مقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

عقدة العصمة ، وعقدة المرجعية .. والتصحر الداخلي لدى الشيعي

سلسلة التحليل النفسي لأهم العقائد والطقوس الشيعية/ الحلقة الثالثة  

د. طه حامد الدليمي

 

3. عقدة العصمة

تنبع هذه العقيدة من أكثر من زاوية في تركيبة العقد النفسية لدى الشيعي. أهمها عقدة الشعور بالذنب.

في فطرة الإنسان شوق إلى تمثل صفات الطهر والنظافة والنقاء، خصوصاً المتلطخ بالذنوب والآثام. وأشد منه من وصل به الأمر إلى حد العقدة؛ إن شعوره بالعجز عن بلوغ تلك الدرجة من السمو والاستقامة يجعله في حاجة إلى مثال يعاكس صفاته تماماً، يرى فيه الصورة المثالية التي يشتاق إليها ويتمنى أن يرى عليها نفسه. أرأيت أهل النار ، ماذا يقولون في ندائهم لأصحاب الجنة؟ (أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ) (الأعراف:50). لا يعبر عن التصحر الداخلي من الماء والطعام إلا أن يكون المضاد الخارجي فيضاناً أو طوفاناً! كذلك التصحر الجمعي من رواء الطاعات الذي يعاني منه عموم الشيعة – إلا القليل – خصوصاً رجال الدين جراء الانغماس في صحارى الذنوب. فلا يُروي ظمأهم وجوعهم الداخلي اللاواعي للطاعات، مع اليأس من التحول إلى الحال التي تتحرق لها الفطرة المدفونة تحت ركام القاذورات فلا يسمع نداءها الجزء الواعي من شخصية الوالغ في مستنقعات المعاصي بأنواعها وأعماقها سوى مثال يبلغ في الطهر والطاعة حد الكمال! فاخترعوا لهم إماماً معصوماً من الذنوب حد النهاية، بالغاً في الطاعة حد الغاية.

إن هذا التصحر والتحرق اللاواعي يبعث في أعماق النفس سلسلة من التفاعلات يحكمها قانون (التماهي الإسقاطي)، وهو عملية وحيلة نفسية يحاول الشخص من خلالها إدماج ذاته لا شعورياً داخل مثاله المعشوق حد الاحتراق.

يفعل التماهي الإسقاطي فعله ليصبح مثاله المعشوق رمزاً أسطورياً الطهر والخير الذي يرغب أن يتمثله المريض في ذاته الجريحة التي أيبسها التصحر فتشققت وتفلعت تفلعاً.

وتؤدي عقدة الذنب وظيفتها في اليأس من الخلاص الذاتي من تبعات الذنوب عند الله تعالى، لا سيما إذا كان صاحبها في الواقع لا يقدر على تركها أو لا يريد ذلك؛ فيلجأ إلى التعلق بوسائط يستشفع بها عند الله عساها تحقق له الخلاص المطلوب. وحتى تكون الواسطة صالحة للاستشفاع الذي لا يرَدّ، لا بد أن تكون طاهرة مقدسة إلى الحد الأقصى.. عكسه تماماً! وهذا ما يدفعه إلى الغلو في وصفها بالقدسية الكاملة التي لا تليق إلا بالله! فيتصورها لا تخطئ  ولا ترتكب ذنباً صغيراً ولا كبيراً. ومن هنا نشأ القول بعصمتها.

من (عقدة الذنب) إذن نشأت عقيدة (العصمة) لدى الشيعة. وهي نفسها عقيدة تقديس الفرس لملوكهم، وأن دماً إلهياً يجري في عروقهم، الناشئة من العقدة نفسها. انتقل مضمون هذه العقيدة بعد أن لبسوا لبوس الإسلام ليظهر بالشكل الذي يلائم التغيير الحاصل. وبهذه التحويرات الشكلية حافظوا على عقائدهم الأولى. فالمضمون الداخلي ثابت، والتغير طرأ على الشكل فقط.

4. المرجعية الدينية

التصحر نفسه بتعبير آخر.

