مقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

إيران بين الخنق والحرق .. وهذا أوان الحصاد يا أهل السنة

د. طه حامد الدليمي

إيران اليوم في وضع لا تحسد عليه. وكيف يُحسد من لم يُبق له الدهر سوى واحد من خيارين: الموت خنقاً أو الانتحار حرقاً!

والأمر – في نظري – ما عاد في حاجة إلى مزيد بحث أو دقة تحليل أو استنطاق حدث أو سؤال خبير. كما أنه ما عاد يهمني أن يستمر الوضع على ما هو عليه الآن وأنا أجلس على التل أرقب فلم (الخنق) بتداعياته الكارثية الجميلة، الرائعة الجمال وإلى يميني صحن (مكسرات) موصلية ساخنة، وبين ساعة وأُخرى أتناول رشفة من عصير (الأفوكادو) الصحي اللذيذ. أو أعلن الإضراب عن كل عمل كي أتفرغ لملازمة الشاشة أتفرج على فلم (الحرق) بمشاهده الأروع والأجمل؛ خشية أن تفوتني لقطة من تلك المشاهد التي حلمت بها طويلاً!

 

بومبيو .. ومعادلته الرائعة 12/12

إن اختارت إيران طريق التفاوض كأحد السبيلين اللذين لا مخرج لها من بطن الحوت التي حشرت فيه دون المرور من أحدهما.. فلا أقل من تلك الشروط الاثني عشر التي تحتاج إيران وشيعتها شهراً من اللطم لكل واحد منها وهي تعيد الكرة بتفاصيلها في موسم سنوي يكرر نفسه بالضبط كما يتكرر لطمهم على أئمتهم الاثني عشر حذو القذة بالقذة.

نظرة واحدة على تلك الشروط تريك ما الذي سترى وأنت تجلس معي على التل من تداعيات! وهاكها باختصار([1]):

1. وقف تخصيب اليورانيوم وإغلاق المفاعل العامل على الماء الثقيل.

2. تقديم تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول البعد العسكري لبرنامجها النووي والتخلي بشكل كامل عن القيام بمثل هذه الأنشطة.

3. منح مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إمكانية تفتيش كل المواقع في البلاد.

4. وقف نشر الصواريخ الباليستية، وتطوير قدرتها على حمل الأسلحة النووية.

5. إخلاء سبيل كل المحتجزين من الولايات المتحدة والدول الحليفة والشريكة لها.

6. احترام سيادة العراق وحل المليشيات الشيعية بعد نزع سلاحها.

7. سحب جميع القوات، التي تخضع للقيادة الإيرانية، من سوريا.

8. وقف تقديم الدعم لـ”التنظيمات الإرهابية”، الناشطة في الشرق الأوسط، بما في ذلك “حزب الله” اللبناني، وحركة “حماس”، وحركة “الجهاد الإسلامي”، ووقف الدعم العسكري للحوثيين في اليمن، ولحركة “طالبان” و”الإرهابيين” الآخرين في أفغانستان، وعدم إيواء مسلحي “القاعدة”.

9. وقف “دعم الإرهاب” بواسطة قوات “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني.

10. التخلي عن لغة التهديد في التعامل مع الدول المجاورة لها، بما في ذلك التهديد بالقضاء على إسرائيل والهجمات الصاروخية على السعودية والإمارات.

11. التخلي عن تهديد عمليات النقل البحرية الدولية.

12. وقف الهجمات السيبرانية (الانترنيتية).

وإن اختارت طريق الحرب فمكانك محجوز بالقرب مني عند شاشة التلفاز.

 

الفكر القديم وقوقعة ( اللعبة ، المؤامرة )

ما زال الكثيرون يعيشون في قوقعة فكر قديم لا يرى سوى الحرب حلاً ولا دليلاً على مصداقية الخلاف أو العداء المعلن بين فريقين، ولا يرى للحرب سوى صورة واحدة هي القتال. وكأنه لا يعي أن معيار السياسة ليس الصداقة والعداوة، إنما المصلحة. المصلحة هي الصديق الدائم، وهي الفلك الذي يدور في مجاله الحدث خشناً كان أم ناعماً. وهذا ليس سراً إنما بديهية من البديهيات التي تحكم العلاقات الدولية.

ومن طبيعة المصلحة أنها متغيرة كالزوج اللعوب كل يوم في محطة. ومن طبيعتها أيضاً أنها متعددة المفردات؛ تحتاج إلى عقل جبار قادر على الموازنة بينها ليخرج بمحصلة نهائية تمثل معدل الجمع بين مفرداتها، ينظر إليها كما ينظر التاجر إلى صفقة مغرية ذات عناصر كثيرة يعرف أن بعضها خاسر ولا بد.

هذه هي المصلحة، وهذه هي السياسة.

ومن طبيعة هذا (الفكر) أنه يفضل الركون إلى الراحة فلا يتعب نفسه في النظر إلى المتغيرات والمستجدات وإدخالها في مكونات المعادلات السابقة لمعرفة المعادلات الجديدة، لا سيما تلك التي ترقى إلى مستوى الاستراتيجيات، أي تمثل انعطافاً في مسارات السياسة. ولا غرابة؛ فإني وجدت معاناة الفكر أكبر من كل معاناة يمارسها الجسد. ولهذا تجد هؤلاء – مع احترامي للصادقين منهم – لا هجّيرى لهم سوى كلمتين: (لعبة، مؤامرة). مع أنه حتى لو افترضنا صحة ما يقولون، فإن اللعبة أشكال وألوان وتفاصيل، وكذلك المؤامرة، ومعرفة هذه الجزئيات ضرورة لاتخاذ القرار اللازم إزاءها.

 

إيران .. انتهى أجل المتعة بينها وبين الزوج اللعوب

مستجدات كثيرة طرأت على المعادلة السابقة التي تحكم العلاقة بين (الروم والفرس) القائمة على التحالف ضد (السنة/الأمة) منذ خمسة قرون. من أهمها أن زمام قيادة العالم انتقل من أوربا إلى أمريكا. وأمريكا جغرافياً بعيدة كل البعد عن (البعبع) الإسلامي السني الذي يرعب أوربا. كما أن البروتستانتية تشكل مذهب الأغلبية لدى الأمريكيين (نصف سكان أمريكا بروتستانت والبقية تتوزع على ديانات ومذاهب متعددة) وليست كاثوليكية أو أرثودسكية كما هي ديانة معظم دول أوربا. وهذا أحد أسباب تقاربها مع بريطانيا، وبعدها النسبي عن تلك الدول . هذا عدا المستجدات التي حدثت في أربعة العقود الأخيرة منذ تولي (الولي الفقيه) حكم إيران.

كل المستجدات الجيوسياسية والعسكرية والاقتصادية تقود إيران نحو مصيرها المحتوم باتجاه واحد من الخيارين ولا بد. جميعها تقول: ستسلك إيران أحد السبيلين، ولا مجال لها غير المروق عبر أحد المخرجين.

بالمختصر (All The Ancient Games Are Over). وحفلة العرس المؤقت بين أمريكا وإيران انتهت. وهذا أوان الحصاد فاستعدوا له يا أهل السنة.

2019/5/27

………………………………………………………………………………………………..

  1. .https://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/american-elections-2016/2018/05/21/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B7-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%8012-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D9%8A%D9%86%D8%A8%D8%BA%D9%8A-%D8%A3%D9%86-%D8%AA%D9%86%D9%81%D8%B0%D9%87%D8%A7-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D8%9F

 

اظهر المزيد

‫8 تعليقات

  1. بسم الله الرحمن الرحيم
    اهم نقطة لفتت انتباهي هي الثالثة المتعلقة بفريق تفتيش حيث تمثل الدوامة التي دخلها العراق والدهليز الذي لا مخرج منه
    علينا نحن اهل السنة ان نتهيء واهم خطوة اولية هي انتزاع اقليم سني كبداية لتحرير العراق واستعادة الفتح العمري

  2. حفظ الله دكتور على هذا الطرح الرائع والمميز دائما
    إيران بين الخنق والحرق !
    إن شاء الله الخنق والحرق
    كل شرط من شروط بومبيو هو خنق وحرق لمشروع الولي الفقيه

  3. اجمل ما في شروط بومبيو الإثني عشر وكلها جميلة هو ذلك الجزء المتعلق ببرنامج ايران النووي وخاصة نقطة (التفتيش):
    3. منح مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إمكانية تفتيش كل المواقع في البلاد.
    اي انها إن قبلت بالشروط الاثني عشر فسنرى مفتشي الوكالة يمرغون سيادة طهران في الوحل .. فاللهم .. اللهم .. حتى قصور الملالي تخضع للتفتيش و الاهانة 🙂

  4. توطيد العلاقة مع الكورد يمثل اول الخطوات لانتزاع الاقليم السني من فك ايران وشيعتها .. هذا اول الحصاد الذي علينا قطفه
    وفقك الله لكل خير شيخنا الجليل

  5. ما أثار انتباهي في المقال ليس خنق ايران او حرقها لا وانما تحريك سوكننا فبعد سكون العقول والعاطفة من العرب نحو العراق وصوت النذير يناديهم وهو يقول : –

    ناديت قومي فقالوا: “من يخاطبنا؟” *** قلت: “العراقُ!” فقالوا: “السل والجربُ؟”
    فقلت: “بل شفة الأيام تنذركم *** صوت الذبيح بها يشكو ويضطرب”
    يا ليت قومي يغذون الخطى خبباً *** قبل الصباح ، وقد لا ينفع الخبَبُ
    إني ذُبحت ولكن لا أريد لهم *** ذبح العراق .. لكِ الويلات يا عرب
    كانت القبائل العربية السنية على وشك ان تتجند في الحشد الشيعي بل بدأت باول الخطوات على قاعدت اتباع المغلوب للغالب وتوجيه بيادق الشطرنج نحو ساحة العقول المتجمدة واذا بنعمة ربانية في محق المكطر السيء عن طريق سنة المدافعة بين الشرق والغرب ومقتل ايران في حماقة الصلافة والخيانة مع الغرب الامريكي الذي يحسب للتصرفات حسابا اجتماعيا و لا يغفر للخيانة مهما كانت ارباحها .
    الخليج العربي ترك العراق على مبدأ النأي بالنفس وعلى الخلاف السياسي الذي خلفه الفكرالوطني العراقي المعتوه والناجز الطي صنعه بين العراق ومحيطه العربي.
    الامة الان عرفت البوصلة السياسيةىفي حراكها وانه العراق البوابة الشرقية للخليج ومالم يغلق سيدمر الامن وهذا اول المراجعات في الوعي العربي لمنطقة الشرق الاوسك العربي .
    ولا تتم الفرحة حتى تتم نقطة مهمة وهو التوجه الى التحصين الثقافي الذي يتحرك فيه اللوبي الشعوبي في ابراز هويته ثقافته فكرة وتاريخا والا سنبقى قاصرين بهذا السيف دون معرفة ما يحرك السيف وهي المشروع والهوية والقضية .

    .

  6. ولا ننسى القرارات التي لا بد لإيران من الركوع لها، وأهمها تسليم قادة مليشياتها الإقليمية والذين هم مدانون ومطلوبون دوليًا، ومعهم قادة الحرس الإجرامي والذي جمعت أمريكا عليه ما جمعت من ملفات جرائم الحرب.
    كذلك على إيران أن تستمع بإذن صاغية طيِّعة، وتتنازل لرغبات المفاوض الأمريكي بتسليم كافة الحسابات التي تديرها مصارفهم في العالم.
    ولعله ليس أخيرًا أن يفاجئ الأمريكان إيران بطرح قضية الأحواز واستقلالها، لتفرغ جيب خامينئي و (عوافي) على ترامب.
    ويا خامينئي لك مثل مِنَّا: تيتي تيتي… مثل ما رحتِ جيتِ 😂😂😂😂

  7. البشرة والفرحه اليوم المن عاشه معاناة إيران وشيعتها عقائدياً وفكريناً في السنوات الماضية التي أوغلت أسنانها في جسد أهل السنة فحق لنا أن أنفرح بهذة الأحداث التي تجري على أرض الواقع ونحن نشاهد هذا الخنق والموت البطيء التي تذوقه إيران وأشياعها وفي السابق ومثل هذة المواقف في تاريخنا الماضي فرح رسول الله والصحابه عندما أنتصر الروم على الفرس الدولة الخبيثه وهذا الشعور المتقارب بين التاريخ الماضي والحاضر يدل على أن الهدف واحد والقضيةواحدة بيننا في ميدان واحد ضد الفرس قديماً وإيران حديثاً هنئاً لك ياشيخنا الفاضل وأنصار التيار السني بهذه الفرح والحمد لله والاقدار تسير لصالحنا ولايهمنا الناعقون والحالمون والوطنيون والترضويون .وهذه نعمة الله علينا .مقالة تثلج الصدور بوركة شيخنا الحبيب

  8. إيران الخاسرة هذا هو عنوان الأنسب لإيران حاربت أم حاورت فأحلاهما مر، وهي بين المر والأمر، والأيام القادمة ستشهد صور مؤلمة للحصار الذي ستظهر آثاره جلية في إيران ولن يرقعها مرقع ولا يغطيها برقع، وخير من يفهم معنى الحصار هم العراقيون فاستعدوا أيها الإيرانيون ونحن معكم متفرجون وشامتون.

اترك رداً على سارا إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى