قبل أن تسأل عن القائد .. اسأل عن الجمهور القابل للانقياد ؟
د. طه حامد الدليمي
– أهل السنة في العراق اليوم.. غالبيتهم مع الفكر الذي تطرحه. لكنهم في حاجة إلى قائد ينزل إلى الميدان. وهو ينتظرك.
قلت له: لم يأن الوقت بعد.
قال: الوقت ليس في صالحنا.
هذا ما قاله لي رجل قضى ربع قرن من عمره في أوربا.. هجر موطنه وتزوج من هناك، بعد أن شغل منصباً عسكرياً رفيعاً في وزارة الدفاع، يحمل شهادة دكتوراه في الاقتصاد. قبل سنين قليلة رجع إلى الشرق وحصل على وظيفة أستاذ في إحدى الجامعات. قومي الفكر، تديَّن مؤخراً وآمن بأن كل الطرق مسدودة غير طريق الله جلّ في علاه.
قلت: الانتظار…… مع الإعداد، خير من الانتحار.
لم يردّ، بينما بدت علامات الحيرة تطل من عينيه اللتين ما زال فيهما وبيص يقاوم ظلمات عمقها ستة عقود. ابتسمت وواصلت حديثي، وكان فيه أخذ ورد، ولم يكن متصلاً ولا على وتيرة واحدة.. قلت أضرب لك مثالين:
فـي شتاء 2010 صليت الجمعة في جامع سيدنا عمرو بن العاص في الفسطاط بمصر القديمة، حتى إذا انتهى الخطيب من خطبته صار يدعو ونحن معه فكان آخر ما قال: (اللهم هيئ لهذه الأمة صلاح الدين آخر يأخذ بيدها إلى النصر). ابتسمت في داخلي، وقلبت الدعاء لأقول: (اللهم هيئ لصلاح الدين أمة تُظهره وتظاهره، وتنصره ولا تخذله بفضلك وكرمك يا أكرم الأكرمين).
لولا أن صلاح الدين وجد في محيط قابل للبعث من الرقاد ما وصل به الحبل إلى ما أراد. هذا معنى ما قاله لي صديق منذ أيام الدراسة الجامعية في الثمانينيات، وما زال قوله عالقاً في ذهني!
وتأمل القائد العظيم موسى عليه السلام لِمَ لَمْ يتمكن من إقامة الكيان المنشود لبني يهود؟ والجواب ببساطة: لأن جمهوره لم يكن قابلاً للتكوين. ولم يكن يوشع عليه السلام خيراً، ولا طالوت أقوى وأعلم، ولا داود أخلق بالملك منه. لكنهم بنوا دولة، من حيث أن موسى لم يتمكن من ذلك. لقد كان يهيئ لهم لبناتها. ولولا لبنات موسى ما كان بناء داود.
فأين الحلْقة المفقودة؟ إنه الجمهور القابل للانقياد.
جمهورنا اليوم غير مهيّأ، ولم يجد من يهيئه. فهو محبوس بين قضبان الانتظار، وإذا تطلع فإلى فضاء الانتحار!
القائد الأسطورة
وماذا ينتظر؟
ينتظر القائد السحري الذي يخلصه من الواقع المرير بقفزة عفريت أو لمسة ملَك، قبل أن يسأل الجمهور نفسه هل هو على استعداد لأن يقاد حتى من قبل ذلك الفارس الخرافي المهيب؟
إنه سؤال جوهري، بل إن السؤال عن الجمهور القابل للانقياد أهم من السؤال عن القائد المأمول للقيادة. وفي غياب السؤال الأهم يبقى الجمهور مغيباً عن التأثير، بعيداً عن الإعداد والاستعداد، فتضيع الجهود سدى.
لا يكتمل هذا السؤال الجوهري إلا بإدراك مفارقة جوهرية هي أن “القائد موجود رغم غيابه بين جمهور غائب رغم وجوده”!
هل تعلم أن القائد موجود بين الجمهور لكن الجمهور لا يراه؟
بل المشكلة ربما لأن القائد موجود بين الجمهور! وهذه هي الإشكالية الثانية. والسبب ببساطة أن الجمهور الذي توالت عليه العصور دون إعداد، يريد القائد كائناً أسطورياً: قوياً تصرع عضلاته الأسود، ملائكياً يشع من عينيه النور، ولياً ينشق عن آثاره العشب والزهور، قديراً يقول للشيء كن فيكون. فإذا كان القائد المؤهل يعيش بين ظهرانيهم، خبروه فوجدوه يخطئ ويصيب، يتعب ويقوى، يتلكأ ويُقدم: فإذا انبرى لممارسة القيادة نبذوه، وركلوه، بل ربما قتلوه قبل أن يتمكن من استثمار فرصته في تهيئتهم وبنائهم، قائلين: لقد خيب ظننا ولم يحقق مطلوبنا فارجموه.
ثقافتنا تصنع للقادة في ذهن الجماهير صورة زاهية أشبه بالأساطير. وحيث أن الأساطير لا توجد إلا في ثنايا السطور فلن تلد مخيلة الناس ذلك القائد الأسطورة الناشب في أحشائها، إنما يموت دوماً ويختنق أثناء الطلَق. أو تنفرج الظروف عن رجل من جنس الجمهور نفسه يسوق الناس بعصاه.
وبين القائد الأسطورة المفقود والقائد المتجبر الموجود يعيد التاريخ نفسه.
والحل؟
مشروع يعتمد على الشباب أولاً، يُعِدُّهم ويطورهم ليكونوا مؤهلين لقيادة الحياة؛ لأنهم أدركوا العلاقة الصميمية بين القائد البصير والجمهور الذي ينصره ويطيعه على بصيرة.
2021/11/2
في كل تجارب التاريخ السابقة لم نجد قائد استطاع تحقيق النصر والبطولات وحده. أو بمعزل عن جمهوره وشعبه.
وهذه حقيقه يجب أن يفقهها الجميع فالقائد مهما كان شخصية فذة وشجاعة فبدون الجمهور لايمكنه أن يغير شيء ولو كان نبي الله موسى عليه السلام.
فقلة الإنجاز ليس خلل بالقائد كما هو معروف عندنا
لكنه خلل الجمهور الذي لم يسند ويدعم القائد للوصول إلى بر الأمان.
بوركت الأنامل وسدد الله الأفكار..وجزاك الله خيرا ماأظلم ليل واضاء نهار..
القيادة في تصوري هي فضل وموهبة يضعها الله تعالى حيث يشاء من عباده… تتحفز هذه الصفة حين تجد لها ارادة وعزيمة وآلية وحركة مع استيعاب الأسباب التي تبني الذات وتقوّم الفكر فتكوّن بذلك الذكاء والفطنة التي تولد الوعي مثمرة التشخيص والعلاج..
ولذا تجد القيادات الناجحة هي التي تستطيع أن تخرج من سكراب البشر بناة واباة ورعاةوحماة..
وإذا لم يتم لهم ذلك في عدم إيجاد البيئة الجاذبة والأرض المنتجة.. أعدوا لذلك معالم التأسيس وصنعوا أعمدة الطموح لمن يخلفهم .. ولم يكن العجز خلقهم ولا الكسل صفتهم وهذا نجاح القائد في ميزان القيادة..
ومن يضع طموحة على جمهور فقير الفكر عيي الوعي مهزوم الذات دون تربية وإعداد فهو كالذي يحسب السراب ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا..
لا يكون العبئ على القائد دون الجمهور ولا يتم النصر بأحدهما فقط ، ويوجد ما يثبت ذلك في كثير من التجارب على مر التاريخ …
صدقت القول ، دومًا ما تكون كلماتك واقعية بحتة ذات معنى عميق وجدير بالذكر.
جزاك الله كل خير على هذا الطرح الذي يشخص حالة المجتمع المتخبط والجمهور الذي لا يصلح للانقياد بسبب تدهور الوعي وغياب الموجه وعامل الوقت مهم لتكوين جمهور واعي ومدرك لأزمته يدعم القائد
الجميل بفكر الدكتور طه (حفظه الله ورعاه) ان لمساته لمسات طبيب محترف قد فتح الله عليه، لذا تجده يشخّص المرض او المشكلة ويضع العلاج أو الحلول، هذا هو فكر التيار السُني المُجدِّد والذي له مشروع، ليس كباقي المشاريع الخاوية ان كانت هناك مشاريع اصلاً!
((…. هُوَ ٱلَّذِىٓ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِۦ وَبِٱلْمُؤْمِنِينَ)) أنبياءالله جلَ في علا لايستطيعون التمكين والفتوحات بلا إنقياد الجمهور لطاعتهم وإدراك مفاهيمهم ؟
(جمهور بلا قائد)
سفينة تائه في بحر متلاطم
(وقائد بلا جمهور)،
سائق في وسط سياره معطلة
يارب نعوذ بك من التيه والعطلات وجعلنا وشيخنا في قمم الأمنيات
((باستطاعة أيّ شخصٍ أن يُصبح قائداً، وأن يكون سبب التّغيير من الفشل إلى النجاح في حياته وفي حياة الآخرين، وذلك بتعلّم المهارات اللازمة لذلك، فالقادة يُصنعون ولا يولدون.
النجاح والتميّز في القيادة لا يتحقّق دون مُساعدة الآخرين؛ فالآخرون سببٌ لمساعدة القائد في الوصول إلى النجاح.
لا تحتاج القيادة إلى التّرقية أو المناصب العالية، بل يستطيع الإنسان أن يُصبح قائداً على الفور.
إذا استطاع الإنسان تعلّم عناصر المعركة القياديّة، فإنّ بإمكانه التغلّب على المشكلات الكبيرة التي تعترض حياته.
جوهر القيادة هو إثارة همم الأفراد؛ لتشجيعهم وبذل أقصى ما لديهم من جهد؛ لتحقيق الأهداف المطلوبة.
القيادة الناجحة لا تعتمد على الإغراء المادي كالرواتب المرتفعة، ولا تعتمد على الظّروف الجيّدة في العمل، بل تعتمد على مدى تحفيز القائد للأفراد على العمل؛ لبذل أقصى ما لديهم من طاقات.))
القائد نوعان: فقائد يولد قائداً وهذا الصنف نادر. وقائد يصنع ومعظم الناس يمكنهم ان يكونوا من هذا الصنف.
والله اعلم
كما ذكر الدكتور.. القياده تعتمد على الجمهور القابل للانقياد قبل اعتمادها على القائد نفسه لانه قائد بلا جمهور هي قياده ناقصه …ويجب ان يكون الجمهور واعي مدرك وواثق ممن يقوده وكذلك مؤمن وناصر.. قال تعالى((لتؤمنن به ولتنصرنه..))
وتهيئة هذا الجمهور يتم بمشروع ألا وهو المشروع السني للدكتور طه حفظه الله..
بوركت يادكتور على هذا الاستطراق الجميل🌺..
صح كلامك دكتور فالقائد يحتاج لجمهورٍ يدعمهُ ويثقُ بقراراتهِ والقضية التي نعمل عليها اليوم تنص على ذالك.
لكن جمهورنا السني ذو عقل متجمد ذو عقل خائف من ردت فعل الاخرين، معتقدين أن التعمق في هذا الدين البسيط والمفاهيم الواضحه سيجلب لهم المشاكل وسيدمر حياتهم وأن البقاء في الظل هو الأفضل لهم
بينما العكس هو الصحيح كثيراً ما نسمع عن قصص إخوتنا وأخواتنا العزاء العاملين في «المشروع السني»
كيف أن هذا الفكر قد غير حياتهم كيف أن ثقتهم بأنفسم عَلَت وكيف زادهم قوةً وثقافةً ونسأل الله أن يوفقهم.
نحن نسعى لأيصال هذا التغيير وادخال هذا الفكر لهؤلاء الأشخاص ذوي العقول المتجمده الخائفة ونسأل الله أن يوفقنا في ذالك.
بوركت وجزيت د. 🌷🌺
جزاكم الله خيرا
ونعم الحل
هذا هو فعلا ما نحتاجه
شباب يؤمنون بأنهم هم قادة المجتمع بدلا من إنتظار المهدي الذي سيخرج في آخر الزمان ليحق الحق ويهدي الناس ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
هؤلاء الذين يؤمنون بالمهدي يظنون أن الله سيهدي الناس ليكونوا جنوده وإن الله عز وجل سيمد المهدي وجنوده بأسلحة قادرة على الفتك بكل اعدائهم
هذا الخيال جعل الناس يموتون جيل تلو جيل دون أن يقدموا أي شيء والمشكلة أنهم يظنون أنهم على حق إذ كانوا ينتظرون ظهور المهدي ليقفوا معه
كن أنت المهدي بدلا من العيش على أمل ظهوره