سياسةمقالاتمقالات أخرى

طوفان الأقصى .. الحدث والمسار

الأستاذ حسنين عبدالله الأموي/ التيار السُنّي في العراق

       لا يخفى على الكثير تقاطع المصالح الإسرائيلية – الإيرانية وأن إيران تمددت في المنطقة العربية حتى صارت على مشارف إسرائيل، فمن الشمال حزب الشيطان  ومن الشمال الشرقي حيث تتواجد الميليشيات الشيعية التابعة لإيران في سوريا، وغزة في الجنوب الأمر الذي جعل أمن إسرائيل في مرمى نيران إيران وميليشياتها.

إسرائيل تتحرك

     لقد استشعرت إسرائيل الخطر الحقيقي لتمدد إيران في المنطقة  وصرحت به مراراً وتكراراً بل وتحركت ضد إيران وميليشياتها في صور متعددة تمثلت بضرب الميليشيات في سوريا مرات عديدة وهجمات على مواقع إيرانية من خلال استهدافها عسكرياً وسيبرانياً، وكذلك التحرك من خلال سلسلة اغتيالات داخل العمق الإيراني لشخصيات إيرانية بارزة.

لكن هذه التحركات لم تكن كافية بالنسبة لإسرائيل فهي أرادت من أمريكا أن تصطف معها من أجل توجيه ضربة عسكرية شاملة لإيران لكن الأمريكان كانوا دائماً يثنون إسرائيل عن ذلك، الأمر الذي جعل إسرائيل تكتفي بنشاطها الفردي.

إيران تستشعر الخطر  

   في المقابل إيران استشعرت الخطر الذي يتهددها والذي تمثل بخطر التحركات الإسرائيلية للتقارب مع العرب – العدو التقليدي لإيران- من خلال التطبيع مع عدد من الدول العربية وعقد معاهدات تمثل تهديداً لأمن إيران وأن الاستهداف الإسرائيلي لإيران إنما هو مسألة وقت فكان لابد من تحرك إيراني ضد إسرائيل لكن هذه المرة لا يكون من خلال إيران مباشرةً أو ميليشياتها المحسوبة عليها (حزب الشيطان في لبنان أو الميلشيات الشيعية في سوريا والعراق) وأنما تكون من خلال حركة حماس وفي ساحة معركة أقرب ما يكون لإسرائيل منها لإيران.

فلسطين تحترق لعيون إيران

البدء بالقتال يحتاج الزمان والمكان والإعداد وكلا الطرفين إيران وإسرائيل أرادا الزمان المناسب للبدء، فبالنسبة لإيران فإن يوم 18/10/2023 موعد رفع العقوبات عن إيران فقد جاء في خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي التسمية الرسمية لاتفاق 2015 النووي، أن “سلسلة عقوبات للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، ينبغي أن ترفع في 18 أكتوبر (…) هذه العقوبات تستهدف خصوصاً الأفراد والكيانات الضالعين في البرنامج الصاروخي الإيراني (وبرنامج) الأسلحة النووية وأسلحة أخرى”[1].

فكان لابد لإيران من اشغال المنطقة من جهة ومسك أوراق تفاوضية من جهة أخرى تساعدها في فرض شروطها أثناء التفاوض، فكانت الساحة الفلسطينية خير من يحقق غايات إيران الشيطانية من خلال استغلال علاقتها مع فصائل فلسطينية تربطها علاقات وثيقة مع إيران حتى وإن أدى هذا لإزهاق الآف الأرواح الفلسطينية البريئة التي لا ناقة لها ولا جمل في حروب عبثية لم تسفر سابقاً ولن تسفر حالياً ومستقبلاً إلا عن قتل وتشريد الشعب الفلسطيني وتدمير بناه التحتية من أجل عيون إيران والقاعدة تقول: إذا وقعت الجريمة فابحث عن المستفيد!

 إسرائيل تستدرج

من تابع وما زال يتابع الأحداث يعلم يقيناً أن إسرائيل في المقابل قد استدرجت الفصائل الفلسطينية ومن ورائها إيران المتخفية والتي تتحرك من خلف الستار من اجل حشد الدعم الدولي لإسرائيل ومن خلال حرب تتيح لها إنهاء الفصائل الفلسطينية دون أن يوجه لها أي انتقاد ولابد لذلك من سيناريو واخراج يحقق ذلك حتى لو تطلب تقديم قتلى وجرحى وأسرى إسرائيليين وسقوط مستوطنات، بل وإظهار نفسها ضعيفة ورفع أعداد خسائرها أمام الإعلام العالمي وهذه المرة الأولى التي تستخدم إسرائيل هذه الطريقة من أجل أن يصطف الجميع معها! وفعلاً جاءت ردود الأفعال والمواقف كما أرادت من دول عديدة على رأسها أمريكا وبقية الدول غربية.

ومن هذا التحشيد هو قيام  مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة بعقد مؤتمراً صحفياً : وعرض صور ومقاطع فيديو لبعض الأحداث التي قام بها عناصر (حماس)، ويقول الخسائر جراء هجوم حماس كارثية، وأن حماس قتلت وأسرت عدداً كبيراً من الإسرائيليين وتم أخذهم لغزة، حتى قال بصريح العبارة: لابد من القضاء على حماس وإزالتها ![2]

الفصائل الفلسطينية استُدرجت والفلسطينيين هم الضحايا

في ضوء ما يحدث وما ستؤول إليه الأمور ستكون الفصائل الفلسطينية الهدف الأكبر والفلسطينيين كبش الفداء لحرب معروفة مسبقاً نتائجها والتي ستكون دماراً ووبالاً على الفلسطينيين بالدرجة الأساس، فهم الجانب الأضعف في المعادلة وأن إيران رمتهم في محرقة من خلال مواجهة الفصائل الفلسطينية لإسرائيل في معركة غير متكافئة ولا محسوبة ولا ندري أبعلم أم بجهل يخوضوا مثل هذه المغامرة؟ والتي ستكون كارثية على فلسطين إن لم يسلمهم الله تعالى منها.

وختاماً أقول: أن من رأى بدايات الأمور سيتبادر لذهنه أحداث الموصل وكيف أن جيشاً قوامه (30) ألف مقاتل انهزموا أمام بضع مئات ليتبين فيما بعد أن أوامر بالانسحاب هي التي مهدت لدخول داعش لتستولي عليها وعلى المحافظات السُنّية لتكون ذريعة لإيران وشيعتها كي تحتل المناطق السُنية بحجة داعش وإلى يومنا هذا! فالسماح للفصائل الفلسطينية بالدخول للمستوطنات التي لطالما استعصت على طائر أن يطير من فوقها، يطرح أسئلة كثيرة وكبيرة عن حقيقة مجريات الأمور، فالحدث معلوم لكن المسار يتجه نحو المتاجر(بقضية فلسطين) في طهران، فهو أحد اللاعبين الرابحين دون خسائر تُذكر، وسيكون من المستفيدين في كل الأحوال. 


 موقع الحرة على الإنترنيت [1]

 المؤتمر الصحفي لمندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة على شاشة العربية الحدث يوم 8/10/2023[2]

Show More

20 Comments

  1. هذا التحليل للحدث والنظر إلى ما وراء الستار حيث الايدي الخفية يدل على وعي جديد لا ينخدع بصوت العاطفة الغالب اليوم على الساحة .. نشد على يدكم ونبارك طرحكم ..
    بارك الله فيكم وسددكم

  2. اسرائيل لها الحصة الاكبر للتخلص من الفصائل الفلسطينية التي توالي ايران و ايران لها مصلحة كبيرة بتسقيط هيبة اسرائيل امام الشرق الاوسط و انها هي العدو لربما ايران تريد ضرب عصفورين بحجر الفصائل و اسرائيل او العكس اسرائيل لها المصلحة في هذه الحرب القائمة و ترا في مواقع التواصل الغالبية العظمى تتعاطف مع فلسطين و تمجد بما فعلوه في اسرائيل والله علم ماهو القادم

  3. مشاعرنا مع مأساة اهلنا في فلسطين .. ونحزن لما قد يصيبهم من بلاء ووحشية اسرائيلية .. لكن هل الفلسطيني يرضى بقادة يسبحون بحمد ايران ورموزها!!
    ان كان يرضى .. فنعوذ بالله من الخذلان .. فليتحملوا ما ستجره ايران عليهم من بلاء ..
    مقال يستحق النظر والاهتمام .. واللفتة في الختام دقيقة جدا .. شكرا لهذا الطرح

  4. ((فلسطين تحترق لعيون إيران))
    عبارة مدوية لسقوط المقاومة الكاذبة
    التي تدعيها حماس أمام العالم
    وما زال الفرس يفتكون بالعرب
    لكن بطريقة مبطنة يستخدمون قناع حماس
    من قراء تاريخ إيران وعملائها الإخوان لن تغيب عنه هذه الحقيقة..بوركت استاذ في تحليل هذه الإحداث

  5. عندما يتجرد الإنسان من العواطف ويحكم العقل يستطيع أن يصل إلى التحليل والفهم الدقيق للأمور ومآلاتها .
    أنظر إلى الواقع ترى من الفاعل ومن المستفيد ومن الضحية عندها تفهم الصورة بشكل أعمق وأدق.

  6. ‫إن الذي يفكر في تحرير الاقصى من إسرائيل ‬

    ‫لابد إن يفكر ما المرحلة القادمة التي ستمر فيها الأراضي ‬
    ‫الفلسطين لان في ذلك الوقت ستكون النتيجة هي تدخل ايران للاحتلال ما تبقى من الخطة الابدية التي نفذتها ‬

  7. كل هذا العمل يصب لمصلحة ايران
    وإيران في كل تحركاتها دائما ً تستخدم البديل. المشروع الإيراني وجه انظار العرب إلى القضية
    الفلسطينية بإسم المقاومة وبهذه السياسة الماكرة احتلت إيران خمس عواصم سنية عربية .
    فلسطين ليس فيها مقاومة ولاقضية مركزية بل
    هي مجموعةأدوات تستخدمها إيران لمصالحها السياسية
    وماهو البديل إذا سقطت إسرائيل البديل إيران
    وإيران خطرها كبير على أهل فلسطين وبدون رحمة تتعامل معهم والدليل كيف سحقتهم
    في بغداد وسوريا في حي اليرموك .
    ستكون الدول المجاورة لفلسطين
    في خطر مثل الاردن ومصر.
    وجود إسرائيل في فلسطين أهون بكثير من إيران الماكرة الغادرة وهذا ما عشناه نحن سُنة العراق تحت الحكم شيعة الإيراني الظالم..
    مقال في غاية الأهمية بارك الله فيك استاذ حسنين عبدالله الأموي

  8. أحست تحليل واقعي.
    إيران تأتي فريستها من الخلف كما تغدر بأصدقائها وتبقي حالها بعيد عن الحدث.. ثعلب ماكر وضبع غادر.. أحرقت أغبياء داعش وغدرت بماعش ولم يستفد مغفلوا حماس من الدرس فهاهم يسلكون نفس الخريطة المدمرة التي تحصد ثمارها إيران.

  9. احسنت استاذ حسنين واحب ان اضيف التالي :
    الهجوم واختراق المستوطنات غير طبيعي ولا معقول!
    وهي تمثيلية واضحة..
    لكن هل هي تمثيلية بين المحورين الاسرائيلي والايراني وذيولها
    ام هي لعبة اسرائيلية استدرجت بها الفلسطينيين لغاية ما !
    ام ماذا !!
    اسئلة كثيرة!

    لان الاقتحام والاختراق هذا لا يعقله عاقل..
    مئات المسلحين يدخلون المستوطنات بكل سهولة وبوقت قياسي! بينما بالوضع الطبيعي! الطائر في الجو لا يمكنه التسلل والدخول! من قوة المراقبة وحصانتها !
    الموضوع بيه النا

  10. من لم يقرأ التاريخ ستلفضه الجغرافيا
    ومن لم يقرأ ماوراء الحدث فهو اعمى البصيرة رغم وجود عيون راسه التي تبصر الصورة ولاتبصر الظل وترى الحقيقة من الجانب الذي يصوره لها الاعلام المضلل الذي يقلب الحقائق ليختفي ورائها ويحرك العقول كما يحرك الأحداث لنعرف هنا الفرق بين العلم الرباني الذي يبصر بنور الله َوبصيرة العقل وليس بنظر العين المجردة

  11. إيران ترغب في تحقيق تقدم نوعي وقوي في مفاوضات فيينا، وتلعب بورقة الفصائل والميليشيات الموالية لها في المنطقة، وهم حزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن وحماس والجهاد في فلسطين، إضافة لجبهة سوريا لكي تؤكد قوتها وثقلها الإقليمي، وتنتزع اعترافا دوليا ببرنامجها النووي وتحصل على اتفاق نهائي بذلك، استغلت حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين من أجل مصلحتها فقط، ولو كانت تريد مصلحة شعب غزة لكانت قد ساهمت في التبرع بإعادة الإعمار لم يثبت أنها ساهمت بتقديم تبرعات أو أموال لمشروعات إنسانية أو إعمار في غزة، بل ساهمت في تمويل شراء أسلحة وغيرها لكي تحول غزة لبؤرة سلاح تهدد بها أمن المنطقة، وتكون إحدى الأدوات الضامنة لأمن إسرائيل ما يعزز موقفها في أي تفاوض سواء مع تل أبيب أو الغرب، مؤكدا أن حرب غزة الأخيرة وما سبقها من حروب مماثلة في 2008 و2012 و2014 كانت مجرد فرص استغلتها إيران سياسيا وعسكريا لمصالحها الخاصة فقط وليس من أجل مصلحة شعب فلسطين وغزة بل على حساب دمائه الرسالة التي رغبت إيران في توجيهها للغرب من خلال حرب غزة هي إن طهران تستطيع حتى وهي تحت الحصار والعقوبات أن تهدد أمن إسرائيل والمنطقة وبالتالي تحاول دفع الغرب وغيره للجلوس والتفاوض وتحقيق مصالحها.

  12. احسنت القول والمقال استاذ حسنين،
    أهل السنة لم ولن يستوعبوا الدرس مالم تصحح لديهم المفاهيم،
    وهذا دور اصحاب المسار الصحيح

  13. جزاكم الله خيرا
    تحليل ومقال عميق للوضع
    وخبث إيران وشيعتها في إبادة السنة
    وكل هذا يصب في مصلحتهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button