إيران العداوة الأبدية (2)
موجز تاريخ الصراع القديم
هذه جولة قصيرة سريعة أحاول أن ألخص فيها أبعاد هذا التاريخ الدامي؛ لنعرف أن إيران لم يتغير منها بعد الإسلام إلا القشور والشكليات. ولنمسك بالخيط – كما يقال – من أوله. لكن هذا التاريخ طويل، فليس من اليسير أن نلخصه في ساعة من الزمن أو ساعتين. غير أني أحاول ذلك قدر الإمكان.
يمكن أن نقسم هذا التاريخ إلى ثلاث مراحل:
- مرحلة التاريخ القديم. وهي المرحلة التي سبقت احتلال بابل سنة (539) ق.م. وكانت تحكم العراق فيها حكومات وطنية. يتخللها غزو إيراني، لا يطول كما طال في المرحلة الثانية. يهجمون فيه على العراق، يخربون ما يخربون، ويبقون مدة ربما امتدت إلى عشرات السنين، حتى يأتي ملك قوي فيطردهم. وهكذا في حركة مد وجزر. على معادلة: حاكم ضعيف، فتفرق وانقسام؛ يدخل الإيرانيون مخربين. حاكم قوي يوحد العراقيين؛ يخرج الإيرانيون مطرودين. هذه قاعدة مطردة لا تقبل الاستثناء على مدى التاريخ.
- مرحلة الاحتلال الطويل من سنة (539) ق.م. إلى سنة (636) ب.م. عند هزيمة الفرس على يد العرب المسلمين.
- مرحلة ما بعد الإسلام
1. مرحلة التاريخ القديم حتى سنة (539) ق.م
سرجون الأكدي وأول دولة عراقية موحدة عام (2370) ق.م
في الماضي القديم كان العراق تحكمه ما يسمى بـ”دويلات المدن”. دويلات كثيرة عبارة عن مدن صغيرة. كل مدينة لها سور ونظام وتقويم وجيش. حتى جاء من وسط العراق من المحمودية – وتحديداً من منطقة (سبار) في اليوسفية – قائد كبير يدعى (سرجون الأكدي). هدم الأسوار، ودمج المدن، ووحد التقاويم. وأنشأ جيشاً قوياً موحداً على أساس الخدمة العسكرية الإلزامية، وأسس أول دولة وطنية موحدة في تاريخ العراق، سماها دولة (أكد وسومر). فتوحد العراق شمالاً وجنوباً. وسمى سرجون نفسه باسم، له معنى عميق، هو (ملك كيش وقاهر عيلام). كان هذا عام 2370 ق.م . أي إن عيلام كانت تعتدي على العراق قبل ذلك التاريخ! وإلا لما سمى نفسه (قاهر عيلام). وتأملوا العنجهية في هذا الاسم (عيلام)، ولفظه باللغة الإيرانية القديمة (هال تام تي) ومعناها بلغتهم (بلد السيد). فهم وحدهم السادة. أما البقية فكلهم عبيد! هذا جذر كلمة (السيد) في التراث الشيعي. وهي تختلف في مدلولها عن كلمة (السيد) في اللغة والموروث العربي.
بعد سرجون الأكدي عاود العيلاميون الاعتداء على العراق. حتى جاء حفيده (نرام سين)، الذي سمى نفسه (ملك العالم) أو (ملك الجهات الأربع)، في دولة كبيرة موحدة امتدت حتى بلغت البحر الأبيض المتوسط. فقاتل العيلاميين وانتصر عليهم. ليكتب مع ملوك عيلام معاهدة صلح وسلام.
الكوتيون وأول فترة مظلمة في تاريخ العراق
جاء بعد نرام سين ملوك ضعفاء، فاستغل الإيرانيون ضعفهم، ليدخلوا العراق من الشمال. دخلته قبائل هوجاء تدعى بـ(الكوتيين). واستمروا في احتلاله (125) سنة. ومر العراق في أول فترة مظلمة مسجلة في تأريخه.
أوتوحيكال يقود أول حرب تحرير وطنية في التاريخ
حتى جاء زعيم سومري كبير، هو (أوتوحيكال)، ليقود أول حرب تحرير شاملة في تاريخ العراق. فكان سرجون الأكدي مؤسس أول وحدة وطنية في تاريخ العراق. وأوتوحيكال السومري أول محرر، يقود حرب تحرير وطنية في تاريخه. بينما كانت أول فترة مظلمة مرت في تاريخ العراق من صنع إيران.
أقبل هذا القائد السومري من الوركاء في الناصرية، وحرر العراق من أولئك الغزاة المتخلفين. كان ذلك عام (2100) ق.م . وكتب في مسلته يصف الإنسان الكوتي يقول: (ملأ بلاد سومر بالعداوة، وأبعد الزوج عن زوجته، وأبعد الطفل عن أبيه. وأقام في البلاد العداوة والعصيان). أليست هذه هي الصفات نفسها التي يتمتع بها الإيراني اليوم، وسليله المتشيع بدينه؟ والأفعال المجرمة نفسها التي تمارسها الأحزاب والمليشيات والمعممون والجمهور المغفل التابع لعملاء إيران؟!
أجل..! التاريخ يعيد نفسه؛ لأننا لا نقرأه، ولا نعتبر بما نقرأ، إن قرأنا. لو قرأنا التاريخ جيداً مرة، لما أحوجناه إلى أن يقرأنا في كل مرة.
- أورنمو وتجارب الإحسان الفاشلة
بعد ذلك جاءت سلالة سومرية بدأها ملك معروف اسمه (أورنمو). حاولت هذه السلالة أن تبدأ مع العيلاميين صفحة جديدة. جربوا معهم لغة الود والإحسان أملاً بأن تنطفىء في نفوسهم جذوة الحقد والعداوة. رغم أنهم هزموا عيلام، ودخلوا عاصمتها سوسة. فماذا فعلوا؟ فعلوا كل ما بوسعهم أن يفعلوه من بوادر التقرب، والتودد، حتى إنهم زوجوا الأميرات السومريات لملوك عيلام!!!
فماذا كان الرد جزاء هذا الإحسان؟ بعد أقل من قرن دخل العيلاميون أور عاصمة سومر! وذلك سنة (2006) ق.م. ودمروها وأحرقوها وأسكتوها، وإلى الأبد. لم يكتفوا بهذا بل أخذوا الملك السومري (آبي سين) – وهو صهرهم – أسيراً إلى إيران، وبقي في زنازين القهر هناك حتى مات. أما سكان أور فقد عاثوا فيهم تقتيلاً وتمثيلاً، رجالاً ونساء وأطفالاً. كانوا يقتلونهم ويلقون بجثثهم في النهر. حتى صارت جثثهم تطفو على سطح النهر كما تطفو الأسماك وتغطي سطح الماء من كثرتها! ولم تسلم حتى المعابد من التخريب والحرق والتهديم!
وهكذا يعيد التاريخ نفسه! السومريون كانوا إذا دخلوا عيلام بنوا معابدها، وأقاموا علاقات طيبة مع كهنتها وسدنتها. فقبل (70) سنة من تدمير أور، دخل الملك السومري شولكي (ابن أورمنو) بلاد عيلام فاتحاً، فماذا فعل؟ بنى لهم المعابد، وكرم الكهنة، وأقام معهم علاقات طيبة. لكنهم حينما يدخلون بابل أو أور يهدمون المعابد، ويحرقونها. وهكذا فعل الصفويون في المرتين اللتين احتلوا فيهما بغداد. وهكذا هم يفعلون اليوم بمساجدنا.
وكانت الكارثة التي تعرضت لها أور مروعة بحيث كان العراقيون لهولها وشدتها وكارثيتها يقيمون لها مناحات كل عام، استمرت مئات السنين. يذكرون بها قتلاهم، ويبكون على الملك السومري (آبي سين). الذي يصفونه في إحدى المناحات المسجلة على الرقوم الأثرية بـ(أنه كالطير الذي هجر عشه، وكالغريب الذي لا عودة له إلى أهله).
بعد (13) سنة بدأت حرب تحرير استمرت (8) سنوات تمكن العراقيون خلالها من دحر العيلاميين، ودخلوا عاصمتهم (سوسة)، أي بعد (21) سنةمن الاحتلال. فماذا فعل القائد العراقي المنتصر؟ زوج ابنته من أحد ملوكها!! (ترضوي للعظم!!!).
فهل أجدت هذه الأفعال شيئاً؟
أبداً ! لقد استمر الإيرانيون بالتنكر لها، ولم يتركوا فرصة لغزو العراق إلا واغتنموها. وعملوا على تجزئته وإثارة الحرب الطائفية بين أبناء البلد الواحد.
حمورابي يوحد العراق ويحرره من الاحتلال
حتى جاء الملك حمورابي، فوجد العراق على هذه الحال. فلم يكن أمامه إلا أن يعقد العزم على العمل في سبيل توحيده. في الوقت الذي عقد الإيرانيون حلفاً مع ملكة كردستان ومع الملك آشور وشمال سوريا، ومع ملك ديالى، ودفعوهم لقتال حمورابي في بابل. لكن حمورابي تمكن من دحرهم جميعا وانتصر عليهم. وألجأ العيلاميين إلى هضبة بلادهم. كان هذا عام (1774) ق.م.
ويضعف الحاكم في العراق فتعود إيران من جديد
ولكن – وكالعادة – يرجع العيلاميون في اللحظة السانحة – أي عندما يضعف العراق – ليحتلوه، ويعيثوا في ربوعه خراباً وتتدميراً. كما حصل في عهد حفيد حمورابي. حين احتلوا العراق وضربوا مدنه، ونهبوا كنوزه ومسلاته وآثاره. وهتكوا أعراض النساء في جميع المدن التي احتلوها. وكان الخراب مروعا.ً كان ذلك بعد (250) سنة من تخريب أور. كان خراباً يشابه ذلك الخراب! بحيث ظلت ذكراه عالقة في أذهان العراقيين أكثر من (1000) سنة! تصوروا كيف أن ملك آشور (آشور بانيبال) الذي جاء بعد (1000) عام قاتل الإيرانيين وانتصر عليهم ليكتب في مسلة النصر أنه ثأر وانتقم للعراقيين الذين قتلوا وانتهكت أعراضهم في عهد حفيد حمورابي.
حوادث كثيرة مثل هذه، وكوارث مروعة أصابت العراق على يد إيران!
يذكر التاريخ أنه سنة (1230) ق.م – وهذه أختزل بها تاريخ 500 سنة من علاقات الصراع – هجم العيلاميون على مدينة (نُفَّر) في الجنوب وقتلوا جميع رجالها! ثم توجهوا إلى مدينة (الدير) في البصرة ليقتلوا الشيوخ وينتهكوا الأعراض ويأسروا النساء ويهدموا الدور ويخربوا المعابد.
ويلملم العراقيون جراحهم – كالعادة – فبعد أربع سنوات استطاع ملك عراقي كبير هو (توكالتي) الأول أن يطرد العيلاميين ويدخل عاصمتهم سوسة. واستطاع أن يسكتها مدة (60) سنة. لكنها بعد هذه المدة عادت لتغزو العراق بقيادة ملكها (شوترك نوخانتي)، الذي دخل بابل فدمرها تدميراً بحيث ساوى بناياتها ودورها ومعابدها جميعا بالأرض! هكذا..! خراب شامل كامل! ما هذا الحقد؟! وسرق مسلة حمورابي، ونهب كنوز العراق. كما سرق مسلة الملك (نرام سين) في منطقة سبار أبو حبة في اليوسفية ومعها (3,5) طن من الذهب. ثم صعد شمالاً إلى عكركوف ونهب منها (14,5) طن من الفضة. ثم جاء من بعده ابنه (كوتر نوخانتي). وهذا ارتكب من الجرائم ما فاقت جرائم أبيه، كما ورد في كتابات (نبو خذ نصر الأول).
نبو خذ نصّر الأول (1150) ق.م
جاء الملك نبو خذ نصر الأول سنة (1115) ق.م – أي بعد حمورابي بـ650 سنة – ليجد الإيرانيين يسرحون ويمرحون يعيثون فساداً في العراق. فقاد حرب تحرير ضدهم في حملتين عسكريتين. الحملة الأولى سنة (1115) فشلت رغم أنه قادها بنفسه. لكنه أعاد الكرة بعد (5) سنوات في حملة مباغتة فاجأهم بها في شهر الحر تموز، واستطاع أن يهزمهم ويلاحقهم إلى عاصمتهم فيدخلها، ويعيد ما سلبوه ونهبوه من كنوز العراق. وكان هذا النصر حاسما كما يذكر في التاريخ حتى إن عيلام قد سكتت من بعدها زمناً طويلاً. ولكن ريثما تحين الفرصة! فإن أنظارهم دائماً مشدودة إلى الغرب، إلى العراق. وهكذا تكرر الغزو، وتكرر الدمار، طبقاً للمعادلة التي ذكرتها في بداية المقالة، والتي لم تقبل الاستثناء يوماً قط .
الملكة سميراميس على خطى نبوخ ذنصر وحمورابي
ففي زمن الآشوريين اغتنموا فرصة وفاة أحد ملوكهم الذي ترك على العرش ولده الصغير (أدد نراري) وعمره (10) سنوات فكانت أمه هي الوصية على العرش. كانت فرصة ذهبية لا تعوض بالنسبة للإيرانييين: ملك صغير، وامرأة حسبوها ضعيفة! فدخلوا العراق من طرفه الشمالي. لكن تلك المرأة العراقية أثبتت أنها عراقية، وأنها قوية. فأعلنت نفسها ملكة، وجردت حملة عسكرية قادتها بنفسها، وقاتلت الإيرانيين وانتصرت عليهم، وطاردتهم إلى تخوم بلادهم.
إنها الملكة الآشورية…. (سميراميس)!!!
القتال بالنيابة
ويتكرر المسلسل بعد حين! وتتكرر الأحداث، ويمسي الحديث عنها مليلاً. لا يعني إلا المتخصصين. لكن لا بأس أن نحاول الحديث من زاوية أخرى. زاوية القتال بالنيابة حين يعجز الإيراني عن القتال بنفسه! فمثلاً حينما غزا الإرمينيون العراق وقفوا معهم. كذلك شجعوا الحركات الانفصالية كما في عهد الملك الآشوري سرجون الثاني في سنة (705) ق.م شجعوا زعيما من جنوب العراق اسمه (مردوخ بلادان) – وهو رئيس قبيلة كلدانية – على الانفصال وأمدوه بالمال والسلاح والرجال. وقامت بين الملك الآشوري وهذا الانفصالي معركة في منطقة (الدير)، ولم تكن حاسمة، فاستمر هذا الملك الانفصالي حتى مات الملك الآشوري. وجاء بعده (سنحاريب). فكان أول عمل قام به بعد توليه العرش أن جرد حملة بقياده رئيس حرسه الخاص و (11) قائداً معه، توجهوا إلى هذا الخائن وقاتلوه في موقعتين: واحدة في (كيش) ببابل، والثانية ببابل أيضاً في منطقة (كوثا) التي تعرف اليوم بـ(جبلة)، وكسروه شر كسرة. وكتب سنحاريب في مسلة النصر أنه قتل معه كثيراً من العيلاميين. (الانتفاضة الشغبانية بثوب آخر).
عاد سنحاريب إلى نينوى، وترك مكان هذا الخائن ملكاً آخر في بابل. لكن الإيرانيين استطاعوا أن يستزلوه، ويتآمروا معه لينفصل ويعلن الثورة على سنحاريب، ويفصل العراق جنوبه عن شماله. فقرر سنحاريب أن يقطع رأس الأفعى نفسها. فجرد حملتين: واحدة نهرية أو بحرية، والأخرى برية. التقتا في جنوب العراق. ومن هناك قاد الحملتين بنفسه ووصل عيلام عن طريق نهر الكارون. فماذا فعل العيلاميون؟ تركوه هناك والتفوا على العراق ليغزوا العاصمة آشور. وأرسلوا قسماً من جيشهم إلى سبار في اليوسفية. فذبحوا أهلها. وتمكنوا من الاتصال بأحد الطامحين للحكم، ويدعى (نركال)، فأعلن استقلاله عن آشور، وسيطر على مدينة نفر والوركاء في الجنوب!
لكن سنحاريب تمكن من مقاتلة هؤلاء، وهزيمتهم جميعاً! وأن يقبض على ابن ملك عيلام ويقتله. بل قبض على الخائن نركال نفسه، وجاء به إلى آشور، ليقتله ويعلق جثته على إحدى بوابات نينوى الرئيسة.
ولكن…!!! وكالعادة ظل ملك عيلام يتآمر، ويشجع الانفصاليين، ويشعل مرة أخرى نار معركة كبيرة بين هؤلاء الانفصاليين وبين الدولة المركزية في آشور، شارك ملك عيلام نفسه في هذه المعركة! غير أن سنحاريب تمكن من دحرهم ثانية وسحقهم جميعاً. وانهزم ملك عيلام. وجاء في وصف هزيمته أنه كان يتعثر بجثث جنوده.
الغدر تلك الصفة الملازمة لعلوج إيران
هل اتعظ الإيرانيون؟ هل توقفوا؟ هل انتهت العداوة؟ كلا..! والمسلسل نفسه يتكرر في عهد (أسرحدون) بن سنحاريب. وتقع حادثة فيها عبرة، ودلالة على إحدى صفات الفرس المتأصلة فيهم. وهي الغدر وانعدام الوفاء. يوم شجعت عيلام أحد الانفصاليين فخرج على آشور. فشلت مؤامراته فلجأ إليهم. فقام الملك الآشوري أسرحدون بتهديدهم، وكان قوياً فخافوا من تهديده. فكان أن قبض ملك عيلام على هذا الانفصالي الذي لجأ إليه! وحتى يثبت لأسرحدون حسن نيته قام بقتله ووضع الملح على جثته وأرسلها إلى آشور.
في المقابل تأملوا فعل العراقيين، وصفة الوفاء المتأصلة فيهم، وعدم تسليم (الدخيل) أو المستجير بهم. في عهد الملك (آشور بانيبال) مات الملك العيلامي (أورتاكو) فتغلب على العرش ملك آخر وطارد أولاده، فاضطروا إلى أن يهربوا هم وحاشيتهم وحرسهم وكثير من الجنود وموظفي البلاط، وبأسلحتهم وخيولهم ويلتجئوا إلى عاصمة الآشوريين. فصار ملك عيلام الجديد يهدد الآشوريين ويطلب منهم تسليم الهاربين. لكن الملك الآشوري لم يكن ليسلمهم – كما هو ديدن الإيراني – فكان ذلك سبباً في أن يغزو العيلاميون العراق. ووقعت عدة معارك. ورغم ذلك لم يسلمهم ملك آشور. وبقوا عنده (10) سنين معززين مكرمين. بعد السنة العاشرة استطاع آشور بانيبال أن يغزو عيلام ويرجع هؤلاء إلى ملكهم وعرشهم وينصبهم هناك.
فماذا كان الرد؟ وماذا كان الجزاء؟ في السنة الثانية قاموا بغزو آشور..!!!
وهذا هو خلقهم على مر العصور وكر الدهور. خميني الذي آواه العراق (14) سنة. ما إن غادر العراق واستلم مقاليد الحكم حتى قام بغزو العراق! والتاريخ يرينا حلقات المسلسل تتكرر وتتكرر بلا انقطاع!
النعمان بن المنذر قتله كسرى برويز، قال له احد أولاده: يا أبي كيف تقتل النعمان وهو الذي أرجع ملكنا ونصب جدنا بهرام على العرش؟
كان بهرام قد مكث في بلاط المنذر والد النعمان في الحيرة سنين طويلة، أرسله والده ليتربى هناك. ولما هلك والده أراد شخص آخر أن يستولي على الملك، وتمكن من الاستيلاء على المدائن. فجهز المنذر حملة عسكرية بقيادة ابنه النعمان قوامها 10,000 فارس. غزوا المدائن ودحروا الملك المتغلب، وأرجعوا بهرام إلى عرشه. حفيد بهرام كسرى برويز قتل النعمان! فقال له: كيف تقتله وهو الذي ارجع ملكنا ونصب بهرام جدنا على العرش؟ فقال له: أنت لا تعرف هذا, هذا عنده طموح بعيد، فنحن قتلناهُ وولينا رجلاً لا يفهم شيئا مكانه.
الأخلاق هي الأخلاق! والتاريخ يعيد نفسه. وأخلاقنا هي هي. والأحداث تكرر نفسها.
مجمل القول:
- إن عداوة إيران لنا عداوة أبدية.
- الإحسان لا يغير من المعادلة شيئاً. وليس هو الحل.
- لا خيار لنا سوى القوة : فأن كنا أقوياء حفظنا أنفسنا وحمينا منهم بلدنا. وإن كنا ضعفاء تمكنوا منا،
واحتلوا أرضنا، وأبادوا شعبنا.
- كل الملوك أو الحكام العراقيين المشهورين في التاريخ، قامت شهرتهم على قتال إيران، وحماية العراق منها. فعداوة إيران والعمل ضدها هي مقياس العظمة للحاكم العراقي
فعلينا أن نعي الدرس جيداً، حتى لا يتكرر علينا مئات المرات. ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين). فاعتبروا يا أولي الأبصار .