سياسةمقالاتمقالات أخرى

تفريس بغداد.. عبر القانون (1)

الحقوقي: معاوية الميلب

بات من المعروف أن:

الشيعي لا يشعر البتة بالإنتماء إلى الوطن الذي يولد ويعيش فيه, فوطنه (شيعيته)، و التشيع يجعل من أتباعه جالية إيرانية أينما حلوا.الشيعة لا يؤمنون بالتعايش مع شركائهم في الوطن، وعادة ما ينقضون عهودهم الوطنية معهم، فمتى ما سنحت لهم الفرصة راحوا يقتلون وينتهكون ويسلبون وينهبون.

إلى الوراء قليلاً
لنرجع إلى التاريخ قليلاً, ليس بعيداً، إلى نهاية الحكم العثماني، حيث لا يغيب عن كل باحث: أن جنوب العراق في العهد العثماني كان يسكنه بعضٌ من الشيعة الفرس والذين نزحوا إليه أثناء الفتوحات الإسلامية، وكانت معيشتهم متخلِّفة، وأوضاعهم مستقذَّرة، وهذا يصفه الدكتور علي الوردي في كتبه التي تتكلم عن واقعهم وعيشهم في (الصرايف).

فهم ليسوا كسكَّان العراق الأصليِّين العرب السُّنة، فأهل السُّنة يمتازون ويتميَّزون بكل ما يُثنى عليهم فيه، ديناً وسلوكاً، أفراداً وجماعات.

إذاً لا بد أن يفترق عنهم هذا الصنف المُحدَث الطاريء على العراق من الفرس أحفاد (حمراء الكوفة)!

أما في الحالة السياسية فلهؤلاء كثيرٌ من المشاكل داخل الدولة، قديماً وحديثاً.

واستطراداً؛ يقول الدكتور إدريس الرفاعي: حمراء الكوفة هم من أوقعوا ونصبوا الشِراك وخدعوا الحُسين، فجاءوا به إلى الكوفة لُيقتل هناك بسببهم.

في نهايات القرن التاسع عشر أصدر العثمانيون في أواخر عهدهم قانوناً للجنسية، وهذا القانون هو وسيلة من وسائل الدولة لتسهيل عملية السيطرة على الناس.

صَنَّف هذا القانون السكانَ إلى قسمين: الأول يحمل التبعية العثمانية، وهم سكان العراق الأصليين، وغالبيتهم من العرب السُّنة، والثاني يحمل التبعية الإيرانية، وهؤلاء هم الشيعة من الأصول الفارسية، وكان هذا التصنيف إختيارياً لكل من يقطن أرض العراق، لكن نسبة كبيرة من أصحاب الأصول الإيرانية حملت التبعية العثمانية، ليكون لها فيما بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة تأثيرٌ كبيرٌ في زعزعة الأمن وتهديد السلم والأستقرار!

بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة أُصدر قانون الجنسية العراقي لسنة 1924 والذي جعل من الجنسية العثمانية المصدر الأول للحصول على الجنسية العراقية الحديثة، وأدى هذا القانون إلى منع كثير من أصحاب التبعية الإيرانية من الحصول على الجنسية العراقية، بعد ذلك مر قانون الجنسية العراقي بعدة تعديلات.

في سبعينيات القرن الماضي صار حملة التبعية الإيرانية يشكِّلون تهديداً أكبر على أمن المجتمع وأمن الدولة ككل, فعمدت الدولة إلى ترحيل الآلاف منهم بعد ثبوت ضلوعهم في العمالة للخُمينية الطارئة، واستمرت هذه العملية إلى ما بعد قيام ثورة الخميني المشؤومة عام 1979, حيث جاء الخميني بمشروع التشيُّع الكسروي العابر لحدود إيران جغرافية وسياسة وعقيدة, وهذا ما أدى إلى تجنيد الشيعة في العراق للعمل من خلالهم على تهديد أمن العراق واحتلاله فيما بعد, فكانوا كالعلقمي في زمانه, بل هم أشد, فهم أحفاده!

وقُبيل بداية الحرب العراقية – الإيرانية أصدر مجلس قيادة الثورة العراقي القرار رقم 180 والذي يقضي بعدم تجنيس من يمثل وجوده في العراق (ضرراً على أمن الدولة وسلامة العراق), تبع ذلك قانون الجنسية العراقي المعدل لسنة 1980 الذي أسقط الجنسية العراقية عن الأصول الإيرانية المكتسبين الجنسية العراقية وترحيلهم, تلا ذلك قرارات عدة منها: منح كل عراقي يقوم بتطليق زوجته ذات التبعية الإيرانية أو تسفيرها مبلغاً محدداً من المال.

على إثر هذه القوانين والقرارات تم ترحيل أعداد كبيرة من (أبناء الجالية الإيرانية) إلى موطنهم الأصلي (إيران), أستثمرت إيران هذه الأعداد الكبيرة، فتم تدريبهم وتجهيزهم للقتال بصوف (الحرس الثوري الإيراني) بالضد من موطنهم السابق (العراق) خلال حرب الثمانينات, وتم إنشاء منظمة بدر الجناح العسكري لحزب الدعوة والتي هي تحت إشراف الحرس الثوري, لتقاتل العراق مع إيران وشيعتها, وهنا صدق فيهم قول العارف بهم الدكتور طه حامد الدليمي: “الشيعي جنسية وطنية وولاء إيراني”

لكن كل هذه القوانين والقرارات تم إلغائها من قبلهم في عام 2003 بموجب المادة (11) من قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت، لتنهار الدولة العراقية حتى في ضوابطها التجنسية، كما الحال في انهيار الجيش العراقي الباسل وكل مؤسسات الدولة العراقية الحديثة من 1921.

 ماذا جرى بعد الاحتلالين؟

بعد الاحتلالين استحوذ على العراق حملة التبعية الإيرانية ليشرعوا ما طاب لهم من القوانين لتفريس العراق ومنح الجنسية واستردادها للأصول الإيرانية المسحوبة منهم خلال القرن الماضي, فشرعوا قانون الجنسية لسنة 2006 ليكون أكبر وأخطر عملية تفريس قانونية في تاريخ العراق, حيث يعمل القانون بأثر رجعي –خلافاً للقواعد العامة- في إسترداد الجنسية ومنحها, فاستفاد من هذا القانون بشكل خاص كل الإيرانيين الذين سُحبت منهم الجنسية العراقية خلال ثمانينات القرن الماضي وما قبلها, وكذلك أولاد الأم العراقية, الذين لم تسمح لهم كل قوانين الجنسية التي شرعت من قبل بحمل الجنسية بناءً على هذه الخاصية (جنسية الأم), ذلك لما فيه من خطر على أمن الدولة كما يقول القانونيون والسياسيون لأن ولائهم حتماً سيكون لدولة جنسية أبيهم أو الدولة التي ولدوا فيها.

ذهبوا مع عوائلهم إلى إيران فزوَّجوا أعداداً كبيرة من بناتهم للإيرنيين، فضلاً عن زواجهم منهم هناك، فنتج عن ذلك ولادات وباعداد مضاعفة، لتأتي المادة (3) فقرة (أ)من قانون الجنسية لسنة 2006 ببدعة قانونية خطيرة لم تعرفها قوانين الجنسية العراقية القديمة، حيث نصت هذه المادة على أن: يعتبر عراقياً (من ولد.. لأم عراقية), القائمة على نص الفقرة (ثانياً) المادة (18) من دستور 2005 النافذ، فلم تكن تثبت الجنسية العراقية للمولود من أم عراقية في قانون الجنسية السابق، باستثناء من كان أباه عديم الجنسية، أو مجهول الأب، على إثر هذا القانون صار يتردد على دائرة الجنسية العامة، ويزاحم الناس الآلاف من أصحاب الوجوه الغريبة والتضاريس غير العربية، نعم فكانوا هم أنفسهم أصحاب الأصول الإيرانية وأبناء العراقيات اللاتي تزوجن في إيران, جاءوا لاسترداد الجنسية عبر القانون, فهو حق قانوني كما يدّعون!

فكان لقانون الجنسية العراقية لسنة 2006 دوره في تغيير ديموغرافية كثير من المدن العراقية ومنها بغداد وديالى على وجه الخصوص.
ورأينا أمر هذا التجنيس بصورته الأوضح في الإنتخابات البرلمانية لعام 2018 وبحسب مفوضية الإنتخابات العراقية وصلت أعداد العراقيين المقترعين في إيران إلى ثلاثة ملايين مقترع، وفي العراق ستة ملايين، أي بمعنى ثلث نسبة المصوتين في إيران والثلثين في العراق!

هل هذا معقول؟!

وهل حصل في أي دولة أخرى في العالم غير العراق المُحتل إيرانيا؟!

ظهرت مخاطر التوسع عبر القانون والجنسية ليس في العراق فحسب بل انتشرت في كل البلدان العربية التي تحتلها إيران, فهذه سوريا برز فيها في الآونة الأخيرة تجنيس عناصر من بعض المليشيات الإيرانية وإسكانهم في مناطق سُنية وذلك لتغيير ديموغرافيتها, تقول المعارضة الإيرانية: “أن أكثر من 54 ألف أفغاني ضمن لواء فاطميون التابع للحرس الثوري الإيراني تم تجنيسهم وتوطينهم بريفي دمشق وحمص”.

وهذه ميليشيا النجباء العراقية الإيرانية تعلن أنها ليست خائفة من ادراجها بقائمة الإرهاب وتعلن أنها ستخرج أمريكا من العراق عن طريق تشريع القوانين!

يبدوا أنهم استفادوا كثيرا من لعبة تشريع القوانين.

أما في لبنان فقد انفجرت في فترة ما قبل عام 2019 فضيحة تجنيس مجموعة من المسؤولين ورجال الأعمال السوريين وذلك بمرسوم جمهوري لبناني, وهولاء المجنسين هم من المقربين لنظام الأسد والنظام الإيراني, ومن مهامهم التمويل الإقتصادي لهذا النظام الإجرامي, ومن جدير بالذكر أن المحامي الدولي الدكتور طارق شندب قد تكلم عن هذا الأمر وانتقده قانونياً, حيث قال: “أن هذا التجنيس هدفه حماية هؤلاء الإرهابيين من العقوبات الدولية, وذلك لأن لبنان لم توقع بعد على نظام روما (اي المحكمة الجنائية الدولية) وهذا ما يجعلهم بمأمن من العقوبات الدولية”.

 حقيقةً، الخطر الشيعي يكمن هنا:

يكمن في التوسع والتغيير الديموغرافي، فصار يستخدم القوانين ليجعلها غطاءً لكل تحركاته الشريرة وصارت ألعوبة بأيديهم، فأصبح يشرعنها ليتوسع، ويقتل ويهجر وينهب ويسلب.
وكل ذلك عبر القانون!

2021/3/26

اظهر المزيد

‫7 تعليقات

  1. بوركت وسدد الله خطاك وعيا وحركة فكرية.
    أصبح واضحاً بيناً مظاهر الاحتلال والتغيير الديموغرافي والاستحلال والاستحواذ الشيعي الإيراني على مفاصل وعموم البلد ولم يعد خافيا إلا للمعوقين فكرياً وأصحاب العاهات الذين تدحرجوا بهاوية علف بطونهم وتلبية شهواتهم فباعوا ذممهم وتجردوا من قيمهم.
    ولاشك أن من تتهاوى تحت رحمته (المتجرد منها) فريسته فلا يأبه بأي وسيلة أو حيلة ينقض عليها وبأي خنجر يذبحها ويقطع أوصالها..
    لقد عملت إيران وعملائها منذ زمن مبكر للتغيير الفكري والجغرافي ناهيك عن التزييف الولائي والتاريخي َوسرقة التراث وتزوير الحقائق والحوادث التي تفضي لصالحها. وكل ذلك تحت رعاية وإدارة منظومات مدنية ذات أجنحة عسكرية كما هو معلوم بنشر المفسرين والمحدثين والمؤرخين الفرس ولم تسلم منهم حتى لغتنا فصاروا علماء وطلاب اللغة والأدب والفلسفة…
    ولم يكن حزب الدعوة وجناحه العسكري منظمة بدر ولادة اليوم بل تسلسل تخريبي منظم منذ انهزام الفرس في القادسية وماتلاها..
    والسؤال أين المنظومات العربية التي تأمّن فكرها وتحفظ حدودها وتطور دفاعاتها ضد هذا التغول والتوغل الفكري والجغرافي والتغيير والتهجير السكاني والإحلال الإيراني.؟!
    البكاء على الأطلال هزيمة الكسالى وعذر الهاربين من المسؤلية…
    لكن إشغال الفكر وتنظيم العمل وتحريك العجلة يصنع المعجزات ويغيير مسار التاريخ ويسحق خفافيش الظلام وثعالب الغدر وغربان الخراب.

    .

  2. شر البلاد من لا أمير لها هذا حال العراق صار مباحا لكل من هب ودب تحكمه الميلشيات الخارجة عن القانون فأصبحت هي من تشرع القوانين ولا يحكمها قانون سيذهب الايرانيون وتسقط جنسياتهم معهم

  3. احسنت اخي البطل ابا يزيد وربي يفتح عليك ويوفقك
    مقال قيم
    يجب ان ينشر في كل الصفحات التي تبحث عن الحقيقة

  4. موفقين استاذ معاويه ؟ سبب هذا ألتقدم ألخبيث للفرس ألمناهج ألترضويه التي لا تفكرإلا بالكسب

  5. من سهل الطريق لهؤلاء الشراذم والاوباش مرتزقت الفرس باختراق اوطاننا السنية العربية أليس الوطنجيه الذين جعلوا أسم الشيعة على لائحة الاسلام ضمن الامة السنية العربية الأسلامية فخدعوا أهل السنة بهذا الشعار الإسلامي المزور وفتحوا الابواب على مصرعيها امام أفراخ المجوس ليعيثوا في الأرض الفساد ويحرقوا البلاد والعباد،،وفقكم الله أستاذ معاوية، مقال يضع النقاط على الحروف

  6. ايران ماهرة في التغلغل ورسم الخطط
    في العراق وغيره وتعمل لمصالحها قانونيا
    لكي تبني مستوطنات ايرانية بجنسية عراقية
    الفرس لديهم صبر ومكر طويل الامد يخدم اهدفهم الخبيثة… يجب ان يتكون اهل السنة لكي يواجهوا
    هذه الجذور الخبيثة وقلعها من ارض العراق وغيره
    وفق الله “”الحقوقي: معاوية الميلب””
    فيما يكتب من فضائح ايران وخططها الخبيثة!!

  7. الفرس يعملون بلا كلل للوصول لاهدافهم حتى وإن استغرقوا وقتاً اطول للوصول .. فخبثهم ومكرهم يمتاز بطول النفس ..

اترك رداً على علي المحمدي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى