د.طه حامد الدليمي
تجربة اليهود المصريين
إن أفضل عنوان معبر عن تلك الشخصية اليهودية هو (شخصية العبد). وقد بلغ انحراف هذه الشخصية درجة من التعقيد بحيث لم يعد ينفع معها كل العلاجات المعتادة مع البشر! فكان العلاج الناجع شيئاً آخر غير مألوف في تاريخ الأنبياء عليهم السلام والمصلحين. ألا وهو التيه في الصحراء أربعين سنة. وفي الصحراء تحققت أربعة أمور هي العناصر الجوهرية المكونة للدواء:
- عزل اليهود عن الآخرين؛ لتطويق وباء الشخصية اليهودية (شخصية العبد)، ومنع انتقال الأوبئة إليهم.
- إتاحة الفرصة للزمن أن يأخذ مجراه في قرض وانقراض جيل العبيد.
- إتاحة الفرصة لعوامل البيئة (الصحراء الممتدة بلا حدود) لتأخذ دورها في تغيير (شخصية العبد) إلى شخصية أُخرى هي (شخصية الحر).
- إتاحة الفرصة أمام الأنبياء عليهم السلام لتعليم الشعب اليهودي وتربيته على مفاهيم الحرية بكل معانيها: الدينية والاجتماعية.
هكذا تم تحرير اليهودي: عقيدة وعقدة. وليس عقيدة فقط. واستند العلاج على مبدأين: التطويق والاختراق.
الاستفادة من تجربة اليهود المصريين في علاج الشيعة
إن تطويق الشيعة وعزلهم في إقليم، ثم المباشرة بتطبيق العلاج الرباني عليهم بشقيه: الديني والاجتماعي (النفسجمعي)؛ لتحريرهم من العقيدة والعقدة أولاً.. هو عنصر أساسي من عناصر العلاج والحل الجذري لمشكلة الطائفية الشيعية.
إن تحرير الشيعة يعني أمرين:
- تحرير الشيعة من عقيدة التشيع.
- تحرير الشيعة من عقد التشيع.
عملياً يتحقق الحل عبر مرحلتين:
- الأولى: التطويق: وهي مرحلة التعامل مع المشكلة تمهيداً لعلاجها واجتثاثها.
- الثانية: الاختراق: وهي مرحلة الدخول في آلية العلاج الفعلي.
وهو مبدأ أو قانون من قوانين الاجتماع يقوم على قاعدة التخلية قبل التحلية. وهو مبدأ كوني من مظاهره شهادة التوحيد (لا إله إلا الله)، ويحكم حتى أذكار المسلم فمن أذكاره بعد الصلاة (سبحان الله، الحمد لله). بل يحكم حتى قوانين الطب إذ يجمع بين الصحة (التخلية) – ويبدأ بها – والعافية (التحلية). فتمام العافية أن يزال المرض أولاً.
-
مرحلة التطويق
الطائفية الشيعية أشد فتكاً بالسنة من الأمراض المعدية الخطيرة. والأطباء مجمعون على شيء اسمه (الحجر الصحي) حيال هذا النوع من الأمراض، وهو عزل المريض بها عن الأصحاء فلا يختلطون بهم إلا وفق إجراءات وقائية صارمة. وإذا كان المتثاقف الغربي أو الشرقي يتهمنا بالطائفية والتخلف فليحتفظ بأخلاقه لنفسه، وليسأل هذه النفس أولاً: لماذا لم يجدوا حلاً لليهود إلا بعزلهم في حارات وأحياء عرفت بـ(الجيتو)، محاطة بأسوار وأسيجة عالية لتعزيز العزل؟ وقد كان ذلك بأمر من البابا بولس الرابع في منتصف القرن السادس عشر (تحديداً سنة 1555م). ثم لم يتحملوهم حتى أجلوهم إلى فلسطين بدايات القرن العشرين!
والشيعة أخطر وأكثر من اليهود أضعافاً مضاعفة.
يكون الحل في الوقت الراهن بالتعامل مع الطائفية الشيعية، وذلك بتطويقها ودفع ضررها. وهذا لا يتم إلا بالعزل بأي صورة من الصور.
يتم تطويق الطائفية الشيعية وعزلها عبر خطوتين:
- عزل الشيعة عن الحكم
- عزل الشيعة عن السنة:
أ. بإقليم في حال التمكين
ب. أو بالتقسيم في حال الضعف. استعداداً للتمكين والتقدم نحو نظام الأقاليم.
-
مرحلة الاختراق
وتتم مرحلة اختراق المشكلة الشيعية عبر خطوتين أيضاً:
- تحرير الشيعة من التشيع: عقيدة وعقدة
- تفكيك إيران
بهذا نصل إلى الحل الجذري الذي يضمن لنا عدم ظهورها مرة أخرى.
ملخص الحل
- عزل الشيعة عن الحكم: لا يمكن البدء بأي حل مع الشيعة إلا في بلد يحكمه السنة. فإن كان البلد محكوماً بالشيعة فتكون البداية من العمل على إخراج السلطة من يد الشيعة وإرجاعها إلى صاحبها الشرعي. وإلى أن يتم استرجاع الحق فلا علاج للطائفية الشيعية إلا بالطائفية المضادة، والله تعالى يقول: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (البقرة:194).
- الفدرالية، أو عزل الشيعة عن السنة: العزل الشيعي المنشود يمكن أن يتم اليوم بطريقة حضارية، وهي تحديد إقامتهم في فدراليات أو أقاليم خاصة بهم. والأقلمة نظام سياسي معمول به فيما يقرب من نصف العالم، مثل أمريكا وكندا وبريطانيا وأستراليا وبلجيكا والهند والإمارات. ولكل بلد فدراليته الخاصة به. فتكون لنا فدراليات تناسب وضعنا.
وإلى المعارضين ممن يطمح إلى تكوين دولة وطنية أو قومية أو إسلامية نقول: الفدرالية لا تعني تقسيم الوطن إنما تقاسم الحقوق. والدول الفدرالية شاهد على قصور نظرة الرافضين للفدرالية، وعدم معرفتهم بماهيتها، وإعراضهم عن رؤية حقيقتها الواقعية. من أراد أن يقيم دولة على أي مقاس: وطني أو قومي أو إسلامي، فالفدرالية لا تتعارض معها، بل تدعمها وتحفظها.
- تحرير الشيعة: الدول المبتلاة بالشيعة قسمان: قسم واقع تحت نير الحكم الشيعي كالعراق وسوريا ولبنان، وهذه عليها بالعمل أولاً على أن تخرج حكم البلد من يد الشيعة إلى يدها. وهذا الهدف قد يسبق إقامة الفدرالية أو يتأخر عنها حسب الفرصة المتاحة. فإن تم استرجاع الحكم، أو كان البلد من الأصل يحكمه السنة، فعلى أهله إنشاء إقليم فدرالي للشيعة بما يتناسب والهدف الاستراتيجي، وهو حل المشكلة الشيعية.
بعد ذلك يكون البدء بمشروع تحرير الشيعة. وفي رأيي أن هذا الهدف ممكن بنسبة جيدة إذا قامت على تنفيذه دولة سنية جادة، كما فعل صلاح الدين الأيوبي بمصر. ولدينا أفكار استراتيجية تفصيلية تخدم تحقيقه. هنا يصبح القول بـ(علاج الطائفية) ممكناً بدرجة تستحق الاهتمام والتجربة. ومن تبقى من الشيعة مصراً على شيعيته مع ادعائه الإسلام فيُلزم بمستحقات هذا الادعاء طبقاً لدعواه. وكيفية الإلزام فتترك إلى حينها.
- تفكيك إيران إلى عدة دول. ووضع العوائق الحقيقية الأبدية في طريق التئامها مرة أُخرى.
أما أن يكون (علاج الطائفية) بالمواعظ والنصائح وتبويس اللحى فهذه سذاجة، لن تزيد الحالة إلا سوءاً، والوضع إلا تدهوراً.
وإلى أن يتم تفعيل ما يكفي من خطوات الحل، فلا علاج للطائفية إلا بالطائفية المضادة: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (البقرة:194). ولا عزاء للوطنيين الحالمين، ولا للمتطرفين الساذَجين.