخ وهم يكتبونه ! نحن نصنع التاريخ .. نحن نكتبه

د. طه حامد الدليمي

 

من غريب ما شهدته في هذه الحياة أن الذاكرة الجمعية العربية مثقوبة، وسرعان ما تتسرب من ثقوبها أحداث جسام بمستوى الكارثة العامة الجائحة، ليكون النسيان أو الذكرى الباهتة مصيرها، بينما الذاكرة الفارسية، وسليلتها الشيعية، مشحوذة للآخر، تركز على الحادثة ولو كانت بحجم حبة فتنفخها لتجعل منها قبة. بل تختلق حوادث لم تسجلها صحف الملائكة يوماًعلى وجه الأرض. انظروا إلى حادثة (مقتل الحسين) مثلاً وماذا صنعوا بها!

أقول لكم.. هذا زمن آخر. نحن جيل جديد، نصنع تاريخنا بأيدينا ونكتبه بأيدينا، ونتولى نشره والتذكير به مهما طال الزمن؛ فلن تمر علينا ثانية ألاعيب الفرس وشيعتهم، بإذن الله.

 

يوم 23 نيسان في الحويجة .. يوم آخر

شهدت صبيحة هذا اليوم (23 نيسان) من عام 2013/1420 مجزرة مروعة ارتكبها الشيعة، ومعهم جنود إيرانيون، بحق أهل (الحويجة) من السنة العرب. ذلك العام الذي انتفضت في المدن السنية ضد الطغيان الشيعي، وكان لكل مدينة ساحتها التي تعتصم فيها وتعبر عن رأيها بصورة سلمية.

لكن ما حصل في فجر ذلك اليوم أمر فظيع بصورة استثنائية!

والحويجة قضاء من أقضية محافظة كركوك في شمالي العراق. تقع إلى الجنوب الغربي من المحافظة بحوالي (45) كيل باتجاه تكريت. يتكون معظم سكانها من قبائل العُبيد (بضم العين) والجبور والدليم وشمر وغيرهم من قبائل العرب السنة. وفيها نسبة من الكرد والتركمان.

لم تترك الحكومة الشيعية المعتصمين يعَبرون عن مأساتهم بطريقة سلمية منظمة، بل اعتدت عليهم أثناء ذلك العام (2013) عدة مرات، ووصفهم رئيس الحكومة بأنهم (أنصار يزيد)، بينما وصف نفسه وفريقه بـ(أنصار الحسين)، وقال عن حركتهم: إنها “فقاعة نتنة”! وارتكبت في حقهم عدة مجازر منها (مجزرة مسجد سارية) في بعقوبة يوم 17/5/2013 بعد خروج المصلين من صلاة الجمعة، راح ضحيتها قرابة مئة شخص بين قتيل وجريح. وكانت أبرز تلك المجازر التي ارتكبت في حق المعتصمين مجزرة (الحويجة) في كركوك.

لم تكن (مجزرة الحويجة) مجزرة عادية بل ملحمة من ملاحم التاريخ بحق!

لو حصل مثلها للشيعة لنصبوا لها التماثيل في كل ميدان، وظلوا ينوحون عندها ألف عام. وما تركوا رمزاً من رموز (أنصار يزيد) إلا ونبشوه ولعنوه.

تم التحضير للمجزرة مسبقاً، وحشدت الحكومة عساكرها قبل يوم، ثم رفضت كل الوساطات التي حاول أصحابها تفادي الكارثة، وأبت إلا فض الاعتصام واستسلام المعتصمين أو إبادتهم. وبات المعتصمون ليلتهم في الساحة ليس لديهم من سلاح سوى أغصان الشجر وصدورهم العارية، والأغطية التي احتموا بها من برد تلك الليلة الرعيبة. وبالقرب منهم جيش مدجج بأنواع الأسلحة الثقيلة منها والخفيفة، وأنواع الحقد أيضاً. (انظروا إلى الصورة (1) التي تمثل مشهد ما قبل الهجوم).

ولو رأيتهم كيف استقبلوا الموت بصدورهم وواجهوا العدو بالعصي وأسياخ الحديد! ولو رأيت نساءهم على مرمى نصف كيل يرقبن المشهد الخالع للقلوب وهن يزغردن لقلت: والله لقد نزلت ملائكة السماء، وقلت: لقد اجتمعت في الميدان كل أرواح الشجعان في التاريخ الذين قضوا نحبهم يختالون كأنهم في حفل زفاف إلى عرائسهم من الحور العين!

يا لله!

ما أجل المشهد!

ويا لله!

ما أروعه!

ويا لله كم شدني وأذهلني منظر أولئك الأبطال الذين يتبخترون بين الصفين وليس في أيديهم غير أسياخ الحديد يتحدَّون بها تلك القوى الجبانة المدججة بالأسلحة الثقيلة. يا ويح أمهات أنجبتهم! ويا لَروعة أرض أقلتهم، وسماء أظلتهم، وعِظَمَ ملئكة شهدتهم وصورت مشهدهم وسجلت مأثرتهم! ويا لهناءتهم وفوزهم وفخرهم يوم تعرض تلك الصورة الرائعة أمام الخلائق في ساحة العرض الأكبر!!!

أصيب فيها ثلاثة أضعاف من أصيب مع الحسين. قضى البعض نحبهم قتلى أثناء موجة الهجوم الأول. ومن تبقى سقطوا جرحى في ميدان الاعتصام ليلاقوا الموت رمياً بالرصاص، أ وطعناً بالحراب. وبعضهم – تخيلوا! – دهسته المجنزرات والسيارات العسكرية. وقليل منهم من نجا.

كانت تلك الشراذم المعتدية – وفيهم جنود يرطنون باللهجة الفارسية – تشتم أبا بكر وعمر وعائشة قبل أن تبدأ هجومها، وبعد أن قضي الأمر قامت المليشيات بإحراق الخيام. ليعيدوا بهذا المشهد الوحشي إلى الأذهان الأسطورة الشيعية عن مقتل الحسين ، والتي يمثلها الشيعة كل عاشوراء، وتنتهي بإحراق الخيام!

هكذا انتهت أحداث ساحة اعتصام (الحويجة) ذلك اليوم البئيس!

 

لا لم ولن تنتهي !

لكنها لم ولن تنتهي من ذاكرة كل سني غيور قبل أن يعي درسها العميق، وينتزع حقه من مرتكبيها ومن كان وراءهم. لقد ذهب ذلك الزمان الذي كانت دية السني فيه حفنة كلمات وطنية مع بوسة لحية غبية!

وإذا كان فهم الحدث أهم من الحدث.. واستثماره هو القيمة الأعلى في المعادلة، فأود من بين دخان المعركة وغبارها أن أنثر بين أيديكم الكلمات التالية عن الهوية الحقيقية للمنازلة، التي أضاعها الوطنيون فأضاعوا علينا كل شيء. فالهوية هي المعلم الأول من معالم التعامل الصائب مع العدو الحقيقي.

المنازلة (سنية – شيعية).. (إسلامية – مجوسية).. (عربية – فارسية).

هذه هي عناوينها الصحيحة، وستفرض نفسها عاجلاً أم آجلاً مهما راوغ المراوغون وأنكر المنكرون.

وهي منازلة تاريخية تمثل صراعاً حضارياً أبدياً مع الفرس حتى يحكم الله بيننا وبينهم. بدأت عجلته بالدوران منذ أن دمر الفرس سنة (2322) ق.م، أي قبل (4341) سنة عاصمة الأكديين في اليوسفية الحالية (20 كم إلى الجنوب من بغداد)، واستولوا عليها وخربوها وأحرقوها. وهكذا حتى دمروا آخر دولة لبلاد ما بين النهرين سنة 539 ق.م على يد كورش الإخميني.

ثم جاء القائد العظيم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عام 636 ب.م ليطرد غربان الخراب من بلادنا بعد (1180) سنة مرت على الاحتلال البغيض. واستمرت الحرب بيننا وبينهم سجالاً حتى حلت بنا سنة (2003).

ولم تكن (الحويجة) آخر معالم المنازلة.

2019/4/23

……………………………………..

افتح الرابط التالي:

 

 

اظهر المزيد

‫9 تعليقات

  1. متى تثقب الذاكرة في المجتمعات حين تصاب بمرض فقدان الدات وجهالة الهوية وتعيش الا شيئ وبهذه سينتج عن هذه الامراض :-
    1- فقدان الاحساس بالالم كمخدر ترى حسده ينتفض من الجرح وهو يضحك .
    2-الاعداء الداخليين سيحسبونه لا شيء ويعملون على حذفه من حياتهم .
    3 – الاعداء الخارجيين سيتعاملون مع من له وجود وحضور وهوية .
    هذا ما حدث لعرب سنة العراق من المحمودية والمدائن الى الحويجة وما الموصل عنا ببعيد وهذا الموقع بكتابه ومؤسسه المجدد د.طه حامد الدليمي يد تمتد الى العقل العربي السني لتقضي على افيون مخدرات الوطنية والاسلاموية في وسط عالم يمور بالهويات والتدوين اول الوعي ومعا نرفع شعار نحن نصنع التاريخ نحن نكتبه .

  2. هل مثل هذه الجرائم المرتكبة بحق اهل السنة تنسى باسم الوطنية او الإسلامية هل نسوا قتلاهم الغوغاء عام 1991 ام نسوا الخونة الذين قتلوا لصالح ايران ابان حرب الثمانينات كيف لخائن يحارب العراق مع عدوه يصبح مجاهد هل ننسى ام نتناسى يالله ماذا حل بنا الهذا الحال صرنا لكن لا سنعلم اولادنا ونوصيهم ان لاينسوا كما نسى قومنا …

  3. ‏‎في كل فاقد للهوية يصاب بمرض ثقوب الذاكرة ويكون زائدا بين المكونات الداخلية ومجهول في نظر المستعمر او المفاوض ولا بد أن نكون لنا هوية كي يرى العالم اننا مكون له روحه وهذا ما يعمل عليه التيارالسني في العراق ويؤسس له جزاك الله خير الجزاء يا ايها المجدد والتدوين اس لصناعة الذات.

  4. هل مثل هذه الجرائم المرتكبة بحق اهل السنة تنسى باسم الوطنية او الإسلامية هل نسي الشيعة قتلاهم الغوغاء عام 1991 ام نسوا الخونة الذين قتلوا لصالح ايران ابان حرب الثمانينات كيف لخائن يحارب العراق مع عدوه يصبح مجاهد هل ننسى ام نتناسى يالله ماذا حل بنا الهذا الحال صرنا لكن لا سنعلم اولادنا ونوصيهم ان لاينسوا كما نسى قومنا …

  5. لقد تنازل أهل السُنة عن الكثير.. وأقولها بكل أسف قد تنازلوا حتى عن هويتهم، وكتابة تاريخهم، أمام الغزو الفارسي وسليله الشيعي!

    أما الآن.. فآن لها تعود، براية وهوية وقلم وفكر سُني، وتحت لواء التيار السني في العراق.

  6. إنهم يكرٍِرون أفعال أجدادهم الحشاشين..
    فليفعلوا وليزيدوا ففعلهم ما يزيدهم إلا طغيانًا كبيرًا، هذا من جهتهم.
    أما من جهة أقرباء الضحايا وأولياء دمهم فنقول لهم: قد جعل الله في أعناقكم دماءهم، فلا تكونوا كالوزير الذي تاجر بدم أبناء عمومتهم وذرف دموع التماسيح عليهم، ثم قبض المقسوم وسكت سكوت الشيطان.
    ها هي اليد السُّنية تكتب التاريخ، وتتفعَّل ذاكرة التيارة السُّني التي ستحفظ وتنقل الصورة بأمانة

  7. كما يقول الله عز وجل لن يضروكم الا اذى
    وفعلا ما أضرونا الا اذى فليأخذوا هذه الدنيا الخادعة لهم ظناً منهم انهم انتصروا ولكن هيهات فالحساب عسير عند الله تعالى
    اسأل الله ان يتقبل شهداء المسلمين ويصبر اهلهم ويثأر لدمائهم، وشكرا لك يا شيخنا لذكرك لهذه الحادثة الاليمة التي نساها اهل السنة والجماعة وذلك لكثرة مآسيهم ومجازرهم لا حول ولا قوة الا بالله هو حسبنا ونعم الوكيل

  8. جرا ئم الشيعة التي فاقة الخيال لكل معاير الحيات بأنواع التعذيب أهل السنةهذا المشروع الخطير لايوجه إلا بمشروع له الهوية وخطه وهدف وله العنوان الواضح وبمنهجية ربانية تقلع التشيع من جذورهم ونحن على هذا سائرون بأذن الله.. وأما الوطنيون والترضويون وغيرها من المشاريع البتراء فقد بائة بالفشل الذريع أمام التشيع

  9. مع الأسف إعلام أعور كثير من المجازر حصلت الأهل السنة في العراق
    لم تذكر ودفنت لأن القتله هم شيعة العرب وإيران
    أما لو فعلها الغرب لتجد الكل يستنكر ويلعن ويكفر وهذا ما رأيناه في مجزرة يوزلندا حسبنا ألله ونعم الوكيل
    ورحم ألله جميع شهدائنا الأبرار واسكنهم فسيح جناته
    جزآك ألله كل خير شيخنا المجدد الراشد طه الدليمي
    بإذن الله وتمكينه لنا نحن أنصار التيار السني في العراق
    نكتب تاريخنا وندحر عدونا وكل من تخاذل معه من المحسوبين على أهل السنة ((ومن قال أنا لها نالها))

اترك رداً على متابع بصمت إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى