بحوث ودراسات

العربية أصل لغات العالم

د.طه حامد الدليمي

اللغة العربية الفصحى هي أصل كل لغات العالم.

سأركز في هذه الجولة الممتعة على أمرين جوهريين.. الأول: فصاحة اللغة العربية وقواعدها المركبة. والثاني: شيوع مفردات اللغة العربية في لغات الشعوب المعاصرة.

أولاً : فصاحة اللغة العربية وقواعدها المركبة

وُجدتِ اللغة العربية الفصحى عند بزوغ فجر الإسلام بين أهل مكة، وما جاورها. وفي المناجع والبوادي البعيدة عن المحاضر.

أما بقية القبائل في جزيرة العرب فتنطق بتلك اللغة، إنما بلهجاتها الخاصة، لكنها تخضع للغة قريش في المواسم الجامعة التي تعقد في أماكن محددة، مثل الأسواق كسوق (عكاظ) في (الطائف)، و(المربد) في البصرة قبل أن تخطط هذه المدينة وتأخذ اسمها المعروف بعد الإسلام. في تلك المواسم تلقى القصائد والخطب والرسائل بلغة مشتركة هي لغة قريش. وهذا دليل على سمو لغة قريش، وأنها أصل كل لغة من لغات قبائل العرب. ومنها تفرعت تلك اللهجات. دعونا نقطع الطريق إلى الهدف خطوة خطوة:

 هل اللغة اصطلاح أم توقيف وإلهام ؟

اختلف أهل اللغة في كونها إلهاماً ربانياً أم تواضعاً بشرياً؟ فمنهم من قال: هي اصطلاح تواضع عليه البشر، ومنهم من قال بالإلهام الإلهي. وتحير أبو الفتح عثمان بن جني في كتابه (الخصائص) فقال: هذا موضع محوج إلى فضل تأمل. وظل يورد أقوال الفريقين ويوازن بينهما قائلاً: فأقف بين تين الخلتين حسيراً وأكاثرهما فأنكفيء مكثوراً. حتى إذا انتهى ولم يجزم أو يرجح أحد القولين. قال: وإن خطر خاطر فيما بعد يعلق الكف بإحدى الجهتين ويكفها عن صاحبتها قلنا به وبالله التوفيق([1]). على أن التوقيف رأي الأشاعرة، والاصطلاح رأي المعتزلة، وأن أبا علي الفارسي أستاذ ابن جني قال بالرأيين.

وقد تأملت في الأمر فوجدت اللغة العربية العرباء أو الفصحى لا يمكن أن تكون إلا إلهاماً ربانياً، ولدي قناعة بذلك حد الجزم!

في القرآن الكريم ما يشير إلى أن أصل اللغة إلهام رباني لا اصطلاح بشري، منه قوله تعالى: (وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:31). قال عبد الرحمن البوريني: فإذا كان آدم عليه السلام تعلم الأسماء كلها فقد تعلم اللغة، وكل كلمة هي اسم لما تعنيه. وفي الآية السابعة والثلاثين من سورة البقرة إشارة إلى معرفة آدم عليه السلام بالكلام: (فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)؛ فكيف يتلقى الكلمات وهو يجهل الكلام؟ ويقول سبحانه وتعالى في أول سورة الرحمن: (الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) (الرحمن:1-4). والبيان – لغةً – الإفصاح والتبيين والتعبير عما لدى الإنسان من معان بكامل الوضوح. ولا يكون هذا إلا بلغة كاملة يستطيع أن يعبر بها الإنسان عن أغراضه([2]).

 قواعد اللغة العربية المركبة

بالنظر إلى كون اللغة العربية الفصحى ليست سهلة النطق على ضوابطها المعروفة بقواعد اللغة، وهي قواعد دقيقة معقدة.. فإن القول بأنها ناتج وضع أو اصطلاح بشري لا يبدو منطقياً. وسبب ذلك أن البشر جميعاً يميلون بفطرتهم وطبيعتهم إلى التبسط وعدم التعقيد في كل شيء حتى اللغة. أما التعقيد فأمر طارئ لا يكون إلا لسبب يقتضيه. وهذا سر تكون اللهجات وتغير اللغات عبر تطاول الزمان وتباعد المكان.

إن اللغة حاجة يومية يستعملها الإنسان لتأدية أغراضه، وتأدية الأغراض ليست في حاجة إلى تلك القواعد المركبة المعقدة؛ إذ يستطيع الإنسان إنجاز كل ما يحتاج إليه، حتى الشعر والفن بلغته البسيطة. وهذا نلمسه أيضاً من خلال اللهجات القديمة التي تناسلت عن العربية الأم؛ إذ صارت تتنصل باستمرار عن تلك القواعد… حتى آلت إلى ما آلت إليه في اللهجات الراهنة التي نستعملها اليوم في الجزيرة والعراق والشام ومصر وغيرها.

لم أجد أحداً ذكر هذه النقطة رغم أنها دليل قوي يرتقي في دلالته إلى حد القطع واليقين، وإن احتاج إلى شيء من التأمل. ولو انتبه ابن جني وغيره إلى علاقة التعقيد والبساطة بالأشياء ومنها اللغة ما تحير قط.

إن لغة العرب التي نزل بها القرآن الكريم ذات قواعد مركبة، بل معقدة، ليس من المنطقي أو المعقول أن تكون هذه اللغة وجدت بسيطة ثم طرأت عليها القواعد المعقدة فجأة أو شيئاً بعد شيء؛ فهذا خلاف الجبلة البشرية. إن هذا معناه أن اللغة العربية الفصحى لم تكن فصحى في بادئ أمرها، إنما كانت سهلة خالية – أو تكاد – من القواعد التي تحكمت بها بعد ذلك، إلا القليل الذي لا بد منه، ثم وضعت قواعدها من قبل إنسان أو مجموعة من البشر لسبب دعاهم إلى وضعها. ثم قاموا بنشرها ودعوة أهاليهم وقبائلهم إلى تعلمها، فتقبلوا دعوتهم دون اعتراض وراحوا يتعلمونها ويجهدون أنفسهم في حفظها وتطبيقها. هكذا في عملية تخالف ما فُطر عليه البشر من ميل للتبسيط بعيداً عن التعقيد.

هل من سبب مقنع دفع أولئك المفترضين الأوائل ليخترعوا قواعد مركبة تعقد لهم لغتهم؟ أو حاجة تلجئهم لمثل هذا العمل المعقد المخالف لفطرتهم؟ بداهة العقل تنكر ذلك.

فمن أين إذن جاءت هذه اللغة الدقيقة وهي مما لا يتماشى مع فطرة البشر؟

الجواب المنطقي هو أنه لا بد أن تكون اللغة العربية الفصحى قد وجدت كما هي عليه بقواعدها المعروفة. فلم تتطور لغتنا مع الزمن؛ إن التطور يجر اللغة إلى التخفف من قواعدها. ولم توضع من قبل البشر؛ لأن البشر – ومنهم العرب – لا يوجد سبب يلجئهم إلى اختراع لغة بهذه الدقة البالغة: نحواً وصرفاً وبلاغة. وليسوا في حاجة في مناشط حياتهم المختلفة تجرهم إلى مثل هذه اللغة المعقدة، إنما يكفيهم أن يتكلموا لغة تلبي حاجاتهم مع قواعد بسيطة قليلة، وهو واقع جميع اللغات سوى العربية. وعلى هذا الأساس تكون اللغة العربية الفصحى قد وضعت من قبل جهة أُخرى خارج نطاق البشر. فما هي تلك الجهة؟

 قصة أبينا آدم عليه السلام

إن قصة أبينا آدم عليه السلام تجيبنا على هذا السؤال، وتفسر لنا هذا الإشكال.

لقد هبط أبو البشرية آدم إلى الأرض وهو يتكلم لغة العرب الأولى بقواعدها المعلومة، وإليها الإشارة بقوله تعالى: (وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا) (البقرة:31)، وقوله: (خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) (الرحمن:3،4). وأورثها أبناءه من بعده وظلوا يتوارثونها جيلاً بعد جيل. على هذا الأساس يكون موطن أبينا آدم عليه السلام في جزيرة العرب، والراجح أنه مكة؛ إذ فيها أول بيت للعبادة في تاريخ الأرض، كما قال تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) (آل عمران”:96). وآدم عليه السلام أبو البشر؛ فهو أولهم وجوداً على وجه الأرض. وكنبي يتعبد الله تعالى غدواً وعشياً هو وذريته – وقد كثروا في حياته – لا بد له من مسجد يصلي فيه، فيكون ذلك المسجد هو أول بيت للعبادة في الأرض. إذن كان نزول آدم في مكة. وفيها كان الإنسان الأول والمولود الأول، واللسان الأول، وهو اللغة العربية الفصحى، قبل أن تختلف الألسن باللغات. ومن هناك انتشرت ذريته في أصقاع الأرض فكان اختلاف ألسنتهم وألوانهم بحسب بعدهم عن موطن الإنسان الأول: مكاناً وزماناً.

بكة أم مكة ؟

ورد اسم مكة في القرآن الكريم مرتين: مرة باللفظ المعروف اليوم، وذلك في قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ) (الفتح:24). ومرة بلفظ (بكة)، في قوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) (آل عمران”:96). فما السر في هذا التفاوت؟ نعم شيء طبيعي أن يحصل الإبدال بين الباء والميم فيقال: مكر بدل بكر. واطبأننت بدل اطمأننت. كما بين الفاء والميم فقيل: مصطفة بدل مصطبة. وبين الهمزة والعين فقالوا: أشهد عنَّك لرسول الله. ومن هنا كتبوا الهمزة عيناً مقطوعة… وهكذا. لكن الله تعالى لا يعدل عن شيء إلى شيء إلا لسبب.

في رأيي أن الأولية المقترنة ببكة تشير إلى أن اللفظ الأول لكلمة مكة كان (بكة)، فمالوا بها إلى (مكة) إيثاراً للخفة التي يتمتع بها الميم نسبة إلى الباء، الذي يميل إليه أهل المدن.

والاسم مأخوذ من البك. قال الخليل: البك: دق العنق. وسميت مكة: بكة، لأن الناس يبك بعضهم بعضاً في الطواف، أي: يدفع بعضهم بعضا بالازدحام. ويقال: بل سميت، لأنها كانت تبك أعناق الجبابرة إذا ألحدوا فيها بظلم([3]).

أما قوله تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ) (الحج:26) فمعناه: أرشدنا ودللنا، ووطأنا وهيأنا وأنزلنا. وهو كقوله تعالى: (وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ) (يونس:93). كذا قال الشوكاني في (فتح القدير)، والشنقيطي في (أضواء البيان) وغيرهما. يقول الشنقيطي: فقوله: بوأنا لإبراهيم مكان البيت: أي هيأناه له وعرفناه إياه ; ليبنيه بأمرنا على قواعده الأصلية المندرسة، حين أمرناه ببنائه، كما يهيأ المكان لمن يريد النزول فيه.

وهذا يدل على أن بيت الله الكبير بمكة سابق على وجود سيدنا إبراهيم عليه السلام. وإذا جمعت الأدلة القرآنية واللغوية وتاريخ وجغرافية اللغة العربية يتبين لك أن سيدنا آدم عليه السلام هو الذي بنا بيت الله بمكة. وأن مكة هي موطنه، ومنها انتشرت ذريته في الأرض.

ثانياً : شيوع مفردات اللغة العربية في لغات الشعوب المعاصرة

عندما كثرت ذرية أبينا آدم، عرضت لهم أسباب، كضيق الأرض بهم والفيضانات والبراكين، اضطرتهم للخروج من جزيرتهم، فخرجوا ومعهم لغتهم الأصلية. ولا يبعد أن يكون قد طرأ عليها شيء من التغيير قبل الخروج لدى الذين انتشروا في الجزيرة قبل الخروج منها. وهذا لا بد منه. ومع مرور الزمن واختلاف البيئة، وانسياقاً مع الفطرة التي تضيق بالتعقيد وتجنح إلى التبسيط، صار البشر يتخففون شيئاً فشيئاً من القواعد والحروف. وهكذا ولدت لهجات جديدة، لكن بقي أصل اللغة، كما عليه حال العرب اليوم، تجمعهم لغة واحدة في أصلها الجامع، مختلفة في لهجاتها الخاصة.

وبتباعد المسافات عن البيئة الأولى وتقادم الزمن تغيرت لغات البشر النازحين من الوطن الأصلي لوجودهم، وهو جزيرة العرب، تغيراً شديداً حتى ما عادت الأذن تستشعر أن ثمة رابطاً أو شبهاً بين اللغات الحادثة واللغة الأصلية. وبتغير اللغة والبيئة والعوائد والمصالح والأشكال والمظاهر، تغير متكلموها وانقطع بعضهم عن بعض حتى صار أصحاب كل لغة شعباً قائماً بحاله. وبانقطاعهم عن لغة العرب بلهجاتها الحادثة انقطعوا عن الأصل العربي، وتحولوا من عرب إلى أعاجم ومجاميع بشرية، كل مجموعة تعود إلى عرق خاص، يقطن قطراً من الأقطار، أو أقل أو أكثر.

العجمة إذن هي عجمة اللسان. والعربية هي عربية اللسان. وقد ورد في ذلك حديث ضعيف لكن معناه صحيح من بعض الوجوه كما قال شيخ الإسلام. والحديث: (يا أيها الناس إن الرب واحد، والأب واحد، وليست العربية بأحدكم من أب ولا أم، وإنما هي اللسان، فمن تكلم بالعربية فهو عربي). قال ابن تيمية: هذا الحديث ضعيف، وكأنه مركب على مالك (أي منسوب إليه)، لكن معناه ليس ببعيد، بل هو صحيح من بعض الوجوه([4]).

شيء طبيعي أن يتكلم الأولاد لغة أبيهم. فحمل أبناء آدم معهم لغته إلى مناطقهم الجديدة. وبمرور الزمان وتباعد المكان تحولت اللغة الأصلية إلى لهجات محلية. كان من أولها اللغة السريانية الشرقية والفينيقية الغربية، وذلك باستغناء اللهجتين الأخيرتين عن إعراب أواخر الكلمات، وبقيت العربية الأصلية على الأصل من فصاحتها بحركاتها الثلاث: الضم والفتح والكسر مع التنوين، لتثبت الأولى على الضم، والثانية على الفتح دون تنوين كما في البيان التالي:

اللغة

الرفع النصب الجر

التنوين

الفصحى كتابٌ كتاباً كتابٍ
السريانية/الآرامية كتابو كتابو كتابو

×

الفينيقية كتابا كتابا كتابا

×

 

ولأن السريان والفينيق قريبو عهد: زماناً ومكاناً باللغة الفصحى كان التغيير بسيطاً فكان إرجاع مفرداتهم إلى أصلها أيسر من سواها. وهذا يعني أنه كلما كان الابتعاد الزماني والمكاني أكثر كان التغيير أكثر، حتى يصل إلى فقدان الصلة في كثير من المفردات، عدا المفردات الجديدة الحادثة بفعل الحاجات المستجدة، وضعف القدرة على استنسال الألفاظ المتبقية من اللغة الأصلية التي تمتاز بمرونتها وقدرتها على الاشتقاق. وهذا يفسر قلة الاشتقاق عند اللغات العالمية المعاصرة كالإجليزية والفرنسية والروسية. انظر إلى الجدول التالي:

العربية

الإنجليزية

كتاب Book
كاتبٌ Writer
مكتبٌ Desk

معظم مفردات اللغات العالمية وغيرها مشتقة من العربية

ما سبق بيانه يعني أن لغة واحدة كانت في الحقُب الأولى من التاريخ تهيمن على لسان سكان الأرض. فما هي تلك اللغة؟ أي اللغة الوحيدة التي لها في كل اللغات العالمية جذور تمثلها؛ لتكون هذه اللغة هي اللغة الأصلية التي نطق بها أبونا آدم وأبناؤه وذريته من بعده.

لقد دل الدين، وعلم التاريخ والآثار والميقاتية (الكرونولوجيا) التي يحدد بموجبها عمر الأثر وزمانه، كما دلت البحوث والدراسات الحديثة[5]، ودل الدليل الواقعي الاستقرائي للغات العالم اليوم أن هذه اللغة هي العربية.

إن اللغة العربية هي اللغة الوحيدة من بين اللغات التي تنتشر جذورها في كل لغات الكون. وأولها اللاتينية، التي يزعم الأوربيون أن لغاتهم اشتقت منها. ويتناسون اللغة الأصل التي اشتقت منها وتشهد جذورها عليها. إن أكثر من 60% من مفردات اللغة اللاتينية عربية الأصل. وكذلك الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية، وغيرها كاللغة اليونانية والمالطية والفارسية والتركية.

وبالعودة العكسية من آخر الخيط إلى أوله للكشف عن تلك اللغة الأصلية، نجد جذور لغات أوربا تعود إلى اللغة العربية الغربية أي الفينيقية، والفينيقية تعود إلى العربية الفصحى. ومهد الفصحى هو جزيرة العرب. وهذا يضع أيدينا على حقائق جوهرية منها:

  1. أن اللغة العربية الفصحى/العرباء هي لغة أبي البشر آدم عليه السلام.
  2. وأن جزيرة العرب هي مهبط أبينا آدم.
  3. وأن اللغة العربية أصل لغات العالم.
  4. وأن لغتنا العربية – لم تمر كبقية اللغات – بمرحلة طفولة ونمو ثم شباب ثم كهولة. ولن يؤول أمرها بمرحلة شيخوخة ثم موت. وهي تشبه في هذه الخصيصة كتاب الله تعالى. فكتابنا العربي وضع رباني، ولغتنا العربية وضع رباني. وأنهما باقيان خالدان ولن يموتا أبد الآبدين؛ فكتابنا محفوظ بحفظ الله جل في علاه. ولغتنا محفوظة بحفظ كتاب الله!

أخيراً أقول: إن كتاب الله مكتوب في اللوح المحفوظ منذ الأزل بلغة العرب بما فيها من قواعد وضوابط. لا يعقل البتة أن مجموعة من البشر اتفقت فوضعت لغة معينة فجاءت تلك اللغة مطابقةً في ألفاظها وقواعدها لما كتبه الله تعالى في لوحه المحفوظ منذ الأزل! إن هذا دليل لا يُرد، يضاف إلى ما سبق طرحه من أدلة على أن لغة العرب إلهام وتوقيف رباني، لا وضع واصطلاح بشري. وأنها أصل لغات العالم، بل لغات الكون أجمعين.

 

2020/7/5

……………………………………………………………..

[1]– الخصائص:1/48، أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط4.

[2]– اللغة العربية أصل اللغات كلها، 26-27، عبد الرحمن أحمد البوريني، دار الحسن للنشر والتوزيع، ط1، 1419هـ، 1998م.

[3]– كتاب العين، 5/285، الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري، تحقيق د. مهدي المخزومي، د. إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال.

[4]– اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم، ص461، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي، تحقيق  ناصر عبد الكريم العقل، دار عالم الكتب، بيروت – لبنان، الطبعة السابعة، 1419هـ – 1999م. ومعنى (مركب على مالك) أي: مكذوب عليه. والحديث قال عنه الألباني (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، 2/325): ضعيف جداً.

[5]– انظر مثلاً: معجم الفردوس قاموس الكلمات الإنجليزية ذوات الأصول العربية، الدكتور مهند عبد الرزاق الفلوجي. اللغة الفرنسية لغة عروبية، محمود عبد الرؤوف القاسم. موسوعة تاريخ سوريا الحضاري، د. أحمد داود.

 

Show More

8 Comments

  1. كل العادة يادكتور تعيد الامور الى نصابها والأشياء الى جوهرها وحقيقتها ، مشكور لقد ملئت نفوسنا فخرنا وعزا بلغتنا وكتابنا وديننا ..

  2. جزاك الله خيرا دكتور على هذا الإنجاز في إثبات خلود لغتنا العربية الجميلة الخالدة
    لغتي الخالدة
    لا تلمني في هواها أنا لا اهوى سواها
    لست وحدي تفاديها كلنا اليوم فداها
    نزلت في كل نفس وتمشت في دماها
    فبها الام تغنت وبها الوالد فاها
    وبها العز تجلى وبها العلم تباهى
    كلما مر زمان زادها مجدا وجاها
    لغة القرآن هذي رفع الله لولاه
    _______________*حليم دموي
    وخير ما اوجزت بعد التفصيل
    قولك:
    : إن كتاب الله مكتوب في اللوح المحفوظ منذ الأزل بلغة العرب بما فيها من قواعد وضوابط. لا يعقل البتة أن مجموعة من البشر اتفقت فوضعت لغة معينة فجاءت تلك اللغة مطابقةً في ألفاظها وقواعدها لما كتبه الله تعالى في لوحه المحفوظ منذ الأزل! إن هذا دليل لا يُرد، يضاف إلى ما سبق طرحه من أدلة على أن لغة العرب إلهام وتوقيف رباني، لا وضع واصطلاح بشري. وأنها أصل لغات العالم، بل لغات الكون أجمعين.

    20

  3. بوركت دكتور فالحوار بين الله عز وجل وبين آدم وكذلك بين آدم والملائكة وآدم وإبليس كل هذا يدل على أن هناك لغة مشتركة بينهم

  4. ما شاء الله تبارك الرحمن، والله إني أحبك في الله يا شيخي الفاضل، يا مجدد العصر… كم أحلم أن أساعدك في تحقيق مشروعك و أبذل فيه المال و النفس …. أنا متابعك من مصر و بإذن الله سأحمل على عاتقي نشر مقالاتك و دعوتك لأهلي و ناسي، و إن شاء الله السنة في المغرب العربي سيتحدون مع السنة في المشرق العربي في المشروع و الهدف و هو تدمير التشيع و الفرس للأبد، و إني والله لأراه قريبا.

  5. بكة ليست مكة. وإنها تقع في تعز جنوب اليمن .هذا إعتماد الدكتور أحمد داوود وأفردت ابنته حلقة خاصة حول هذا الموضوع. ممكن تعطينا رأيك فيما جاء فضيلة الدكتور؟ مع الشكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button