حذارِ حذارِ .. من السقوط في فخ ( توسيع صلاحيات المحافظات ) بديلاً عن الفدرالية !
د. طه حامد الدليمي
أزمتنا.. أزمة فكر قديم غير قابل للتكيف مع المستجدات المتغيرة.
وأزمة قيادات أغلبها يفتقر إلى المرونة المطلوبة في الفكر، التي تصلح لمواكبة الأحداث والتعاطي المناسب معها. وطوال السنين التي مرت لم يجد الجمهور فكرة ريادية لحل صدرت من قياداته يمكن أن تنتشله من مأزقه. هذا والأحداث اليوم تتسارع في اتجاه تغيير شامل في المنطقة. ولا حل في العراق إلا بقيام نظام فدرالي أو اللجوء إلى تقسيم البلد. وإلا سنبقى أبد الدهر تحت مطارق الفتن والحروب والاحتراب الداخلي.
هنا نحتاج إلى وقفة طويلة من حلقات عديدة نجلي فيها الفدرالية بكل متعلقاتها.
الفدرالية .. الأسباب والدواعي
تذهب الدول إلى هذا النظام لأسباب ودواع كثيرة منها وجود مكونات متناشزة عرقياً أو ثقافياً أو دينياً، أو متفاوتة اقتصادياً؛ فتكون الفدرالية حلاً وسطاً يحول بينها وبين التصارع فالتقسيم. فهي تقاسم سلطة لا تقسيم وطن. والدول الفدرالية من أكثر البلدان استقراراً ونمواً وتطوراً في العالم. وتشكل قرابة النصف من دوله.
إن تحكم طائفة مستبدة، أكثريةً كانت أم أقلية، يؤدي إلى الوقوع بفي أخطاء ومشاكل واضطهاد ومظالم، تقود إلى تنازع واقتتال، ويجر إلى تداعيات قد تصل إلى حد الاستعانة بقوى أجنبية. بينما تؤدي الدولة ذات القيادة المتوزعة السلطة دورها بصورة أفضل وأكثر عدالة في ظل مؤسسات قانونية ورقابة دستورية. وبذلك تكون هناك علاقة طردية موجبة بين تحقيق اللامركزية (الفيدرالية) وضمان الوحدة الوطنية؛ إذ على قدر الاستقلالية النسبية الممنوحة لحكومات الإقاليم في إدارة شؤونهم الداخلية وتسييرها بالشكل الذي يرونه مناسباً لهم.. يكون تحقيق الوحدة الوطنية وتعزيزها.
لا تقل مسؤولية السنة العرب في رفض تشريع وتطبيق النظام الفدرالي باعتباره تقسيماً للبلد أو مقدمة تقود إلى ذلك، عن مسؤولية الشيعة في منعهم من الذهاب إلى هذا الخيار الدستوري. لقد فعلت الأحداث الكارثية فعلها في رجوع السنة إلى شيء من الوعي بعد سنة 2010 فأخذوا يتراجعون عن موقفهم السابق بالتدريج. وإني أجزم اليوم بأن 75% منهم مع خيار الفدرالية. لكن صورة الفدرالية مشوشة لدى معظم الجمهور بمن فيه كثير من النخب! إنهم يخلطون بين الفدرالية وتوسيع صلاحيات المحافظات. ويجهلون الفرق بين مفهوم اللامركزية السياسية (الفدرالية) واللامركزية الإدارية. وهذا أمر خطير قد يوقع السنة في الفخ الذي يخبئه الشيعة لهم إذا اضطروا إلى الموافقة تحت أي ظرف؛ لذا نحن في حاجة إلى توضيح مفاهيم بعض المصطلحات المتعلقة بالفدرالية.
(الفدرالية) هي الاسم المرادف لـ(اللامركزية السياسية). وهنا يبرز مصطلح (اللامركزية الإدارية)، المرادف أو القريب من مصطلح (توسيع صلاحيات المحافظات). فما هي المفاهيم الحقيقية لهذه المصطلحات؟
اللامركزية السياسية ( الفدرالية )
الفدرالية – باختصار – أحد أنواع الأنظمة السياسية اللامركزية، تكون السلطة فيه، بحكم الدستور، متوزعة بين المركز والأطراف أو الولايات باعتبار كل ولاية وحدة سياسية تباشر اختصاصاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية باستقلالية عن السلطة الاتحادية، بشرط أن لا تتعارض مع الدستور الاتحادي. ولذا سمي النظام الفدرالي بـ(اللامركزية السياسية).
هذا هو لب الفدرالية، ثم لكل بلد ما يناسبه من تفاصيل ينظمها دستوره المركزي.
يمنح الدستور العراقي الحق لمحافظة واحدة، أو عدة محافظات، تكوين إقليم خاص بها. ويكون لكل إقليم رئيس إقليم ومجلس نواب ومجلس وزراء، ومؤسسة قضائية مستقلة تقاضي أبناء الإقليم المنتمين إليه حصراً، ومؤسسة أمنية وحرس من أبناء الإقليم. وله دستور خاص ينظم توزيع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في الإقليم. ويتخادم الدستوران الإقليمي والاتحادي بعلاقة يحددها الدستور الاتحادي.
أما سيادة الدولة ونفوذها الذي يمنع انفصال الأقاليم فيتمثل في وزارة الدفاع ووزارة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي، ووزارة المالية، بحيث يشترك في إدارتها أبناء الأقاليم جميعاً.
اللامركزية الإدارية ( توسيع صلاحيات المحافظات )
هي طريقة من طرق الإدارة تقوم على أساس توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية في العاصمة وبين هيئات منتخبة محلياً في المحافظات، تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية.
تأتي خطورة (اللامركزية الإدارية) وعدم جدواها في بلد مثل العراق المتناشز دينياً وعرقياً وثقافياً واقتصادياً من الأسباب والعلل التالية:
- إن صلاحيات المحافظة تمنحها السلطة المركزية بموجب قانون عادي تشرعه هذه السلطة. وبما أنها منحت بموجب قانون عادي فيمكنها أن تلغى، بقانون عادي آخر تصدره الجهة التشريعية المختصة في الدولة في أي وقت تشاء. بينما في النظام الفدرالي (اللامركزية السياسية) يتم تحديد صلاحيات الإقليم بموجب الدستور الاتحادي. أي لا يمكن إلغاء تلك الصلاحيات إلا بموجب تعديل يجرى على الدستور نفسه. وهذا في حاجة إلى إجراءات من الصعب تحقيقها، إن لم تكن مستحيلة.
- ليس في المحافظات في نظام (اللامركزية الإدارية) هيئات تشريعية وقضائية محلية مستقلة عن الهيئات القضائية والتشريعية المركزية. فلا رئيس إقليم ولا مجلس نواب ولا وزراء ولا غير ذلك من مزايا الإقليم. أما الهيئات التنفيذية فتخضع للحكومة المركزية وتستمد صلاحياتها بموجب قوانين الموحَّدة للدولة، أو بتفويض من الحكومة المركزية.
الحذر الحذر من خدعة توسيع الصلاحيات ( اللامركزية الإدارية ) ..!
على هذا الأساس نحن نحذر أهلنا من الانخداع بالوعود التي يمكن أن تطلقها السلطة المركزية الطائفية بتوسيع الصلاحيات الإدارية حين تُلجأ ذلك. إن هذه الصلاحيات يمكن سحبها في أي لحظة، ليبقى أبناء محافظاتنا تحت سوط الأمن والشرطة والمخبر السري والقضاء والأحكام والسجون والسلط والاضطهاد والفساد والجوع والفقر والحرمان. ويبقى التشيع يعيث في المناهج الدراسية، وتظل العمامة والمبشرون بالتشيع والتشيع الفارسي يصولون ويجولون في ربوعنا.
ولو افترضنا جدلاً أننا حصلنا على مستحقات (اللامركزية الإدارية) كاملة ودائمة، فإنها لا تساوي شيئاً أمام مزايا الفدرالية (اللامركزية السياسية) ومستحقاتها الدستورية. أضف إلى ذلك أن توسيع الصلاحيات الإدارية لا يقف حائلاً في وجه الإقصائية الشيعية المركزية التي تعاني منها مناطقنا نحن السنة على وجه الخصوص والاستهداف المقصود.
قد يقال: ربما يأتي على رأس السلطة المركزية حاكم سني؛ فلم الذهاب إلى الفدرالية؟ والجواب: عندما يتولى الحكم رجل سني سيعود الشيعة إلى دندنتهم القديمة حول المظلومية، وسيسعون – ولا بد – إلى تقويض الدولة، ليبقى العراق مسرحاً للاضطراب والاحتراب. أما في النظام الفدرالي فلا مجال لذلك ما دام أن كل إقليم يحكم نفسه بنفسه؛ فالمسؤولية تقع على عاتق أبنائه. علماً أن الفدرالية نعمة ومزية ونظام متطور، وليست هي شيئاً ضاراً يلجأ إليه عندما تسد السبل في وجه الدولة. إنما يعشعش هذا الوهم في ذهن الثقافة العربية السائدة المسكونة بحلم (الوحدة) أو (الجماعة)، وتصور سقيم قائم على أن الفدرالية تقف حاجزاً بينها وبين ذلك. وقد ذكرت قبل قليل أن الدول الفدرالية من أكثر البلدان استقراراً ونمواً وتطوراً في العالم. وتشكل قرابة النصف من دوله. ومن أراد نموذجاً ماثلاً أمامه يعبر عن النمو والتطور والازدهار وتمتع شعبه بالوفرة والأمان الذي يعم البلد فلينظر إلى دولة (الإمارات المتحدة)!
20 تشرين الثاني 2019
إلى الآن تقرأ للرموز السنية فتجد ظاهرة الأذن التي تسمع للهتافات ولا تبصر الواقع ولا تشغل العقل بل انها تمتاز بعمى في العيون وذاكرة مثقوبة فالسجون الملأى بالاغتصاب للرجال والنساء والمساجد والأراضي المسلوبة صدق شوقي حين قال وحيه كالببغاء عقله في أذنيه وهذا يدل ان الكلمة والثقافة هي اس الحركة والمسار والفرقان للفرد كرمز والمجتمع كتغيير ومالم تصلح الثقافة فلن يكون الاختيار صحيحا وهذه هي العلة التي يعالجها المشروع في التيارالسني العراقي.
بعد الأحداث الأخيرة صار لدي يقين لا يشوبه شك أن العقول التي تربت على الفكر الوطني القديم وتشربت رواشحه حتى الثمل لا يمكن أن تخرج من كهفه المظلم إلى نور الحقيقة إلا بمعجزة تقتلع جذور هذا الفكر من عقولهم.
و الا ما تفسير هذا (الزهايمر ) المصابة به ذاكرتهم!!
ما أن يستيقظوا حتى تذهلهم الكلمة اللينة و الحدث المدهش فينسيهم ما كان من دم ودمار ..!
يجب أن يعلم الجمهور السني أن هؤلاء “الرموز” لا يسيرون بهم إلا الى التهلكة
جزاك الله خيرا كفيت وفيت واديت ماعليك شيخنا الجليل !
ااالله يمسيك بالرضى والمسرات شيخنا القدوه
لاشك ان ماطرحته واوضحته هو عين الصواب واشك فيمن يختلفون على هذا المشروع العظيم بسنيته
تفصيل رائع وقيم للأخذ بإقليم يحفظ ديننا وارضنا واعرضنا واولادنا ونحكم أنفسنا بأنفسنا وخلاصنا من الفرس وخبثهم وخداعهم المستمر.
جزاك الله خيرا