أبو الحسن البربهاري.. محيي السنة و قامع البدعة
أ. ناصر عمر القريشي/ التيار السُنّي في العراق
هو حسن بن علي بن خلف، يكنى بأبي محمد، ويلقب البَرْبَهاري، ويُعد عالماً عربياً بغدادياً وقد ذاع صيته وشهرته في بغداد بين عامة الناس فضلاً عن خاصتهم، وفي ذلك يقول ابن كثير: ( إذا رأيت البغدادي يحب .. أبا محمد البربهاري، فاعلم أنه صاحب سُنّة).
نشأته وثقافته
نشأ الإمام البربهاري في بيئة علم، إذ كان حريصاً على طلب العلم وتحصيله، فقد تلقى العلم على جماعة من كبار أصحاب الإمام أحمد بن حنبل، منهم: المَروُّذي وسهل بن عبدالله التستري وبذلك نشأ البربهاري في وسط علمي، كان له كبير الأثر على شخصيته.
وقد تتلمذ على يديه عدداً من العلماء من أمثال أبو عبدالله ابن بطة، ومحمد بن أحمد البغدادي وأبو بكر احمد بن كامل ومحمد بن أبي بكر.
صنف الإمام البربهاري عدداً من المصنفات كما أشار بذلك أبو يعلى والذهبي، إلا أنهم لم يذكروا أسماء تلك المصنفات سوى كتابه (شرح السنة) وهو الكتاب الوحيد له وقد عُرف واشتهر به، وقد تضمن جميع أفكاره الدينية والسياسية وهو مطبوع ومنشور.
لقد حظيت سيرته الذاتية والعلمية بثناء عدداً من المؤرخين من أمثال ابن أبي يعلى فقد قال عنه: (شيخ الطائفة في وقته، ومتقدماً في الإنكار على أهل البدع، والمباينة لهم باليد واللسان، وكان له صيت عند السلطان، وقدم عند الأصحاب، وكان أحد الأئمة العارفين، والحفاظ للأصول المتقنين، والثقات المؤمنين)، أما الذهبي فقد قال عنه: (الفقيه القدوة، شيخ الحنابلة بالعراق، قالاً وحالاً وحلالاً، وكان له صيتٌ عظيم وحرمة تامة).
عصره
لقد عاصر الإمام البربهاري مرحلة خطيرة من المراحل التي شهدتها الخلافة العباسية، فبدأت قوة الخلافة تضعف وبدأت أمورها تتدهور بسبب تدخل العنصر غير العربي، وأوكل الخلفاء النظر في شؤون الخلافة إلى غيرهم من الوزراء وكبار القادة الذين لم يكونوا مؤهلين لمثل هذه الأمور، كما كانت مصالحهم الشخصية تدفعهم إلى عدم الاهتمام بأمور الدولة والتهاون بها.
لم تهدأ نشاطات العامة من أهل السنة الهادفـة إلـى إخـراج الخلافـة العباسـیة مـن دوامـة النفـوذ الأجنبي واعادة الهیبة لها، وقد كـان الإمام البربهـاري معاصـراً ثـم شـاهداً لكـل تلـك الأوضـاع التـي صـارت فیمـا بعـد جـزءاً منهـا، وأخذت تنخر في جسد واهن جُهـد لأن یبعـث فیـه الحیـاة بـدون طائـل، إذ بلـغ الـضعف مـداه، عمّقهُ سوء الظن والتكالب على السلطة.
الإمام البربهاري وعلاقته بالخلافة العباسية
خــلال الربــع الأول مــن القــرن (الرابــع الهجــري/العاشــر المــیلادي) قــوى نفــوذ الحنابلــة، وظهر تأثیر حركتهم، ولقي صداه لدى الدولة والمجتمع، وفي هذه المرحلـة بـذل الحنابلـة جهـداً غیـر یـسیر لتطبیـق تعـالیم إمـامهم-احمد بن حنبل- وآرائـه الدینیـة والفكریـة، ولاسـیما فـي عهـد شـیخهم البربهـاري، إذ كان له الدور المؤثر في تاریخ الحنابلة والمجتمع البغدادي آنذاك بدعوتـه الجـادة إلـى التمسك بالسنة، ومحاربـة البـدع، والأمـر بـالمعروف والنهـي عـن المنكـر وصـار لـه هیبـة ونفـوذ لـدى العامـة والدولـة، إذ شـهدت تلـك المـدة سـوء الأوضـاع العامـة فـي بغـداد بـسبب كثـرة الفـتن، والغـلاء وتـسلط العجم وجنـدهم علـى مقالیـد الأمـور، وظهـور المبتدعـة فـي الدين، وقد ركـز الحنابلـة فـي نـشاطهم علـى الإصــلاح الاجتمــاعي والفكــري والــدیني، وازالــة الفــساد، والــدفاع عــن الــسنة، ولهــذا أیــدهم العامــة واندفعوا وراءهم.
ویبـدو جلياً أن أهـداف حركـة الحنابلـة خـلال هـذه المـدة لـم تكـن موجـه ضـد الدولـة أو محاولـة إرهاقها، بل نجد انهم یبدون استعدادهم، لمؤازرتها في ظـل الظـروف الـسیاسیة المحیطـة بهـا، فلمـا زاد خطـر القرامطـة بقطـع طریـق الحـج أعلـن البربهـاري وقوفـه إلـى جانـب الخلافـة العباسـیة بقولـه: یا قوم ان كان یحتاج – أي الخلیفة – إلى معونة مائة ألف دینار ومائة ألف دینار قالها خمـس مرات عاونته))، وأضاف ابن بطة الحنبلـي الـذي نقـل هـذه الروایـة عـن شـیخه: (لـو أرادهـا لحـصلها مــن النــاس)، وهــذا دلیــل واضــح علــى شــعبیة البربهــاري ومكانتــه واطلاعــه ومعرفتــه بمــشاكل الخلافـة وأحوالهـا، ولم يكن بمعزل عما يدور من حوله.
وفـي ظـل هـذه الظروف كان للإمام البربهاري شیخ الحنابلة منزلة عالیة وصوت مسموع، ونفوذ واسع في بغداد، ((حتى یـروى أنـه مـر بالجانـب الغربـي فعطـس، فـشمته أصـحابه فارتفعـت أصـواتهم حتـى سـمعها الخلیفـة وهو في روشنه، فاستهولها. وعلى الرغم من ضـعف هـذه الروایـة وغرابتهـا، إلا أنهـا اسـتهدفت تأشـیر شـعبیة الإمام البربهـاري وكثرة أتباعه.
ممـا تقـدم لاحظنـا أن الإمام البربهـاري شخـصیة قدمتـه مؤهلاتـه وایمانـه بمذهبـه، مـن أن یتــولى زعامــة الحنابلــة فــي الربـــع الأول مــن القــرن الرابــع الهجــري/العاشــر المــیلادي، ویقــودهم لفــرض توجهاتهم المذهبیة على مجمل الحیاة الاجتماعیة في بغداد خاصة.
وفاته
أمـا عـن وفاتـه فبسبب التدخل الأجنبي والأوضاع الفوضوية أصـدر الخلیفـة الراضـي بـاالله (٣٢٩-٣٢٢هــ٩٤٠-٩٣٤/م) قــراراً بقتل أصحاب البربهاري سنة (٣٢٩هـ٩٤٠/م)، فاسـتتر الأخیـر وكـان ینـزل بالجانـب الغربـي فانتقل إلى الجانب الشرقي مستتراً، فتوفي في الاستتار في رجب من الـسنة نفـسها.
هذا المقال هو عبارة عن مختصر مأخوذ من بحث بعنوان: البربهاري (ت٣٢٩هـ٩٤٠/م) وعلاقته بالخلافة العباسیة للدكتورة شیماء یونس إسماعیل/ والمنشور في عام2013 ، وكنت –سابقاً- قد رغبت بكتابة مقال عن هذا الإمام وعند البحث عن المصادر وجدت شحةً في المصادر التي تناولت سيرة حياة هذا الإمام الجليل وكأن أيادٍ خفية حاولت طمس سيرة هذا الرجل وما قام به من دور في مواجهة الباطل وأهله، وهو شأن كل من يتصدى للإصلاح ويواجه البدع وأهله ويسعى للمحافظة على الوجود السُنّي.
ومن خلال الاطلاع على سيرة حياة هذا الإمام نخلص إلى عدد من النقاط:
أولاً: أن العلماء الربانيين من أمثال الإمام البربهاري يمارسون دورهم الرباني ويقتدون بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التغيير ولا يبقون متفرجين على الأحداث الدائرة من حولهم.
ثانياً: كل من يقوم بدوره الإصلاحي سيجابه من أهل البدع والضلال والفساد، بحرب شعواء وطمس لمعالم سيرته وجهوده في حياته وبعد مماته، فتزور الحقائق وتنشر الأكاذيب.
ثالثاً: ان تلويث تاريخنا المشرق وطمس سيرة اعلامه هو دأب تلك المؤسسة التي أطلق عليها شيخنا الدكتور طه الدليمي اسم (المؤسسة الفارسية العميقة) وليس جهد أفراد هنا وهناك، كما يُنسب نشأة التشيع لعبد الله بن سبأ وغيره.
عندما قرأة المقال أجد التاريخ يعيد نفسه
وتجد يد الفرس ممدودة بسيوفهم لكل من
يقف ضدهم وتجد اقلامهم تطمس سيرة
هؤلاء العظماء من اهل السُنة وتزيل وجودهم
من الذاكرة السُنية العراقية لذلك علينا السعي
الدائم في ذكر كل عالم سُني عراقي يدافع عن
قضيته ويقف بوجه الفرس يحارب فكرهم وثقافتهم الشعوبية. /بوركتم مقال رائد
رحم الله الإمام البربهاري وجزاه عنا خيرا
سبحان الله الذي يهيء لكل مرحلة رجالها
رغم محاولة جنود الدس والتزوير وقلب الحقائق وتغلبهم على الموقف وتحكمهم شبه الكامل في تلك المرحلة الا انه يظهر لهم عمالقة يصعب على خفافيش
الظلام إخفاء نورها وهذه إحدى العينات
جهودكم مباركة بإذن الله
رحم الله الإمام البربهاري محيي السنة وقامع البدعة، ورحم الله تعالى جميع الأئمة والعلماء الربانيين الذين يقتدون برسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً.
ورحم الله جميع المسلمين الذين يتبعون رسول الهدى لا ضالين ولا مضلين.
ونسأل الله تعالى الهداية والرحمة لكل من ينشدها.
كل شخصية لها قوتها وتأثيرها ضد الفرس خاصة نجد أنه تم اخفاء سيرتها ومؤلفاتها بصورة متعمدة لأهداف بعيدة المدى.
وهذا أسلوب الدولة العميقة في طمس التاريخ وتزييفة لصالحها.
للاسف مثل كل المتعصبين للامام احمد يتناسون ان مجتمعنا لا تنطبق عليه معايير المجتمع المسلم ايام الخلافة الاسلامية نحن السنة منقسمةن الى 50 كيان وطني علماني لا يقر بحكم الاسلام لا بالسياسة الشرعية ولا بالشريعة الاسلامية و لا بعقيدة الولاء و البراء و بالجهاد في سبيل الله بل في سبيل الوطن و لا يقر بوحدة الامة بنص القران الكريم وولاء معظم لدول الخارج المعادية للاسلام وكل هذه الصفات لم تكن موجودة قبل 1924 زمن سقوط الخلافة الاسلامية على يد اتاتورك و من لف لفه من زعماء الغرب بالتعاون بريطلنيا و فرنسا و روسيا ..فالمقولة المعروضة ضمن المقالة المقصود بها الحكم الاسلامي قبل العلمانية وظهور الهوية الوطنية الخائبة و من التدليس الذي ننكره على الشيعة ان نطبق المقالة على حكام اليوم الذين يختلفون عن حكام الامس و تنطبق عليهم المثالب اعلاه
أعلام يجب أن ينفض غبار الصمت عن سيرتهم في المجتمع وتعاملهم مع احداث عصرهم .. لا أن يقتصر من سيرتهم في العبادة والوعظ..
احسنت استاذ ناصر في تسليط الضوء على هذا العلم الذي كان صمام امان للمجتمع في ذلك العصر
رحم الله امام السنة الذي كان له دوره القوي في ذلك العصر الذي يموج بالفتن
يا ترى ما هو سبب تلاشي مدرسة الأمام احمد بن حنبل الفقهية في بغداد؟