مقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

عندما يكون العيد عيدين ؟ إيران وأزلامها إلى فضيحة فزوال

د. طه حامد الدليمي 

لو سألني أحدهم: ما سر الألم الذي نستشفه في لحن صوتك، وتظهر بعض آثاره على قسِمات وجهك؟ لأجبته: إنه الأمل! ولأضفت: إن عمق ألمي من سعة أملي!

أستطيع أن أعدد أسباباً للألم والحزن ما يملأ الفضاء حتى يختفي وجه الشمس، لكن أستطيع أيضاً أن أعدد من أسباب الأمل والفرح ما يجلو الليل عن طلعة القمر! واقرأ إن شئت: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) (الشرح:6)!

وأستطيع أن أستشعر الألم في كل شيء، لكن المؤمن يعلم أن الأمل وصناعة الأمل شعبة من شعب الإيمان أنزل الله تعالى فيها سورة كاملة هي سورة (يوسف).. سورة (الأمل).. فأستطيع أيضاً أن ألمح الأمل في كل شيء. حتى في إشارات القدر الخفية. قبل يومين كانت ذكرى 8/8/88 ذكرى (يوم النصر العظيم).. ذلك اليوم الذي كبت الله تعالى فيه الفرس المجوس حتى قال كبيرهم (لع): (أشعر أني أتجرع كأس السم)! وغداً سيحل علينا عيد الأضحى.. العيد الكبير.. فهل من علاقة بين العيدين؟ هل من إشارة؟ هل قرب العيد الكبير فكان على مدى ثلاثة أيام من (اليوم العظيم)؟

إيران وأزلامها .. لقد أوشكت فضيحتهم على التمام

ولم لا؟ فإيران تختنق.. تحاصَر من كل مكان. وقد أمست كعجوز غزت جسده الأمراض فهو ينتظر اليوم الذي يريحه مما هو فيه..! وليس أمامه سوى قول المتنبي:

كفى بكَ داءً أن ترى الموتَ شافيا وحسبُ المنايا أن يكنَّ أمانيا

لكن ليس قبل أن تتم الفضيحة!

قبل عشر سنوات ونيف كان الناس – إلا أقلهم – يصفقون لحزب الشيطان المتبرقع باسم الله.. لا لشيء سوى أنه أطلق حفنة صواريخ على (إسرائيل) مع قبضة شعارات باسم فلسطين. وكانوا أيضاً مخدوعين بأحزاب أَخرى منا نحن السنة؛ لا لشيء سوى أنها تطلق شعاراتها وصواريخها باسم الله، وباسم فلسطين أيضاً. إلى هذه الدرجة كان التخبط!

واليوم فضح هذا الحزب، وتكشفت سوءة تلك الأحزاب. ومعهم كل المتاجرين باسم الله وباسم فلسطين، وإن عصبوا بها رؤوسهم وأطلقوا صواريخهم! لقد انتهت فترة صلاحيتها في استدرار عطف المغفلين من المؤمنين.

وإلى ما قبل ثلاث سنوات كان الناس ما زالوا مسلّمين بشعار (فلسطين هي القضية المركزية وهي القضية الأولى للأمة). وإذا أردنا أن ننتقد هذا الشعار بموضوعية فقلنا: لكل قطر قضيته المركزية، وفلسطين قضية من القضايا. ويا إخواننا في فلسطين، لأجل فلسطين صححوا نظرتكم، وموقفكم.. كونوا واقعيين قبل أن تميتوا قضيتكم في نفوس إخوانكم فتكونوا أول الخاسرين.. إذا قلنا هذا كان أول المتصدين لنا بالذم، وربما التخوين أيضاً!، ليس إخواننا الفلسطينيين، بل إخواننا السعوديين وأمثالهم ممن لم يكونوا قد اكتووا بعدُ كما اكتوينا بنار إيران، ولما يكتووا بعد بنار الجحود ونذالة الكنود. حتى إذا كان ما كان تغيرت الحال، وانضاف دليل آخر على أن من يده في الماء ليس كمن يده في النار!

وإلى ما قبل ثلاث سنوات لم يكن أحد من السنة في العراق يملك من الشجاعة الأدبية ما يمكنه من الوقوف على شاشة قناة فضائية في وجه شيعي وقح، لكن في ظل هويته السنية يعلن بها دون تردد أو تلعثم يقول له: أنت تقتلني لأنك شيعي ولأنني عربي سني!

كان هذا حلماً، وكنا – بين الألم والأمل – نبشر أهلنا أنه سيأتي تأويله يوماً من الأيام. وها قد أتى! أمس كنت أمام هذا الحلم! رأيته بعيني يمشي بطوله الفارع على شاشة قناة عراقية. كان الشيعي يصرخ من وقع الألم.. ألم الفضيحة. وكان السني يصدح بوقائع الحق والحقيقة.. وكنت أضحك. لقد ربحنا. وحين يكون المرء قد احتاز رأسماله المسروق فهذا ربح.. ربح عظيم، ولم يبق أمامنا إلا حمايته ثم توظيفه وتنميته واستثماره.

إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا

ولو مضيت أعدد شواهد الأرباح التي حصلنا عليها مع هذه الظروف، أقصد الآمال التي غرست وسط تلك الآلام.. لطال بنا المقام.. وطال كثيراً. لكن دعوني أغوص أكثر في بيان.. لماذا عمقُ ألمي من سعة أملي؟

لما قال تعالى: (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)، ورد عن النبي أنه قال: (لن يغلب عسر يسرين). والحديث – على ضعفه – أرى له معنى صحيحاً.

بقيت سنين أسأل نفسي: أين يكمن سر اليسر الثاني؟ حتى أظنني عرفته: اليسر الأول يسر القدر، والثاني يسر السبب. لقد جعل الله تعالى لك من العسر منفذين للخروج: المنفذ الأول أن تقوم بالأسباب المؤدية لذلك. فإذا قمت بها تولتك عناية الأقدار بفباركت أسبابك ومنحتها القوة التي تخرج بها من قمقم العسر الذي أصابك. وما لم تلتحم الأسباب بالأقدار يبقى يسرك وعسرك يصطرعان والله أعلم لمن ستكون الغلبة منهما.

أما الكافر فليس له عند عسره إلا يسر واحد هو يسر الأسباب. والغلبة للأقوى منهما. فإذا جئته باليسرين غلبته، وإن قصرت عنه بالسبب خذلك عدل القدر فغلبك هو بالسبب!

إن مع كل ربح يعرض لنا ينغرس أمل. ومع كل ربح يفوت أو مُعرّض لأن يفوت يتجدد ألم. والأرباح التي أمامنا كثيرة كثيرة، فقيدوا أطرافها بمشروع ولا تدعوها تتسرب منكم هذه المرة كما في المرات السابقة. قبل أن يتجذر الألم ويتجذر فيبلغ الأعماق.

وعيدكم مبارك وكل عام وشهر ويوم وأنتم بخير .. كل خير!

يوم عرفة 1420

10 آب 2019

 

اظهر المزيد

‫9 تعليقات

  1. عيدك مبارك شيخي واسأل الله ان تنجلي همومك ولا تنسانا من دعائك ف اني في ضيق بسبب اخي الذي يجلب لي الخطاب الشيعة بالرغم من ان اخي سني ولانه عسكري طباعه غليظة وهو غاضب مني جد اسأل الله ان يهديه

  2. بت على قناعة تامة بان اكثر المتأفئفين من واقعهم المتضجرين من سطوة عدوهم اليائسين من حالهم في ان يستقيم رغم كل هذه البشارات .. انما يفعلون ذلك كي يتملصوا من اية التزامات تجاه قضيتهم ومجتمعاتهم .. ويجعلوا من آلآلام التي نمر بها -مع سبق الاصرار والترصد- ستارا وهميا وحاجزا لكي يحول -عن قصد – بينهم وبين واجبهم الشرعي والاخلاقي في النصرة ليحلقوا بجناح الايمان فقط واهمين بان يصلوا ..
    ان من لم يستمتع بهذه الايام التي تخبئ لنا في ثناياها زوال دولة الشر والشرك ومن شايعهم.. بالتأكيد لم تنقله السيرة بآلة زمن التصديق واليقين الى غزوة الخندق ليعيش اجواء ما نمر به .. فالرسول صلى الله عليه وسلم يبشر اصحابه بكنوز كسرى واحدهم يخشى على نفسه ان يذهب لقضاء حاجته…. وهو كذلك لن يضيف شيئا لقافلة السائرين يوم يحين الحين وتاتي ساعة الفرج .. فهو سلبي في ماضيه وحاضره ومستقبله ..
    كل عام وانت بالف خير .. وكل عام والفرحة الى قلوبنا اقرب .. وكل عام وايامنا كلها اعياد … حفظكم الله وبارك بكم شيخنا العزيز

    1. ) أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214) نعم الامل قادم المشهد والواقع أمام الأحداث قد تغير وختلف. قبل مدة من الزمن كانوا أهل السنة يلقبون حسن نصر الشيطان بصلاح الدين الأيوبي وهذا الذي كان نسمعه وكانوا أهل السنة لم يتجرأوا في ذالك الوقت على تكفير الشيعة هذا ما كنا نشاهده وفي ذلك الوقت لن تقنع السني بأن التشيع دين مزيف صنيعة الفرس والاسلام منهم بريء اليوم عندما ضهر السرطان الشيعي وتمدد ونكشفة الأمراض الخبيث التي أصابة المجتمع السني بالضطهاد المر من كل نواحي الحياة هنا بداء العد التنازلي للتشيع لأن السنة أدركو مشكلتهم وعدوهم وقضيتهم في هذا الزمان هم الشيعة .والأيام بيننا..وكل عام وأنتم بألف خير شيخنا الفاضل والنصر والتمكن والتكوين إلى أهل السنة وزوال إيران وشيعتها بعون الله

  3. كلام جميل يكتب بماء الذهب
    يجعل همتنا تصعد إلى السماء
    الأمل يجعلك متفائل بكل خطوات حياتك
    أملنا بالله كبير إن يحقق أحلامنا
    كل عام وانتم بخير ودامة مسراتكم عيد سعيد

  4. كل عام وأنت بألف خير شيخي العزيز، ولم نعرف عنك إلا بث الأمل رغم الألم ومرارته وقد تعلمنا منك أننا على خير ما دمنا على الطريق سائرين.
    نسأل الله تعالى الثبات لنا ولكم ولسائ أهل السُنّة.

  5. كل عام وانتم بالف خير
    يارب يكون عيد خير وبركه على جميع أهل السنة
    بالفعل موضوع جميل ونحن بحاجه للأمل في وقت اليأس
    (أن مع العسر يسرا) اسال الله أن يفرجنا همنا ويشفي صدورنا
    وان يرفع رايه اهل السنه وأن تكون الاعياد القادمه في بلداننا وبين اهلنا

  6. كل يوم وعام وانتم بالف الف خير شيخنا الجليل
    اتذكر كلماتك السابقة (الألم يأتي من الأمل )
    نحمد الله تعالى على هذه النعم الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى
    نحن بشر نتمنى كل شيء قبل أن يأخذ استحقاقه الزمني !!
    أما الشيعة وإيران الى زوال بأذن الله
    وهاا نحن نترقب والايام قد اقتربت أكثر فأكثر
    طريقنا الى بغداد قد حان !!

  7. هذه الكلمات على كل مؤسسة في اي مجال ان تضعها قانون مسار ومنهاج حركة : –

    (( إن مع كل ربح يعرض لنا ينغرس أمل. ومع كل ربح يفوت أو مُعرّض لأن يفوت يتجدد ألم. والأرباح التي أمامنا كثيرة كثيرة، فقيدوا أطرافها بمشروع ولا تدعوها تتسرب منكم هذه المرة كما في المرات السابقة. قبل أن يتجذر الألم ويتجذر فيبلغ الأعماق ))

اترك رداً على نسمات ايلول إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى