بحوث ودراسات

الموالي شق خطير في جدار السنة

 

د. طه حامد الدليمي

 

من الثغرات التي لم تسد حتى الآن بقواعد تناسبها.. الموالي والدور الخطير للكثيرين منهم في وضع الأحاديث وتحريفها.. والتواريخ وتزييفها.. والتفاسير وتخليقها!

وجدت كثيراً من الأحاديث والأخبار المشكلة إنما عبَرت إلى كتبنا عن طريق الموالي! ولك أن تتخيل ما جرى على أيديهم إذا قارنت بينهم وبين الشيعة واطمئنان كثير من المحدثين لمن يسمونهم صادقين منهم.

خذ مثلاً هذه الرواية، التي في سندها أكثر من مولى مثل العوام بن حوشب وسعيد بن جبير وكيف حصل التصرف باسم الشخص الذي وردت فيه، فرُفع اسم ووضع مكانه اسم آخر.

قال الذهبي: قال الزهري: أخبرني حمزة بن عبد الله بن عمر قال: أقبل علينا ابن عمر فقال: ما وجدت في نفسي من أمر هذه الأمة ما وجدت في نفسي من أن أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله. فقلنا له: ومن ترى هذه الفئة الباغية؟ قال: ابن الزبير بغى على هؤلاء القوم، فأخرجهم من ديارهم ونكث عهدهم([1]).

وقال الذهبي في السياق نفسه مباشرة: العوام بن حوشب، عن عياش العامري، عن سعيد بن جبير قال: لما احتُضر ابن عمر قال: ما آسى على شيء من الدنيا إلا على ثلاث: ظمأ الهواجر، ومكابدة الليل، وأني لم أقاتل هذه الفئة الباغية التي نزلت بنا، يعني الحجاج. قلت (أي الذهبي): هذا ظن من بعض الرواة، وإلا فهو قد قال: الفئة الباغية ابن الزبير كما تقدم، والله أعلم.إ.هـ.

أرأيت كيف يكون التصرف، وكيف يحدث التحريف!

ابن عمر يصرح بأن الفئة الباغية هي فئة ابن الزبير t، بينما رواها ابن جبير منسوبة إلى الحجّاج، ونحن نعرف الخصومة بين ابن جبير والحجاج فهل التصرف جاء من قِبله؟ أم وصل إليه ممن كان قَبله؟ وقد دلت الأحداث على أن ابن جبير ممن يرى رأي الخوارج ويدعو للخروج إلى الحاكم، رغم إحسانه إليه، ومخالفة الخروج للشرع ولأصول السياسة الشرعية والعلمانية.

لا يهم كل ذلك في النتيجة المطلوبة؛ فلقد حصل المقصود وتم المراد. وتلوثت الثقافة. ورُفع اسم ابن الزبير وحل الحجاج محله.

تخيل..!

لقد كان لدى معظم أسلافنا استعداد للجمع بين الشيعي والصدق، ورثته الأجيال فصار قاعدة تسير تحت قيدها لا يستطيعون انفكاكاً عنها. فالأمر مع المولى أشد وأنكى.

ولست أعمم ولكن أدعو إلى إعادة النظر في أحاديث الموالي المشكلة، لوضع قاعدة مناسبة تعالج هذه الثغرة. مثل رد أحاديثهم التي تلوح من خلالها آثار تشيع، أو إساءة إلى الأمويين، أو تمجيد للفرس، وما شابه ذلك.

أستطيع أن أحصر ضرورة اتباع منهجية التشدد مع الموالي على الأحاديث المشكلة.

لكن… الإشكال لا ينحصر فيما تعلق منها بالبدع فحسب، إنما يتعدى إلى مجالات أُخرى كثير منها أخطر – في أثرها الاجتماعي – من البدع. مثل مجالات السياسة والقومية والاجتماع واللغة والأدب والتاريخ، وكل ما يتعلق بالثقافة ومكونات الحضارة.

إنّ ترك المحدثين رواية المبتدع فيما فيه نصرة لبدعته ليس علته البدعة نفسها، إنما الأصل الذي تنبثق عنه البدعة، ويكون مادة أساسية لانبثاق كل مشكلة، ألا وهو الهوى. فكل ما اشترك في هذه العلة من أفكار وعقائد وأخبار وتقريرات، وانبثق عنها ينطبق عليه الحكم نفسه الذي نحكم به على البدعة. لكن غلبة العقل الفقهي على العقل الشمولي جعل نظرة عموم المحدثين والفقهاء قاصرة على ما يناسب العقل الفقهي. أي البدعة؛ لأنها الشعيرة المناقضة لشعيرة العبادة. تاركين بقية الأمور التي تخلو منها عقلية معظم المشتغلين بموضوعات الدين والتاريخ.

والتحريف الذي أصاب التاريخ والثقافة كبير جداً، وأرى أن للموالي منه نصيب الأسد. والأمر يستحق البحث والتحقيق للوصول إلى الحقيقة الناصعة.

الموالي بين الإسلام ديناً ، والفارسية شخصيةً وثقافة .. الأعمش مثالاً

يشهد التاريخ والواقع على أن أشد الشعوب استعصاء على التغيير هم الفرس. وأن الفرس لديهم قابلية لا تبارى في تطويع كل دين أو فكر (دخيل) عليهم إلى ما يتوافق وعناصر وميول الشخصية الأصلية التي هم عليها.

ولنقف – مثالاً على ما أقول – عند شخصية مولى معروف بالتوثيق لدى أهل الحديث، هو الأعمش سليمان بن مهران الديلمي (61هـ – 148هـ)! وقد نصص في مولده – على غير المألوف – باليوم والشهر، وهو (10 محرم)!

قال عنه الذهبي (السير:6/226-249): الإمام، شيخ الإسلام، شيخ المقرئين والمحدثين، أبومحمد الأسدي، الكاهلي مولاهم، الكوفي، الحافظ. أصله: من نواحي الري. وقال أيضاً: كان أبوه من سبي الديلم. وارجع في فارسية أصله إلى (تهذيب الكمال:12/87) أيضاً.

وحكى عن ألقابه ما هو أعظم، ومن سيرته علماً وزهداً ومآثر ما يجعل كل قارئ يسلم له – بعد ذلك – بكل ما يقال عنه من ذلك وغيره دون نقاش. والذهبي يذكرني – في توزيع فاخم الألقاب على المشاهير – برجل مختص بالأنساب يخرج على التلفاز، يحفظ (كليشة) ثناء ما سئل عن عشيرة أو شخص إلا وأضفاها عليه!

وجاء بين ثنايا ذلك الثناء الباذخ أن الرجل مع إمامته كان مدلساً. وذكر عن أحمد بن عبد الله العجلي قوله بعد ثنائه عليه: وكان عسراً، سيئ الخلق، وفيه تشيع. وقول أحمد بن حنبل: منصور أثبت أهل الكوفة، ففي حديث الأعمش اضطراب كثير!

 

الأعمش ترك الرواية عن صحابي جليل لكونه صار والياً للحجّاج ..!

هل يشير هذا لديك إلى شيء؟

ذكر الذهبي عدة أحاديث، بعضها مشكل المتن، يرويها الأعمش. لكن الذي لفت نظري تلك الرواية التي فيها أنه لقي أنساً t فلم يأخذ الحديث عنه حتى مات. والسبب ما رواه الذهبي بسنده عن عيسى بن يونس، سمعت الأعمش يقول: كان أنس بن مالك يمر بي طرفي النهار، فأقول: لا أسمع منك حديثاً، خدمتَ رسول الله t ثم جئت إلى الحجاج حتى ولاك؟ ثم ندمت، فصرت أروي عن رجل عنه.

لا أستبعد أن يقول أحدهم: لكنه ندم وصار يروي عنه بعد وفاته. وأقول: ليس هذا ما ينبغي أن نقف عنده، إنما السر الذي جعل الأعمش ينفر من الحجاج إلى حد أنه يعترض على صحابي جليل تربى في بيت النبي e وهو غلام عشر سنين، بل ويرفض الرواية عنه ويستنقص منه بسبب قبوله أن يكون والياً من قِبل الحجاج! وقد جعل من ذلك تهمة يستحق لأجلها ترك الحديث عنه!

إن هذا يكشف عن دور الموالي – حتى الموثقين منهم – في تشويه صورة أمراء الإسلام وفي مقدمتهم الحجاج بن يوسف الثقفي رحمه الله.

ونحن إنما نأخذ أصول الخلق والسلوك وضوابط العمل السياسي من صحابي عربي لا من مولى فارسي جاء إلى الحياة بعد وفاة النبي e بعقود، وشهد تقلبات الحياة بقومه، ومر عليه ما مر عليهم من سبي ومعاناة وتنقل من مكان إلى مكان، وغير ذلك من وجوه العناء التي تترك أخاديدها عميقة في نفوس الموالي: من عانى منهم حقيقة، ومن تلقى أخبار العناء عن أهله وأسلافه ممزوجة بالتمظلم والشكوى والزيادات التي اشتهر بها العجم.

هذا ما ينبغي الوقوف عنده. لكن – لَلأسفِ – هذا الأمر لا يتوقف عنده المحدثون ولا الفقهاء. وإن فعلوا فلصالح الأعمش ضد الحجاج. بينما العكس ينبغي أن يكون!

 

الأصل الفارسي وانعكاس أثره على شخصية الأعمش الحديثية

كما لم يقفوا عند أصله وهو الديلم، والديلم هو الجذم القومي للفرس. ولم ينظروا اإلى أثر هذا الأصل في نفس الأعمش وانعكاسه على شخصيته من حيث كونه راوياً للحديث، التي أفصحت لنا عن شيئين:

أ. اشتهار الأعمش بالتدليس الشديد (تدليس التسوية) في الرواية. وهو تعبير أو انعكاس لا واعي عن سجية الكذب في الشخصية الفارسية. لكن على لون يمكن أن يمرره الشخص مخادعاً نفسه بحيلة شرعية تبريرية، هي أنه لا ينقل عن الراوي الثقة الذي لم يسمعه بلفظ (حدثنا) وما يقوم مقامه من الألفاظ تجنباً للوقوع بالكذب الصريح، وأما غير الثقات فيحذفهم من السند، ويعبر عن الأخذ عنه بلفظ: (عن) وما شابهه من الألفاظ الموهمة. هذا إن أحسنا الظن فيه.

قال صلاح الدين العلائي (جامع التحصيل في أحكام المراسيل:1/100): قال أبو معاوية: كنت أحدث الأعمش عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد، فيجيء أصحاب الحديث بالعشي فيقولون: حدثنا الأعمش عن مجاهد بتلك الأحاديث. فأقول: أنا حدثته عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد والأعمش قد سمع من مجاهد ثم يراه يدلس عن ثلاثة عنه وأحدهم متروك وهو الحسن بن عمارة!

قال د. بشار (حاشية تهذيب الكمال:12/92): قال الذهبي في “الميزان”: أحد الأئمة الثقات ما نقموا عليه إلا التدليس. وقال أيضاً: وهو يدلس، وربما دلس عن ضعيف ولا يدري به، فمتى قال: “حَدثَنا” فلا كلام، ومتى قال:”عن”، تطرق إليه احتمال التدليس إلا في شيوخ له أكثر عنهم كإبراهيم وابن أَبي وائل وأبي صالح السمان، فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال (2/الترجمة 3517). وقَال ابن حجر: ثقة حافظ عارف بالقراءة ورع، لكنه يدلس.

ب. انعكاس هذه الخصلة لصالح التشيع. والتشيع فارسي قلباً وقالباً.

نعم نظر المحدثون إلى ما في الأعمش من تشيع، لكن من زاوية واحدة هي تلك التي لها تعلق بالأحكام الفقهية.

الأمة مهووسة بالفقه الفروعي حد التخمة! بحيث لم يعد في نظرها من هو عالم سوى عالم الفروع، وعالم الحديث.

لقد أُغفل البعد النفسي: الفردي والجمعي، والبعد السياسي؛ فلم يلاحظوا أثر الجانب القومي في تلوين التركيب النفسي وميول الإنسان، متصورين أن صدق التدين يقضي على الفروق النفسية المرتبطة بالاختلاف القومي. ومن عرف محركات الإنسان ودوافعه الذاتية والخارجية وتشابكها، يدرك أن صدق التدين عامل واحد من عوامل المعادلة، يبقى – على أهميته – قاصراً عن إحداث النتيجة الموضوعية المنشودة عند الشخص تجاه كثير من الأحداث والأحوال والمواقف، إلا عند طراز خاص من البشر.

وعلى هذا الأساس لا يكفي البعد الديني وحده في تقييم الشخص لا سيما أولئك الذين ينحدرون من قوميات وديانات ينبغي الحذر من أهلها خصوصاً الفرس.

التعامل بحذر هو الواجب مع مرويات الموالي؛ فكثير من الروايات المريبة لاحظت أنها تأتي عن طريقهم! وهذا معيار غائب عن أذهان المحدثين والفقهاء والمؤرخين. من الغفلة المعيبة أن نمنح الموالي صك العصمة من الاندفاع غير الواعي وراء دوافع نفسية خفية جمعية. ينبغي أن نضعها في معادلة التقويم عند مواطن الاشتباه. خصوصاً عند الأحاديث المشكلة، والتي تؤشر إلى خبايا، قد يكون المولى لا يدركها بعقله الواعي.

لكن لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في الأعمش قولاً  آخر أعمق مما قاله الذين ذكرتهم من المحدثين آنفاً. يقول الجاحظ: كان رافضياً. وهو مضعَّف عند أهل الحجاز([2]). وإني لأؤيده فيما قال؛ فالأمر – كما يبدو – أعمق من رواسب نفسية في شخصية فارسية. وقال الجاحظ عن الأعمش: (وهو ظنين في علي): أي لا يُطمَأن إلى ما يقوله في علي. وعلي هو الثغرة التي ينفذون منها إلى أغراضهم، والستر الذي يسدلونه على نقائضهم. وأشار الخطيب البغدادي إشارة سريعة ناقلاً عن غيره أن الأعمش شيعي([3]). وهو ما ذكره الذهبي عنه في عبارة قصيرة غاصت وسط محيط الثناء الباذخ عليه.

وفي هذا إشارة إلى العقل الفقهي المحدود لمعظم المشتغلين بالفقه والحديث، وأن الأديب قد يكون أوسع أفقاً وأعمق وعياً منهم.

أرأيتم كيف يلتقي علم الاجتماع بعلم الحديث! وأهمية الوعي في مجال العلم. العلم وحده لا يكفي دون وعي.

أنا أعلم أن هناك من سيقول: ومن الجاحظ أمام علماء الحديث كالذهبي وأمثاله؟! بل يقول: إن الجاحظ ليس من أهل الصنعة. وأقول: وما المانع أن يكون الجاحظ – وهو من هو في اعتزازه بالعروبة وحملته على شعوبية زمانه، وعلمه باللغة وآداب العرب – أدق في معلوماته عن الأعمش مما قاله أهل الحديث؟ بل لا أجد فرقاً بين قوله وقولهم إلا في درجة النقد. لقد قال المحدثون بشيعية الأعمش، واتفقوا على تدليس ذلك النوع الشنيع من التدليس (تدليس التسوية). وقال الجاحظ: كان الأعمش رافضياً.

ثم أقول: آثارهم تفضح أخبارهم. يكفي بعض أحاديث الأعمش – حديث (القارورة) مثلاً – شهادة عليه بالرفض.

لكن اصبروا فللحديث بقية عجيبة كنت قد كتبتها ونشرتها في مقال قبل أكثر من سنتين ونصف، لكنني نسيتها. وعثرت على المقال بعد كتابتي السطور السابقة. لقد كان الجاحظ أدق في وصف الأعمش بالرفض ممن اكتفى فوصفه بالتشيع. فما هي تلك البقية المنسية([4])؟ اقرأ ما يلي.

 

سليمان بن مهران الأعمش .. هل هو رافضي سبإي ، من رجال الشيعة ؟!

قال د. بشار (حاشية تهذيب الكمال:12/92): قال أبو محمد البندار: ويبحث في أمر تشيعه فقد وثقه الشيعة ورووا عنه. وقال أيضاً: (حاشية تهذيب الكمال:12/90-91): قَال يزيد بن زريع: حدثنا شعبة، عن سليمان الأعمش: وكان والله خربياً سبئياً. والله لولا أن شعبة حدث عنه ما رويت عنه حديثًا أبداً (العلل لأحمد: 1/366). قلت (القول لبشار): يريد لما هو عليه من التشيع، وهو فيه؛ لما نعرفه من توثيق كتب الشيعة له وعَدِّهم إياه من خواص أصحاب جعفر بن محمد المعروف بالصادق (انظر تفاصيل ذلك في معجم رجال الحديث للخوئي: 8/ الترجمة 5509). إ.هــ. قول بشار.

ومن تتبع أحاديث الأعمش أدرك السر. ومن أحاديثه ما رواه الحاكم في (المستدرك) قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن عبد الرحيم الهروي، بالرملة، ثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله e: (أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب). قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأبو الصلت ثقة مأمون. فإني سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب في التاريخ يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سألت يحيى بن معين، عن أبي الصلت الهروي، فقال: ثقة. فقلت: أليس قد حدث عن أبي معاوية، عن الأعمش: (أنا مدينة العلم)؟ فقال: قد حدث به محمد بن جعفر الفيدي وهو ثقة مأمون.

وعلق الذهبي على الحديث فقال: موضوع.

 

هل كون الرجل مولى للنبي e يمنحه التوثيق مطلقاً

ولنا أن نسأل أيضاً: هل مجرد كون الرجل مولى للنبي e يمنحه الثقة وإن كان في التعريف به إبهام، وتحوم حوله شبهات؟

لقد روى البخاري في (الصحيح) بسنده عن عبد الله بن عمرو قال: كان على ثقل النبي e رجل يقال له كركرة، فمات فقال رسول الله e: (هو في النار)، فذهبوا ينظرون إليه، فوجدوا عباءة قد غلها.

قال عنه ابن حجر: مولى رسول اللَّه e. كان نوبيّا أهداه له هَوذة بن علي الحنفي اليمامي فأعتقه. ذكر ذلك أبو سعيد النّيسابوريّ في (شرف المصطفى). وقال ابن منده: له صحبة، ولا تعرف له رواية. وقال الواقديّ: كان يمسك دابة النبي e عند القتال يوم خيبر.

وأخرج البخاريّ من حديث عبد الله بن عمرو أيضاً، قال: كان على ثقل رسول اللَّه e رجل يقال له كركرة فمات، فذكر الحديث في الترهيب من الغلول([5]).

وذكر ابن حجر مولى آخر للنبي e اسمه مِدْعَمٌ وأنه غير كركرة؛ فإن كركرة أهداه إليه هَوذة بن علي، ومدعم أهداه إليه رفاعة بن زيد الضبي، وقد غلّ شملة جاءه سهم عائر فقتله وهم بوادي القرى، بينما قتل كركرة في خيبر([6]). وراه مسلم في (الصحيح) دون ذكر اسمه، وذكر اسم من أهداه وأنه رفاعة بن زيد وأنه من بني ضبيب.

فهذان من موالي النبي e، وقد غلا، والغلول أخو السرقة. فكيف بسواهما من الموالي؟!

ومن كان على معرفة بالنفس والاجتماع يدرك أن الدين لا يستقر عادةً في النفس مرة أو دفعة واحدة، إلا ما ندر. وإنما هو كالبناء سافاً سافاً، وله – قبل ذلك – أساس. وهذان الرجلان لم يمنعهما إسلامهما وكونهما موليين للنبي e من الغلول. ومن ذلك الطبائع والأخلاق والسلوكيات والعادات التي دخل بها الإسلام، لا سيما إذا كانت طبائع شعوب؛ فهذه لا تزول ولا آثارها سريعاً، وإنما تستغرق زمناً عادة ما يكون طويلاً. هذا مع صلاح النية وصدق العزيمة.

 

شخصية المولى

اشترط أهل الحديث لقبول رواية المبتدع الصدوق أن لا يكون ما يرويه مما يتعلق ببدعته. والسر في ذلك هو حذرهم من غلبة الميل الطبعي فيروي الصدوق ما يمليه عليه ميله.

لكن ميل الإنسان غير مختص بالبدعة، بل بأمور أُخرى منها القوم والعشيرة والحزب والبلد. وهو من أشد أنواع الميل، وقد يفوق الميل إلى المذهب. لكن هذا الأمر الخطير الذي يتعلق بتشويه ثقافة الجمهور وتضعيفه المناعة المجتمعية ضد الشيعة، لم يلتفت إليه المحدثون، ولم يعيروا له أدنى أهمية؛ ربما لأن كثيراً منهم موالي. وتبعهم العرب لطيبتهم، ولحملهم الأمر على مطلق قوله تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13) دون تمحيص أو تنزيل على الواقع طبقاً للضوابط.

لقد أُهمل البعد النفسي: الفردي والجمعي، وأثره على رواية المولى الفارسي، التي تتناغم مع ميله الطبعي تجاه قومه أو عنصره، فلم يلاحظوا أثر هذا البعد العنصري في نسيج التركيبة النفسية للمرء، تأسيساً على أن صدق التدين يقضي على الفروق النفسية المرتبطة بالاختلاف العنصري. مع أنهم تنبهوا إلى أن صدق التدين لا يكفي في قبول روايات المبتدع الصادق التي تؤيد بدعته. ومن عرف محركات الإنسان ودوافعه الذاتية والخارجية وتشابكها وتعقدها، يدرك أن صدق التدين عامل واحد من عوامل المعادلة، يبقى – على أهميته – قاصراً عن إحداث النتيجة الموضوعية المنشودة في كثير من الأحيان والأحوال والمواقف، إلا عند طراز خاص من البشر.

حوادث أليمة في ذاكرة الفارسي تعزز النسيج الأصلي للشخصية

إن الفارسي أشد تعلقاً وتعصباً لعنصره الفارسي من جميع البشر على اختلاف قومياتهم. والفرس ذوو عنجهية وكبرياء عرفوا بها، وتعالٍ على الأمم لاسيما العرب. لهذا كانت القومية الفارسية هي القومية الوحيدة التي أنتجت ديناً جديداً يتلاءم مع طبيعتها هو التشيع.

مع هذه العنصرية الفائقة، صاحب دخولهم في الإسلام ذكريات أليمة عميقة الغور في النفس والعقل؛ فقد أزال الإسلام دولتهم وحطم رموز أمجادهم. وسبى نساءهم وذراريهم، وغنم أموالهم، وتحول كثير منهم من سادة وملوك إلى عبيد وموالي. وهذه الجراحات والندوب والرواسب النفسية والعقلية: الجمعية والفردية حتى مع الصدق في النية لا تزول آثارها إلا بعد آماد ومُدد. وكثير من هؤلاء وجدوا في طلب العلم متنفساً لهم، وسلماً يمثل فرصة للترقي الاجتماعي. هذا عدا من طلب العلم لتخريبه من داخله.

ضع أمامك هذه الصورة، وتخيل نفسك مكان هذه الشخصية لتتحسس ما أرمي إليه على حقيقته، تجد أن ميل الفارسي إلى كره العرب وحكامهم شيء يتفق مع ميله الطبعي. وأما أنا فوجدت من خلال تجربتي وخبرتي أن كثيراً من الأحاديث المشكلة في سندها مولى أو أكثر.

إن هذا يستدعي وضع قاعدة حديثية تنص على (التوقف في رواية المولى الفارسي الموثق ما يؤيد فارسيته، مثل مدح الفرس، ومثل ما يسيء إلى خلفاء العرب وسيرتهم ونظام حكمهم). وذلك على غرار قاعدة التوقف في رواية المبتدع الموثق ما يؤيد بدعته من باب أولى أو مساوٍ له. وليس هذا من باب الطعن في صدق الراوي، كما أن التوقف في قبول رواية المبتدع إذا روى ما يوافق بدعته لا يستلزم تكذيبه.

سأكتفي عن ضرب الأمثلة بما أسلفت منها، وأترك البقية إلى مواضعها المناسبة، بعد أن أذكر بعض المؤثرات والمحركات النفسية، التي تشكل الشخصية الجمعية للموالي، خصوصاً الفرس، ويفترقون بها كثيراً عن العرب. وتؤلف دوافع، أقل ما يقال عنها أنها تغور عميقاً في اللاوعي الفردي والجمعي، وإلا فأنا على قناعة أن كثيراً من الموالي لا يتصرفون بناء على دوافع اللاوعي فحسب، وإنما الدوافع الواعية حاضرة في تصرفهم، وعن سبق إصرار. والأهم من ذلك أن الضرر حاصل من الفريقين، والواجب أن نكون على حذر منهما جميعاً، وإن اختلفت درجات الحذر ونوعه؛ وذلك حفظاً للثقافة، والدين أيضاً. بل الحذر من الفريق الأول ينبغي أن يكون أشد؛ لأن صدق إسلامهم يضعف الانتباه إلى أخطائهم أكثر ممن دخلوا في الإسلام نفاقاً.

اللافت للنظر أن معظم علماء الحديث لا يلتفتون – عند مناقشة المتن – إلى الدوافع والميول النفسية والسياسية لدى الراوي. ومعظم المشتغلين بالحديث من المتأخرين استغرقهم النظر في السند، وغفلوا عن العلل الخفية في المتن، أو اقتصروا على تقليد الأقدمين ولم يضيفوا إلهم شيئاً، ولو تفريعاً على ما أصلوه. مجمل القول أن أهم ما يشغلهم النظر في السند، ومن نظر في المتن اقتصر على بعض العلل وتوقف عندها.

لا أعمم ولا أطعن فيمن دلت سيرته على صدق التدين. إنما أقول: ينبغي أن لا نمنح ما يقوله الثقة صك العصمة من الاندفاع غير الواعي وراء دوافع نفسية خفية جمعية ينبغي أن نضعها في معادلة التقويم عند مواطن الاشتباه. علينا أن نلتفت إلى هذه الملاحظ عند المواطن والأحاديث المشكلة، التي تؤسس لمفاهيم تبنى عليها أمور كبيرة، مثل أصول السياسة، وشكل النظام السياسي؛ فإنه إذا تراوح بين الوجوب والحرمة صار من الأصول، والأصول لا تقوم على مثل هذه الأسس الواهية.

وسيأتيك – إن شاء الله- ما يثبت من ذلك من الأدلة والشواهد في موضعها.

 

لغة المولى

ما يعنينا من لغة المولى هو ما يرويه مما فيه إشكال شرعي أو لغوي لا يتفق ولغة العرب. فهذا نرده كما نرد ما يرويه العربي إذا ارتكب المخالفة نفسها. ويكون ما رواه إنما رواه بالمعنى، ومعلول المتن، وإن جاء صحيح السند. لكن أفردنا المولى لأنه يقع منه أكثر مما يقع من العربي تبعاً طبيعة الأمر.

لقد ذكر اللغويون أسباباً لعدم أو قلة اعتمادهم على الحديث في اللغة، كان منها رواية كثير من الحديث عن طريق الموالي، والمولى لا يؤمن عليه الخطأ في نقل نص اللفظ الذي عليه مدار البحث في اللغة؛ وذلك لضعف لغة المولي. والأمر نفسه ينسحب على ما تعلق من ذلك بالأحكام والثقافة. ونحن لا نقول برفض كل ما يرويه المولى من ذلك، إنما نخص الأمر بما أشكل منه.

وخذ المثالين التاليين شاهداً لهذا الموضوع الخطير.

 

المثال الأول : تفسير سعيد بن جبير لمعنى (الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)

روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه سئل عن قوله: (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (الشورى:23). فقال سعيد بن جبير: قربى آل محمد e. فقال ابن عباس: عجلت إن النبي e لم يكن بطن من قريش، إلا كان له فيهم قرابة، فقال: (إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة). ورواه أحمد بلفظ (إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم).

وهذا بسبب عجمة في لغة المولى الإفريقي ابن جبير، وافقت هوى شيعي فيه (خفي بالنسبة لنا، أو ربما له أيضاً). والأدلة على بطلان هذه المجازفة اللغوية عديدة، أكتفي منها بواحد.

إن كلمة (القربى) في لغة العرب معنى ذهني، هو القرب في النسب، وليست ذاتاً أو شخصاً. مثلها كمثل كلمة الشجاعة والعلم. فالشجاعة معنى ذهني، وكذلك العلم. ولا تتحول دلالتها إلى شاخص خارج الذهن إلا بإحدى طريقتين: أن تضاف إلى كلمة (ذو) فيقال: ذو قربى وذو شجاعة وذو علم. أو يتغير بناؤها الصرفي فيقال: قريب أو أقارب، وشجاع وشجعان وعالم وعلماء. وإلا بقيت معان ذهنية لا علاقة لها بالتعبير عن الأشخاص أو الذوات.

جاء (في مختار الصحاح) للرازي: (القرابة) و(القربى): القرب في الرحم وهو في الأصل مصدر تقول: بينهما (قرابة) و(قرب) و(قربى) و(مقربة).. وهو قريبي وذو (قرابتي) وهم (أقربائي) و(أقاربي). والعامة تقول: هو قرابتي وهم قراباتي أ.هـ.

فلو أراد الله تعالى ما ذهب إليه سعيد بن جبير لقال سبحانه: (إِلا الْمَوَدَّةَ فِي ذوي الْقُرْبَى)، وليس (فِي الْقُرْبَى) مجردة. كما جاء ذلك في مواضع عديدة من القرآن الكريم كقوله تعالى: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسانًا وَذِي الْقُرْبَى) (البقرة:83)، ولم يقل: (والقربى). وقال: (وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى) (البقرة:177)، ولم يقل: القربى. وقال: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) (الإسراء:26). ولم يقل: (القربى). وقد تضاف الكلمة إلى كلمة (أولوا) بدل (ذوو) و(ذو). كما في قوله تعالى: (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى) (النساء:8)، ولم يقل: (القربى).

