مقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

إيران .. ( ذَ ﮔيمْ إزْ أوڤــرْ أوڤــر ) ؛ بحرب وشيكة أو اتفاقية جديدة

د. طه حامد الدليمي

ما زالت عبارة الدكتور محمد الدوري سفير العراق لدى الأمم المتحدة غداة سقوط بغداد يوم 9/4/2003: (Over The Game Is) يتذكرها الكثيرون، بل أصبحت بعد فترة وجيزة عنوان كتاب ألفه الدوري نفسه: (اللعبة انتهت). ثم تبين أن النهاية كانت بداية، إنما لحقبة سوداء لم يشهد لها تاريخ العراق مثيلاً منذ سنة 539 ق.م يوم سقوط دولة بابا العالمية على يد الفرس آنذاك، فما تلاه طوال فترة الاحتلال الفارسي. بعد فترة لا أراها تطول سيخرج من يقول: (Over The Game Is)، لكن هذه المرة ستدور بيادق اللعبة على رأس إيران، وتكون بداية حقبة سوداء عليهم أشد سواداً من قلوبهم وعمائمهم.

إني أرى ما يحدث لإيران عبارة عن مسلسل مرت حلقاته نفسها على العراق حلقة حلقة، وكأن القدر يتربص بهم ليذيقهم من الشراب نفسه كأساً كأساً، لكن بدرجة أشد وأنكى. وإني أترقب فيهم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ) (يونس:23).

البداية واحدة .. وكذا النهاية

البداية واحدة: فالحماقة الثورية الولافقيهية لا تختلف عن الحماقة الثورية القومية إلا في درجة الشدة. كلاهما جعل من استثارة أمريكا ومعاداتها ورفع شعار تحرير فلسطين عنواناً له. ثم التلويح بصناعة الأسلحة المحرمة. واحتلال دول مجاورة. انتهى الأمر بفرض الحصار، وقامت إيران بتعويض حصة العراق في سوق النفط العالمي. ثم انهيار قيمة العملة الوطنية، والاتجاه إلى تخفيف وطأة الحصار عن طريق (البطاقة التموينية) التي تمنح بموجبها كل عائلة حصة شهرية من مواد غذائية محددة. وإيران، إذا استمر الحصار ولم تقع حرب، مرشحة للتوجه إلى إصدار (البطاقة التموينية). أخيراً جاءت البوارج والأساطيل فدخلت الخليج ثم.. اشتعلت الحرب!

أنا أرى أن قدراً انتقامياً عادلاً يحكم الأحداث!

وبناءً على هذه الرؤية أتوقع نشوب الحرب؛ فالأرض لا تحكمها الأسباب البشرية بمعزل عن الأقدار الربانية. وإلا فإن للحرب المتوقعة من الأسباب ما يكفي لنشوبها.

وإذا كانت البداية واحدة فالنهاية واحدة، سوى أن الشدة مختلفة. وقد تتشابه النهايات إلى حد عدم الاكتفاء بالحرب دون الاحتلال! بل قد تبلغ شدة النهاية حد تشظي إيران إلى عدة دول!!

الحرب وشيكة

أمريكا مصممة على أحد أمرين: إما أن يعدل النظام الإيراني من سلوكه أو يزاح عن الحكم. وتعديل السلوك يعني ثلاثة أمور رئيسة:

1. اتفاق نووي جديد يضمن سلميته كلياً.

2. إنهاء برنامج الصواريخ البالستية.

3. إنهاء نفوذ إيران الخارجي والانسحاب إلى داخل حدودها.

وهذا ليس في صالح النظام، ويجر إلى تداعيات لا تخفى عليه أنها ستنتهي بزواله. وطبيعة الشخصية الفارسية تجعلنا نتوقع مقابلته بالرفض إلا في إحدى حالتين:

1. اقتناع القيادة بأن الحرب واقعة لا محالة وأنهم لا قبل لهم بها. وهنا ستظل تماطل – كعادتها – إلى آخر لحظة. وقد لا يحتمل مزاج الرئيس الأمريكي هذا (الدلال) فيعاجلهم بما لا بد منه لكي يعالجهم.

2. وقوع الحرب والرضوخ تحت وطأة الهزيمة والاستسلام.

وقد تكون قناعة القيادة الإيرانية إلى جانب خوض الحرب لأنها أهون الشرين بالنسبة لموت بطيء ينتظرهم لا محالة، هذا مع اشتداد خناق الحصار عليهم ساعة بساعة (على قاعدة قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق).

وقد تكون القناعة الأمريكية بتعديل سلوك النظام انتفت، وحلت محلها قناعة بأن زوال النظام وإنهاء وجود حرسه الثوري بات مطلباً ملحاً لا يحتمل التأجيل؛ وهذا لا يتم إلا بالحرب. وما يجري الآن في البر والبحر والجو إنما هي أجواء وإرهاصات حرب وشيكة!

الأمر في الحالتين لصالحنا

ثمت عقلية يابسة تسود ثقافتنا العربية، تتناقض مع طبيعة السياسة، القائمة على قاعدة (ليس هناك عدو دائم ولا صديق دائم، هناك مصلحة دائمة). من خصائص هذه العقلية أنها أحادية النظر، أي أنها تنظر إلى عنصر واحد من عناصر المعادلة، تجعله محوراً تنتهي عنده كل المواقف والقرارات بصرف النظر عن بقية العناصر المؤثرة والمستجدة. نحن نعلم أن بين الشرق الفارسي والغرب الصليبي اتفاقاً على إضعاف المسلمين وعلى رأسهم العرب، وتمكين الشيعة. وأنه ليس بينهما من عداوة راسخة كعداوتهم للعرب. لكن ليس هذا كل شيء في المعادلة. ثمت عناصر أخرى ثابتة ومتحركة تحدث باستمرار ما يؤدي إلى تغيير النتائج مع بقاء الخط العام للاتفاق على حاله، لكن يُجمَّد ويُفعَّل حسب المستجدات، التي تتلخص في العنصر الأهم.. المصلحة.

العقلية الأحادية تعاني من عشو ذاتي نهاري وليلي يمنعها من رؤية المتغيرات. كما أنها بسبب طبيعتها الثورية لا ترى دون الحرب بصورتها العسكرية القتالية دليلاً على جدية الخلاف، ومادام أن الحرب غير قائمة فكل ما تراه إنما هو (لعبة) و(مؤامرة) يضحك الطرفان بها علينا. لهذا هم لا يرون في كل ما يجري أي صورة من صور الحرب مع أن الحرب – بمفهومها الحقيقي، وحتى العسكري – واقعة اليوم بين أمريكا وإيران.

أما النظرة الشمولية المرنة لما يجري على الساحة الدولية فتجعلنا نرى أنه سواء وقعت الحرب – وهذا بات راجحاً – أو تجنبها النظام بتوقيع اتفاق جديد طبقاً للشروط الثلاثة بتفاصيلها ومنها (الشروط الاثني عشرية لبومبيو وزير الخارجية).. فالأمر في الحالتين لصالحنا نحن السنة في البلدان التي نكبت بالاحتلال الشيعي المدعوم من إيران، والبلدان التي تقع تحت طائلة التهديد.

كما أنه في الحالتين لا يعني سوى (ذَ ﮔيمْ إزْ أوڤــرْ) بالنسبة لإيران.. إزْ أوڤــرْ !

2019/5/13

 

اظهر المزيد

‫11 تعليقات

  1. يضاف الى ما يرجح كفة الحرب، الدور العربي والخليجي خاصة في إيقاف الزحف الإيراني على المنطقة وانهاء وجوده الى الأبد .
    نعم السياسة فن المصلحة، وقد أجادت دول الخليج وعلى رأسها السعودية من إدارة النزاع لصالحها
    الله نسأل ان يكون نهاية ايران قريبة نراها ونشهدها ونحكيها للجيل القادم

  2. هذا مايهمنا من الحدث
    الأمر في الحالتين لصالحنا نحن السنة في البلدان التي نكبت بالاحتلال الشيعي المدعوم من إيران، والبلدان التي تقع تحت طائلة التهديد.
    والعاقل من يسعى لاستغلال الحدث ولا يكتفي بالتعليق والتصفيق.

  3. حين يبدو الخير بنواجذه مبتسما فارقب في باطنه نيوب ليث مفترس فاغرا فاه ها هي ايران تحصد السم الذي زرعته وبدا أثره على اتباعها من السنة والشيعة الخوف من مفرزات القوة الامريكية التي تلوح بصفارة الارهاب فيتسارعون الى تبديل الوجوه على حسب الهوى الامريكي حتى اتعبوا الرقاع كيف سصمم لهم الوجه والحنجرة ؟!!!!
    الفكر الوطني الاسلاموي مرعوب انه سيخسر مؤسساته وان شماته اهله ان وضعته امريكا في قائمة الارهاب وهذا ما حل بالاخوان .
    المجتمع السني العامي الان له اذن سامعة ومتحمسه في ايجاد هوية واضحة ومشروع واضح لقد خرج من بين الغبار وهو الصدمات ليقول من انا ؟! ماذا اريد وماذا يراد مني ؟!!
    علمتني يا دكتور ان استغلا الحدث اهم من الحدث وهذه ايام اقبلت لا بد فيها من خطوتان خطوة التحصين للجمهور وخطوة الفهم للنخب ولا يمكن العزل بين هذين الحركتين وان بقي المشروع متداول بين النخبة فهذا يعني يبقى عملنا كالراهب ورقة وليس كالرسول محمد صلى الله عليه وسلم .
    اننا نحتاج الى حذر الصديق وتهور ابا ذر و صوت ابن مسعود وسرية عثمان ابن عفان وهكذا ولكن بعمل منظومي ذكي يسمع ويطيع للشورى يعرف كيف يقدم ويعرف كيف يتاخر .
    ان الذهول في مؤسسات الشيعة والامن السني الان يتطلب منا سعيا حثيا فان الله يهدي الفرص فان كنا اهلا لها زاد لنا وان تاخرنا استبدلنا بغيرنا معاذ الله .

  4. المشكلة انه رغم طبول الحرب التي تقرع و بوادر المواجهة الحتمية التي تقترب ، و المناوشات الكلامية الحادة بين الطرفين ..إلا ان جزء من العقلية العربية لازال يرى أنها خدعة و تمثيلية وأن الطرفين لا يمكن أن يحدث بينهما اي مشاكل متناسين أن السياسة لا تعرف إلا لغة المصلحة ..
    فمتى يخرج هؤلاء من قمقم التفكير العقيم و النظرة الاحادية !!

    1. العقلية العربية متبرمجة علي مركزية االقضية الفلسطينية الي شعب فلسطين نفسة متحالف مع ايران الي تقتل وتصلخ وتشرد السنة العرب في العراق و اليمن وسوريا والسعودية وغيرها من الاقطار المشرقية

      ويتهمك الفلسطيني بالعمالة من خندق الفرس
      شو هاض يازلمه

    2. لا غروا انا نحن العرب نفكر بهذه الطريقه بناء على التاريخ الطويل للعداء بين امركا و ايران بدون حرب. لكن متى ما نشبت الحرب بين ايران و امريكا سنخرج من ققم التقكير العقيم و نتبع طريقة تفكيركم لانها اثبتت فاعليتها. لكن ……… لن يحدث هذا ابدا الا ان يشاء الله.

  5. الأقدار ترسل رسالة مفادها: إلا تنصروه فقد نصره الله.
    فهذا وعد مكرور بأن هذا الدين لن ينتهي، وإذا أحجم أهله عن نصره، فالله يهيئ جندًا لتتغير الموازانات، وليعيد الأيامَ تتداول، فيمتاز بعدها من أخذ العبرة من الحدث لينطلق يمخر عُبابَ الأحداث سفَّانًا.
    وهذا الذي نرجوه من التيار السُّني.

  6. أن كل ما يجري اليوم من أحداث مبشرة بهلاك إيران وشيعة العرب الفاسدين
    تجد المخذولين يقولون أمريكا وإيران كلاهما يتفقان ضد المسلمين واضعافهم نعم ولكن هناك فرق بين عدو عاقل وعدو مجنون يريد اجتثاثك
    لا يرون الحقائق من باب الصواب
    ولدينا مثال اليوم في دولة التوحيد السعودية بفكرها وتكوين قوتها ضد اي معتدي خارجي وبهذا قلبت السحر على الساحر وكيف استخدمت دول الغرب
    ضد إيران واذنبها لزولها من بلداننا العربية السنية
    وهنا نجد كيف ينجح الذي يفكر في الأمور من كل جوانبها
    ليت أهل السنة يفهمون ويعون لما يجري حولهم
    حفظك الله شيخنا المجدد الراشد طه الدليمي مقال قيم يفصل كل ما يجري من حولنا

  7. المتعارف عليه ان كل جهة تنظر إلى الأحداث من زاوية مصلحتها
    وهنا بغض النظر عن كل الأحداث الجانبية التي ترافق الحدث الأهم وهو نهاية إيران عاجلا غير اجل ان شاء الله
    علينا كأهل السنة بصورة عامة والتيار سني بصورة خاصة ان نستفيد من الحدث بما يخدم قضيتنا ومشروعنا.

  8. إيران العدو الموهوم ولكن كيف أصبحت دولة متمكن وأغرست النبتة الخبيث الشيعة في ديار العرب عندما غابة أهل السنة من الفكر والحرك في ميزان القرآن الكريم وتجميد النصوص وغياب العقل عن الواقع فهو لايرى أن إيران وشيعتها هم الخطر الأول ..ياسبحان الله آليوم إيران وشيعتها تتهاوا أمام العالم بقيادة الدولة العربية السعودية وأمريكا من خنق ورعب وحصار والسني لم يعي ويصدق أمام عينية كل مسحور لهُ يتقلب بكلامة لان العقل مشلول.. ولكن أهل البصيرة والحكم والفكر والحرك لم تغيب عنهم إيران وشيعتها من زمن التمكن واليوم إن شاء الله في وقت التهديم وهذا مائدركة أهل التيار السني بقيادة المجدد دكتور طه حفظه الله

اترك رداً على أبو نادر إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى