بحوث ودراسات

الوالي الأموي قرة بن شريك القيسي

ما كتبه المؤرخون عنه فضيحة مدوية من فضائح التاريخ

 

د.طه حامد الدليمي

 

قرة بن شريك القيسي أو العبسي (يعود في نسبه الأعلى إلى عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان العبسي)، عينه الخليفة الوليد بن عبد الملك والياً على مصر سنة (90هـ/709م) بعد عزل أخيه عبد الله بن عبد الملك. وبقي والياً عليها حتى وفاته سنة (96هـ/714م).

عندما نقرأ ما كتبه المؤرخون المسلمون (مثل الذهبي وابن الأثير والسيوطي) ونقارنه بما أفصح عنه خبء الأرض من وثائق كتبت في عهده على ورق البردي.. نجد البون شاسعاً والشق واسعاً بين ما كتب عنه من منقول الأخبار، وبين ما نطقت به الوثائق والآثار.

إن الفرق بين الصورة التي ترسمها الأخبار عن الوالي قرة بن شريك والصورة الأُخرى التي قدمتها الوثائق، تمثل فضيحة مكتملة العناصر من الفضائح المدوية للتاريخ، تدعونا لأن نعيد النظر فيما نجده من مكتوباته، ولا نتسامح باعتمادها لمجرد تحسين أو تصحيح العلماء دون إضافة شروط موضوعية أُخرى، يأتي السند في آخرها، أو في موضعه الذي يستحقه من الترتيب التسلسلي في مجال التوثيق.

 

ماذا قالت كتب التاريخ عن الوالي العادل قرة بن شريك القيسي

قال الذهبي في (تاريخ الإسلام) متحدثاً عن والي مصر قرة بن شريك القيسي: أمير مصر من قبل الوليد. وكان ظالما فاسقا جباراً.

قال أبو سعيد بن يونس: كان خليعاً، مات على إمرة مصر في سنة ست وتسعين، بعد أن وليها سبع سنين. أمره الوليد ببناء جامع الفسطاط والزيادة فيه. قال: وقيل: إنه كان إذا انصرف الصناع من بناء الجامع دخله فدعا بالخمر والطبل والمزمار ويقول: لنا الليل ولهم النهار. وكان من أظلم خلق الله. همت الإباضية باغتياله، وتبايعوا على ذلك، فعلم بهم، فقتلهم. قال ابن شوذب وغيره: قال عمر بن عبد العزيز: الوليد بالشام، والحجاج بالعراق، وعثمان بن حيان المري بالحجاز، وقرة بن شريك بمصر! امتلأت الأرض – والله – جوراً. ويروى أن نعي الحجاج وقرة وردا على الوليد في يوم واحد، وليس بشيء، فإن قرة عاش بعد الحجاج ستة أشهر([1]).

شيء مضحك – وضحكت فعلاً – حين رأيت الذهبي لم يهمه من الخبر كله على بشاعته سوى مسألة فرعية حد التفاهة قياساً إلى ما فيه من طامات.. الخطأ في تاريخ الوفاة!

ثم ما هذا الحرص على تكرار قول سيئ في والٍ مسلم، منسوب إلى عمر بن عبد العزيز دون تثبت ولا سند.. أربع مرات: ثلاث منها باللفظ السابق نفسه([2])، ومرة بهذا اللفظ: قال ابن شوذب: قال عمر بن عبد العزيز: أظلم مني من ولى عثمان بن حيان الحجاز، ينطق بالأشعار على منبر رسول اللهe، أو ولى قرة بن شريك مصر. أعرابي جافٍ أظهر فيها المعازف، والله المستعان([3]). والظاهر أن كلمة (والله المستعان) من قول الذهبي! فإن كان كذلك فهذه إشارة على أنه نقل الخبر مُثْبتاً وموثقاً له!

وبمثل ما في (تاريخ الذهبي) أو أشد، تجد القول في ذم قرة بن شريك عند ابن عساكر (ت: 571هـ) في (تاريخ دمشق ومختصره)([4]). وكذلك (النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة) ليوسف بن تغري بردي (ت: 874هـ)([5]). و(حلية الأولياء وطبقات الأصفياء) لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت: 430هـ). و(حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة) لعبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (ت: 911هـ)، وغيرهم وغيرهم.

لكنني وجدت الأمر مختلفاً في بعض كتب التاريخ خصوصاً المتقدمة منها. وذلك يبين من النظر إلى تواريخ وفيات مؤلفيها، مثل كتاب (فتوح مصر والمغرب) لأبي القاسم المصري عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم (ت: 257هـ)([6]). وكتاب (تسمية ولاة مصر) لأبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي (ت: 350هـ)([7])، وكتابه الآخر (كتاب الولاة وكتاب القضاة للكندي)، وكتاب (المسالك والممالك) لأبي عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري الأندلسي (ت: 487هـ).. إذ لم أجد فيها أياً من تلك السفاسف التي حوتها الكتب التي ذُكرت قبلها؟

إن بين الوالي ابن شريك وبين أقرب مؤلف كتاب من الكتب التي راجعتها تضمن الذم، أي ابن تغري بردي، (336) سنة. أما أبعدهم، أي السيوطي فبينه وبين ابن شريك (815) سنة. وهذا يعطينا فكرة لا بأس بها عن المدة التي احتاجتها تلك العبارات الهابطة لتكتب أو تتسلل إلى تلك الكتب. بينما الكتب الأقرب زماناً إليه، وهي ثلاثة، كانت نظيفة من تلك السفاسف. والأمر في حاجة إلى استقراء أكثر، كما هو في حاجة إلى معرفة ودراسة الأقطار التي كان يسكنها المؤلفون، والنظر في قربها وبعدها عن مصدر التحريف، أقصد إيران؛ فربما نخرج بنتائج مهمة.