إذن لو أراد الله تعالى أقارب النبي r لقال: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في ذوي القربى). لكنه لم يقل ذلك وإنما قال: (إلا المودة في القربى)؛ فبطل الاحتجاج بالآية لبطلان أساسها وسندها اللغوي. ولا بناء بلا أساس. وهذا ما جهله ابن جبير لعجمته.

على أن للآية معنى آخر مذكوراً في قوله تعالى: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا). فالقربى هي القربى من الله تعالى باتخاذ السبيل المقرب إليه.

 

المثال الثاني : نافع مولى ابن عمر وموقفه من آية (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)

روى البخاري عن نافع أن ابن عمر يجيز إتيان المرأة من غير المحل الحلال. وذلك في باب (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم) (البقرة:223) الآية. قال: حدثنا إسحاق أخبرنا النضر بن شميل أخبرنا ابن عون عن نافع قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما: إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه فأخذت عليه يوماً، فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان، قال: تدري فيم أنزلت؟ قلت: لا، قال: أنزلت في كذا وكذا، ثم مضى.

وعن عبد الصمد، حدثني أبي، حدثني أيوب، عن نافع، عن ابن عمر (فأتوا حرثكم أنى شئتم) (البقرة:223). قال: يأتيها في. رواه محمد بن يحيى بن سعيد عن أبيه عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.

حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن ابن المنكدر، سمعت جابراً t قال: كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) (البقرة:223). إ.هـ ما رواه الإمام البخاري رحمه الله.

وما كناه البخاري ولم يصرح به، جاء مصرحاً في مصادر أُخرى. فقد روى الطبراني في (المعجم الأوسط) عن نافع عن ابن عمر قال: حدثنا علي بن سعيد الرازي قال: نا محمد بن أبي عتاب أبو بكر الأعين قال: نا محمد بن يحيى بن سعيد القطان قال: نا أبي عن عبيد الله بن عمر عن نافع  عن ابن عمر قال: إنما نزلت على رسول الله e (نساؤكم حرث لكم) (البقرة:223) رخصة في إتيان الدبر)([7]).

ورواه الدارقطني من طريق زكريا الساجي عن محمد بن الحارث المدني عن أبي مصعب عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال: “أمسك عليَّ المصحف يا نافع”، فقرأ حتى أتى على (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم)، قال لي: “تدري يا نافع فيم نزلت هذه الآية”؟ قال: قلت: لا. قال: “نزلت في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها فأعظم الناس ذلك فأنزل الله تعالى: (نساؤكم حرث لكم) الآية”. قلت له: من دبرها في قبلها؟ قال: “لا إلا في دبرها”([8]).

وما رواه البخاري عن نافع، صحيح السند لكنه منكر المتن؛ لذا جاء البخاري بالرواية الثالثة دلالة على تضعيفه لرواية نافع عن ابن عمر، وأخذه برواية جابر. وإيراد الدارقطني للرواية في (الغرائب) دليل على ضعفها عنده. وإنما أُتي نافع من قبل فهمه لقول ابن عمر (لا، إلا في دبرها) على أنه تأكيد لفهمه الذي عبّر عنه بقوله مستفهماً: (من دبرها في قبلها؟)، وإنما أراد ابن عمر نفي فهمه لا تأكيده فقال: (لا) ثم أتبعه بما يؤكد النفي وهو استثناء الفهم المتوهم. لكن نافع فهم العكس. لماذا؟

إن أنسب مخرج يمكن أن يحسب لصالح نافع هو القول بوهمه، الذي تسلل إليه من قبل عجمته. قال ابن حجر العسقلاني: روى الثقات عن سالم بن عبد الله بن عمر أنه قال؛ إذ قيل له إن نافعاً مولى بن عمر حدث عن ابن عمر في مسألة الإتيان في المحل المكروه: كذب العبد على أبي([9]).

 

خاتمة الأمثلة .. سفينة

ما يأتي مثال تطبيقي آخر لنقد مرويات الموالي كما ينبغي أن يكون النقد طبقاً للمعايير العلمية المحكمة – كما أراها – دون إغفال المعايير الموروثة. محاولين تطويرها وتلافي النقص التي ظلت تعاني منه طوال القرون السالفة.

سفينة مولى فارسي. يزعم أن أم سلمة أعتقته وأهدته للنبي e واشترطت عليه خدمته. روى أبو داود في (السنن) عن سعيد بن جمهان عن سفينة، قال: كنت مملوكاً لأم سلمة، فقالت: أعتقك وأشترط عليك أن تخدم رسول الله e ما عشت. فقلت: إن لم تشترطي علي ما فارقت رسول الله e ما عشت، فاعتقتني واشترطت علي. ورواه ابن ماجة عن سعيد بن جمهان عن سفينة.

وهذا الزعم مشكوك فيه؛ فهو يقول في رواية أُخرى إنه صحب النبي e عشر سنين، مع أن أم سلمة تزوجت النبي e في السنة الرابعة للهجرة! فمتى أهدته إليه: قبل الزواج أم بعده؟ أم إن سفينة لا يحسن التاريخ؟

لكن لي أن أسأل عن المدة التي قضاها في صحبة النبي e إن صح ما روي عنه من ذلك: هل هي كافية لإتقان لغة العرب؟ وفي كل الأحوال فإنه ليس بمنزلة نافع ولا ابن جبير، ومع ذلك وجدناهما يتوهمان أموراً ليست صحيحة بسبب عجمتهما.

ليس من المقبول أن نعتمد على مثل سفينة في رواية نص بلفظ مشكل المعنى، غير معهود من لغة القرآن، بل مخالف لها، ولا لغة النبي e. وأقصد بذلك حديث (الخلافة ثلاثون سنة). وعلى فرض صحة السند وصولاً إليه فإن متنه مروي بمعنىً يخالف لغة العرب؛ فلا حجة فيما يرويه في هذا الموضوع المشكل الخطير.

ومما يثير الريبة في سفينة أمور، منها:

 

لا يعرف لسفينة اسم

إن اسم (سفينة) هو لقبهذا الإنسان المجهول الاسم وليس اسماً له!

وتأمل تهرب سفين عن الجواب في كل مرة يُسأل عن اسمه، مصراً على عدم ذكره؛ مكتفياً باللقب على أساس أن النبي e لقبه به في قصة لا يمكن تفسيرها إلا بحملها على باب المعجزة أو الخرافة. وتكرر من سفينة إيراد قصة أو أكثر من هذا النوع. وهو ما يشير إلى العقلية الخرافية التي تطبع الشخصية الفارسية، وميلها إلى الخوارق والتهاويل في إثبات ما تريد الوصول إليه. وأنا لا أنفي الكرامة إن جاءت بطريق معتبر، ولكنني أورد هذا من باب الإشارة إلى مكونات الشخصية وجذورها وأخذ صورة متكاملة قدر الإمكان عن الموضوع، لا اعتماد هذه الإشارة وحدها في الحكم على الشخص.

وانظر إلى هذه (التشكيلة) من الأسماء التي ألحقت بسفينة!

جاء في التعريف به في (أسد الغابة) لابن الأثير: سفينة مولى رَسُول اللَّهِ e، وقيل: مولى أم سلمة زوج النَّبِيّ e وهي أعتقته. واختلف في اسمه، فقيل: مهران، وقيل: رومان، وقيل: عبس. كنيته أَبُو عبد الرحمن، وقيل: أَبُو البختري، والأول أكثر. روى عنه حشرج بْن نباتة، وسعيد بْن جهمان([10]). ولي أن أسأل هنا: لماذا لم تأت رواياته إلا عن موالي مثله: حشرج وجمهان؟! وكلاهما ضعيفان.

لقد اضطرب العلماء في تحديد اسم سفينة واختلفوا فيه إلى أكثر من عشرين قولاً. قال الشيخ شعيب الإرناؤوط: قال السندي: سفينة مولى رسول الله e، يكنى أبا عبد الرحمن، اختلف في اسمه إلى أحد وعشرين قولاً، وكان أصله من فارس، فاشترته أم سلمة، ثم أعتقته، واشترطت عليه أن يخدم النبي e([11]).

وقال ابن حجر: قيل: كان اسمه مهران. وقيل: طهمان، وقيل: مروان وقيل: نجران، وقيل: رومان، وقيل: ذكوان، وقيل: كيسان، وقيل سليمان، وقيل سنة – بالمهملة والنون وقيل: بالمعجمة – وقيل: أيمن، وقيل: مرقنة، وقيل أحمر، وقيل أحمد، وقيل رباح، وقيل مفلح، وقيل عمير، وقيل معتب، وقيل قيس، وقيل عبس، وقيل عيسى، فهذه واحد وعشرون قولاً([12]). ومما روي من أسمائه التي تستعصي على الحصر سقية بْن مافنة، وقيل: مارقة. وقيل: سنبه بن مرفنة أو بسبة بن مارقنة أو شنبة بن مارقة. هذا عدا الكنى والأسماء الأخرى!

فما هذا الذي له كل هذه الأسماء ولم يستطع ذوو الصنعة أن يستقروا على واحد منها علَماً عليه! وما هو السبب في تعدد أسماء هذا الرجل؟ أهو يسمي نفسه في كل مرة باسم؟ أم جاء الاضطراب من تفريط سواه بمعرفته؟!

من واقع الخبرة أقول: إن هذا يفعله من لديه نشاط سياسي أو أمني أو عسكري وما شابه ذلك بالضد من الدولة، ويريد التغطية بذلك خوفاً من انكشافه. وتتعدد الأسماء بتعدد المواقع والأزمنة والحالات والأنشطة، فمن لم يكن على اطلاع خاص به أشكل عليه أمره، واضطربت معرفته بشخصيته وهويته. وهو المطلوب من تعدد الأسماء والكنى.

انظر كيف كان الزنديق محمد بن سعيد الأسدي المصلوب، وسمي المصلوب لأن أبا جعفر المنصور صلبه على الزندقة: “كثير التغيير لاسمه، حتى قيل إنه غيّره نحو مئة مرة، منها: محمد الطبري، ومحمد الأردني، ومحمد بن سعيد السدي، وعبد الرحمن بن أبي شميلة، وابن أبي حسان، وابن الطبري، وابن أبي قيس، فعل ذلك لكي لا يكشف ويروى عنه؛ لأنه كان كذاباً، وضع آلافاً من الأحاديث([13]). وله ألقاب كثيرة منها الأسدي والأزدي والدمشقي والطبري. قال الذهبي (ميزان الاعتدال:3/554): محمد بن أبي زينب، ومحمد بن زكريا، ومحمد بن أبي الحسن، ومحمد بن حسان. قال العقيلي: الكل واحد، وهو محمد بن سعيد المصلوب”.

وذكر له الذهبي أسماء أخرى وقال (الميزان:3/561): “وقد غيروا اسمه على وجوه ستراً له وتدليسا لضعفه”. فنسب التغيير إلى من يحدث عنه. وهذا لا يمنع أن يكون هو الذي يغير اسمه.. وقال (الميزان:3/563): “قال عبد الله بن أحمد بن سوادة: قلبوا اسمه على مئة اسم وزيادة، قد جمعتها في كتاب”.

قد يرد البعض فيقول: روي لأبي هريرة أسماء مختلفة كثيرة. وشتان بين صحابي معروف كالبدر أصلاً ونسباً وموطناً وسيرة، وروى آلاف الأحاديث، وبين سفينة الذي لم أجد له من موقف مع النبي e يفصح عن شخصيته ويعرفنا به سوى ما يذكره هو عن نفسه. فأين هذا من ذاك؟!

 

الكرامات والتهاويل

قال ابن الأثير: روى عنه محمد بن المنكدر أَنه قال: ركبت السفينة فانكسرت، فركبت لوحاً منها، فطرحني إِلَى الساحل، فلقيني أسد فقلت: يا أبا الحارث، أنا سفينة مولى رَسُول اللَّهِ e: فطأطأ رأسه، وجعل يدفعني بجنبه أو بكتفه، حتى وقفني عَلَى الطريق، فلما وقفني عَلَى الطريق همهم، فظننت أَنَّهُ يودعني.

قال: وسماه رَسُول اللَّهِ e سفينة، لأنه كان معه في سفر، فكلما أعيا بعض القوم ألقى عليّ سيفه وترسه ورمحه، حتى حملت شيئاً كثيراً، فقال النَّبِيّ e: (أنت سفينة)، فبقي عليه. وكان يسكن بطن نخلة، وهو من مولدي العرب، وقيل: هو من أبناء فارس، واسمه سقية بْن مافنة، وكان إذا قيل له: ما اسمك. يقول: ما أنا بمخبرك، سماني رَسُول اللَّهِ e سفينة، فلا أريد غيره. وقال: أعتقتني أم سلمة، وشرطت علي خدمة النَّبِيّ e([14]).

وقال ابن الأثير: روى جبارة بْن مغلس، عن شريك، عن عمران النخلي، عن أحمر مولى أم سلمة، قال: كنت مع النبي e في غزاة، فمررنا بواد أو نهر، فكنت أعبر الناس، فقال النبِي e: (ما كنت في هذا اليوم إلا سفينة). هذا حديث مشهور عن جبارة، وخالفه غيره، عن شريك. أخرجه ابن منده، وَأَبُو نعيم([15]). لا يفوتك اسم الجديد: (أحمر)!

وقال ابن عبد البر: هو من أبناء فارس، واسمه سقبة بن مارقة، روينا عنه أنه قَالَ: سماني رَسُول اللَّهِ e سفينة، وذلك أني خرجت معه ومعه أصحابه يمشون، فثقل عليهم متاعهم، فحملوه عليّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e: (احمل فإنما أنت سفينة)، فلو حملت يومئذ  وقر بعير ما ثقل عليّ. وَقَالَ له سعيد بن جمهان: ما اسمك؟ فَقَالَ: ما أنا بمخبرك، سماني رسول الله e سفينة، ولا أريد غير هذا الاسم([16]).

والتهاويل والأساطير والخرافات والأكاذيب ورواية الغرائب والأعاجيب من طبائع الفرس حتى كأنها جزء لا يتجزأ عن النسيج العضوي للعقل الفارسي!

 

النظر في صحبة سفينة

وفي مسند أحمد: حدثنا أبو كامل، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا سعيد بن جمهان، عن سفينة أبي عبد الرحمن، قال: “أعتقتني أم سلمة واشترطت علي أن أخدم النبي صلى الله عليه وسلم ما عاش”[17]. والرواية من طريق جمهان وهو ضعيف.

فأنت ترى أن كل ما قيل عن صحبته ولقبه وولايته وعتقه وكراماته الغريبة أخبار هو يقولها عن نفسه. وذلك أشبه بالدَّور؛ إذ بني توثيقه على خبر هو يرويه. ويروى بسند فيه سعيد بن جمهان، وهو ضعيف. ومما قال فيه ابن عدي الجرجاني: وقد روي عنه عن سفينة أحاديث لا يرويها غيره، وأرجو أنه لا بأس به فإن حديثه أقل من ذاك([18]).إ.هـ.  وهذا الخبر من تلك الأخبار. ولم ترد تلك الأخبار من طريق معتبر عن غيره. فنحتاج إلى خبر من خارج روايته عن نفسه يثبت صحبته.

روى الإمام أحمد في (المسند) قال: حدثنا أبو النضر، حدثنا حشرج بن نباتة العبسي، كوفي، حدثنا سعيد بن جمهان، حدثني سفينة، قال: قال رسول الله e (وذكر حديث الخلافة). قلت لسعيد: أين لقيت سفينة؟ قال: لقيته ببطن نخلة في زمن الحجاج، فأقمت عنده ثماني ليالٍ أسأله عن أحاديث رسول الله e. قال: قلت له: ما اسمك؟ قال: ما أنا بمخبرك، سماني رسول الله e سفينة([19]).

ومما يزيد الدعوى ضعفاً ما رواه البغوي قال: نا محمد بن اشكاب نا قراد نا المرجا بن رجاء السكري عن أبي ريحانة عن سفينة قال: خدمت رسول الله e عشر سنين([20]).

لكن أبا ريحانة – كما في (صحيح مسلم) – يقول عن سفينة: “وقد كان كبر وما كنت أثق بحديثه”. فهو يروي عنه هذا وهو لا يثق بحديثه؛ فالدعوى لا تصح.

وأم سلمة تزوجها النبي e أواخر سنة أربع للهجرة. فهذه ست سنين لا عشر. إلا أن تكون أهدته إليه e قبل زواجها منه؟ وهو بعيد. ومعرفة التاريخ مما يعتمد عليه في كشف صدق الراوي من كذبه.

وجاءت ترجمته في (أسد الغابة) لابن الأثير تحت أكثر من اسم: الأول (سفينة) والثاني (رومان). فقال تحت اسم (رومان الرومي): رومان الرومي وهو سفينة مولى أم سلمة، وولاؤه للنبي e وهو من سبي بلخ، وقد اختلف في اسمه، فقيل: رومان، وقيل غير ذلك، ويورد في ترجمة سفينة. قال أَبُو نعيم: ذكره بعض المتأخرين، وذكر أَنَّهُ من سبي بلخ، ونسبه إِلَى الروم، والروم وبلخ لم يفتحا في زمن النَّبِيّ e، فكيف يسبى منهما؟ أخرجه الثلاثة([21]).

ولا أستبعد كون سفينة من سبي بلخ هو الحقيقة، وليس لدى من رد ذلك سوى اعتقاد صحبته، وهي لم ترد إلا عن طريقه هو. فكأن رهبة الصحبة هي التي جعلت أبا نُعيم وغيره لا يلتفتون إلى هذا الخبر. وقد يكون هو الحقيقة! وهي تعني أنه لم يلتق رسول الله e فإن هذه البلدان لم تفتح إلا بعد وفاته بحين!

 

تشكيك أبي داود السجستاني في سفينة

عند البحث في ترجمة (سفينة) والأحاديث التي رواها، تتولد في نفس الباحث شكوك حول هذا الشخص، الذي أحاط نفسه بظلال من الإبهام حتى إنه ليحرص على عدم ذكر اسمه، مكتفياً بلقب (سفينة) الذي يقول هو: إن رسول الله e لقبه به. لكن المحدثين تجاوزوا ذلك بسبب ما يظنون فيه من (الصحبة)، رغم أن أن البحث والتدقيق يكشف عن وهاهة الدليل على صحبته، سوى ادعائه هو أنه كان مولى لأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، وأنها أعتقته بشرط أن يتفرغ لخدمة النبي e، في عملية تشبه الدَّور، وهو توقف ثبوت الشيء على نفسه.

لكن أبا داود السجستاني – في لمحة موجزة عابرة عادة ما تمر دون توقف عندها ممن يمر بها – عبّر عن ارتيابه في هذا الشخص المبهم، وذلك في كتاب (سؤالات أبي عبيد الآجري لأبي داود). قال أبو عبيد محمد بن علي بن عثمان الآجري: سألت أبا داود عن سعيد بن جمهان فقال: “هو ثقة إن شاء الله، وقوم يقعون فيه، إنما يخاف ممن فوقه. وسمى رجلاً، يعني سفينة”([22]).

أي إن أبا داود في نفسه شيء من سفينة؛ فلا غرو أن يكون مثله في نفوس آخرين. وكنت قبل ذلك جمعت عدة ملاحظات مريبة عن هذا الرجل، ثم أهملتها. فلما عثرت على قول الإمام أبي داود تشجعت وقلت: لم لا أستثمر تلك الملاحظات عسى أن تكون بداية بحث معمق عنه للوصول إلى قول فصل فيه. وقد يكون ذلك فاتحة بحوث أُخرى في الجرح والتعديل.

وأبو داود (202-275هـ) صاحب (السنن) إمام من أئمة الحديث والجرح والتعديل، يأتي في المرتبة بعد البخاري ومسلم. وهو من خواص يحيى بن معين وأحمد بن حنبل، وقد جمع بين العلم بالفقه والعلم بالحديث، وإليه انتهت رئاسة الحديث في عصره. فكلامه ذو اعتبار لا يستهان به، لا سيما مع وجود شواهد كثيرة تسنده.

 

الإمام مسلم يشكك في سفينة

ثم وجدت الإمام مسلم في (الصحيح) يشير إلى ضعف سفينة؛ إذ ينقل عن أبي ريحانة عبد الله (وقيل: زياد) بن مطر البصري أنه قال فيه: “وقد كان كبر، وما كنت أثق بحديثه”. قال الإمام مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا ابن علية، وحدثني علي بن حجر، حدثنا إسماعيل، عن أبي ريحانة، عن سفينة، قال أبو بكر: صاحب رسول الله e، قال: كان رسول الله e يغتسل بالصاع ويتطهر بالمد. وفي حديث ابن حجر، أو قال: ويطهره المد، وقال: وقد كان كبر وما كنت أثق بحديثه([23]). قال النووي: والقائل: “وقد كان كبر” هو أبو ريحانة. والذي كبر هو سفينة. ولم يذكر مسلم رحمه الله تعالى حديثه هذا معتمداً عليه وحده، بل ذكره متابعة لغيره من الأحاديث التي ذكرها والله أعلم([24]). إ.هـ. فالإمام مسلم لم يرو عن سفينة مسألة فقهية فرعية دون أن ينبه على ضعفه، وأن ما رواه لا يعتمد إنما يستشهد به متابعة لغيره؛ فكيف يعتمد قوله في مسألة عظيمة لها تعلق بأصول السياسة وشكل الحكم، وقد بني عليها الطعن بتاريخ الحكم الإسلامي سوى ثلاثين سنة منه!

 

اختلاط سفينة

يفسر البعض – في معرض تعديل سفينة – كلام أبي داود فيه بأن المقصود به اختلاط سفينة في آخر عمره. والنتيجة واحدة فإن الاختلاط مما يوهنه فيضعفه لا مما يقويه فيعدله! وقد رواه الإمام مسلم عن أبي ريحانة، كما ذكرته آنفاً.

ونص الحديث في (صحيح مسلم): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا ابن علية، وحدثني علي بن حجر، حدثنا إسماعيل، عن أبي ريحانة، عن سفينة، قال أبو بكر صاحب رسول الله e قال: (كان رسول الله e يغتسل بالصاع ويتطهر بالمد) وقال: وقد كان كبر وما كنت أثق بحديثه.

لعلني بهذا أكون قد ألقيت ضوءاً كاشفاً على قول أبي داود في تخوفه من سفينة. والله أعلم.

 

 

 

[1]– تاريخ الإسلام، 5/276، المكتبة التوفيقية. ورد في حاشية الرواية: خبر صحيح: السير “3/229”. وفي حاشية رواية عن سعيد بن جبير: صحيح: أخرجه ابن سعد “4/ 185”.

[2]– العثمانية، ص44، عمرو بن بحر الجاحظ (المتوفى: 255هـ)، تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون، دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى، 1411هـ – 1991م.

[3]– تاريخ بغداد، 15/363، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (ت: 463هـ)، تحقيق الدكتور بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي – بيروت، الطبعة الأولى، 1422هـ – 2002م.

[4]– كتبت المقال في 3/5/2017. ونحن الآن في 14/2/2020.

[5]– الإصابة في تمييز الصحابة، 5/439. مصدر سابق.

[6]– فتح الباري، 7/490، الحافظ ابن حجر العسقلاني. مصدر سابق.

[7]– المعجم الأوسط، 4/144، سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني. مصدر سابق.

[8]– غرائب مالك، ص11، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي الدارقطني (ت 385هـ).

[9]– هدي الساري مقدمة فتح الباري شرح صحيح البخاري، ص351-352، ابن حجر العسقلاني، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت – لبنان، الطبعة الثانية.

[10]– أسد الغابة، 1/176، أسد الغابة في معرفة الصحابة، أبو الحسن علي بن أبي الكرم الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (ت 630هـ)، تحقيق علي محمد معوض – عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، 1415هـ – 1994م.

[11]– مسند الإمام أحمد، 36/248.

[12]– الإصابة في تمييز الصحابة، 2/111، ابن حجر العسقلاني. تأمل الأسماء الثمانية الأولى وكيف تنتهي كلها بالألف والنون!

[13]– مدرسة الكذابين في رواية التاريخ الإسلامي وتدوينه، ص12، خالد كبير علال، دار البلاغ الطبعة الأولى، الجزائر، 1424ه/2003م. وكذلك الكذاب لاحق بن الحسين (ت384ه)، روى المصائب، واختلق أسماء لأناس لا تعرف أساميهم، وحتى اسمه قيل أنه غيّره من محمد إلى لاحق لكي لا يُعرف/ مدرسة الكذابين، ص13.

[14]–  أسد الغابة في معرفة الصحابة، 2/503. مصدر سابق.

[15]– أسد الغابة، 1/176. مصدر سابق.

[16]– الكامل في ضعفاء الرجال، 4/458، أبو أحمد بن عدي الجرجاني. مصدر سابق.

[17]– مسند أحمد، 36/255 أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (ت 241هـ)، تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1421هـ – 2001م.

[18]–  الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 2/685.

[19]– مسند الإمام أحمد، 36/256، رقم 21928.

[20]– معجم الصحابة، 3/255، أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المَرْزُبان بن سابور بن شاهنشاه البغوي (ت 317هـ)، تحقيق محمد الأمين بن محمد الجكني، مكتبة دار البيان، الكويت، الطبعة الأولى، 1421هـ – 2000م.

[21]– أسد الغابة في معرفة الصحابة، 2/296.

[22]– سؤالات الآجري لأبي داود سليمان بن الأشعث، 2/149، النسخة الموصلية.

[23]– صحيح مسلم، 1/258.

[24]– المنهاج شرح مسلم للنووي، 4/8-9.

اظهر المزيد

تعليق واحد

  1. لاادري لمن أضيف وصف رائع وجميل للبحث أم للفارس الاصيل…
    جزاك الله خيرا وسدد رميك وحفظك من كل سوء. أستاذنا د. طه الدليمي. .
    دعوني اذكر واقعة قريبة عهد من واقعنا المعصور بحبل إيران والأخوة الوطنية .
    سأل المحقق المتهم..لماذا أنتم تكرهون إيران..؟
    فاجاب المتهم :وهل إيران تحبنا.؟!
    الغريب في الأمر أن نحب إيران أو إيران تحبنا..!
    فهذا مخالف حتى لطباع الحيوانات.!
    ياسيادة المحقق حرب ثمان سنوات عجاف بيننا وبينهم كسرت فيها العظام وهدمت فيها صوامع وبيع ومساجد يذكر فيها اسم الله ولم يبق سوى صوت المدافع وأزيز الرصاص وفرقعت القنابر ورائحة الموت والدمار من فوقنا ومن تحت ارجلنا وارجلهم.. في هذه الاجواء هل بقي للحب حظن أو للورد غصن أو للشعر لحن ..
    وانا لااريد أن اتكلم عن كان ياماكان في قديم الزمان والمكان.. حيث القادسية وسعد وصولة الفرسان والقعقاع وخالد وهيبة الشجعان..
    دعنا من كل ذلك التاريخ واطوي سجله حتى لاتهيج الأحزان وتثور الاشجان.. ولكننا ننظر بواقعنا الذي لم تمر عليه سوى بضع سنوات.. أليس هذا هو الحب الحقيقي.بثوب بركان الحرب والخراب.؟!
    فسلم المحقق َواستسلم.. وقال لزبانيته شدوا على المتهم واعصروه بحبل الوطنية وعصي الأخوة الدينية..
    أختار الله العرب لحمل هذه الرسالة… أختارهم رجالا ولغة.. واللغة معروف حالها لأهل الصنعة ليست ألفاظ فقط بل كلمات وروح وواقع أجتماعي.
    فإذا قام غير العرب بها أخطئوا وخلطوا وتوسعوا وضيقوا؛
    والسبب قد يكون مقصودا أوغير مقصود.. فالمقصود معلوم بما تفضل به جناب أستاذنا د. طه الدليمي..
    وغير المقصود أختلاف اللغة ومقاصدها ومعانيها بما يتناسب وطبيعة وروح وعادات كل مجتمع..
    فالمجتمع العربي معروف بكرمه وخلقه وغيرته..
    خلاف المجتمعات الأعجمية التي تفتقر لذلك أو تعدمه.لذلك جاء نبينا (صلى الله عليه وسلم) ليتمم مكارم الأخلاق التي يعج بها مجتمعنا العربي.
    وما نزلت بساحتنا وتراثنا المصائب والغرائب إلا عندمااختلط بنا العجم وقاموا به من الخدمة والعمل تحت ابط العلماء منذ الصدر الأول للأمة حتى آخرها فتأبط الشر في كل مفاصلها وصارت الثقوب والشقوق كبيرة والترقيع صغير لايكاد .
    وفي تصوري أن حصر نقل الدين نصا وتفسيرا وتأصيلا وفقها وتفريعا بيد العرب وحدهم ثم لايكون لغيرهم سوى نقل ذلك بالنص والروح كما هو حال القرآن لايزاد ولاينقص فيه حتى لايتغير النص صياغة أو روحا فتتغير المعاني وتتحرف الألفاظ وتنحرف المقاصد..
    وبذا نستطيع أن نثبت الأنساب من خلال البحث عن أنساب وأصول العرب في دراسة الجرح والتعديل للرواة وإعادة كتابة التاريخ بعيدا همجية ورعونة المعوقين فكراً ووعيا.
    والطريقة العلمية التي رسم خريطتها أستاذنا الدكتور (جزاه الله خيرا) لهي معالم طريق ومنار علم صالح لمنهج علمي عملي لتنقية تراث الأمة من الدس والتدليس والتدنيس من هجمات الضباع والثعالب على الرعاة الغافلين الآمنين النائمين والتي كان الفرس هم الأكثر تخريبا ودنيسا ودمارا بسبب خراب ديارهم وسلب ملكهم وتغيير أسمائهم وسبي ذراريهم ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى