ديوان القادسيةلهيب القوافيمقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

على جسرِالمسيب

د.طه حامد الدليمي

قال لي ونحن على جسر المسيب نعبـر ضفة الفرات نحو الجانب الغربي : هلا قلت لنا في هذا المشهد البديع شعراً؟

نظرت إلى الماء فإذا الطيور على صفحته الرقراقة البراقة تحط وتطيـر .. وإلى النخل على الجانب الآخر يتمايل مع الريح كما يتمايل السَّكِرُ النشوان. والمسجد الجامع يلوّح لنا من قرب بوده المعهود. ودارت في النفس ذكريات وأشجان، فاضت فكانت هذه الأبيات:

نقلْنا ..

على جسرِ المُسيَّبِ خطوَنا

وحيدينِ .. نخشى في الورى بغتةَ الدهرِ

فقلتُ لهُ ..

والنخلُ صفّقَ ضاحكاً

يغازلُ أسرابَ الحمامِ

على النهرِ

تغيرتَ ..

يا جسرَ المسيبِ بعدَنا

فأينَ الصبايا البيضُ يُسفرنَ كالبدرِ ؟!

وأينَ المَها

يرتعْنَ عندَكَ في الضُّحى ؟

( جلبْنَ الهوى من حيثُ أدري ولا أدري )

فقالَ : جفاني فتيةٌ كان وقعُهمْ

خفيفاً كسربِ النحلِ

يهفو على الزهرِ

فمنهمْ

شهيدُ الحقِّ ( نوري ) الذي قضى                         

يُنافحُ عن دينِ الإلهِ

بلا وزرِ

ومنهمْ ..

خطيبُ القومِ في الحيِّ ( حامدٌ )

وقد كانَ يشدو بالحلالِ من السحرِ

فما ليْ .. وقد راحوا جميعاً

وغادروا

أُلامُ ؟! ولما ينكسرْ فيهمُ ظهري !

 سأبكيهِمُ الأيامَ ما دمتُ قائماً

وأبقى مقيماً ما قدرتُ

إلى الحشرِ

لعلَّ أحبائي الكرامَ

أراهمُ

يمرونَ فوقي لحظةً ساعةَ النشرِ[1]                           

                                        27 محرم 1413

27 تموز 1992


[1]– نوري: أخي الذي قتلته عصابات الشيعة في نيسان/١٩٩١. كان إمام وخطيب الجامع الكبير في ناحية جبلة/بابل. حامد: الشيخ حامد الجميلي أمام جامع المسيب الكبير بجانب الغربي من النهر. تعرض لمحاولة اغتيال في الأيام نفسها الذي اغتيل فيها أخي.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى