مقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

الموالي شق خطير في جدار السنة

د. طه حامد الدليمي

من الثغرات التي لم تسد حتى الآن بقواعد تناسبها.. الموالي والدور الخطير للكثيرين منهم في وضع الأحاديث وتحريفها.. والتواريخ وتزييفها.. والتفاسير وتخليقها!

وجدت كثيراً من الأحاديث والأخبار المشكلة إنما عبَرت إلى كتبنا عن طريق الموالي! ولك أن تتخيل ما جرى على أيديهم إذا قارنت بينهم وبين الشيعة واطمئنان كثير من المحدثين لمن يسمونهم صادقين منهم.

خذ مثلاً هذه الرواية، التي في سندها أكثر من مولى مثل العوام بن حوشب وسعيد بن جبير وكيف حصل التصرف باسم الشخص الذي وردت فيه، فرُفع اسم ووضع مكانه اسم آخر.

قال الذهبي: قال الزهري: أخبرني حمزة بن عبد الله بن عمر قال: أقبل علينا ابن عمر فقال: ما وجدت في نفسي من أمر هذه الأمة ما وجدت في نفسي من أن أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله. فقلنا له: ومن ترى هذه الفئة الباغية؟ قال: ابن الزبير بغى على هؤلاء القوم، فأخرجهم من ديارهم ونكث عهدهم([1]).

وقال الذهبي في السياق نفسه مباشرة: العوام بن حوشب، عن عياش العامري، عن سعيد بن جبير قال: لما احتُضر ابن عمر قال: ما آسى على شيء من الدنيا إلا على ثلاث: ظمأ الهواجر، ومكابدة الليل، وأني لم أقاتل هذه الفئة الباغية التي نزلت بنا، يعني الحجاج. قلت (أي الذهبي): هذا ظن من بعض الرواة، وإلا فهو قد قال: الفئة الباغية ابن الزبير كما تقدم، والله أعلم.إ.هـ.

أرأيت كيف يكون التصرف، وكيف يحدث التحريف!

ابن عمر يصرح بأن الفئة الباغية هي فئة ابن الزبير ، بينما رواها ابن جبير منسوبة إلى الحجّاج، ونحن نعرف الخصومة بين ابن جبير والحجاج فهل التصرف جاء من قِبله؟ أم وصل إليه ممن كان قَبله؟ وقد دلت الأحداث على أن ابن جبير ممن يرى رأي الخوارج ويدعو للخروج على الحاكم، رغم إحسانه إليه، ومخالفة الخروج للشرع ولأصول السياسة الشرعية والعلمانية.

لا يهم كل ذلك في النتيجة المطلوبة؛ فلقد حصل المقصود وتم المراد. وتلوثت الثقافة. ورُفع اسم ابن الزبير وحل الحجاج محله.

تخيل..!

لقد كان لدى معظم أسلافنا استعداد للجمع بين الشيعي والصدق، ورثته الأجيال فصار قاعدة تسير تحت قيدها لا يستطيعون انفكاكاً عنها. فالأمر مع المولى أشد وأنكى.

ولست أعمم ولكن أدعو إلى إعادة النظر في أحاديث الموالي المشكلة، لوضع قاعدة مناسبة تعالج هذه الثغرة. مثل رد أحاديثهم التي تلوح من خلالها آثار تشيع، أو إساءة إلى الأمويين، أو تمجيد للفرس، وما شابه ذلك.

أستطيع أن أحصر ضرورة اتباع منهجية التشدد مع الموالي على الأحاديث المشكلة.

لكن… الإشكال لا ينحصر فيما تعلق منها بالبدع فحسب، إنما يتعدى إلى مجالات أُخرى كثير منها أخطر – في أثرها الاجتماعي – من البدع. مثل مجالات السياسة والقومية والاجتماع واللغة والأدب والتاريخ، وكل ما يتعلق بالثقافة ومكونات الحضارة.

إنّ ترك المحدثين رواية المبتدع فيما فيه نصرة لبدعته ليس علته البدعة نفسها، إنما الأصل الذي تنبثق عنه البدعة، ويكون مادة أساسية لانبثاق كل مشكلة، ألا وهو الهوى. فكل ما اشترك في هذه العلة من أفكار وعقائد وأخبار وتقريرات، وانبثق عنها ينطبق عليه الحكم نفسه الذي نحكم به على البدعة. لكن غلبة العقل الفقهي على العقل الشمولي جعل نظرة عموم المحدثين والفقهاء قاصرة على ما يناسب العقل الفقهي. أي البدعة؛ لأنها الشعيرة المناقضة لشعيرة العبادة. تاركين بقية الأمور التي تخلو منها عقلية معظم المشتغلين بموضوعات الدين والتاريخ.

والتحريف الذي أصاب التاريخ والثقافة كبير جداً، وأرى أن للموالي منه نصيب الأسد. والأمر يستحق البحث والتحقيق للوصول إلى الحقيقة الناصعة.

 

🔗أضغط على الرابط أدناه للإطلاع على كامل البحث:

الموالي شق خطير في جدار السنة

 

[1]– تاريخ الإسلام، 5/276، المكتبة التوفيقية. ورد في حاشية الرواية: خبر صحيح: السير “3/229”. وفي حاشية رواية عن سعيد بن جبير: صحيح: أخرجه ابن سعد “4/ 185”.

اظهر المزيد

‫13 تعليقات

  1. اي حديث يطعن في رموز اهل السنة
    وتشويه سيرتهم والاسائة اليهم
    وتحريف تاريخنا وثقافتنا
    هو من صنع الموالي هذه الفئة الباغية
    التي دخلت ارض العرب وبدأت بزرع هذه
    الثقافة الفارسية الخبيثة
    اذن يجب على الأمة وكل صادق قلع هذه الجذور الفارسية الخبيثة
    من تاريخنا وثقافتنا ((والأمر يستحق البحث والتحقيق للوصول إلى الحقيقة الناصعة))

  2. قلت للدكتور المحاضر: وضع أهل الاصطلاح أسبابًا لوضع الحديثومسالك لمعرفة العلة، فلم لم ينتبهوا للموالي فوجودهم بأحاديث عليها نظر يعزز من تثبيت أثرهم على ضعف أو وضع الحديث!
    فقال لي: ما وُضع من قبل لا يُزاد عليها ولا يُنقص منه، وما تقوله لم يغفل عنه العلماء!
    فقلت له: قد كتب معاصرون في الأثر السيء الذي تسبب الموالي فيه.
    فقال: خرج لنا الذهبي من قبره!
    قلت له: قطعت جهيزة قول كل خطيب.
    فأخرني عن أقراني ستة أشهر!

    1. هذا هو الارهاب الفكري. وهو ناشئ عن شعور بالنقص يلجئهم الى هذه الاساليب التي تتوافق وذلك الشعور .
      امض على ما انت عليه. عوضك الله خيراً مما سلبوك 🌴

  3. سدد الله خطاكم.د. لما تقم فيه من عمليات جراحية طويلة المدى، تعشقت في جسد الأمة حتى أصبحت في قمة التشويه لكثرت التشققات التي وضعها أهل الزيغ من الموالي خداع الأمم؟ فهل من معين يرحمكم الله يا اهل المشروع هل توقف الجهاد الفكري في رمضان المبارك أين القلام العارفه والعقول الجارفة لهذه الخرافات
    الزائفة نحتاج إلى تعليقات وتحليلات،الاحبة الأكارم لهذه التشققات،من قبل أهل المعرفة، لنجاح العمليات التي قام بها. د.حفضه الله

  4. وهنا احب ان انقل ما ذكره الكاتب في روايته هكذا تكلمت جنوبشت يقول (لم يقتصر النشاط التخريبي الفارسي على أفراد منهم بل تطور الى مؤسسات ومجاميع بعضها تسلل الي بيت الخليفة وتخذ منه وكرا على طريقة ( من دخل دار الخليفة فهو امن ) البرامكة مثلا حتى صارت مؤسسة الوزارة حكرا خالضا للفرس طوال عصر العباسي) تمام كما يحدث بعد 2003 ويقول أيضا ( هل تعرف داود بن إبراهيم ؟ واعتذرت عن الجواب متسائلا : من هذا ؟
    – داود بن إبراهيم القزويني هذا الذي وضع لكم حديث (الخلافة ) ففتن اجيالكم الاترى الخبال الذي اصاب بعض شبابكم
    – تقصد حديث ( خلافة على منهاج النيوة ) لا لا ياجنوبشت بالله لاتقل : هو حديث ضعيف وتاوه ثم قال
    – اعانكم الله بل هو باطل موضوع مخالف لكتابكم ولغة قومكم
    – هل انت جاد ؟ طيب وما خبر القزويني هذا ؟
    – هل تعلم ان هذا الكذاب عينه البرامكة قاضيا لقزوين على عهد هارون الرشيد ؟ واستمر قاضيا طوال عهد الامين والمامون ؟ ثم ظهر في كتبكم باسم اخر ( داود بن إبراهيم الواسطي ) هاهاها … أتدري؟
    – وماذا بعد ؟!
    – الواسطي هذا ليس له اي ترجمة في اي كتاب من كتبكم التي تسمونها كتب ( الجرح والتعديل) سوى كونه من البصرة فكيف صححتموه واعتمدتموه ؟
    انتهى .. وهناك الكثير والكثير مما لاحصر لهم .

  5. إن ظاهرة الموالي ودخولهم شتى المجالات العلمية وعلى رأسها رواية الحديث تستدعي وقفات طويلة ومعمقة، بل تحتاج لكتب وبحوث ودراسات لمعرفتها على حقيقتها

  6. الفرس زرعوا التشيع في كتبنا عن طريق الموالي فأصبحت ثقافة تعيق مجتمعنا السني حتى وصلت إلى تشويه الصحابة بمصادر وروايات مشبوهه وضعيفه ولن تليق بأي شخص أو أنسان عادي فكيف بالصحابة وزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين زكاهم الله في كتابه الكريم أذا لايوجد كتاب معصوم من النقص والزيادة إلا كتاب الله .آن الأوان لأهل السنة أهل الفكر الجديد والفهم الرشيد أن يتصدوا لهذه الثقافة الشعوبية الشيعية الفارسية لقلع جذورها من الوجود بأقلامهم الحرة وأفكارهم النيرة التي ترسم لنا المسار الصحيح وتعيد لنا أمجاد تاريخنا العظيم

  7. ان أصعب مرحلة للموالي هي مرحلة المدارس النظامية التي تكون نسبتها للخليفة وادارتها للموالي كالمدرسة المستنصرية والنظامية وغيرها وأشده وأقواها فتكا هي أسواق الوراقيين و دخول الترجمة التي فيها مشاكل في فهم اللغتين واختلاف تعبيرهما وتصاريفهما اللغوية أضافة الى النفسية التي تختلف عن العربية من حيث الطباع بما يملي كل مجتمع و خصائصه النفسية فلو تعلم عربيا اللغة الفارسية او الانكليزية تبقى حواجز العادات وروح اللغة حاجزا بينه وبينها فكيف بالموالي الذين يرون أن العربي غازيا لهم سارقا ملكهم وانهم لا بد ان يكون أساتذتة على العرب في كل شي فهم الاحرار والعرب عبيد لهم .
    ان هذا المقال يعطينا بوصلة مهمة في نقد الحديث هي قراءة علم النفس للراوي وعلله الاجتماعية والعقائدية وجذوره اللغوية وتضع هذه الاسئلة من أين أصل الراوي ؟ ان كان عربيا هل هو من الحاضرة ام من البادية ؟ وهل هو قريب عهد باسلام ام من التابعين ؟ هل له نفسه طالب للجاه والسلطان ؟ وان كان أعجمي فلا بد من ربط مروياته باصوله الاعجمية هل توافقها ؟ هل تخالف القران الكريم وطباع العرب ؟
    لقد سار رجال الحديث باهمال هذه الاسئلة وانما اقتصروا على امر العبادة والمعتقد ونسوا العوائد والعقد النفسية وهي أخطر من العقيدة ذاتها ولهذا دفعنا دما وهدمت حضارات وانتهكت اعراض لهذا الاهمال المريع .

  8. تمر العلوم عادة بمراحل تطور وهي بكل الأحوال لتتحرك وتناسب الواقع، والمرونة المطابقة الربانية كما نعلم هي لازمة؛ فلا أعلم لما علماء الحديث لا يبدون بذلك مرونة؟!

  9. مجرد التطرق لمثل هذا الموضوع المهم والحساس مرفوضا لدى من اعتدنا أن نتابعهم ونسمع لهم ؛ وحين نسأل: ما الضير من التحقق والبحث واعادة النظر ؟ الجواب : هل غفل العلماء والأئمة والمحققين السابقين عن هذه الرواية او ذاك الحديث ليأتي اليوم من يستدرك عليهم ! طبعا هو ما يخالف قولهم ان لا عصمة لبشر
    بارك الله بك ونفع بعلمك وعملك

اترك رداً على متابع بصمت إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى