معادلة المشروع السني وخط الاتجاه.. مقاربة الاهتداء للحل الصحيح
م.حسن قزاز / التيار السني في العراق
يُعَرَّف القانون التجريبي على انه هو قانون أو صيغة رياضية، مبنية على المشاهدات والتجارب لا على البرهنة او الاستنتاج من قواعد أو قوانين نظرية. ويعتبر الاتجاه التجريبي من أفضل مذاهب البحث العلمي لان هذا المذهب يعتمد بالأساس على التجربة العلمية القائمة على قواعد المنهج العلمي، مما يتيح فرصة عملية لاختبار الاستنتاجات للتأكد من تطابقها مع الحقائق الموضوعية الأمر الذي يقدم أسس لوضع القوانين عن طريق هذه التجارب.
خطر ببالي هذا التعريف وانا اقرأ مقالة للدكتور طه الدليمي تتكلم عن تجربة الشيخ محمد سعيد النقشبندي في وقف الزحف الشيعي على سامراء نشر في موقع التيار السني، فعلقت عليها بشيء من الاسهاب في تمثيل العلاقة والربط بين التجارب والنظريات، فرد علي الدكتور وطلب مني ان اصيغها على شكل مقالة، وها انا ذا اضعها بين ايديكم.
التجارب الناجحة وخط الاتجاه
اذا اردنا ان نستنتج العلاقة الرياضية او (القانون التجريبي) بين أي من المتغيرات (على سبيل المثال عدد السكان وعلاقته مع الوقت) ونمثلها على شكل رسم بياني فان هذه العلاقة ستكون مبنية على احصائيات التعداد السكاني وستتمثل على شكل خط يسمى بخط الاتجاه .(Trend line)ويمكن من خلاله صياغة معادلة تعطي عدد السكان التقريبي لاي وقت يقع بين تعداد سكاني واخر، او يمكنك من خلاله التنبؤ بعدد السكان المستقبلي ، كما انه ليس بالضرورة ان يمر هذا الخط بكل النقاط التي حصلنا عليها من الاحصائيات المسجلة ، واعتماد القيم التي يعطيها هذا الخط لا يعتبر خطأً حتى لو لم تكن الأرقام دقيقة مئة في المئة مادامت انها ضمن حدود اتجاه هذا الخط.
ومن هنا انطلق الفكر السني ليكسر القاعدة التي تؤمن بالحلول الصفرية او الفرضيات المثالية إذا كانت ضمن بوصلة خط الاتجاه الصحيح، فهو بيت القصيد في ذلك وتبقى التفاصيل لتشكل نسبة الخطأ التي عادة ما تكون مهملة. فكان استغلال الحملة الايمانية في عهد صدام رحمه الله لكبح جماح الشيعة أبرز ما ميز فكر الدكتور طه عن بقية الافكار في تلك الحقبة، عندما برزت تيارات تنادي بمقاطعة هذه الحملة بحجج اعانة الطغاة او الصبغة العلمانية التي كانوا يشيطنون صدام بها. فكانت تجربة الاستعانة بقوة الدولة تجربة ناجحة بكل المقاييس.
وتجربة الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله عندما تحالف مع امير الدرعية محمد ابن سعود وسخر جيش الامارة لنصرة دعوته تجربة اسفرت عن ولادة دولة قوية مترامية الأطراف.
وقصة الشيخ محمد سعيد التي تعكس وعي الشيخ وإدراكه لضرورة الاستعانة بقوة والوالي والسلطان واستثمار تلك القوة لصالح المشروع تجربة أوقفت المد الشيعي في مدينة تضم مرقدين من مراقد الشيعة الاثني عشر.
التقاء القانون مع النظرية
هذه التجارب عبارة عن نقاط احصائية جمعها الدكتور طه ورسم خطا يمر من وسطها لتشكل معادلة يمكن من خلالها التنبؤ بالحلول المستقبلية لمشاكلنا وتحدياتنا الراهنة، اي يمكننا ان نهتدي الى الموقف الاصح والاصلح تجاه الاحداث الحاضرة والمستقبلية وفق ما تعطيه معادلة هذا الخط من بيانات، وللتذكير.. انا هنا أتكلم بخصوص ما تمثله هذه العلاقة في جانبها العملي والتجريبي، ولكن عندما نقارن النتائج مع ما نظَّر به الدكتور طه في وصفه المتميز للهداية التي تقوم على مزيج مركب من عناصر العلم والعمل والواقع لتتفاعل فتنتج مشروعاً ترعاه مؤسسة، نرى ان هناك تطابقا في تلك المواقف والنتائج، فجميع هذه التجارب امتلكت تلك العناصر، وحينما تتطابق النظريات مع الحقائق وتتلاقى القوانين التجريبية مع السنن والآيات الكونية في أي مشروع فاعلم بانه على الطريق الصحيح وان المشروع قد اجتاز الاختبار وبرهن على صواب منهجه، (و.هـ.م.)… او (وهو المطلوب) كما يقال في لغة المبرهنات الرياضية.
المعادلة تتكلم
ان العراق سفينة غارقة لا محالة.. وما لم توجد قوة خارجية تنقذها من السقوط في قاع المحيط فان من بداخل السفينة غير قادر على منع الكارثة، ولكن يبقى السؤال من هو المنقِذ؟ ومن المنقَذ؟.. وسأدع العلاقة البيانية التي وضعها الدكتور تجيب عن هذا السؤال في جانبها المتعلق باستثمار القوة لصالح المشروع.
اما عن المنقِذ فلا تشير العلاقة لغير السعودية كقوة اقليمية بدأت تأخذ دورها الحقيقي في المنطقة ومعها دول التحالف العربي وما الهجمات المسعورة التي تتعرض لها على مختلف الأصعدة الا دليل على التهديد الذي باتت تشكله على نظرية (امن الغرب يبدأ من الشرق)، فالتمسك بها بات واجبا شرعيا وضرورة يفرضها الواقع فهم اخوة في العقيدة والدم وامنهم من امننا وامننا من امنهم.
اما المنقَذ.. فتقول المعادلة بان هؤلاء الشيعة لا يستحقون الانقاذ لأنهم هم من خرقوا السفينة وسيخرقون سفينة من ينقذهم بكل تأكيد، والاكراد قد سبقوا الاحداث وصنعوا لأنفسهم قارب نجاة في إقليم مستقل. ولم يبق الا نحن اهل السنة، فان لم يكن لنا كيان يجمعنا وهوية توحدنا كي نقفز الى سفينة الإنقاذ العربية فسيعجز المنقِذ من التقاط فتات الايادي المتناثرة بين حطام السفينة الغارقة، وهذه هي المرحلة الاصعب والاهم والتي تقع على كاهل حملة التيار السني.. فتغيير القناعات وصناعة الهويات هي مهنة الأنبياء وبدونها نكون نحن من خرقنا آيات وسنن الوحي وكذلك قوانين الكون ونظم الطبيعة.
2021/3/6
قلم رشيق وصياغة علمية مركزة..
شكرا جدا على هذا المقال الرائع الذي يوضح الاصالة والعلمية في الفكر السني …
نحن أمام مقالة فيها الجدة والجدية في الإصرار على إنماء فكر المشروع، هذا السطور يا أستاذ حسن نُكبرها ونكبر كاتبها، وذا ليس إطراءً بل هو هو ذاته الذي نسعى إليه حاثين الفكر والقلم والجهد.
ها أنت ذا تضع يدك على أمر مهم في تحويل المنهج لبرنامج تعبر به إلينا بكل سهولة.
فجُزيت من قلم وفكر عنا الحسنى وزيادة
حياك الله شيخنا ابا نادر .. منكم ومن تاصيلات الدكتور طه الدليمي اخذت مداد لهذه الكلمات .. وهذا ما يستحق الاكبار .. فليس لي بها من شيء سوى ما يفتحه الله علي من ربط بين ما انهله من مفردات الفكر وبين ما تعلمته بحكم التخصص العلمي.. نسأل الله القبول .. حفظكم الله جميعا
شكرا جزيلا لك اختي الفاضلة
شكرا جزيلا لك اختي الفاضلة.
قوانين الكون واحدة، إنما تتنوع تجلياتها بتعدد مجالاتها.
تطابق القانون الكوني مع القانون الشرعي مع التجربة.. أعظم دليل على صحة المنهج والتطبيق.
وجدتك أخي المهندس حسن أكثر الذين استثارتهم هذه الحقيقة يوم كتبتُ عنها قبل أكثر من سنتين مقالاً يستثمر قانوناً حركياً فيزيائياً لاستنتاج قانون اجتماعي وتطبيقه على واقعنا؛ فجئت أنت فعبرت عنها بعدة مقالات! والجميل أنك تناولتها من باب اختصاصك الهندسي.
أشكر تلبيتك لما اقترحته عليك.
أما المقال فهو ينطق عن نفسه بالرصانة والعمق.
تحياتي 👌🏻
اصبت يا دكتور .. فقد كنت جالسا مع مجموعة من الاصدقاء قبل اكثر من سنتين ودار حديث بيننا حول تغلغل الشيعة في محافظات السنة و ضعف مواقفهم بالرغم من كونهم اغلبية ، فانقدح في ذهني مثالا وقلت لاحدهم وكان مهندسا ايضا ليس المهم فقط اعداد السنة ولكن على اي بعد يجلسون في عتلة الوطن ، فان الزيادة في ذراع القوة له نفس اهمية القوة نفسها .. اليس هم وحدهم من ينادون بالوسطية والوطنية ؟ اذن مهما كان عددهم فانهم سيضربون بذراع طوله صفر وستصبح قيمتهم صفرا..
اعجبني هذا التشبيه وقررت ان اكتب فيه مقالة تتناول هذه الفكرة .. فاذا بك تسبقني وتكتب في نفس التوقيت عن نفس الموضوع بالضبط .. وعليه قررت ان اعوض الخسارة التي لحقت بي فتناولت مواضيع تطابق القانون الكوني مع القانون الشرعي من عدة اوجه بحسب رؤيتي الهندسية له..
احمد الله بان شهادتك يا دكتور في الطب وليس في الهندسة .. والا لما كنت لتدعني انشر مقالا واحدا 😀😊 فانال شرف المشاركة على هذا الموقع المبارك ..
حفظكم الله تعالى 🌷🌹🌸
تكييف رائع لعلم القانون في وصف الحدث
بصراحة
براعه وبمثابة مدخل لافت يُتبع ويُثبت تداخل العلوم وتتساوق مع حركة الكون وتصرخ بصحة منهجنا
شكرا لمن كتبه وادعوه الى المزيد
شكرا لك اخي عبد الله .. والشكر الكبير لمن علمنا واخذ بيدنا في رحاب هذا الفكر الرابع .. فعرفنا روعته وجماله وتناغمه مع الكون
مقال رائع يطرح نموذج فكري نوعي حول المشروع السني الذي اطلقة الدكتور طه الدليمي حفظه الله. جزاك الله خيرا استاذ حسن القزاز وزادك الله من فضلة وكرمه ماهو مفيد لمشروعنا السني
وجزاك الله كل خير اخي الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
ما شاء الله لا قوة الا بالله
رائع استاذ حسن
ماذا عساي أن أقول بعد تلك التعليقات التي سبقتني وفي مقدمتها تعليق الدكتور طه الدليمي حفظه الله
ذكرتم وجود مرقدين للشيعة في سامراء للدلالة على أهية المدينة لهم، وأضيف لذلك وجود الغيبة المزعومة للغائب المزعوم.
وفقكم الله استاذ حسن
شكرا جزيلا اخ عبد الله على هذه الكلمات، اهمية سامراء امست واضحة جدا بالنسبة للمشروع الشيعي الصفوي في بلادنا وما الاحداث الاخيرة في الطارمية وغيرها الا لافراغ المنطقة الواصلة بين بغداد وسامراء من السنة ، ثبت الله اهلنا هناك واخزى الشيعة ورد كيدهم الى نحرهم