التغيير لا يأتي صدفة
الأستاذ حسنين عبدالله الأموي/التّيار السٌنّي في العراق-المنظومة السياسية
أغلب الناس ينشدون التغيير ويحلمون به ويريدونه، لكنهم بالمقابل لا يخطون خطوة في طريقه، ولا يحركون ساكناً من أجله، بل وينتظرون من الآخرين القيام به بينما هم يقفون منتظرين ومتفرجين.
لذا تجد أن الزمان يمضي ولا يتغيير حال الناس للأفضل، بل يسوء يوماً بعد يوم حتى تتكدس المشكلات ويصبح الخطأ من المسلمات ويوماً بعد يوم ترتفع ضريبة التغيير ففي اليوم الأول كانت دينار وبعد زمان تصبح قنطار[1]!
لا تسال الطغاة لماذا طغوا بل إسأل العبيد لماذا ركعوا؟
لم يطغَ فرعون ويجعل بني إسرائيل عبيداً لولا أنهم ركعوا له وطال ركوعهم سنين طوال حتى صاروا عبيداً له يُذَبِحُ أبناءهم ويستحي نساءهم، وظل بني إسرائيل على هذه الحال بانتظار المُخلص الذي تصوروه بصفات غير عادية، وقدرات خيالية كما هو شأن البشر في تعظيم المفقود والزهد بالموجود.
فإذا برز المخلص –موسى عليه السلام- من بينهم إذا هم فيه يزهدون وله خاذلون حتى أنهم: ((قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا)) ولم يقفوا معه في مشروعه التغييري بل كانوا سلبيين معه، ينتظرون منه أن ينتصر على عدوه وعدوهم دون أن يقفوا معه أو ينصروه مخاطبينه بقولهم: ((فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)) هذا وهو نبيٌّ مؤيدٌ من الله تعالى فكيف بمن هو دونه؟ وكيف سيتعامل معه قومه؟
أعينوني بقوة
قوم لهم أعداء مفسدون في الأرض فهل تصدوا لهم؟ أم بقوا ينتظرون المُخلص؟
لما جاءهم ذي القرنين في البداية أول ما أرادوا منه أن يقوم بالعمل نيابة عنهم مقابل المال، لكن الملك الحكيم أجابهم:((أعينوني بقوة))، فلا ينبغي أن تجلسوا ويعمل الآخرون نيابة عنكم في أمر عائد نفعه لكم، بل واجب عليكم أن تبدأوا العمل ليلتحق بكم الآخرون فتكونوا أنتم السابقون وهم اللاحقون.
ومن أراد التغيير لابد أن يحمل الفأس فيهوي به على صنم الجمود والركود لتحريك الموجود.
التغيير هوية ومشروع ومؤسسة
التغيير عنوان جميل يدندن الكثير فيه وحوله، ولكن القليل من يغوص ليعرف مضمونه.
فالتغيير ليس بضاعة تُصنّع وتسوق ثم يستهلكها الزبون، إنه عمل منظم يستند إلى فكر واقعي؛ لأنه يَمُسُ حياة الناس في حاضرهم ومستقبلهم وليس أعمالاً عشوائية مهما كبرت هذه الأعمال، أو ردوداً للأفعال.
التغيير لابد أن ينطلق من هوية واضحة وبارزة تعبر عن الحاضر والمستقبل، عن الحالة والواقع، وعن الحقوق والمطالب وليست هوية عائمة تحتاج لشرح وتفصيل لبيانها، إنها العنوان الكبير الذي تُعرف به بدون تعريف.
والتغيير مشروع ينطلق من الهوية من خلال الخطط والبرامج التي تُنفذ على أرض الواقع كي تُحقق الأهداف المنشودة والتي تنقلنا من تنظير الفكر إلى تطبيق الفكر، إن التغيير دون مشروع ماهو إلا تجربة فاشلة تضاف لسلسلة الفشل التي أبتليت بها هذه الأمة ومنذ مايقرب من المائة عام.
والتغيير لابد له من مؤسسة تقوم على تنفيذه ورعايته وتسديده وتقويمه، وإلا كان التغيير حركة -مهما بلغت قوتها- تدميرية أكثر منها إصلاحية أو تصحيحية سرعان ما سنجد آثارها الكارثية بادية للعيان وسنحتاج لحركة أخرى وهكذا دواليك!
ولنا في المائة عام الماضية والتاريخ عبرة
لقد مرَّ على العراق منذ عشرينات القرن الماضي وليومنا الحاضر الكثير من التغيرات التي إكتوى بنارها العراقيين ودفعوا خلالها الأثمان الباهضة، ومع كل تلك الأحداث لم نجد من يسال وماذا بعد هذه الحركات العبثية؟!
أما آن الأوان لنراجع فكرتنا عن التغيير الحاصل من خلال المظاهرات والإنقلابات واستدعاء الغرباء؟
أما آن الأوان لأن نجد حلولاً عملية واقعية وأنظمة جديدة للحكم بدل الأنظمة التي حكمت العراق وخلفت بعدها الخراب والدمار ؟!
لمَ لا نجرب النظام الفيدرالي –الأقاليم- لتحكم كل فئة منطقتها وأناسها كي يتحمل كل واحد وزر حكمه، بدل أن يتحمل المظلوم نتيجة حكم الظالم.
التغيير لا يأتي صدفة بل أنت تصنعه
يأهل السُنّة: آن الأوان أن تحكموا أنفسكم بأنفسكم، وتحافظوا على ما تبقى من مدنكم المدمرة، كي تستطيعوا إعمارها من جديد فأنتم لوحدكم قادرين على البناء بعقليتكم البناءة، لا عقلية غيركم الهدّامة والـ (16) سنة الماضية خير دليل لمن لديه عينان لا تغطيهما أذنان.
وفي تجربة كردستان خير مثال لمن أراد أن يتخلص من أكاذيب الثقافة الوطنية التي ضيعتنا وستضيع البلد الممزق كله، فعلينا أن نتحرر من هذه الثقافة ونعمل بثقافة سُنية ربانية جديدة تُنتج لنا مجتمعاً سُنّياً بهوية سُنّية يعيش بإقليم سُنّي نحافظ فيه على ديننا أولاً وعلى أعراضنا وأولادنا وأموالنا فلا شيعي يعيرنا بالحفاظ عليها، ولا يسرقنا.
ونحن في التيار السُنّي عاملون على ذلك ننشد التغيير الذي يُبقي علينا ويجعلنا نستمر ولا نفنى ولا نَستكين، آلينا على أنفسنا أن لا نقيل ولا نستقيل يحدونا صوت البشير النذير وهو يتردد في مسامعنا: ((مضى زمن النوم ياعائشة)).
_______________________________________________________________________________
- قنطار: من معانيه المال الكثير ↑
المعروف ان الشعب البريطاني يملك من الثقافة والوعي والتطور الانساني مالا يملكه الا القليل النادر من الشعوب، وفي الانتخابات التي كانت قبل ايام قليلة كان الفوز الساحق لحزب المحافظين والذي لم يحدث ان حصل على هذا العدد من المقاعد في البرلمان منذ عام 1935.
تناقشت مع بعض من الطبقة الوسطى ، والوسطى يعني الاساتذه، والمثقفون، والاشخاص الذين ينظرون للمستقبل، ويبحثون عن الافضل للفرد والمجتمع البريطاني، فكان جوابهم انهم يدعمون حزب العمال البريطاني الذي خسر الانتخابات وكان الفارق كبير جدا بينه وبين الحزب الفائز، اما باقي الاحزاب فلم تحصل على شيء يستحق الذكر.
مايخصني هنا هو ليس انتخابات بريطانيا، وانما رأي الجمهور. الوعي الجماهيري شيء لايدرك ابدا كما اعتقد، وتستطيع الاحزاب والحركات تغيير رأي الجمهور واتجاه تفكيره ان كانت تملك القوة والسلطة، والقوة والسلطة اليوم هي تسخير الثروة للتأثير على الاعلام وغيره من المؤسسات، والقائد مهما عمل لايستطيع ان يغير جمهور الا بامتلاك قوة وسلطة ، والانبياء الذين استطاعوا التغيير والاستمرار كانوا مدعومين من الله سبحانه.
من المستحيل ان نجعل الجمهور يفكر، لان هناك سؤال بسيط استطيع ان اطرحه واقول: من هو الجمهور؟ فان كنا لانستطيع تحديد او تعريف الجمهور عندها يصبح تغييره، او الاعتماد عليه في التغيير الذي نشاء امر غير وارد.
صدقت وجب على الجمهور السني تغيير أفكاره للعمل على خلاص
أنفسهم وجيالهم القادمه بهوية سنية تميزهم وإقليم يحفظهم
ليحكمو أنفسهم بأنفسهم ونجد هذآ الكلام في(( القرآن الكريم ))
قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94)
هذا يدل على وعي الجمهور وحذره من عدوه
مقاله رائعه جدا
شكر الله سعيكم
هذا مقال الحاظر للملمت المجتمع السني .
دقيق المعنى يدل على وعي وحنكت الكاتب
وهذا ماسندعوا إليه.
موفقين على البيان المختصر النفيس
مقالة تحرك الوجدان والضمير ماجرى الأهل السنة من ضياع وأنقسامات فكرية خارج القرآن والسنة والواقع التي أظلة الطريق الواضح وابتعدة كل البعد عن جادة الصواب والحل واضح أن يحكمون أهل السنة أنفسهم بأنفسهم بإقليم ينجيهم من خبث التشيع وهذه الثقافة تقع على عاتق أهل السنة الربانيين أصحاب القضية لتنجي نفسك أولاًأ ثم الآخرين لتغيير المجتمع السني يؤمن بمشروع رباني نحو الهدف السامي والهداية والتوفيق من الله
وجزاك الله خير أستاذحسنيين الأموي
بسم الله الرحمن الرحيم
جزى الله الاستاذ الأموي خيرا
نبهت المقالة الى أمور عديدة في الثقافة السائدة القاعدة التي تنتظر من يخلصها، ورافقت المقالة استدلالات قرآنية مناسبة