مقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

أربعة أحداث وسياق واحد

د. طه حامد الدليمي

منطقة المشرق العربي (وعلى رأسها السعودية، العراق، الشام) هي المنطقة المحورية الأولى في العالم.

ومن تكون له الكلمة المحورية فيها يتبوأ مركز القيادة العالمية. ومن هنا يتجلى لنا سر من أسرار اختيار الله تعالى هذه المنطقة قاعدة ومنطلقاً لخاتم الرسالات.

فلا عجب أن تكون محوراً للتنافس على النفوذ والاقتصاد بين الأقطاب، ومزدَحماً يمور بالأحداث ذات البعد العالمي.

يوم أمس كانت الأحداث لافتة للنظر! وأهمها أربعة. نعم لكل حدث دلالته، وقد قال المحللون كلمتهم وما زالوا. وما يهمني هو السياق العام للأحداث، ثم سأقف قليلاً عند كل حدث.

السياق العام للأحداث

منذ مجيء دونالد ترامب على رأس الإدارة الأمريكية اتخذت الأحداث – بالنسبة لنا أهل المشرق العربي – مساراً جديداً اختلف كثيراً عما سبقه من مسار طوال الأربع عشرة سنة التي فرطت منذ غزو العراق. لقد تحولت أمريكا من سياسة (إرخاء الحبل) لإيران، على حساب المنطقة فدمرت العراق والشام واليمن تدميراً، إضافة إلى الأحواز من قبل.. إلى سياسة شد الحبل على رقبتها، والحبل يضيق مع الزمن. وشواهد هذا التغيير لا تحصى. وأسبابه الجوهرية متعددة، منها أن إيران تورطت في العمل على زيادة نفوذ روسيا والصين في هذه المنطقة المحورية، على حساب أمريكا. ولجت فصارت تدور حول حبة الفخ بتورطها في برنامج نووي مرفوض على جميع الصد. هذا عدا أنها أساءت لكل دول المنطقة، خصوصاً العربية منها؛ على عادة الفارسي في شعوره بالاستعلاء الفارغ نحو العرب.. نتيجة عقد الشعور بالنقص الحضاري تجاههم.

وهذا – بلا شك – فعل من يحفر قبره بنفسه، ويسعى إلى حتفه بظلفه!

الأحداث الأربعة

1. قصف معسكر للحشد الثوري في العراق

تنتشر في العراق معسكرات كثيرة لمليشيا جيش الحشد الشيعي (ج ح ش). ويمكن تسميته (جيش الحشد الثوري) أيضاً. أحدها يقع في قضاء بامرلي شرقي محافظة صلاح الدين. يضم صواريخ باليستية إيرانية الصنع، نقلتها طهران مؤخراً إلى المعسكر عبر شاحنات تستخدم لنقل المواد الغذائية المبردة. وفيه ورش للتصنيع والتطوير بإشراف مباشر من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني. تعرض هذا المعسكر قبل فجر يوم أمس (19 تموز) إلى قصف جوي عنيف من مصدر مجهول. والصور المنقولة تعبر عن تدمير كبير أصاب المعسكر بما فيه من غزاة إيران ولبنان وعملاء العراق([1]).

وهذا يعني أن مسلسل استهداف مليشيات (ج ح ش) قد بدأ.

2. أمريكا تفرض عقوبات على قادة مليشيات ومحافظين عراقيين مرتبطين بإيران

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، أول أمس، عن فرض عقوبات على اثنين من زعماء الميليشيات العراقية المسلحة المرتبطة بإيران، وهما المسيحي ريان الكلداني، والشيعي الشبكي وعد قدو (من الفرس الذي تخلفوا في الموصل بعد غزوها وحصارها من قبل نادر شاه سنة 1743م). وطالت العقوبات محافظين اثنين سابقين متهمين بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان هما محافظ نينوى الهارب السني نوفل العاكوب، ومحافظ صلاح الدين السني أحمد الجبوري.

يمتاز هؤلاء الأربعة بولائهم لإيران. وهذا يشير إلى أن ملفات الفساد والجرائم لعملاء إيران من شتى الطوائف قد فتحت. ونتوقع فضائح ومحاكمات قادمة.

3. إيران تحتجز ناقلة نفط بريطانية

أعلن الحرس الثوري الإيراني يوم أمس أن قوارب القوات البحرية، وبأوامر من مؤسسة موانئ محافظة هرمزغان قامت باحتجاز الناقلة البريطانية (ستينا إمبرو) في مضيق هرمز؛ بدعوى أنها لم تلتزم بقوانين الملاحة البحرية. وكانت إيران قد توعدت بريطانيا بذلك رداً على احتجازها ناقلة نفط لها (في 4 تموز) في مضيق جبل طارق.

وهذا معناه أن إيران تحاول جر المنطقة إلى حرب حتى وإن لم تكن النهاية إلى صالحها؛ فهذا خير لها من أن تموت بالتعفن وهي واقفة. إن لسان حال إيران يقول: (الحرق ولا الخنق)! وحين تصل دولة ما إلى هذه الدرجة فهذا مؤشر إلى بلوغها مستويات خطيرة من التدهور. إن الخنق الاقتصادي المضروب حول رقبة إيران ماضٍ في تحقيق أهدافه. وليس أمامها سوى ارتكاب المزيد من الحماقات حتى تحين ساعتها.

4. العاهل السعودي يوافق على استقبال قوات أمريكية على أرض المملكة

جاء ذلك في تصريح نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية على لسان مصدر بوز ارة الدفاع بالمملكة، في إطار التعاون المشترك للمحافظة على أمن المنطقة واستقرارها. وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنها باشرت بذلك.

هكذا تكون الأمور ماضية إلى الأمام وتتطور في سبيل تقليص نفوذ إيران وإعادتها إلى داخل حدودها. وقد تتطور إلى معركة عسكرية ضدها.

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته). ثم قرأ: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد) (هود:102). متفق عليه.

2019/7/20

………………………………………………………………….

  1. https://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/iraq/2019/07/19/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%B9%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D9%85%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1-%D9%84%D9%84%D8%AD%D8%B4%D8%AF-

 

اظهر المزيد

‫5 تعليقات

  1. كل هذه النقاط تغرس هزيمة نفسية في قلب الشيعي ذلك أن نفسية الشيعية كاليهودية لا تتقبل الهزيمة واي هزيمة تتعرض لها تنعكس ظواهر اجتماعية كانتزاع الافعى لجلدها فلو أضفنا إلى ذلك نظرة إلى المجتمع الشيعي الجامعي وهم يرفعون صوت النشيد الوطني الصدامي وفي الثورة يترحمون على صدام حسين لقد تهرأ البيت الشيعي بعد ما اسسه احمد الجلبي وما عاد قانون الجذب الذي ينتفع به.

  2. ومع ذلك ورغم كل هذه المؤشرات الواضحة سترى وتسمع من لازال يدندن على وقع اللحن القديم “امريكا ما راح تحارب ايران وهذي مسرحية ليضحكوا ع العرب”

  3. كانت إيران في العقد السابق لها الدور الكبير في أشعال المناطق العربية بالحروب والتهديدات المستمره في دول الغرب من تفجيرات واغتيالات وهي تلعب الدور المتخفي في الشرق الأوسط والغرب وفي نفس الوقت أتهامها المباشر للسعودية بأنها هي من تصدر الأرهاب في المنطقة وخاصتاً في الدول الغرب وهذا العمل الإيراني عن طريق القنوات والاستخبارات والعملاء والجواسيس التي تعمل لدى إيران بأموال طائلة وعندما تمادت وبانه خبثها بداء العد التنازلي. ونحن نقول إلى متى يكون المتخفي لا يظهر له أثر والمجرم لاينفضح .والحمدالله اليوم تكشفت وأنكشفت أوراق إيران الخبيثة المزورة أمام العالم وهيه الآن في قفص الأتهام وخرجت الدول السعودية بفكرها وأدلتها وحركتها وخطواتها الصحيحة لتبرهن موقفها الحقيقي أمام التحديات في ذلك الوقت أن السعودية هي دولة السلام والتوحيد وإيران هي دولة التخريب والفتن أمامة المجتمع الدولي هكذا تقلب السعودية الطولة على إيران وملشيتها بعد سحب التحالفات من إيران وسقاطها أرظاً سر النجاح الدولة هو تفريق الأعداء وجمع الأصدقاء

  4. بسم الله الرحمن الرحيم
    جزى الله شيخنا الفاضل خير الجزاء
    دائما يؤكد شيخنا الكريم على أن لا ننظر للحركة بعيدا عن المسار، وقد وضع الحركة في مسارها والامور تبشر بخير، ولكن ليس المطلوب منا ان نقف موقف المشاهد الراصد بعيدا عن الفاعل المقتنص للفرص، واعتقد أن خير فعل نستعد له بعد الضعف والانهيار المتوقع لإيران وأذنابها هو أن ننتزع الإقليم السني، فنحن بحاجة للتثقيف بهذا الإتجاه، فأتمنى من الأخوة المهرة في استخدام وسائل التواصل الإجتماعي تكثيف الجهود بالتثقيف نحو الإقليم السني وبيان فوائدة, والحذر من جلد الأفعى الناعم الذي سيلبسه الشيعة متقربين للسنة ونتذكر قول الشاعر (مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا)

اترك رداً على أنس الأندلسى إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى