دعوى الأكثرية الشيعية في العراق.. جذور الخدعة (1)
دور الإعلام الشيعي في نشر دعوى الأكثرية الشيعية في العراق
د.طه حامد الدليمي
الحق يقوم على العلم والحقيقة، ويعتمد البرهان والدليل. والباطل يقوم على التزوير والخداع، ويعتمد الدعاية والتضليل.
يستغل أصحاب الباطل نقطة ضعف تعاني منها المجتمعات البشرية؛ إذ يمتاز العقل الجمعي للجمهور بقابليته الشديدة للتأثر بما يكثر وروده عليه، والتصديق بما يكرر طرحه على سمعه من أقوال: وبهذا يمكن لهؤلاء أن ينفذوا بعقائدهم، وأفكارهم، ونظرياتم، وإشاعاتهم، بل أساطيرهم وخرافاتهم إلى أي مجتمع، فتشيع فيه وتترسخ كحقائق مسلَّمة ، مهما كانت خاطئة أو بعيدة عن الواقع! ولذلك قيل: (كل مكرر مقرر).
بهذه الطريقة انتشرت دعوى (الأغلبية الشيعية في العراق)، بعد أن أوحى بها الانجليز، عند احتلالهم العراق في بداية القرن الماضي، إلى الشيعة، فتلقفها هؤلاء منهم، وصاروا يتحدثون بإسراف عنها، ثم دخل اليهود من بعد على الخط. وازداد حديثهم هذا في الفترات الأخيرة قبيل وبعد الاحتلال في جميع وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة. هذا مع غياب الوعي السني بخطورة الفكرة، وإعراض أهل السنة عن الرد وبيان الحقيقة الواقعة تكرماً وترفعاً، وحذراً من الإثارة الطائفية كما يتصورون. حتى تغلغلت هذه الشائعة في بعض أوساط أهل السنة لاسيما أولئك الذين هم خارج العراق!
انطلت هذه الإشاعة على دوائر القرار في دول الغرب! وكانت هذه المعلومة الدعائية (الأغلبية الشيعية المضطهدة من قبل الأقلية السنية الحاكمة) إحدى الأسس التي ارتكزت عليها الحكومة الأمريكية في غزوها العراق واحتلاله. (بدا ذلك واضحاً في خطاب الرئيس الاميركي جورج بوش الابن عندما أعلن أن نسبة الشيعة في العراق 60-67% في الخطاب الذي أذيع من محطة (A.B.S) خلال انعقاد مؤتمر المعارضة في لندن! وكما تعمل على ذلك علانية وسائل إعلام الولايات المتحدة)[1].
جـــــذور الخدعـــة
دور الإعلام الشيعي في نشر دعوى الأكثرية الشيعية في العراق

القاعدة الكبرى التي يقوم عليها فن الدعاية هي العرض المكرر للمعلومة المراد تسويقها، مع التأكيد عليها.
يقول مؤسس (علم نفس الجماهير) غوستاف لوبون: (إن التأكيد المجرد والعاري من كل محاجة عقلانية أو برهانية يشكل الوسيلة الموثوقة لإدخال فكرة ما في روح الجماهير. وكلما كان التأكيد قاطعاً وخالياً من كل برهان فرض نفسه بهيبة أكبر… ولكن الإعلان لا يكتسب تأثيراً فعلياً إلا بشرط تكراره باستمرار، وبنفس الكلمات والصياغات ما أمكن ذلك… فالشيء المؤكد يتوصل عن طريق التكرار إلى الرسوخ في النفوس إلى درجة أنه يقبل كحقيقة برهانية… فعندما نكرر الشيء مراراً وتكراراً ينتهي به الأمر إلى الانغراس في تلك الزوايا العميقة للاوعي حيث تصنع دوافعنا كل أعمالنا. فبعد أن تمر فترة من الزمن ننسى من هو مؤلف القول المكرر، وينتهي بنا الأمر إلى حد الإيمان به. وعلى ضوء ذلك يمكننا أن نفهم القوة الهائلة للإعلان… وعندما يتاح لتوكيد ما أن يكرر بما فيه الكفاية، وأن يكرر بالإجماع… فإنه يتشكل عندئذ ما ندعوه بتيار الرأي العام. وعندئذ تتدخل الآلية الجبارة للعدوى وتفعل فعلها. وفي الجماهير نجد أن الأفكار والعواطف والانفعالات والعقائد الإيمانية تمتلك سلطة عدوى بنفس قوة وكثافة سلطة الجراثيم)[1].
أما عالم الاجتماع العراقي البروفسور علي الوردي فيقول: (فالعقيدة بنت الإيحاء والتكرار.. إن كلمةً تكرِّر قولها على نفسك مرة بعد مرة لقادرة أن تطبع في عقلك الباطن شيئاً من الإيمان بها قليلاً أو كثيراً)[2].
ويقول علي عزت بيجوفتش: (لقد أثبت علم نفس الجماهير، كما أكدت الخبرة، أنه من الممكن التأثير على الناس من خلال التكرار الملح لإقناعهم بخرافات لا علاقة لها بالواقع)[3].
عندما نأتي إلى القول بالأغلبية الشيعية في العراق لنبحث له عن مستند علمي واقعي لا نجد شيئاً من ذلك؛ فإن كل الدلائل تقف إلى الضد منه! على أنه ليس من الصعب مع ذلك أن نكتشف أن هذه الدعوى إنما انتشرت بفعل التأكيد القوي، والتكرار المستمر لها من قبل قادة الشيعة، ثم انتقلت الإشاعة بالعدوى، الوسيلة الثالثة من وسائل وصول الإعلان إلى غايته التي ذكرها لوبون، كما أسلفنا قبل قليل.
الشيعة قوم يجيدون فن الدعاية والتعامل مع وسائل الإعلام. وليس غير الدعاية والإعلام الشيعي وراء رسوخ هذه المعلومة الخاطئة.
من مبالغات الإعلام الشيعي
الإعلام هو صنعة الشعب الإيراني، التي اكتسبها منه شيعة العراق عن طريق الحث والعدوى.
تدَّعي الحكومة الإيرانية في وسائل إعلامها أن نسبة أهل السنة والجماعة في إيران 3% فقط! بينما الحقيقة الواقعة هي أن نسبتهم قد تصل إلى 30% ! وقد تتجاوزها، ولا تقل عن 20%. ناهيك عن الظلم والإجحاف الذي تلحقه الدولة الإيرانية بهذه الطائفة الكبيرة.
ما أن تعبر الحدود إلى العراق حتى تجد الظلم المسف والادعاء المقرف نفسه: إذ يدّعي بعض الشيعة أن نسبتهم تناهز الـ 85% من مجموع الشعب العراقي[4]. وهذا يعني أن مجموع نسبة أهل السنة من العرب والكرد مضافاً إليها نسبة الأقليات الأخرى يساوي 15% فقط! فإذا علمنا ان نسبة الأكراد تصل إلى 13%، وأضفنا إليها 4% هي نسبة الأقليات غير المسلمة: فإن نسبة السنة العرب تصبح -2% ، أي 2 تحت الصفر! وهذا يعني أنه لا وجود لأهل السنة العرب في العراق البتة! أرأيت كيف يكون الإسفاف؟!
ومع كل هذا فإن هذه الدعوى (نسبة الشيعة 85%) تقال وتكتب وتنشر بكل صفاقة! مع الصمت الذي يكاد يكون مطبقاً من جانب أهل السنة ترفعاً – من طرف واحد – عن إثارة الحساسيات الطائفية ! فكيف لا يصدق الناس في الداخل والخارج ما يدعي الشيعة بحيث يكون المتواضع منهم من يقول بأن نسبة الشيعة 60% أو 65%؟!
ومن هذه الدعاوى الضعيفة التي تنشر بلا معارض، وتسري بلا عقبات: قولهم بأن نسبة الشيعة في محافظة الأنبار 25% مع أنها لا تكاد تذكر!
ومنها قولهم بأن قضاء سامراء في محافظة صلاح الدين أغلبية شيعية ساحقة مع أنه منطقة سنية صافية سوى بعض الزوار الذين يقصدون مرقد الحسن العسكري وعلي الهادي وسرعان ما يرجعون من حيث أتوا .
ومنها قولهم بعدم وجود نسبة تذكر لأهل السنة في البصرة! مع أنهم في الحقيقة يشكلون نسبة لا تقل عن 35% [5].
وقولهم أن عدد سكان حي الثورة (مدينة الصدر حالياً) في بغداد يساوي ثلاثة ملايين نسمة! والمقل منهم من يوصل العدد إلى مليونين أو مليونين وربع مليون نسمة! ورغم صفاقة هذا القول الواضحة من حيث أنه يعني أول ما يعني أن أهل (الثورة) وحدهم يساوون نصف سكان مدينة بغداد! وهذا واضح البطلان، لكنه مشاع إلى حد التصديق ! علماً أن عدد الشيعة في بغداد كلها لا يكاد يصل إلى مليوني نسمة، كما سنثبت لاحقاً.
ومن الأقوال التي يشيعونها بلا تردد أن نسبة الشيعة في المملكة العربية السعودية 25% .
ومنه ادعاؤهم أن عدد الشيعة في العالم يبلغ مئتي مليون، ومنهم من يقول أربعمئة، بل أوصلها آخرون إلى خمسئة! مع أنهم لا يشكلون أكثر من مئة مليون نسمة، أو قد يتجاوزون هذا الرقم قليلاً.
ويأتي آخر ليضيف إلى معزوفة الدعوى نغمة أخرى فيقول: (لكي نتبع الحقائق التاريخية والواقعية لا بد من الاعتراف بأن العراق تمتع بأغلبية سكانية شيعية منذ أكثر من ألف عام)[9]. ولك أن تعرف القيمة الموضوعية لهذه الدعوى وأمثالها من أنها، على عكس ما قيل في وصفها، بالضد من (الحقائق التاريخية والواقعية)! فالتشيع بدأ ظهوره وتمدده في جنوب العراق في حدود القرن الثامن عشر، أو قبله بقليل، وتاريخ تحول عموم عشائر الجنوب إلى التشيع لا يعدو ما ذكرت[10]. ومن دلائله الواقعية أن الرئاسة الكبرى لمشيخة كثير من القبائل الشيعية كالسعيد والدليم والعبيد والبوعيسى والجنابيين والجبور والخوالد وغيرها ما زالت سنية في المناطق الغربية والشمالية من العراق، وعند القضايا الكبرى يرجع شيخ العشيرة الفرعي الشيعي إلى الشيخ الرئيس السني، ويلجأ إليه في حلها؛ وذلك لأن الامتداد العشائري الجنوبي في غالبه غربي الأصل سنيَّه. أما بقية القبائل كالمنتفك فجاءت من جزيرة العرب مباشرة، وما زال الكثيرون منهم يحتفظون بانتمائهم السني.
بهذه المغالطات وقعت طامة الاحتلال على رؤوس السنة العرب، وظلموا بعد الاحتلال، وهمشوا وسلبوا حقوقهم في كل شيء.
[1] سايكولوجية الجماهير، ص132 – 135، غوستاف لوبون، ترجمة وتقديم هاشم صالح، الطبعة الثانية، 1997، دار الساقي، بيروت – لبنان.
[2] خوارق اللاشعور، ص128، الدكتور علي الوردي، الطبعة الثانية، 1996، دار الوراق للنشر – لندن.
[3] الإسلام بين الشرق والغرب، ص108، علي عزت بيجوفتش، مؤسسة بافاريا للنشر والإعلام والخدمات، الطبعة الأولى، رجب 1414هـ .
[4] إذا قام الإسلام في العراق ، محمد الشيرازي ، من كلمة الناشر في بداية الكتاب ، مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر ، بيروت – لبنان.
[5] النسب المعتمدة في هذه الدراسة لا تأخذ بالاعتبار حركة التهجير التي حصلت بعد الاحتلال؛ لأن الدراسة تعالج موضوعاً قديماً، هو دعوى الأغلبية الشيعية، وهذه بدأت بالذيوع منذ بداية القرن الماضي على عهد الانجليز، وليس طارئاً بعد الغزو الأمريكي. ولأن الذي حصل في حقيقته إنما هو – في عمومه – نزوح من منطقة إلى أخرى داخل البلد؛ فلا تأثير له على الأعداد والنسب الكلية لمجموع السكان. ولأنه لا تتوفر إحصائيات يمكن اعتمادها.
[6] وزير الداخلية في حكومة الجعفري، ووزير المالية في حكومة المالكي.
[7] رئيس جمهورية العراق الحالي، وهو كردي.
[8] صباح البغدادي، 29/1/2008 ، حقيقة التعداد العام لسكان العراق.
[9] الشيعة والدولة التجربة العراقية، ص5، الدكتور نبيل ياسين. الكتاب بلا هوية.
[10] يعطي إبراهيم فصيح بن صبغة الله الحيدري (1236هـ ـ 1299هـ) تواريخ مفصلة عن تشيع (ترفض) بعض القبائل الكبيرة في جنوب العراق. فيقول عن ربيعة أنهم ترفضوا منذ 70 سنة، وتميم منذ 60 سنة، والخزاعل منذ أكثر من 150 سنة، وزبيد منذ 50 سنة، وعشائر العمارة آل محمد (البو محمد) ترفضوا من قريب، وبنو كعب منذ 100 سنة فأقل/ عنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد، ص116 فما بعدها. دار الحكمة للطبع والنشر والتوزيع، لندن، الطبعة الأولى، 1419 – 1998 .
[1] مقال: أهل السنة في العراق والتحديات الجديدة، د. سلمان الظفيري، مجلة البيان، العدد 184 – ذو الحجة 1423 هـ، فبراير 2003.
للأسف هم منظمون نشطون يطيعون اوامر حاخاماتهم ويعملون من اجل تحقيقها اما نحن ف الاغلبيه لازالوا ينادون بإخوان سنه وشيعه ويتهمون كل من لايقبل بأخوة الشيعه بالطائفيه مع ان الطائفيه اكل عليها الدهر وشرب بعد ان اخذتنا الى طريق التصفيه على الهويه والقتل بحجة ٤ سُنه والتغيير الديموغرافي الذي يعملون عليه ليل نهار حتى وصل الى سامراء وبدأوا الآن وبوقاحتهم المعهوده بالمناداة الى ضم سامراء للمدن الشيعيه بنفس مبدء التكرار فأدعوا ان سامراء ذات اغلبيه شيعيه ساحقه ونحن مكانك راوح لاكسبنا عراق موحد ولااقلبم سني يكون سلاحنا وملاذنا بعد الله سبحانه