مقالات الدكتور طه الدليمي

مشكلتنا الكبرى الفرس والفارسية

أ. عبد الكريم عادل

على مر التاريخ مرت بالعرب صراعات كثيرة مع قوى خارجية مختلفة؛ ولكن الناظر للثقافة الشعبية والنخبوية  العربية الإسلامية سيجدها تصنف الصراع ب (العربي-الغربي الصهيوني)، ويجد المكتبة العربية تزخر بدراسات تفصيلية مركزة وثراء فكري مستفيض في تأصيل الصراع وتحليله، وتناوله على مستويات (الدين، الإعلام، السياسة، والعلوم ذات الإرتباط)، وتلك الدراسات والأفكار تصدر من مشارب فكرية متعددة قومية وإسلامية، وبالتالي نمّطت هذه الدراسات وأسست أفكارا معينة، وأقامت عليها القضية المركزية وجعلتها من المسلّمات، فجعلوا قضيتنا غربية، وهذه في حقيقتها لا تتوافق مع المشكلات الكبرى التي تعاني منها مجتمعاتنا، فهي شرقية.

 حتى خطيب الجمعة شارك في خداعنا

 في كل مرة أذهب فيها لصلاة الجمعة أضع يدي على رأسي متيقنا أن شيخنا في خطبة اليوم سيلقي علينا قنبلة ثقافية تسطّح المشكلة، فإذا هو يتجاهل تماما مشكلة بلده وأهل رحمه -سنة العراق- ويتكلم عن قضية أهل فلسطين وقضية أهل السودان، والبلدان البعيدة، وإن تكلم عن مشكلاتنا، فلا يتعدى: العقوق، والربا، وشرب الخمر، وأمثال هذه المواعظ المتكررة، مختزلا بها مشكلاتنا الكبرى!

ويختتم خطبته بالدعاء على بني صهيون، وفي كل مرة أقول له: وبني صفيون؟

 المشكلة الكبرى في الجانب الآخر

نحن نعاني من حالة انعدام في الإنتاج الفكري والعلمي الذي يعبر عن الصراع (العربي-الفارسي الشيعي) وعن فهم دور المؤسسة الفارسية وما تملكه من أساليب خفية ومخادعة في صناعة خلايا خطيرة في جسدنا السني العربي, ولم يكشف الأدوار الخفية والخطيرة لهذه المؤسسة مشروع غير المشروع السني.

إنّ الفكر الفارسي فكر منظم وقائم منذ 5000 سنة تقريبا وله مؤسسات ترعاه، ويستطيع فهم الشعوب المجاورة، ويغير من هويته وطبيعة الصراع؛ وله قديما أهدافا بالسيطرة على الأرض التي يقاتلها دوما والسيطرة على الشعوب الساكنة بقربه وهم عرب العراق ليتوسع أكثر فأكثر.

ومع هذا السبب هناك سبب آخر وهو أن الشخصية  الفارسية كثيرة الأدواء, وعادة ما تدخل على الحضارات وتخربها فتنتهك الحدود وتلبس ثوب الجحود فتبدأ بالحروب وتُقتّل الشعوب، ثم تسرق المنجزات لتنسبها لنفسها وتستخدمها في حربها القادمة؛ كل هذه الأسباب وغيرها ولّدت صراعا حضاريا ووجوديا بين العرب والفرس, فكيف لا يرتقي هذا الصراع فيكون مشكلة كبرى وتقوم عليه قضية مركزية؟!

أما اليوم فنحن أمام مسؤولية كبيرة؛ فالصراع صراع وجود لا حدود، وبقدر الفراغ الفكري ضد الفكر الفارسي-شيعي تتأكد أهمية دراسة ذلك الفكر وخططه تمهيدا للتصدي له على مستويات الإعلام والسياسة والثقافة وتوجيه النظر للأسباب والأحداث التأريخية والدس التأريخي الذي طال كتبنا، كما ينبغي إعادة النظر في الردود العقدية وجعل فيصلها والمفرق بين السنة والشيعة أكثر وضوحا وصرامة بالرجوع إلى دليل القرآن وما يؤصله.

Show More

19 Comments

  1. اصبت كبد الحقيقه .فطالما حذرونا من الاحتلال الغربي وحولّوا انظارنا إتجاهه حتى كسر رقابنا الاحتلال الشرقي واحتلنا عقيدةً وأرضاً وأمعن في محوا هويتنا وانتقص من رموزنا وعظمائنا حتى اصبح المتردي والنطيحه وفقير الاخلاق يتجرء عليهم وعلينا.شغلونا بفلسطين عربيه ولم ننتبه ونحن نهتف لها ان بلادنا اصبحت فارسيه وانهم يحتلون البلد تلو الآخر وخطبائنا يتذكرون جُل آيات الذكر لكنهم يغفلون او يتغافلون عن (وقاتلوا الذين يلونكم من الكفار )وأشغلونا بحديث الجسد الواحد حتى تمزق جسدنا وهذا حال من يترك العمل بالقرآن ويعمل بالحديث الذي تلّقته امتنا (بالقبول)

    1. اصبتم ، في نفس العين التي يشاهدون بها الغرب لا يستطيعون مشاهدة الشرق حتى ثقافتنا قد اخترقت بلا حصن!

  2. جزاك الله خيرا استاذ الكريم على هذا المقال الذي يلامس الواقع الذي نمر به
    وكما قال الدكتور طه الدليمي التشيع الفارسي تعدد ادوار و وحده هدف

  3. أحسنت أستاذ مقاله من الواقع ولكن الفكره موجوده ونحن علينا ان نزرع الثقه بأنفسنا وننمي هذا الفكره بحيث يتغلب على الفكر الجامد من العلم الشرعي حتى اقل نفر من المجتمع السني نزرع مشروعنا ونسقيه بعرقنا كما تبنت بلاد فارس مشروعها منذو فتحت على يد الخليفه الراشد عمر ابن الخطاب أمير المومنين الى يومنا هذا المشروع الفارسي الشيع الذي اثره على المجتمع السلامي السني

    1. أحسن الله لكم، نعم علينا بإنزال العلم موضع الواقع ، وعلينا بالفكر المنضبط بالعلم، وتحويل العلم الى الثقافة ومخاطبة الجمهور.

  4. من فقد التشخيص فقد العلاج ومن فقد العلاج فقد العمل
    ولذلك تتغير القضية بتغيير الواقع والقضية تحددها المشكلة الكبرى في المكان والزمان “داخل بلدك” ,
    مسار الخطباء أبتعد عن هذه المفاهيم التي تكشف الخطر الكبير على أهل السنة ويتكلمون على أحداث أكل عليها الدهر وشرب بعيده كل البعد عن الواقع .

  5. “عدونا شرقي لا غربي” قاعده كان لابد لها أن تطبق في زمن وبلد أمسى واقعه منخور فارسيا وعقله مغيب غربيا تحت شعائر وهتافات وطنيه (قضيتنا فلس -طينيه) ، حين ابتعدنا عن القضيه التي تقرأ الواقع ( قضيه التشيع الفارسي ) كانت نسبة ضياع سنه العراق
    كوجود كياني وكهويه اقرب للييقين ..اذا ما الحل !!؟
    نحن نفتقر للمنهجيه بإبراز الهويه السنيه ضمن برنامج متكامل وهذا يبتدأ بالانطلاقه من وحي الرحمن ..فكر بهويتك انت سني عراقي قضيتك شرقيه. جزيت اخ عبد الكريم .

    1. وجزاكم الرحمن، مشكلتنا الأولى في التشخيص، الكثير منا لا يرى العدو ولا يرى هويته حتى يتخذ ردا او يجد حلا ويتخذ هوية مقابلة، والمشكلة الأكبر على النخب التي لم تشخص عقد الصراع فكريا وعلميا.

  6. مقال رائد يفصل أحداث الحاضر والماضي والمستقبل
    ومن هو عدونا الحقيقي وكيف يتحصن منه سُنة العراق ثقافيا وعقائدايا وتاريخيا، بوركت أستاذ

    1. وفيكم يبارك، للقضية أبعاد تأريخية وآنية، سياسية ودينية ، يكفينا أن نتعظ بأحدها، فكيف بها جميعا!

  7. السلام عليكم
    القضية والهوية في الصراع العربي الفارسي تتداخل مع التعقيدات الجغرافية، السياسية، والدينية. هذا الصراع يمتد لقرون طويلة ويعكس التنافس على النفوذ والهيمنة في المنطقة. الهوية في هذا السياق تصبح ساحة معركة حيث يسعى كل طرف إلى تأكيد ذاته وتعزيز ثقافته وتاريخه مقابل الآخر. الهوية العربية، المرتكزة على اللغة والثقافة العربية والدين الإسلامي السني، تقف في مواجهة الهوية الفارسية ذات الجذور التاريخية العميقة والتي تعززها الثقافة الفارسية والدين الشيعي. هذا الصراع ليس مجرد نزاع سياسي، بل يمتد إلى محاولات إعادة تعريف التاريخ والمستقبل وفقًا لرؤية كل طرف.

  8. بسم الله الرحمن الرحيم
    جزاكم الله خيرا استاذ عبد الكريم
    أوجزت فابدعت
    ذكرت الكثير من الاشكالات, لكن حسب ما ارى ان المشكلة الكبرى تكمن في الخطباء، لان لقاءهم بالجمهور اسبوعي، وهم سبب غياب الوعي، وكلما هممت ان اتحدث مع احدهم فترت همتي، لانهم يرون انفسهم في موقف الواعض دائما لا المتلقي للوضع، ولن انسى مقولة لاحد اصدقائي وانا احدثه عن هذه العلة في خطبائنا فقال لي: (أخي المله هو متعلم يثرد براس الناس، هسه جاي انت تريد تثرد براسه؟)، مع ذلك اقنعت نفسي بضرورة التحدث لهم اخذا بحكمة الدكتور الدليمي: (ادّ ما عليك وما عليك)

  9. وعليكم السلام، أحسنتم
    الصراع في تأريخه صراع فارسي عربي صراع وجود وجغرافيا، أصبح الصراع دينيا ثم صراعا(سنيا شيعيا)
    بين طرفين مختلفين في الدين التاريخ والأهداف ، وكل طرف يريد أن يثبت ذاته، فأهل السنة ذات تتقلص وتعمل بلا إثبات والشيعة ذات مريضة تعمل بثبات، والهوية السنية تقابل محاولات إنهاء الوجود الشيعية، فهي إثبات وجودنا وقضيتنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button