المرجعية هي البديل المرئي الذي يرضي الشيعي به نفسه عن المعصوم الوهمي. ثنائية لا ينفصم طرفاها في اللاوعي الجمعي لدى الشيعي، حتى تنفصم روحه عن جسده!

وجود المرجعية الدينية والتعلق الهوامي بها عند الشيعة راجع إلى عدة عقد.

أولها (عقدة النقص) وما تثيره من خوف من الآخر؛ فتحتاج إلى الاحتماء بزعيم أسطوري يلبي ميولها النكوصية في توفير الأمن والرعاية، ويحقق أحلامها الخيالية في الأخذ بحقها والانتقام لها.

تأتي بعدها (عقدة الاضطهاد). وقد  عبر عنها د. مصطفى حجازي خير تعبير؛ فأترك له حق بيانها: (الجماهير المغبونة والمقهورة متعطشة بشكل مزمن للقوة في مختلف رموزها وعبر شكليها الأساسيين: البطش والغلبة من ناحية والعظمة والتعالي من ناحية ثانية. وهي مستعدة للانقياد وراء زعيم عظامي يقودها في هذا الاتجاه, يفجر ميولها للتشفي والعظمة, ويعبر عنها… إنها تنساق وراءه وتستسلم له بشكل رضوخي طفلي, تتعطل فيه إرادتها وقدرتها على الاختيار والنقد والتقدير, ولا يبقى سوى طاقة انفعالية متفجرة تفيض على كل شيء, وتكتسح  أي صوت للعقل, وأي نداء لليقظة. الجماعة المقهورة عاطفية انفعالية تعشق العنف والسطوة, وتعشق الرضوخ لرموزها وأبطالها, وتتحرق عطشاً للإثارة الانفعالية  والتهييج الذي يلهب حماسها. في ذلك كله تغيير سحري للمصير من بؤس وركود وموات ومهانة, إلى نشوة وامتلاء وتضخم ذاتي وإحساس بالاعتبار الوجودي. من خلال التهييج والإثارة تحس الجماعة أن كل فرد فيها يعيش. تتشبث الجماهير المقهورة بقيادة من هذا النوع تشعرها بالحياة, وتعوض لها نقصها, وتستبدل مشاعر العجز, بأحاسيس الجبروت والسيادة. وتتضخم أهمية هذه الجماعة على حساب الخارج تضخماً مفرطاً يجعلها تنغلق على ذاتها في حالة من النرجسية الكلية (لا ترى إلا نفسها, ولا تحس بقيمة خارج قيمتها, ولا تعترف بوجود سوى وجودها). وبمقدار ما تغرق في انغلاقها, تسير نحو العزلة وتقطع علاقات التفاعل والمشاركة مع بقية الجماعات, كي تحل محلها علاقات عداء وحقد, واضطهاد متبادل .

من خلال انهيار علاقات التفاعل والمشاركة, والانغلاق على الذات تجد الجماهير المقهورة حلاً سحرياً لمأزقها من خلال أوالية الانشطار العاطفي والوجداني. العواطف المتجاذبة التي يمتزج فيها الحب والحقد, التقرب والنفور, التعاون والصراع , تنشطر بشكل جذري إلى عواطف متناقضة (الحب القاطع, العدوانية الخالصة). أما الحب فيتوجه كله إلى الجماعة من خلال الالتفاف حول الزعيم والتعلق العاطفي به. هذا القلق يؤدي إلى حالة ذوبان كلي في الجماعة وفقدان تام للفردية والأصالة الشخصية لأفرادها كما يخلق حالة اعتماد مطلق على الجماعة, مصدر كل اعتبار وقيمة, ومصدر الاعتراف بالذات وتحقيقها. ينشأ نوع من اللحمة العاطفية والوجودية بين أعضاء الجماعة من خلال التعلق بالزعيم الذي يشكل مثلها الأعلى: مصدر ونموذج القوة والقدرة، روح الجماعة والمعبر عن آمالها وشخصياتها ومخاوفها. وكذلك حامي الجماعة والمدافع عنها الحافظ لمصالحها.

هذا الانشطار في الجماعة يلغي كل تناقضاتها الداخلية ويجعلها مرجع كل فرد فيها, ومصدر كل توجه. وينشأ, محل الخوف والتهديد المتبادل, تعاطف وتعاضد واحتماء متبادل. كل فرد في الجماعة يصبح مرآة للآخر, والكل يرى نفسه في المرآة الكبرى وهي الزعيم. كل الصراعات تزول بشكل سحري, مما يشكل وظيفة هامة جداً لهذه الميول التعصبية)([1]).

 

2022/10/3

__________________________________

150- التخلف الاجتماعي، ص187-188.

اظهر المزيد

‫17 تعليقات

  1. بارك الله فيك دكتور على هذا المقال المليئ بالمعلومات والحقائق المهمه التي يجب الالتفات إليها ✨

  2. صدقت يا دكتور تصحر وهو طال كل شيء عندهم: تصحر فكري، وثقافي، وحضاري، وديني
    لا يمكن لنفوس معلولة كهذه النفوس أن تنتج شيء أكثر من العقد المركبة التي يضخونها في مجتمعهم الموبوء ولا يلبث أن يفيض على من حولهم ومن يحتك بهم

  3. التحليل النفسي مفقود لدى المسلمون
    بسبب الفقه الجامد،
    ولهذا نشكر د،
    على هذا التشخيص والتحلي النفسي لدى الشيعي المتصحر،
    والسبب التصحر باعه عقله للمرجعيه،
    ولذي يفقد عقله يفقد كل شيء نعم كل شيء

  4. عقدة النقص التي يعاني منها الشيعي
    جعلته يفقد الثقة بنفسه ويصنع له
    أمام أو مرجع يقوده ويعتمد عليه
    مثل ما فعل بنوا إسرائيل في
    صناعة العجل وجعله إله لهم
    وأيضا لديهم تصحر إيماني خالي من وجود
    الله جل جلاله لذلك التصحر لديهم في كل شيء
    جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل

  5. تشخيص دقيق على أخطر فايروس يمثل ألعقدة الفارسية النفسية الناقصة النافرة للأخرين، وما تبنت الإسلام إلا غطاء لتحتمي به وكما قال د.طه…الفارسي وراء الضل يستخدم البديل.
    (وكما قال المثل العرقي خبيث خنيث )

  6. الشيعي مريض بعقده لذلك يستحيل التعايش معه وكما قلت دكتور من قبل: لا بد أولا من تشييع الشيعة.

  7. عقد النقص والاظطهاد هذة العقد لا توجد في نفسية (العربي)
    هذة عقد الفرس لانهم دائماً يشعرواً بالمظلومية من قبل الحاكم او العدو لهذا يفكر بحل (الغدر) في طبع الفرس اهم الشيئ هي الغدر لهذا السبب في نفسية الشخص الشيعي او المجتمع الشيعي التصحر من كل الجوانب

    بارك الله في سعيك

  8. دين الشيعي دين متخلف لا يوجد اصل اصلهم العصمة اللحاكم فقط
    دين عقدة وعقيدة وتقديس معة ولاء

    عقد النقص والاظطهاد عقد في نفسية الفرس الملعونة النفسية الحاقدة
    دين التصحر في النفسية الشيعية الفارسية تصحر في شخصية الشخص و نفسية لهذا دئماً عندما تتم السيطرة علية يقوم بعملية الغدر كما فعل الملعون ابو لولؤة المجوسي
    بغدر الخليفة عمر ابن الخطاب (رض) عندما سيطر المسلمون علية

    بارك الله في سعيك

  9. وكأنك شرحت جثة شيعي قذرة و شخصت ما به من سرطان العقد من النقص والاضطهاد دين الشيعة دين ذلة يرغمك ان تعطي وان لم تعطي اكل الناس وجهك عقد الشيعية سرطان لا حل لها سوى الاستئصال .
    سلمت شيخنا على هذه التحليل

  10. لم أجد شخصاً من السلف أو الخلف شخّص الداء و بيّن طريقة الدواء مثل حضرتك.. فعلاً لا يفعلها إلا طبيب مخضرم في أصول هذه المهنة العظيمة التي يدرس من خلالها جذور الأمراض المتوطّنة الفيروسية و الطفيلية و الوراثية كالسرطان و يجتثها من جذورها.. والغريب أن الطبيب عادةً يفعل ذلك في بداية مراحل المرض و إلا سينتهي الأمر بالتداوي إلى استعمال العلاج الكيماوي الذي يرهق جسد المريض فيصبح أقرب للشبح منه للإنسان… ولكن أن يأتي طبيب جرّاح في أواخر مراحل المرض الشيعي القذر الذي تأصلّ في الأمة تأصلاً لا علاج له و يعالج الوضع بهذه السرعة الرهيبة “أقل من عشرين سنة” بل تصبح الأمة رشيقة بعد هذا التداوي و كل أعدائها بدأوا يتساقطون من حولها و هي صامدة بتلك الأعمدة التي وضعها هذا الطبيب!!!

    هذا الطبيب لا يقال عنه إلا الطبيب الرباني، الذي نال بعض نور المجد المحمدي.. حفظك الله و أعاننا على حمل رسالة تجديدك للآفاق يا دكتور … تحياتي 🌹🤍

  11. أحسنت دكتور على هذا التحليل الواقعي للتصحر الديني والأخلاقي متبعاً بالتصحر الإقتصادي الذي جعل الشيعي يعتاش المزابل ويفترش الارصفة ويتقهقر تحت أكواخ العشوائيات وهو يحترق بخرافات المعممين التي ألهبت فؤاده بنار الحقد حتى على نفسه فهو لايرى سوى سراب يحسبه ماء.

  12. أحسنت دكتور على هذا التحليل الواقعي للتصحر الديني والأخلاقي متبعاً بالتصحر الإقتصادي الذي جعل الشيعي يعتاش المزابل ويفترش الارصفة ويتقهقر تحت أكواخ العشوائيات وهو يحترق بخرافات المعممين التي ألهبت فؤاده بنار الحقد حتى على نفسه فهو لايرى سوى سراب يحسبه ماء.

  13. لا أستطيع أن أكف نفسي عن عدم إعادة قراءة هذه المقالات، فبعد أن استوعبت أفكار هذه السلسلة الجميلة من التحاليل النفسية للشيعة و تشربت مضمونها و وظفت أفكارها في وجداني و جوارحي (وهذا أيضاً يأتي ضمن إطار قراءة كتابك العبقري “التشيع عقدة نفسية لا عقيدة دينية”)… بعد هذا كله لاحظت بأني أُعيد القراءة مرات فقط من أجل التعطش لأسلوبك في الكتابة .. فأنا قرأت لكثير من اللغويين والروائيين و صدقني عندما أقول أنك مدرسة في الكتابة الفصيحة النثرية والشعرية “الرومانسية والكلاسيكية”. فلك أسلوب مميز في الكتابة الفصيحة كأنك ملكت أسرار هذه اللغة العريق. أنا علّقت قبل تعليقي هذا ولكن أردت أن أعبر عن جمال استخدامك للألفاظ و الكلمات التي تطرب أذن السامع و القارء لك… و يستغربون إذا قلت عنك فيلسوف إسلامي مجدد و منظّر لعقيدة الأمة ووعيها. حفظك الله و أمد في عمرك … أتمنى أن تكتب كتاباً جديداً لأني أنهيت قراءتي لكل كتبك و جعلت في نفسي ورد يومي بعد قراءة القرآن أن أعيد قراءة أحد كتبك العطرة حتى أنهي السلسلة مرة أخرى.

  14. مقالة رهيبة أعدت قراءتها للمرة الخامسة وتعجبت من هذا الوصف والتشخيص الاكثر من رائع في توصيف الشيعة ونفسيتهم وتصرفاتهم وعقدهم
    روعة روعة روعة يادكتور دائمآ مبدع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى