سياسةمقالاتمقالات أخرى

تحصين السنة حجر الزاوية لثقافة المشرق العربي

أ. العنود الهلالي

“تركزت أنظار شعوب المشرق العربي نحو الخطر الإسرائيلي والخطر الصليبي مولية ظهورها للعدو الأكبر (الشيعة وإيران) وهي تصوب نظرها نحو الغرب قبل أن تلتقي في بؤرة هي فلسطين وتتركز فيها كلياً حتى لا تكاد تغادرها قبل أن ترتفع كليلة نحو الأفق البعيد في أوربا وأمريكا! وقد استهلكت قضية فلسطين دماءً غزيرة وأموالاً طائلة للعرب، وفي مقدمتهم عرب المشرق. عدا إعلامه، وسياسته، وعسكره، وأمنه. وشغلته كثيراً عن بقية قضاياه. فكانت النتيجة أن اجتاحت إيران ومعها جموع الشيعة الأحواز والعراق وسوريا ولبنان واليمن ووصلت شواطئ البحر الأبيض، وفلسطين ما زالت على حالها”([1]). هذا هو الواقع البائس للمعادلة الأمنية للمشرق العربي كما شخّصه الدكتور طه الدليمي وهو بذلك يضع يده على موضع العلة التي كانت أحد أهم الاسباب في ضعف الثقافة السنية في المشرق العربي أمام الغزو الثقافي الفارسي وربيبه الشيعي. ولأنه من روّاد هذا الميدان التجديدي لم يكتف بتشخيص العلة، بل تبنى مشروع تسنين السنة عن طريق “تكوين ثقافة مجتمعية سنية خالية من نفايات التشيع، وتربية العقل السني على مفاهيم ربانية نقية تعتمد القضية الشرقية والهوية السنية”.

وقد يسأل سائل حذق! أليس هذا الشخيص يعارض ثقافة التعايش مع الشرق الاسلامي؟! والجواب بكل بساطة ينطق به الواقع الذي يتحدث عن نظام ينصب حبائله ويعمل بأقصى طاقته من أجل السيطرة على المشرق العربي، بينما يجاهد المشرق العربي فكرة تسلُّط هذا النظام بالدعوة إلى التعايش ونبذ الطائفية!

أليس مثيرا للانتباه هذا الخلل الخطير في الثقافة المشرقية التي ولت العدو الأخطر ظهرها وأمنت له إلا قليلا من بقية حذر، وظلت منشغلة بعدو ثانوي ما زال حتى اليوم يتحصن خلف جدرانه العازلة، بينما من أمنت له يتمدد ككتلة سرطانية تبتلع كل من يقف في طريقها بأساليب ملتوية لم تكن لتنجح لولا ضعف الحصانة السنية تجاه الثقافة الشيعية الفارسية التي تغلغلت في أوعية المعرفة السنية.

المناعة الثقافية والسَّيدز السني

السيدز مصطلح فكري استحدثه الدكتور طه الدليمي كما استحدث مصطلحات فكرية أخرى انتشرت بعده لدى الكثير من الباحثين في المجال السني-الشيعي؛ كتسنين السنة، وتشييع الشيعة، وأيضا الفكر الرابع، ومصطلح ماعش الذي تم تداوله على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي. وغيرها من المصطلحات والعبارات التي رسم بها الخطوط الهامة الرئيسة لفهم الواقع السني واستيعاب المكر الفارسي الشيعي.

يعرف الدكتور طه الدليمي (السيدز) بأنه: متلازمة نقص المناعة الفكرية السنية المكتسب Sunny Acquired Immune Deficiency Syndrome)) تشبيهاً له بـ(الأيدز) وهو (متلازمة نقص المناعة المكتسب Acquired Immune Deficiency Syndrome) سوى أن هذا يصيب الجسم وهذا يصيب الفهم”([2]).

وهذا السيدز لم يكن إلا نتيجة لعبث كبير في المناعة الثقافية للأمة من خلال أوعية المعرفة السنية قديماً متسرباً إليها عبر دواوين الحديث والتاريخ؛ وحديثا على يد النهج الترضوي في الفكر الإسلامي والفكر القومي مما صنع ثقافة رخوة تجاه إيران وشيعتها في المنطقة!

ربما يصعب على البعض إدراك خطورة تقبل المجتمع السني للثقافة الشيعية، ومدى أهمية تحصين المجتمع السني في المشرق العربي، لكن نظرة واحدة منه على خارطة المشرق العربي ستجعله يدرك أن تحصين السنة ينبغي أن يكون في طليعة أولويات أي عمل مؤسسي يتصدى للمد الشيعي، وعلى رأس جدول أعمال القنوات الفضائية السنية المتصدية للتشيع؛ وألا تنشغل بتسنين الشيعة قبل تثبيت حجر الزاوية الأهم. وكما قال الدكتور طه الدليمي: أكسب السنة تربح الشيعة مجاناً!

2023/7/14


[1]– د. طه حامد الدليمي، كتاب منهاجنا.

[2]– منهاجنا، ومقال السيدز السني، https://2u.pw/wDe6nFL. كلاهما للدكتور طه الدليمي.

Show More

17 Comments

  1. شكرا للأخت العنود…
    مقال جميل وبديع، حيث وضعت النقاط على الحروف وصفها لحال العرب السنة واستغفالهم من قبل الغرب الصفيو صليبي الذي استطاع توجيهنا من عقود نحو عدو وهمي، والعدو الحقيقي يصول ويجول ويعيث فسادا بأرضنا، والأمة مشغولة بالحديث الصحيح والضعيف من مئات السنين ولم يصلوا إلى نتيجة…
    آه آه على أمة ضائعة بين الصطور. والصدور..

  2. التحصين مثل الحصن الذي يحمي القلعة او اي مكان له اهمية كبيرة في دولة ما ، عندما يكون بناء هذا الحصن غير جيد اكيد يخترق و لربما يهدم كذلك مبادئ الانسان او ثقافتة ان لم تكن قوية وغير ملوثة بافكار دخيلة عليها حينها سيعرف من يكون واي هوية يحمل ومن هو عدوه ، جزاكم الله خيرا .

  3. مقال مهم جدًا وجميل سلمت يداك أستاذه ، قراءتي للمقال جعلتني اتذكر مشهد في كارتون ” توم اند جيري” وتحديدًا كيف كان توم يضع الجبن في مقنصه الفأران كي يلتقطه جيري ويستطيع امساكة ، توم استطاع ان يعرف ماهي نقطة ضعف جيري ولكن جيري كان يعرف ماهي غاية توم من الجبن في احد حلقات الكارتون كان جيري يحذر ابن اخية الفأر “نبيلز”من توم لكن لم يدرك خطر توم وغايتة من الجبن و في النهاية أصطاده توم ، أي “وقع ضحية الجبن ” .
    اليس هنالك تشابة بين نبيلز “الذي وقع ضحية الجبن” والعرب الذين وقعوا ” ضحية لقضية فلسطين ” ؟
    وهذا كله من ذكاء ومكر توم و الفرس
    لو آنه أدرك غاية توم من الجبن لما تم اصطياده ، ولو اكتشفوا غاية الفرس من قضية فلسطين لما اخترق العرب

  4. شكرا جزيلاً للأستاذة العنود على هذا المقال القيم والمهم لهذا يجب أن يُحصَّنَ الأُمةُ حملة سنية ضد هذا المرض الخبيث الناتج عن هذه الثقافات المغلوطة والتي قد تُسبب الفشل الذريع والشلل الدائم في روحية الإنسان وقوميته العربية وعقيدته الإيمانية التي كانت على شفا جُرْفِ التشيع المجوسي

  5. نعم خسرت بلدان العرب عدة عواصم حين تمكن العدو الشرقي من حرف الانظار ونجح نجاحا كبيرا وعميقا في نشر ثقافته المسمومة عبر استباحة الموروث التاريخي لدى المسلمين حتى بات المسلم يبرر للمحتل الايراني احتلاله وجرائمه ومصادرة كل مامن شأنه ايقاظ الوعي
    هذا كله نهدمه حين نعيد الأمور لمكانها الطبيعي بدء ببناء ثقافة سنية صحيحة خالية من التشيع
    جزى الله من رسخ فكرة تسنين السنة في اذهاننا
    نظرة ورؤية ابعد من الحدث لله درك د. طه الدليمي

  6. الحق ان يقال تركزت انظار المشرق العربي نحو الخطر الاسرائيلي والخطر الصليبي والخطر الرافضي مولية ظهرها للعدو الاكبر (الطواغيت العملاء حكام دويلات الطوائف) ولن تصد الامة العدو الخارجي قبل ان تصد العدو الداخلي وقبل ان يفتح المسلمون القدس وفارس والروم فتحوا جزيرة العرب واكبر معاركهم كانت ضد مرتدي نجد قرن الشيطان والتاريخ يعيد نفسه لمن اراد ان يعتبر.
    هل يعلم القائمون على الموقع انه محجوب في دويلة عبدالانجليز وابناءه التي تسمى السعودية؟

    1. درس عملي لمعرفة الكذابين من أمثال هذا المعلق وأمثاله من دعاة الفتنة.
      ولولا الدرس ما رددت على هؤلاء المطنطنين؛ فهم أدنى من الذباب.
      إخواننا زوار الموقع، هذا التعليق باسم (أبو عثمان الحجازي) نموذج من النماذج المسخرة لإثارة الفتن داخل بلداننا المستقرة! وإحداث (الفوضى الخلاقة). لقد دمروا ما استطاعوا من دول وأفقروها وسلطوا عليها الأجنبي الفارسي وغيره، ويريدون (لع) إلحاق البقية بها.
      تأملوا كيف يخلط عبيد إيران الأمور! بل كيف يكذبون!
      يكفي لبيان كذبهم العبارة الأخيرة. يبدو أن المعلق لم يعرف من الاسم أن الكاتبة أ. الهلالي من المملكة العربية السعودية حفظها الله وحفظ بلاد العرب والمسلمين، وكل دولة مسالمة، ولو لم تكن مسلمة. يقول جل جلاله: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الممتحنة:8، 9).
      موقعنا الإلكتروني مفتوح متيسر المنال في كل دول الخليج العربي وغيرها.
      درس عملي لكشف أكاذيب هؤلاء رزقنا الله إياه دون عناء؛ فالحمد لله رب العالمين.

    2. العدو الاكبر ايران وشيعتها ومن مهد لها و عوانها ومن امتطتهم
      ياعبيد الفرس المجوووووووس
      هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون

  7. تكذب بكل وقاحة وتزعم ان موقع التيار محجوب في السعودية!!
    اذن كيف لي أن اتصفح الموقع واعلق وأنا في السعودية إن كان محجوبا !! قليل من الحياء اخزاكم الله

    ثم رحم الله الملك عبدالعزيز الذي أعز به البلاد والعباد وجعلك وأمثالك من عبيد ايران والانجليز تنوحون بذلة من وراء حجاب..

  8. جعلك الله معلما يهتدي الضلال به.
    هذا النوع من التحول في التفكير هو نقلة نوعية واعية تدرك عمق المشكلة وحل عقدها التي غفل عنها لباب العرب وعقلاء المسلمين وقرع طبول خبثها الفرس ورقص على اوتار المستفيدين منها مجموعة موتى الضمير من الفلسطينيين.
    ولذا كان الجهد والمال والعقل العربي سيما في الخليج هو للقضية الفلسطينية التي بصقت على أيدي كل منعم عليها كونها تعتبر ذلك حق لها وليس فضلاً عليها.!
    فالفلسطيني مهما قدمت له لايشكر وهذا يعطي صورة واضحة أن هذه ليست أخلاق العرب بل هي طلع شجرة فارس الخبيثة التي تجذرت داخل فلسطين لتصرف الأذهان وتشغل المسلمين عن كل الدمار الفكري والجغرافي الذي خربت به ديار وحواضر العرب والمسلمين.

  9. مقالة واقعية فيها توعية الجمهور السُني
    واخذه جرعة المناعة الفكرية التي تحصنه
    من هذه الآثار النفسية والأفكار السلبية
    التي جعتله يتعرض لخسائر كبيرة مادية وبشرية وجغرافيا
    على يد إيران وشيعتها في كل مكان
    بينما ينظرون الى عدوا لا وجود له ‏الا بالاسم
    وهي اسرائيل الوهمية والواقع يقول إيران وشيعتها
    عدوتكم ‏الأبدية !! بوركتي لهذا المقال يا هلالية
    وحفظ الله شيخنا الجليل طه الدليمي وما قدمه
    للأمة السنية العربية وأولها قضيته السنية العراقية

  10. جزاك الله خير استاذة العنود الهلال مقالة قيمة
    وكما قال دكتور طه الدليمي (فلسطين الطفل المدلل)
    و البلد المقدس عن باقي العرب!!

  11. التشخيص الخاطئ وعدم فهم القرآن وتنزيله على الواقع يؤدي إلى التشتيت والضياع
    وبالمقابل إيران تعمل وتصنع البديل لتبعد أنظار الخصم عنها وعن معرفة خطرها الدائم في منطقة المشرق العربي

  12. المكر الفارسي والعقلية الفارسية النشطة الفعاله بالشر استطاعت ان تحرف كل الانظار عنها وأخذت عل عاتقها إطلاق الشعارات الكاذبه الفارغة في تحرير فلسطين ومحاربة اسرائيل…..
    لينصدم العرب بأن إيران اول أهدافها وأهم أهدافها هم العرب وحال العواصم العربية المحتلة من إيران خير دليل.
    ليش للسنة في العراق خاصة والوطن العربي عامة سبيل للحفاظ على دينهم وأوطانهم الا التحصين فهو السبيل الوحيد الذي لايمكن للفرس وشيعتهم ان يخترقوه في اي زمان ومكان. فالتحصين هو السبيل للحفاظ على الماضي الصحيح ماثبت بالسنة الصحيحة والحاضر والمستقبل.

    اختنا العنود بارك الله فيك وفي علمك وجزاك الله خير الجزاء

  13. جزاك الله خير يا اساتذتنا الفاضلة على المقالة البينة المبينة
    والتي تضرب في صميم الفكر المتردي للثقافة السنة العوراء التي تصوب نضرها الى العدو البعيد وتتغافل عن العدو الحقيقي الذي يطعن وينخر جسدها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button