ولخير الدين الزركلي (ت: 1396هـ) تفسير وجيه لما ذكره المتحاملون في قرة بن شريك فيقول: ومؤرخوه في العصر العباسي وما بعده يرمونه بالفسق والظلم، ويأتون بقول ينسبونه إلى عمر بن عبد العزيز: “الوليد بالشام، والحجاج بالعراق، وعثمان المزني بالحجاز، وقرة بمصر؟ امتلأت الدنيا والله جوراً”([8]).

 

برديات بلاد النيل

قبل أن أتناول بالذكر برديات الوالي قرة بن شريك، أود أن أقدم بين يديها كلمات قليلة تكشف اللثام عن البرديات وتاريخها وأهميتها كوثائق في كتابة التاريخ([9]).

البرديّ نبات مائي، يُصنع من سوقه ورق للكتابة يسمى (القرطاس). وتعتبر مصر الموطن الأصلي لوثائق البردي. فقد حبا الله مصر بوجود ورق البردي بكثرة في مستنقعاتها في دلتا النيل، وعلى مجاريه المختلفة. واكتشف المصري القديم طريقة تحويل هذا النبات إلى ما يشبه الورق المقوّى للكتابة عليه، وذلك قبل ألفين وخمسمائة عام من ميلاد المسيح u. وبقيت هذه المادة المصنوعة من الحلفا محتفظة بأهميتها فترة طويلة من الزمن كمادة أساسية للكتابة والتدوين، حتى بعد أن تمكن العرب من التوصل إلى أسرار صناعة الورق من الصينيين أواخر القرن الثامن الميلادي/ الثاني الهجري. فعندما بنى المعتصم مدينة سامراء (عام 221هـ)، وحمل إليها الناس من كل بلد لعمارة المدينة، حمل قوماً من أرض مصر يجيدون عمل القراطيس، وأمر ببناء مصنع لهذا الغرض. وقد عثر سنة 1911 في موقع مدينة سامراء على ورقتي بردي عربيتين، على يد المنقبين الألمان، يحتفظ بهما متحف الدولة ببرلين – القسم الإِسلامي.

لكن كنوز وثائق البردي هي تلك التي عثر عليها في مصر! ويرجع الباحث الأردني جاسر خليل أبو صفية تاريخ اكتشاف أول مجموعة من الوثائق البردية هناك إلى سنة 1778م، وكانت مكوّنة من خمسين درَجاً، سرقت جهلاً، ما عدا واحدة نشرت سنة 1788، يعود تاريخها الى سنة 191م، ثم توالت الاكتشافات بعد ذلك([10]). والدرَج: عشرين ورقة.

وقد بلغ عدد الوثائق البردية المكتشفة عشرات الآلاف، توزع معظمها على متاحف العالم خصوصاً متحف فينا؛ إذ تعد عاصمة البردي في العالم دون منازع، وتصل مجموعتها إلى (50) ألف قطعة من الوثائق البردية. بعضها يعود إلى الألف الثاني والثالث ق.م.

وعثر على وثائق بردية مهمة في جنوب فلسطين في منطقة عوجا الحفير الواقعة إلى الجنوب من بئر السبع، إذ عثر في سنة 1936 على 600 ورقة بردية، من بينها برديات عربية- يونانية تعود إلى السنوات 52- 70هـ/ 672- 689م. وهي تلقي ضوءاً على الإِدارة الأموية وأوضاع هذه المنطقة العامة خلال القرن الأول الهجري/ السابع الميلادي.

 

أهمية الوثائق البردية

تغطي الوثائق البردية، التي عثر عليها في مصر مدونة باللغة العربية واليونانية، الفترة من العام التالي لفتح العرب مصر سنة 22هـ في ظل إمارة عمرو بن العاص، إلى العصر الفاطمي. ولا شك أن لها أهمية كبيرة، تأتي في مقدمتها الأهمية التاريخية من حيثيات متعددة منها:

  1. إن تاريخ مصر المحلي، يمكن أن يعكس تاريخ بقية الأمصار كالعراق والشام وأنحاء الجزيرة العربية. إضافة إلى أن هذه النتائج نستطيع أن نقارنها بالروايات التاريخية في مصادرنا الأولية لنصل إلى مدى دقة هذه المصادر بمدى مطابقتها للنتائج التي نتوصل إليها من الوثائق الرسمية أو البرديات غير الرسمية.
  2. يقول الباحث الأردني جاسر خليل أبو صفية في مقاله السابق: لما كان التراث التاريخي، بمختلف فروعه، قد وصل الينا بالرواية، والكذب متطرق للخبر بطبيعته، فإن الرواة وأصحاب الأخبار سيلوّنون مروياتهم بميولهم وأهوائهم المذهبية والقبلية والعرقية، فتضيع بذلك معالم الحقيقة وسط الروايات المحرفة والموضوعة. ومن هنا تأتي أهمية البرديات؛ إنها أدلّة موثوقة مسجّلة في العصر الذي كتبت فيه، فلا مجال للشّكّ فيها، ولا مكان للميول والأهواء. ولهذا عَدّها علماء البرديّات من المستعربين مصدراً أصيلاً للمؤرّخ والأديب وعالم اللغة ؛ فهي تقدّم حقائق جديدة على قَدْر كبير من الأهميّة، يعتمد عليها الباحث في تفسيره للنّصوص الأدبيّة واللغويّة والتاريخيّة والفقهيّة والاقتصاديّة.إ.هـ.
  3. تقدم لنا هذه البرديات كشوفات جديدة عن أسماء القرى والمدن والحرف والصناعات والأسعار والعُملات التي كانت منتشرة آنذاك، وطرق جباية الأموال والضرائب والخراج، وكيف تعامل الولاة المسلمون في تلك القرون الأولى من الهجرة مع الأقباط في مصر، وسمحوا لهم بحرية العبادة، والتقاضي، وحرية البيع والشراء والتملّك بل وثراء بعضهم بعدما عصفت بهم عواصف التضييق البيزنطي، وكذلك كشفت أوراق البردي عن مدى تغلغل العلاقات الاجتماعية بين العرب والأقباط من خلال عقود الزواج المكتشفة، كما أزاحت هذه البرديات الستار عن طريقة تقديم المظالم للحاكم.
  4. تشتمل البرديات على فوائد متشعبة تتعلق بالقرآن والحديث والفقه واللغة والثقافة والفن الإِسلامي والتاريخ الاقتصادي والإداري والسياسي. وفوائد تتعلق بالعلوم البحتة كالطب، والصيدلة، وعلم النبات، والكيمياء، والفلك. وتقدم معلومات قيمة عن النظام المالي في الدولتين الأموية والعباسية في نظام الجزية والخراج والمكس وسائر الأمور المالية. ومعلومات موثقة عن النظام العسكري في العصر الأموي في مجال إعداد الجيوش والأساطيل والغزوات البحرية وصناعة السفن والمسامير، مما لا نجده في كتب التاريخ.

 

نمط البرديات الرسمية

كان للكتابة الرسمية في أوراق البردي نمط متعارف عليه، تبينه السطور التالية:

  1. كل مجموعة رسمية في دواوين الدولة آنذاك من أوراق البردي تتكون من عشرين ورقة كان يُطلق عليها الدرَج.
  2. أول ورقة من هذا الدرَج الرسمي خاصّة، عبارة عن طراز أو بروتوكول مكتوب باللغتين العربية واليونانية فيه اسم الخليفة أو الوالي الذي صُنع في عصره هذا الدرَج، فضلاً عن الأوراق غير الرسمية.

ويمكن فهم السبب في كتابة اللغة اليونانية بجوار العربية في ورقة الطراز التي تُزيّن بداية كل مجموعة؛ لانتشار هذه اللغة في مصر في بداية الفتح الإسلامي لها، إلى غاية انتشار اللغة العربية فيها نهاية القرن الهجري الأول؛ فضلاً عن استعانة المسلمين بالموظفين المحليين ممن كانوا يتقنون اليونانية بطبيعة الحال.

وفيما يتعلق بالبرديات عامة نجدها كتبت باللغات: العربية والقبطية واليونانية. وبعضها كتب بلغات أخرى كالسريانية، والفهلوية، أو اللغة المصرية القديمة.

برديات والي مصر التابعي قرة بن شريك

سبق أن ذكرنا ما قالته كتب التاريخ عن الوالي قرة بن شريك. لكن الرسائل التي عثر عليها في مجموعة بردي (كوم إشقوه)، والتي كان يتبادلها الوالي قرة بن شريك مع عماله في مصر مثل بسيل صاحب أشقوه، وزكريا صاحب أشمون العليا، ومينا صاحب أهناس.. تقول خلاف ذلك. لم يكن الرجل فاسقاً ولا ظالماً. بل كان عادلاً رؤوفاً متسامحاً، يأمر عماله بالعدل بين الرعية، ويحذر جامعي الزكاة من الظلم أو استخدام العنف في جمع الزكاة. كما يحذرهم من ظلم الاقباط وغيرهم، ومن قبول الرشوة. يراقب بنفسه أسعار التموين والأغذية. ويتجاوز أحياناً عن بعض ما يدفع من جزية رفقاً بأحوال دافعيها من أهل الكتاب (الأقباط).

ففي كتاب منه إلى صاحب كورة أشقوة نجده يأمره بأن يرسل كشفاً بالأماكن المختلفة لمعرفة عدد الرجال في كل مكان، والجزية الواجب عليهم أداؤها، وما يملكه كل رجل من الأراضي، وما يقوم به من أعمال. ويطلب من صاحب الكورة ألا يترك أي مجال أو سبب للشكوى أو الاستياء منه، ويذكره بأنه مصمم على مكافأة من يسير سيراً حسناً، ومعاقبة من يتنكب طريق العدل. وفي كتاب آخر يطلب قرة من الوالي أن يكون عادلاً في تقدير الضرائب الواجبة على كل فرد، وأن يسهل على الناس الاتصال به كي يسمع ما يقولون إذا كانت لهم شكاوى.

 

صورة من تجربة الباحث الأردني جاسر خليل أبو صفية

يقدم الباحث الأردني جاسر خليل أبو صفية في مقاله الذي نوهت به سابقاً وعنوانه (أهمية تحقيق البرديات) تجربة جديرة بالاستشهاد بها دليلاً على أن التاريخ المكتوب عن طريق النقل بالرواية سواء منها المسندة والمرسلة، الصحيحة السند والضعيفة، لا يقدم لنا صورة صالحة للاعتماد ما لم نخضعه لموازين شديدة، خصوصاً ذلك التاريخ الذي يشوه سيرة عظمائنا. ومع كل التحوطات تبقى المعلومة التاريخية، في عمومها، ظنية الثبوت.

استشهد الأستاذ جاسر أبو صفية في مقاله بقضية (الجوالي) وهي (مَا يُؤْخَذ عَمَّن جلا عَن وَطنه) وقال: تعد قضية الجوالي أهل الذمة في البرديات العربية واليونانية من أهم المشكلات المالية والاجتماعية التي واجهت الدولة الأموية إبان ولاية قرّة بن شريك العبسي على مصر. وقد التقط المستعربون هذه المشكلة وضخموها وابتعدوا بها عن مضمونها الحقيقي، وجعلوا منها مشكلة طائفية تمثل وصمة عار في جبين الدولة الاموية.

ولدى دراستي للوثائق البردية المتصلة بالجوالي اتضح لي مدى التحريف والتزييف في دراسات المستعمرين لهذه القضية. ومن أمثلة هذا التزييف انهم ترجموا لفظة (الجوالي) الى Fugitives بالانكليزية، نقلاً عن اليونانية. علماً أن اللفظة اليونانية تدل على الجوالي بمعناها العربي. فجاءت البرديات العربية واليونانية لترد على افتراءات المستعربين.

كما استشهد برسالة موسى بن كعب الى ملك النوبة، وقال: أنكر الفقهاء أن يكون بين المسلمين والنوبة عهد أو ميثاق، إنما هي هدنة، وهم يشيرون إلى ما جرى في عهد عبد الله بن سعد بن أبي سرح وقتاله لأهل النوبة وكتابة عهد معهم.

وانفرد المقريزي بإيراد نص العهد الذي كتبه عبد الله بن سعد لأهل النوبة، قال: (وكتب لهم كتاباً، نسخته بعد البسملة: عهد من الأمير عبد الله بن سعد بن أبي سرح لعظيم النوبة ولجميع أهل مملكته…). وقد شكك بعض الباحثين الغربيين والعرب في نص المقريزي، وزعم بعضهم أنه من اختراع الفقهاء وأنه خرافي، مع أن الفقهاء أنكروا هذا العهد، ومرد ذلك إلى عدم اطلاعهم على بردية موسى بن كعب المتعلقة برسالته إلى ملك النوبة. ففي سنة 1972م اكتشفت رسالة موسى بن كعب في قصر ابريم جنوب أسوان، ومعها ثلاث برديات باللغة القبطية، وهي بالعربية وأكبر هذه الرسائل حجماً، بل هي أطول بردية اطلعت عليها، اذ يبلغ طولها 264.5 سم وعرضها 53.5 سم. ومرسلها موسى بن كعب والي مصر لأبي جعفر المنصور سنة 141هـ/758م.

ثم ينتهي أ. جاسر بشواهده إلى قرّة بن شريك العبسي فيقول:

وُصف قرّة بن شريك في كتب المؤرخين العرب بشرب الخمر والخلاعة والظلم والشر والفسق والفجور والانهماك والجبروت والعتو والعسف والخبث والجهل، وانه كان سيئ التدبير. وقالوا عنه: (كان اذا انصرف الصناع من المسجد دخل المسجد، ودعا بالخمر والطبل والمزمار، فشرب، ويقول: لنا الليل ولهم النهار).

ولما شرعت في قراءة برديات قرّة، العربية واليونانية، ظهرت صورة مناقضة لما قاله عنه المؤرخون المسلمون والنصارى. وقد تنبه لصورة قرّة المشرقة في البرديات علماء البرديات من المستعربين أمثال غرومان وبيكر ونابيا أبوت وهارولد إدريس، بل والأب هنري لامنس.

قال غرومان: (لقد تعمد المؤرخون تسويد صورة الحكم الاموي بعامة وولاته بخاصة). وذكر مثلاً على ذلك قرّة بن شريك الذي ضُرب به المثل في القسوة والظلم. ثم قال:(لا أثر البتة للظلم والاستبداد في البرديات؛ اذ يبدو قرّة حريصاً على حماية الناس من الظلم من عماله وجباة الضرائب ومواريت القرى… يبذل أقصى جهده لتحسين الأوضاع الزراعية، وزيادة الإنتاج، وإنشاء المؤسسات العامة، والاهتمام بالجيش والأسطول، وتوسيع مسجد الفسطاط. كما يبدو قرّة متسامحاً مع القبط، شديداً على عماله المتنفذين، ولكنه رقيق مع عامة الناس. وتبدو في رسائله نزاهته وعدالته وتسامحه وتقواه. وهكذا فإن البرديات تثبت أن كل ما قيل عن قرة محض افتراء).

 

نماذج من رسائل والي مصر قرة بن شريك

هذه نماذج من رسائل الوالي قرة بن شريك رحمه الله إلى عامله القبطي (بسيل) صاحب (أشقوة). تكشف عن شخصية تتصف بالعدل والرحمة مع المقدرة الإدارية الحازمة([11]):

  1. من قرة بن شريك إلى بسيل صاحب أشقوه، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فإنّ عبادة الله مقدمة على جمع الجزية من الكورة، وعلى سياسة الدولة؛ لأنها السبب فى جعل صاحب الكورة… دون تهرب من القيام بواجبه، والنظر فى الظلامات المقدمة إليه من أهل كورته، ومقدراً على كل منهم ما يترتب عليه، مراعياً مخافة الله فى ذلك. وأن يتوخى العدل فى التقدير فى قيمة الضرائب والخدمة العامة. فإذا جاءك كتابي هذا، فابذل نفسك لأهل كورتك، واستمع إليهم، واحكم بينهم بالعدل، ولا تحتجب عنهم ويسِّر لهم أمر لقائك. واجمع مواريت القرى (العُمد) ومرْهم أن يختاروا من يوثق به، والأذكياء من الرجال، وليقسموا، وكلِّفهم تقدير الجزية على كل قرية حسب طاقتها وتعهد ما قبلك، وكن العامل الأمين على كورتك. وأمرهم أن يقدروا القيمة بعد أن يقسموا، فإذا انتهوا من ذلك ارفعه إليِّ، واحتفظ بنسخة منه، واكتب لى أسماء الرجال الذين قدروا قيمة الجزية ونسبهم وقراهم.

واعلم أننى إن وجدت قرية حُملت فوق طاقتها، أو فرض عليها أكثر مما يتطلبه العدل فى التقدير، أو إذا كانت قرية قد عجزت عن دفع القيمة المقررة من قبلهم فسأصيب المقدِّرين والعريف بعقوبة لا يحتملونها، وأغرمهم قيمة ما عجزت عنه القرية. فاقرأ عليهم كتابي هذا، وحثهم على أن يجعلوا مخافة الله نصب أعينهم، وأن يتوخوا الأمانة في تقديرهم. ولا ترسل الكتاب إليَّ حتى تنظر فيه، فإذا وجدتهم قد قدروا أقل من ذلك أو أزيد، فاكتب إليَّ كيف فعلوا.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم، من قرة بن شريك إلى بسيل صاحب أشقوه، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فإن بقطر بن جمول أخبرني أن له أحد عشر ديناراً على نبطي من أهل كورتك، فيزعم أنه غلبه على حقه. فإذا جاءك كتابي هذا، فإن أقام البينة على ما أخبرني فاستخرج له حقه، ولا يظلم من عندك، إلا أن يكون له شأن غير ذلك فاكتب إليَّ به والسلام على من اتبع الهدى.
  2. بسم الله الرحمن الرحيم، من قرة إلى بسيل صاحب أشقوه. فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فإن داود بن بداس أخبرني أن ماروت (عمدة) قريته دخل بيته بأسباب له ومتاع ظلماً بغير حق. فإذا جاءك كتابي هذا فاجمع بينهما. فإن كان ما أخبرني حقاً، فاستخرج له حقه، ولا يظلمن عندك. وادحر الماروت عن بيوت الأنباط دحراً شديداً، والسلام على من اتبع الهدى.
  3. بسم الله الرحمن الرحيم، من قرة بن شريك إلى بسيل صاحب أشقوه، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فإني قد أمرت بقسمة نواتية سفن مصر وسفن أهل الشام وبأرزاق من يركب فيها من المقاتلة. فإذا جاءك كتابي هذا فمر أهل أرضك فليتقدموا في صنعة الخبز وليحسنوا صنعته، فإنه لا يصلح الجيوش إلا الخبز الطيب. واعلم أنك إن ترسل بخبز غير طيب لا يقبل منك ويصبك فيه ما تكره. فابعث على صنعة هذا الخبز من يتعهده ويحسن صنعته، فإني غير مرخص له فيه إن شاء الله. والسلام على من اتبع الهدى.
  4. بسم الله الرحمن الرحيم، من قرة بن شريك إلى بسيل صاحب أشقوه، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فإن أهل أرضك قد باعوا طعامهم إلى التجار، ليحبسوا ما اشتروا بأيديهم فلا يبيعون منه شيئاً، تربصاً بالناس وانتظار غلاء السعر. وأيم الله، لأنبئنَّ برجل حبس طعامه أن يبيعه، إلا أنهبته. فانظر، فمن كان بأرضك من التجار الذين يشترون الأطعمة، ويجمعونها فَمُرْهُمْ فليبيعوا طعامهم. ومُرْ كل تاجر فليحمل نصف ما عنده من الطعام إلى الفسطاط. واكتب إليَّ مع كل تاجر يقدم من قِبَلك ما حمل حين يقبل. ثم مُرهم فليبيعوه بالفسطاط. فإني قد أمرت صاحب المكس أن يعلم ما يقدمون به من ذلك، فإن الطعام نافق بالفسطاط، ليس يقدم أحد بطعام، إلا أنفقه. وانظر النصف الباقي فليبيعوه فى أهل الأرض. فإن لم ينفق فى الأرض فليحمله إلى الفسطاط، ولا تؤخرنَّ ذلك، ومُرْ به حين يأتيك كتابي هذا. وابعث على ذلك مَنْ ينفذه، فإني قد أمرت العمال كلهم بذلك. فاكفني ذلك، ولا ألومنك فيه. والسلام على من اتبع الهدى.
  5. من قرة بن شريك، إلى بسيل صاحب أشقوه. فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فانظر الذي بقي على أهل أرضك، مما كان عبد الله بن عبد الملك، قسَّم عليهم من رزقه، ورزق حاشيته وعماله، فنفذه واستخرجه، ثم عجِّل إلىَّ به مع رسولي حين يأتيك، ورسول من عندك، ولا ترسلنَّ إلا بمال طيب، ولا تؤخرنَّ منه ديناراً واحداً. والسلام على من اتبع الهدى.. فى شهر ربيع الأول من سنة تسعين.
  6. من قرة بن شريك، إلى بسيل صاحب أشقوه. فإنى أحمد الله الذى لا إله إلا هو. أما بعد، فإن القاسم بن سيار، صاحب البريد، ذكر لي أنك أخذت قُرىً في أرضك (صادرت ملكية الأرض) بالذي عليهم من الجزية. فإذا جاءك كتابي هذا، فلا تعترضن أحداً منهم بشيء، حتى أُحدث إليك فيهم، إن شاء الله. والسلام على من اتبع الهدى. فى شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين.

وهكذا تدحض هذه الوثائق البردية المعاصرة ما يزعمه بعض المؤرخين من اتهام قرة بن شريك بالظلم والفسق، ويصبح الأمر عبارة عن شائعات وأكاذيب كان يطلقها أعداء الدولة على رجالها، وظل الناس يرددونها جيلاً بعد جيل حتى وصلت إلينا. ولعل الأيام تكشف لنا عن الكثير من أوراق البردي وغيرها من الوثائق المعاصرة التي تعود إلى العصر الأموي، وعندها يمكن أن يتغير كثير من المفاهيم، ومن النظر إلى التاريخ الأموي، كما تغيرت صورة قرة بن شريك بعد اكتشاف هذه الأوراق.

 

دلالة برديات قرة بن شريك في وجوب إعادة النظر فيما روي من إساءات إلى عظمائنا

إن الفرق بين الصورة التي رسمتها الأخبار عن الوالي قرة بن شريك والصورة الأُخرى التي قدمتها الوثائق، تمثل فضيحة مدوية مكتملة العناصر من فضائح التاريخ المنقول بالسند متصلاً ومنقطعاً، تدعونا إلى ما يلي:

  1. إعادة النظر في كل ما وجدناه من مكتوبات تسيء إلى عظماء تاريخنا، أمثال معاوية بن أبي سفيان والحجاج بن يوسف الثقفي، وهارون الرشيد.
  2. رد كل إساءة تنقل عن أولئك العظماء الذين قدموا إنجازات جلى للمجتمع، ورفضها دون نقاش ما دام أنها تفتقر إلى وثيقة تؤيدها، خصوصاً تلك التفاهات التي تخالف العقل من مثل شرب والي المسلمين الخمر وضرب المعازف في المسجد كما نقل عن قرة بن شريك، أو فوق الكعبة كما نقل عن الوليد بن يزيد. وكذلك تلك الروايات التي أساءت إلى العصر الأموي على وجه الخصوص. ولا نتسامح باعتمادها لمجرد تحسين أو تصحيح العلماء دون إضافة شروط موضوعية أُخرى، يأتي السند في آخرها، أو في موضعه الذي يستحقه من الترتيب التسلسلي في مجال التوثيق

 

قبل أن تنطق الوثائق

لو طرحت السؤال التالي: هل تحتاج بعض تلك الروايات إلى تحقيق للنظر في صحتها من بطلانها؟ إن بعضها يحكم العقل بداهة بسخفها واستحالة وقوعها في ذلك الزمان. إن أميراً أو حاكم مدينة صغرت أم كبرت في أي بلد: عربياً كان أم إسلامياً، في زماننا هذا الذي يشهد ضعف تدين الناس وقلة التزامهم، بل واستخفاف بعضهم بشعائر الدين.. لا يمكن أن تبلغ به الوقاحة حد أن يأتي بالخمور والمعازف والمغنين إلى أي مسجد من المساجد كي يشرب ويطرب ويغني المغنون ويرقص الراقصون، وربما الراقصات، في داخله! فكيف يتصور أن يحدث مثله في ذلك العهد والإسلام ما زال في قرنه الأول، ودين الناس والتزامهم قريب عهد بما عليه الصحابة y، بل ما زالت بقية منهم على قيد الحياة، والدولة فتية قوية، وهي قائمة الأركان أساساً على الدين وتعظيمه وإظهار شعائره، وحمايته من أن يناله شيء مما ينقص من حرمته وجلاله؟!

ألا إن عقلاً يتصور أو يحتمل أن يحصل مثل هذا حتى يقيده في كتاب، مذيلاً بسند طال أم قصر، لهو عقل يستحق صاحبه العزاء والرثاء!

كما يمكن للباحث الذكي أن يعرف بطلان بقية ما روي من مزاعم من التدقيق في سند الرواية ومتنها وبعض حيثياتها.

إن أبا سعيد بن يونس الذي نقل عنه الذهبي هذه المعلومات الخطيرة هو عبد الرحمن بن أحمد بن يونس الصدفي، (ت: 347هـ). بحثت عن النص الذي نقله عنه الذهبي فوجدته في تاريخه المعروف بـ(تاريخ ابن يونس المصري)([12])، وقد رواه دون سند هكذا: (وقيل: إن قرة بن شريك كان إذا انصرف الصنّاع… إلخ ما جاء في الرواية آنفاً)، مع أن بين ابن يونس وقرة بن شريك (ت: 96هـ) مئتين وإحدى وخمسين (251) سنة!

أبمثل هذه الروايات التي لا أصل لها يساء إلى عظماء الإسلام! هل يصح ذلك عقلاً؟ أم يجوز ذلك شرعاً والشرع جاء بالتثبت من الأنباء فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات:6)؟ وروى مسلم بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله e: (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع)([13]).

ولا ندري في أي مصدر قال عبد الله (ابن) شوذب (ت: 156هـ) ما قال؟ ولم يذكر الذهبي (ت: 748) سنداً للقول وبينه وبين ابن شوذب مئات السنين. وابن شوذب مولى أصله من بلخ عاصمة خراسان. والرواية في الطعن بالأمويين؛ فلا تقبل؛ لأن رواية الموالي في الأمويين مطعون فيها، وإن صح سندها.

ولي أن أسأل فأقول: هل يعقل أن علماءنا كانوا بهذا المستوى من الجمود؟ وأنهم كانوا مغيبين عن حركة التاريخ والمؤامرة الفارسية إلى هذا الحد؟! أم إن تاريخنا تعرض لتزوير مباشر على يد من له مصلحة في ذلك؟ أم المشكلة في شيء من هذا وهذا؟

أما التزوير فقد حصل منذ ما قبل سقوط بغداد على يد المغول (656هـ/1258). لكن التزوير الأكبر كان بعدها، ونقلت كتبنا إلى بلاد العجم. أشرف على نقلها نصير الدين الطوسي، وأشاعوا أنها أغرقت في دجلة. وصدقت عصافير العقول الإشاعة! لكن هل وجد الذهبي مثل هذا الزور وقام بنقله دون أن يستعمل قواه العقلية من السمع والبصر والفؤد؟ أم إن (الأمن الثقافي) للأمة كان مفقوداً أو واهياً إلى هذه الدرجة الغريبة فمرت أصابع التزوير دون رقيب على تاريخه بعد وفاته؟

على كل الاحتمالات يبرز سؤال آخر: أين علماء التاريخ المتأخرين من هذا العبث والسفه المقيت؟! وأولاهم بالسؤال محقق الكتاب (د. بشار عواد معروف). لقد مر على هذه المعلومات الخطيرة دون أن يعلق عليها ولو بكلمة! أم إن هناك من استنكر لكن صوته لم يصلنا؟ فإن كان، ولا أستبعده فالسبب أن ذلك الجهد لم يوضع على سكة مشروع.

لكنني عندما رجعت إلى (فتوح مصر والمغرب) لأبي القاسم المصري عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم (ت: 257هـ)، وجدت الأمر مختلفاً([14])؛ إذ لم يذكر عنه أياً من تلك السفاسف. وإلى (تسمية ولاة مصر) لأبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي (ت: 350هـ) لم أجد فيه شيئاً من الذم، الذي وجدته عند الذهبي وابن عساكر، بل وجدته اقتصر على مما يثنى به عليه([15]). وكذلك كتابه (كتاب الولاة وكتاب القضاة). ومن التواريخ التي رجعت إليها كتاب (المسالك والممالك) لأبي عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري الأندلسي (ت: 487هـ)، ولم أجد فيها ما يشير إلى ابن شريك بما يذم عليه. ولعل بعد الأندلس عن بيت الكذب والتزوير – إيران – كان السبب في نظافته مما تلوثت به بعض كتب المشرق.

 

 

 

[1]– تاريخ الإسلام وَوَفيات المشاهير وَالأعلام، 2/1158، شمس الدين الذهبي، تحقيق الدكتور بشار عوّاد معروف، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 2003م

[2]– تاريخ الإسلام، 1166، و3/97.

[3]– تاريخ الإسلام، 2/1041، مصدر سابق.

[4]– تاريخ دمشق، 49/305 فما بعدها، ابن عساكر أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله (ت: 571هـ)، تحقيق عمرو بن غرامة العمروي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1415هـ – 1995م.

[5]– النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، 1/217 فما بعدها، أبو المحاسن، جمال الدين يوسف بن تغري بردي (ت: 874هـ)، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الكتب، مصر.

[6]– فتوح مصر والمغرب، ص158، أبو القاسم المصري عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، مكتبة الثقافة الدينية، 1415هـ.

[7]– تسمية ولاة مصر، ص84-86، أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي المصري، تحقيق دكتور حسين نصار، دار صاد، بيروت.

[8]– الأعلام، 5/194، خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الزركلي الدمشقي، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة عشرة، 2002م.

[9]– مقتطفات بتصرف من بحوث ومقالات على شبكة المعلومات، راجع الروابط التالية:

  1. تَعْريف بِالوَثائقِ البرديَّة العَرَبيَّة وَأهَمِيتها في دراسَةِ التَّاريخ الإسْلامي، د. فَـــــالح حسين، الجامعة الأردنيَّــة:

http://historyinarabic.blogspot.com/2012/12/blog-post_30.html

  1. مصر الإسلامية .. في أوراق بردي عربية، موقع إضاءات في 5/6/2015:

https://www.ida2at.com/egypts-islamic-arabic-papyrus-sheets/

  1. والي مصر قرة بن شريك:

https://pearls.yoo7.com/t1201-topic

[10]– مقال بعنوان أهمية تحقيق البرديات، في صحيفة الحياة في 1/1/2005، على الرابط:

http://www.alhayat.com/article/1223557

[11]– يمكنك الرجوع إلى:

– كتاب (برديات قرة بن شريك العبسي)، دراسة وتحقيق الدكتور جاسر بن خليل أبو صفية، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الطبعة الأولى – الرياض، 2004م.

ملاحظة/ تضمن الكتاب (52) نصّاً بالعربيّة، و(76) نصّاً باليونانيّة.

– والي مصر قرة بن شريك. مصدر سابق:

https://pearls.yoo7.com/t1201-topic

[12]– تاريخ ابن يونس المصري، 2/176، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1421هـ.

[13]– وفي رواية لأبي داود وغيره عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ (إثماً) مكان (كذباً). صححها الألباني في السلسلة الصحيحة، 5/39.

[14]– فتوح مصر والمغرب، ص158، أبو القاسم المصري عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، مكتبة الثقافة الدينية، 1415هـ.

[15]– تسمية ولاة مصر، ص84-86، أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي المصري، تحقيق دكتور حسين نصار، دار صاد، بيروت.

اظهر المزيد

‫4 تعليقات

  1. مشكلة الذهبي أنه ذكر ذلك بصيغة الجزم
    ولم يسقه مساق الرواية المحتملة الصحة او الضعف.
    هنا المشكلة فقط.
    اما عند التحقيق فقول الذهبي لا يعتد به إلا بسند متصل صحيح.
    حتى وان لم تظهر هذه البرديات فالتحقيق في السند سينصف قرة بن شريك أو على اقل تقدير سيجعلنا نتحفظ اذا لا سند صحيح لقولهم
    وهو مايعمل به المحققون.

  2. اظن أن الامر فيه تزوير كبير متعمد وإن علماء التاريخ الاسلام براء مما نسب ليهم وكل ذلك بفعل الشيعة الموالي لان الدولة الاموية كانت دولة سنية بمتياز

  3. جزاك الله خيرا وحفظك من كل سوء.. أستاذنا الفاضل.
    دائماً تشرق علينا أنوار علمك التي تضيء بها ظلمات وظلم التاريخ المزور لتفضح بها جرائم وزيف الفرس والمغفلين ممن تصدروا لكتابة تاريخنا وهم معصبوا العقول وساروا كقطيع بلا هادي.
    وقد اثارني هذا التساؤل للأستاذ الدكتور .. وهو منطقي وواقعي..
    لوطرحت السؤال التالي: هل تحتاج بعض تلك الروايات إلى تحقيق للنظر في صحتها من بطلانها؟
    إن بعضها يحكم العقل بداهة بسخفها واستحالة وقوعها في ذلك الزمان. إن أميراً أو حاكم مدينة صغرت أم كبرت في أي بلد: عربياً كان أم إسلامياً، في زماننا هذا الذي يشهد ضعف تدين الناس وقلة التزامهم، بل واستخفاف بعضهم بشعائر الدين.. لا يمكن أن تبلغ به الوقاحة حد أن يأتي بالخمور والمعازف والمغنين إلى أي مسجد من المساجد كي يشرب ويطرب ويغني المغنون ويرقص الراقصون، وربما الراقصات، في داخله! فكيف يتصور أن يحدث مثله في ذلك العهد والإسلام ما زال في قرنه الأول، ودين الناس والتزامهم قريب عهد بما عليه الصحابة y، بل ما زالت بقية منهم على قيد الحياة، والدولة فتية قوية، وهي قائمة الأركان أساساً على الدين وتعظيمه وإظهار شعائره، وحمايته من أن يناله شيء مما ينقص من حرمته وجلاله..انتهى كلامه.
    هذا كاف يغنيك حتى عن البحث في صحة الروايات من عدمها وهي ضربة قاضية ومعلومة كافية لمن أراد كشف عور هؤلاء العوران الذين نقلوا لنا تاريخا مليء بفايروسات الحقد وبكتريا التشويه والتزييف عن خيرة قرون الأمة التي اشتهرت بترصين وثبيت أركان الأمة ونشر الوعي والعدل والأمن حتى لغير المسلمين وهذا واضح من خلال البرديات والواقع والوقائع التاريخية التي ذكرها الأستاذ الدكتور في المقال..
    فإذا كانت هذه سيرهم وهذا عدلهم فلا غرابة أن يشوه الأعداء ويزيفوا الحقائق عنهم.. بل ويسقطوا عليهم أخلاقهم السيئة وجرائمهم التي يأبى حتى ابليس عن فعلها…
    فما علمنا من أحد أهان المساجد وأحالها أثرا بعد عين ونشر الرذيلة داخلها سوى فروخ إيران وشيعتها.. والحاضر قريب منظور شاهد بفعلهم بمساجد العراق والشام وكل مكان حلوا به..
    ومعلوم أن الجينات لاتورث الخلايا وحسب بل تورث السلوك والعادات والتقاليد.. والذي يقرأ التاريخ ويربط ماضية بحاضره يعلم لمن هذه الأخلاق والسلوكيات..
    فالعرب تأبى أخلاقهم أيام الجاهلية فعل ذلك فكيف بهم وقد حل الإسلام بديارهم وهم حملته وأهله.
    (والله أعلم حيث يجعل رسالته) فكانوا(خير أمة أخرجت للناس) فألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها..
    والعتب على الأمة التي أمنت فعدلت فنامت.. وغفل حراسها فعاثت ثعالب المكر وغربان الخراب بحرماتها وأمنها الفكري والثقافي والقومي.
    لقد ابتلينا بنقولات الموالي وعقليات الملالي الذين يهرفون بمالايعرف يعرفون. ويهتفون بمالايعلمون. تراهم ينظرون إليك وهم لايبصرون. لا أطال الله لهم عمرا ولا عمر لهم مقاما..

  4. يوماً بعد يوم نقتنع أنَّ الأمر أكبر من كل تصور ممكن أن نتصوره، فتزييف التاريخ عملية منظمة وليست عفوية أو فردية، إنها تقف وراءها مؤسسات متعددة ومختلفة التقت مصالحها نحو هدف واحد وإن اختلفت منطلقاتها وأحقادها وأهدافها، وهذا شيء طبيعي يمارسه أعداء الإسلام.
    ولكن الشيء غير الطبيعي أن لا تجد أهل الإسلام يبذلون جهداً يتناسب وحجم التشويه الذي طال تاريخهم، بل المصيبة والطامة الكبيرة أن نتلقف هذا التشويه والتحريف على أنها حقائق دون أن نكلف أنفسنا ببحث أو نظرة فاحصة أو إعمال عقل!
    بل صار التشويه تاريخاً مقبولاً والتصحيح صار غير مقبول!
    فيالها من مفارقة إن لم نتداركها سنبقى ندفع الثمن وياله من ثمن!
    جزى الله شيخنا الفاضل على هذه الجهود التي يبذلها نيابة عن مؤرخين وعلماء تنصلوا عن واجبهم بل عن أمة.

اترك رداً على حسنين عبدالله الأموي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى