سياسةمقالات

كيف يسلك الشيعة في بلد يحكمه شيعي وآخر يحكمه غير شيعي

د. طه حامد الدليمي

يتصور الجمهور السني داخل العراق وخارجه أن الشيعة قسمان: قسم يوالي إيران، فهذا الذي راود الاحتلال حتى أدخله أرضه، ثم اصطف معه ضد المقاومة. أما القسم الأعظم فوطني موالٍ للعراق.

يتسيد هذا المشهد السني زعماء الفكر الوطني الأعور من الإسلاميين والقوميين والليبراليين. ومستندهم لا يعدو فقاعات خادعة تطلقها زعامات الشيعة، وملابسات ترتدي زوراً لبوس المقاومة. أما الجمهور السني فحاله حال أي جمهور في جميع العالم تقوده أذناه عبر وسائل الإعلام التي لا تفتأ أبواقها تردد دعاوى الوطنية صباح مساء. وأنظر إلى جمهورنا المبرمج – خصوصاً في السنين الأولى للاحتلال إلى ما بعد سنة 2014 بقليل – وكأن أحمد شوقي لم يقصد غيره بقوله في مسرحيته الشعرية (كليوباترا) على لسان (حابي) مخاطباً (دُيون):

اسمعِ الشعبَ (دُيُونُ) كيف يُوحون إليه

ملأ الجوَّ هُتافًا بحياتَيْ قاتليْه

أثَّر البهتانُ فيه وانطلى الزور عليه

يا له من بَبَّغاء عقله في أذنيه

فيجيبه (ديون) :

حابي، سمعتُ كما سمعتَ وراعني أن الرَّميَّة تحتفي بالرامي

هتفوا بمن شرب الطِّلا في تاجهم وأصار عرشَهُمُ فراشَ غرام

ومشى على تاريخِهم مستهزئًا ولو استطاع مشى على الأهرام

أليس قول (حابي) يمثل جمهور أهل السنة، على الأقل في بداية الاحتلال؟ وقول (ديون) يمثل مقتدى وشيعته وأمثاله لا أستثني منهم أحداً؟!

سلوك الشيعي حاكماً ومحكوماً

لا نستطيع أن نسلب الشيعي صدق العاطفة في الحنين إلى الوطن وهو بعيد، ولا ننكر ما يبدر عنه من عبارات الاعتزاز والفخر به وهو قريب؛ فحنين الغربة إلى مكان الألفة حتى لو لم يكن ذلك المكان من الوطن، شيء فطري غريزي. وأشعارهم تنم عن شعورهم هذا.

لكن واقعهم المنظور وتاريخهم المقروء يشهد على أن مرجعياتهم الدينية والسياسية – حين يكون الحاكم سنياً – تعمل جاهدة على مراودة الأجني وتسهيل احتلاله لـ(أوطانهم)، سواء كان الأجنبي إيرانياً أم مغولياً، أم أمريكياً أم إسرائيلياً، أم غير ذلك من بقية أصناف المحتلين الذين غزوا بلداننا على مر التاريخ الغابر والواقع الراهن! والجمهور يسير مغمضاً عينيه خلف تلك المرجعيات وهو يصفق ويهتف حتى إذا دخل المحتل قابلوه بالورود والرياحين. هذا وهم إلى وقت قريب يُسبّحون باسم الحاكم السني.

وشهدنا بأعيننا كيف أن أشعار الحب والأغاني والهوسات والرقص والدبك و(البزخ) انقلبت، وبالقوة نفسها، باتجاه المحتل، بعد أن كانت إلى وقت قريب هُياماً بالوطن ورئيسه القائد؛ وارتفعت صورة بوش (المحرر) بدل (الطاغية) صدام، الذي وضعوا الحبل في رقبته ونحروه مصحوباً باللعنة، في أول يوم من عيد (النحر) سنة 1427هـ، وآخر يوم من سنة 2006م، وكأنهم لم يهتفوا يوماً بحياة (الرئيس)!

الانتماء الغريزي

من خلال التجربة والرصد والتحليل النفسي والتاريخي والنظر في قوانين علم النفس والاجتماع وصلتُ إلى تحديد لوصف العلاقة الرابطة بين الشيعي والوطن، وهو: إن الشيعة ما لم يحكمهم شيعي يفقدون الشعور الأصيل بالانتماء إلى الوطن، وهو الشعور القائم على الهوية الوطنية والإيمان بالمواطنة أساساً للتعايش بين المكونات المتعددة، والمعبر عنه بأداء الحقوق تجاه الوطن ككيان، وتجاه الشريك كإنسان مهما كان دينه وعرقه ولونه. سوى ذلك الانتماء الغريزي لمكان الألفة لا أكثر! لذلك تراهم إذا هدد (وطنهم) غازٍ أجنبي يتعاملون مع الحالة بحسابات الربح والخسارة! لا بحسابات المبدأ وحقوق المواطنة.

مثلهم كمثل مقيم في بلد أجنبي اكتسب جنسيته. ما هو حقيقة انتمائه إلى هذا البلد؟ ما شعوره اللازم لهذا الانتماء؟ ولو حدث أن تعرض للغزو من دولة أخرى ما موقفه من الغزو؟ وكيف يحسب الأمور لديه؟ سيما إذا كان يرى أنه مظلوم مضطهد من قبل الدولة: حكومة ومواطنين. بل الأمر أشد وأشد؛ فإن المتجنس غير الشيعي عادة ما تدفعه أخلاقه إلى أن يقوم بواجبه تجاه بلد الإقامة. أما الشيعي فيمنعه – ما لم يكن مضغوطاً – من مراسيم الولاء للوطن الذي لا يحكمه شيعي  مانعان خطيران هما: أن دينه يوجب (نعم يوجب) عليه إلحاق الأذى بالبلد: أرضاً وبشراً. وفتاوى علمائهم شاهدة. والثاني: أن هذا التدين الزائف تحول في داخله المبرمج إلى عقدة غائرة في أعماق النفس متشابكة مع اللحم والعظم والشرايين.

 جذور الانتماء الغريزي لدى الشيعي

يعود الأمر في جذوره إلى أن الشخصية الشيعية نسخة عن الشخصية الفارسية، وحتى الإيرانية غير الفارسية بشرط أن يكون الإيراني غير الفارسي تشيع واستسلم عقلياً وفكرياً لمكونات الشخصية الفارسية وأولها التشيع، الذي هو في حقيقته مجوسية وفارسية مبرقعة بنقاب (أهل البيت). وخلاصته أربعة مكونات تحولت إلى عقدة نفسية جمعية مغلفة بالعقيدة. فالتشيع عقدة قبل أن يكون عقيدة؛ لذا يصعب علاجه فكرياً أو عقائدياً بعيداً عن دائرة قوانين علم النفس والاجتماع.

والمكونات الأربعة هي:

  1. تكفير المخالف. 2. استحلال دمه وعرضه وماله وأرضه.
  2. تقليد المرجع. 4. الولاء لإيران.

يقول أبو القاسم الخوئي (مصباح الفقاهة: 1/323-324): (الناصب لنا أهل البيت شر من اليهود والنصارى، وأهون من الكلب، وأنه تعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب، وأن الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه). والناصب لفظ مخفف للتعبير عمن أنكر إمامة واحد من الأئمة ومنهم السني. وهذا باتفاق علماء الشيعة([1]). وأما استحلال الدم فتفيض بها المصادر المعتمدة لديهم. يقول الشيخ يوسف البحراني تحت عنوان: حل دم الناصب وماله: أعلم أنه قد استفاضت الأخبار عنهم – سلام الله عليهم – بحل دماء أولئك المخالفين وحل أموالهم([2]).

لذا لا يمكن أن يوالي الشيعة حاكماً غير شيعي، ويشكلون في أي بلد لا يحكمه غيرهم دولة داخل دولة، يحكم (دولتهم العميقة) خفياً مرجع يسمونه حوزوياً (الحاكم الأعلى أو المطلق). ويعملون جاهدين على إزاحة الحاكم (الأدنى) بأي سبيل خصوصاً الاستعانة بأي محتل، ويفضلونه إيرانياً، فإن لم تسنح الفرصة العاجلة لذلك استعانوا بغيره ريثما يمهدون الأمور للإيراني، أو وكيله البلدي. وعادة ما يكون الأخير في أصله إيرانياً. وإلا فشيعياً، ولا فرق. وما إن يتمكنوا من بلد حتى يميلوا على سُنته مستبيحين دمهم وعرضهم ومالهم وأرضهم.

يقول الشيخ محمد المظفر في كتابه (عقائد الشيعة: ص10،9) المعتمد في حوزة النجف وقم: (عقيدتنا في المجتهد الجامع للشرائط أنه نائب للإمام عليه السلام في حال غيبته. وهو الحاكم والرئيس المطلق. له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس. والراد عليه راد على الإمام. والراد على الإمام راد على الله تعالى. وهو على حد الشرك بالله تعالى. كما جاء في الحديث عن صادق آل البيت عليهم السلام).

هل أدركنا الآن لمَ لا يدافع الشيعي عن بلد – ما لم يكن تحت ضغط القوة – ما دام حاكمه غير شيعي، ولا يتعايشون مع أي مكون غير شيعي سواء كانوا محكومين أم كانوا هم الحاكمين.

29/ تشرين2/ 2021

______________________________________________________

([1]) الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب، ص99 الشيخ يوسف البحراني. طبعة قم – 1419هـ. وفي الكتاب بيان صريح بأن من أحب أبا بكر وعمر ناصبي.

([2]) المصدر نفسه ص 257.

اظهر المزيد

‫10 تعليقات

  1. طرح علمي يفسر بشكل دقيق الواقع الذي نراه، بعيدا عن خزعبلات “الوطنيين”
    سددك الله دكتور

  2. أظن أنه صار لزاما على أصحاب القرار في منطقتنا العربية أن يدركوا هذه الحقائق التي تؤسس لفكر متين لا يقوى على اختراقه لا الشعوبيون واذنابهم ولا المتحزبون الذين ينتمون بشكل أساسي إلى احزابهم دون الاهتمام بمصالح اوطانهم ..
    من المهم جدا الحديث بمكاشفة ومصارحة عن سلوك الشيعي وواقعه في اوطاننا العربية.. وعدم الالتفات لصيحات الوطنيين الذين يلمزون كل من وضع يده على الداء بالطائفية والتفريق ومصلحة الوطن.. فمصلحة الوطن تحتم علينا ان نعالج العلة حتى يستفيد منها الشيعي أيضا ويدرك علته..

  3. مقالة توضح ما تقوم بة الشخصية الشيعية في التعامل مع حكامهم، وكأنهم مجبربن ع طاعة الحاكم وفي داخلهم غل ع جيمع الحكام وانعكس هذا ع اهل السنة ،فتشاهد في الدول الي تخلو من الشيعة طاعة لولي الامر بينما في بلدنا فحاكم الدولة مسخوط علية ان لم يكن شيعيا

  4. اخر من يمكننا أن نثق به وبمشاعره هو الشيعي.
    لأن الشيعي هو مريض نفسي مليء بالعقد التي تمنعه أن يكون انسان سوي ومواطن مخلص.
    وأصعب الأمراض هي الأمراض النفسية لأنها تكون نتيجة تراكمات من سوابق ذهنيه وواقعية وتاريخية مزيفه.
    لذا نجد الشيعي يفضل حاكم شيعي فاجر على الحاكم السني وان كان عادل. وهذا مانراه في العراق اليوم!!

  5. صدق من قال:
    التشيع، عقده نفسيه …،
    ومنها
    خلق دوله في داخل دوله أقرب طريق لتسقيط الدوله المستقرّة،
    فيكون الشيعي خطر أين ماحل، قل أو كثر،
    لماذا؟
    ألإنتماء للمرجعية يكفي أن يتحول خنزير عند ساعة الصفر وينسى حينما كان ينادي بخادمك أو خادمتك، ذلك ينعكس وينتكس

  6. طرح مهم وقيم عن التشيع والشيعة
    وخطورتهم ومنهجيتهم وعقيدتهم الفارسية وعقدهم الوحشية …وكيف يحتلون بلادنا السُنية العربية
    بوركت جهودك الربانية شيخنا المجدد

  7. جزاك الله خيرا.. أستاذنا..
    هذا تحليل منصف للشيعة أكثر منه انتقادا لهم.. المريض إن لم يعاينه الطبيب وتشخص علته ويصبر على مرارة الدواء ويتجرعه لايبرأ وإن طال تخديره بكلمات الورد والياسمين..بل تتوسع رقعة المرض لعدوى أسرته وربما المجتمع..
    نحن بحاجة لدعاة أطباء قادة آباء… ولااقصد الطبيب شهادة أكاديمية بل التعامل مع الواقع تشخيصا وعلاج بيد رحمة الاب الرحيم… فالاخطاء والعلل لاتصلح بالنقد والتجريح بل بالتحليل والمواجه الواضحة البينة الصادقة.. وهذه هي.. ( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)..
    فالحكمة والموعظة الحسنة تقتضي التشخيص بعلم حكيم وعلاج بموعظة هدى القرآن والمجادلة بحسنى الابوة القيادية…
    وهذا هو طريق… أد ماعليك وماعليك… والله أعلم.

  8. الشيعي مبرمج فارسياً،
    لايتصرف بالفطرة السليمة التي أودعها الله
    لكل أنسان يمارس الحياة في داخل المجتمع ليعمر الأرض ويصلحها ،
    بل العكس تماماً هو مخرب للحرث والنسل أين ماوجد.
    لانه لايتحرك بنفسه وذاته وحرية عقله ،؟
    بل هو مسلوب العقل والقلب،
    ولهذا يكون قنبلة مؤقته في كل بلد يسكنه ،
    بيد صمام الأمان للحاكم الشرعي ،فكيف تكون المواطنة والمعايشة مع هذه الصوره المرعبة ،
    وفق الله الدكتور على هذه الجهود ومن قام معه .

  9. بسبب العقدة والعقيدة التي تبلور منهما هذا الدين الفاسد الذي البسوة لباس الاسلام عنوة وحب أهل البيت تأكد ومن خلال الواقع هذه الالتفاتة ان الشيعي لايركن الى الحاكم غير الشيعي ويكون ولائه للوطن على هذا الأساس ..

اترك رداً على نهاوند محمد إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى