أين المهدي ؟ يا جيش المهدي !
القتال يتجدد بين (أتباع أهل البيت)
تتواصل الاشتباكات الدموية بإشراف مباشر من نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية، ومنذ أربعة أيام بين القوات الحكومية وجيش المهدي في بغداد والبصرة والكوت والحلة وكربلاء وغيرها من محافظات العراق، التي يتواجد فيها دعاة الفتنة وأتباع كل ناعق من الرعاع والغوغاء وسفلة القوم. أخبار عن سيطرة جيش المهدي على أحياء المدينة في البصرة. وعلى مدينة الكوت أيضاً، ومحاصرة مبنى المحافظة الذي تتحصن فيه وحدات من الشرطة حسب مصادر من التيار الصدري. وهروب أعضاء المجلس ومنظمة بدر برئاسة عبد العزيز الحكيم وأعضاء حزب الدعوة برئاسة المالكي مقراتهم في البصرة والكوت تحسباً من اقتحامها، بعد مهاجمة عدد منها. فيما راحت عصابات المليشيات الصدرية تحرق وتدمر مقرات ومؤسسات تابعة للمجلس وبدر والدعوة على طول وعرض البلاد المنكوبة بهؤلاء.
زجت غرفة العمليات التي يديرها رئيس الوزراء نوري المالكي من مطار البصرة بفوج الطوارئ في المعارك التي أطلق عليها (صولة الفرسان) في محاولة منه لاستعادة تلك الاحياء. وقالت المصادر المطلعة: إن مليشيات الاحزاب الدينية المشاركة في السلطة بدأت تتدفق على مناطق العمليات، وتشارك في القتال الى جانب القوات الحكومية. وأنباء عن سيطرة مسلحي العصابات المهدوية على الطريق الرئيس بين العمارة والبصرة قاطعة الامدادات العسكرية عن القوات الحكومية، التي تقاتل داخل البصرة في محاولة لانتزاع السيطرة عليها من المليشيات.
سقط في هذه المواجهات الحامية بين (أتباع أهل بيت الرحمة) مئات القتلى والجرحى من المسلحين والمدنيين. والمالكي يعطي مهلة (72) ساعة لجيش المهدي أن يلقوا السلاح ويسلموا المجرمين. بينما طلب مقتذى الصدر من المالكي مغادرة البصرة وإنهاء القتال. مفاوضات ومحاولات لحل الأزمة. لكن تمسك المالكي بالحل العسكري لنزع الاسلحة والقبض على المشتبهين كان السبب في فشل التفاوض.
إعدامات بالجملة
تحدثت تقارير عن اعدامات بالجملة تمت في مناطق عدة من جنوب العراق – لا سيما البصرة والكوت – نفذتها الأفواج التي استدعاها المالكي من كربلاء. وهي افواج الحراسات المرابطة هناك، والتي وجه لها التيار الصدري اتهامات بانتهاك حقوق الانسان في كربلاء. وثمة نداءات الى المنظمات الانسانية والامم المتحدة والصليب الاحمر للمساعدة في انقاذ الاطفال والنساء والشيوخ المحاصرين في أحياء البصرة بسبب الاشتباكات.
حظر التجوال
وفرضت السلطات حظراً للتجوال في مدينة الناصرية وواسط وبابل والديوانية وكربلاء والبصرة وغيرها من مدن (أتباع أهل البيت).
هروب قوات حكومية
تم في هذه العمليات العسكرية قتل وأسر العديد من جيش المالكي، تاركين مواقعهم ومعداتهم يسيطر عليها عصابات المهدي، كما انسحب الجيش بالكامل عن قضاء أبي الخصيب بعد أن أسرت تلك العصابات سرية كاملة مجموعها (25) شخصاً، مع معداتها ومدرعاتها واسلحتها، بينما صار أفراد العصابات يتجولون بالمدرعات التي غنموها في شوارع ابي الخصيب، مع انعدام كامل لتواجد جيش المالكي في القضاء. الشيء نفسه حصل في مناطق أخرى كالثورة في بغداد. بعض القوات الحكومية ترك (واجبه) والتحق بعصابات المهدي. وهذا ما دعا وزير الداخلية جواد البولاني أن يصدر أمراً بعزل عشرة من منتسبي الشرطة من الضباط والمراتب في البصرة و إحالتهم الى القضاء “لتخاذلهم في أداء الواجب”.
الأزمة في تفاقم. والأيام حبلى بالمزيد من الفضائح بين أفراد البيت الشيعي (وإن أوهنَ البيوتِ لبيتُ العنكبوتِ لو كانوا يعلمونَ)!
شر البلية ما يضحك.. الأمريكان يستنجدون بإيران……….!
في الوقت نفسه قالت القوات الاحتلال الأمريكي: إنها قدمت دعماً للقوات الحكومية في حصارها مدينة الثورة “الصدر” لملاحقة “الخارجين على القانون”. وشمل الدعم مشاركة المروحيات في المداهمات والقصف بالطائرات. وافاد الشهود أن قوات امريكية وعراقية تطوق مدينة (الثورة) في حين يجوب عناصر جيش المهدي الشوارع.
الطريف أن المتحدث باسم الجيش الاحتلال الأميركي الجنرال كيفين بيرغنر صرخ أمس الأربعاء (26/3) مستنجداً بإيران يطلب منها استخدام نفوذها من أجل وقف أعمال العنف التي تشهدها مدينة البصرة. جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده بيرغنر في بغداد، قال فيه: (إنه مما لا شك فيه أن الحكومة الإيرانية تملك نفوذا كبيرا في البصرة وفي محافظتها وفي جنوب شرق العراق بشكل عام). وأضاف: (نود أن تلتزم الحكومة الإيرانية بتعهداتها بالمساعدة على تحسين الأمن والاستقرار في البصرة والحد من أنشطة الخارجين عن القانون). كما قال في تصريحات صحفية له: “إن المعركة لا تجري مع جيش المهدي، بل هي بين الولايات المتحدة وإيران”.
والطريف أيضاً أن جورج بوش يتحدث من ولاية أوهايو اليوم (27/3) عن إنجازات الحكومة العراقية. وأمس وصف الأحداث الجارية في العراق باللحظة التاريخية التي ستتمخض عن المستقبل المشرق للعراق والمنطقة بأسرها!
البرلمان لا يتحرك والائتلاف يشمت بحلفاء الأمس ويبارك قتلهم
أما البرلمان العراقي فقد فشل في اتخاذ قرار يدعو الى وقف القتال. بينما أشادت كتلة الائتلاف – التي يترأسها عبد العزيز الحكيم والتي تتكون من المجلس وحزب الدعوة بعد انسحاب التيار الصدري والفضيلة منه – بالعملية العسكرية التي يقودها المالكي في البصرة ضد التيار الصدري في بيان لها جاء فيه: “نبارك جهود الحكومة في مسعاها لبسط الامن والقضاء علي العصابات المسلحة في البصرة وعلي زمر التخريب في محافظات العراق كافة دون استثناء. من جانبه أعلن رئيس الكتلة الصدرية في مجلس النواب العراقي نصار الربيعي عن تعليق الكتلة مشاركتها في اجتماعات المجلس حتى يتم “ايقاف استهداف” أعضاء التيار الصدري. والتزمت منظمة بدر وحزب الدعوة بشقيه (الجعفري والمالكي) والمجلس التعليق الرسمي على ما يحدث. ورفضت الكتل التصويت الى جانب مقترح للنواب الصدريين ينص على اصدار بيان يدعو للتهدئة ووقف اطلاق النار. وحمل محمد كاظم المحمداوي النائب عن حزب الفضيلة الرئاسة المتكونة من الرئيس جلال ونائبيه عادل وطارق مسؤولية صمتها عن الاوضاع وعدم تحركها لوقف النار. كما بدأ التيار الصدري يوم (الاثنين 24/3)، حملة عصيان مدني في جانب الكرخ من العاصمة بغداد، امتد الى جانب الرصافة. وجاء بيان يحمل توقيع الصدر: “ندعو جميع العراقيين الي الاعتصام في جميع العراق كخطوة اولى فإن لم تحترم الحكومة المطاليب الجماهيرية فتكون الخطوة الثانية العصيان في بغداد وباقي المحافظات”. وطالب الصدر اتباعه بأن يكونوا مستعدين بعد ذلك “بانتظار الخطوة الثالثة”. ومضى البيان يقول: “ولكل حادث حديث”. فيما اصدرت الامانة العامة لمجلس الوزراء اوامر الى دوائر الدولة باتخاذ عقوبات ادارية ضد من يتغيب عن الدوام الرسمي استجابة للتيار الصدري.
والعقرب تلدغ نفسها
قال مصدر مسؤول في قوات العقرب، التابعة لشرطة الحلة يوم الثلاثاء (25/3): (إن قوات من فوج العقرب، وبمساندة الطائرات الأمريكية، اعتقلت العشرات من المسلحين في منطقة نادر الثالثة في محيط مدينة الحلة الجنوبي) مشيراً الى: (أن أغلب المسلحين المعتقلين لايسكنون محافظة بابل، وأن المروحيات الأمريكية ترافق العمليات التي تجري في المدينة). وأضاف المصدر: (أن قوة أخرى من قوات العقرب دخلت إلى جامع الإمام علي في منطقة الشاوي وسط مدينة الحلة، بعد اشتباك مع مسلحين من حماية الجامع، وتم اعتقالهم بعدها). وأمس (26/3) قصفت الطائرات الأمريكية عدداً من الأحياء في حملة مطارداتها لعصبات المهدي، وقتلت – كما جاء في بعض المصادر – خمسين منهم. كما جرت محاولة اغتيال للمحافظ ومهاجمته في بيته.
لماذا القتال هذه المرة؟
تقول المصادر الصدرية: ان هدف العمليات في البصرة فرض فيدرالية الجنوب التي يعارضها التيار الصدري. ويقول آخرون: إن أطرافاً في الحكومة منها المجلس الذي يترأسه عبد العزيز الحكيم وحزب الدعوة الذي يترأسه رئيس الوزراء المالكي، رأت أنها ستخسر مقاعدها في مجلس محافظة البصرة للتيار الصدري، فقرر رئيس الوزراء استخدام الجيش وموارد الدولة للقضاء على التيار الصدري المرشح القوي لاستلام زمام الأمور في المدينة بعد الانتخابات البلدية المقبلة. وتقول الحكومة: إنها تريد فرض القانون.
وأياً كانت الأسباب – وهي في مجملها تهارش على الدنيا: بعضهم يؤطرها بالدين والوطنية، وبعضهم بالمحافظة على القانون، وكلهم كاذبون – أود أن أعيد هنا ما قلته قبل أكثر من شهر جواباً عن سؤال وجهته إلي شبكة (الرائد نت) الإخبارية الألكترونية عن أسباب ظهور الحركات المهدوية المتعددة في هذا التوقيت: (الفكر الشيعي فكر انشطاري، لا يحسن العيش إلا في الخفاء، وبوجود قوة ضاغطة، تجمع بين شتاته المتنافرة المنشطرة. فإذا ذهبت هذه القوة الضاغطة، وظهر إلى العلن رجع إلى طبيعته وعادت إليه لوثته، فكانت الحركات المتعددة، التي لا يمكن لها إلا أن تكون؛ بسبب من تلك الطبيعة).
من أسباب هذه الظاهرة الانشطارية عند الشيعة الأهواء المتضاددة، متمثلة بالتنازع على النفوذ والمناصب، والتزاحم على الثروات: النفطية وغيرها. في ظرف قل فيه الاقتتال الطائفي في مناطق الاحتكاك المختلطة بين السنة والشيعة. فانكفأ هذا الفكر الانشطاري على نفسه يأكلها بنفسه؛ إذ لم يجد ما يتغذى عليه. فالشيعة إن لم ينشغلوا بغيرهم انشغلوا بأنفسهم (تحسبهم جميعاً وقلوبُهم شتى)؛ لهذا أقول: إن الشيعة إذا انفصلوا وحدهم، أو انصرفوا لبعضهم في فدرالية لا تسمح لهم بالاعتداء على غيرهم فستكون النهاية لهم حتى يذبحوا أنفسهم بأيديهم، وتذبحهم إيران أيضاً. ولن يجدوا عندها ملجأً إلا الاستغاثة بأهل السنة، ولا منقذاً إلا (صدام) جديد يرحمهم من ظلم أنفسهم.
للتاريخ
سيسجل تاريخ الشيعة المزور – ومعهم الترضويون من سفلة أهل السنة – أن هذا التقاتل بين الشيعة – والذي يدور على مقاصد دنيئة، وغايات تافهة – إنما كان من أجل تحرير البلد. وأنه انتفاضة شعبية – ويختارون لها اسماً رنان – قام بها الشيعة في أنحاء الوطن؛ في سبيل إنقاذه من المحتل وأعوانه.
أمس ظهر كاظم العنيزان رئيس ما يسمى بـ(مجلس محافظات الجنوب) على الشاشة من القاهرة غضبان يندد بأفعال الحكومة، ويمتدح جيش المهدي، الذي يصفه بالوطني والمنقذ والمحرر، و.. و…!
وتسألني ما الذي ذهب به إلى القاهرة؟ وأجيب: ذهبوا به يضحكون على ذقون المغفلين من العرب في مؤتمر ينددون فيه بإيران وتدخلها في شؤون العراق. في حملة تطبيل يقوم بها (جماعتنا) عن ما يسمونه بـ(شيعة العرب)، ومعارضتهم للوجود الإيراني!
أما الحقيقة فهي الدنيا الدنية (إن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون)، ويشخرون وينخرون.
وأسأل بالله القارئ أن يجيبني: كيف يمكن أن يجمع بين داعية ثاغية لـ(جيش المهدي) المجرم، ودعوى العروبة والوطنية و(شيعة العرب)؟!!! فإن وجد جواباً فليمنّ به عليّ لوجه الله!
قبل أشهر قليلة كنت في زيارة للشيخ الفاضل حارث الضاري. كان المجلس حافلاً. ويومها كان الحديث في الفضائيات يكثر عن مؤتمر لعشائر الجنوب عقدوه للتنديد بإيران. صار الشيخ يبشرنا عن (خير الجنوب القادم)، وأن (إخوانكم في الجنوب انتفضوا على الواقع). وتطرق في حديثه إلى كاظم هذا. لم أكن سمعت بهذا الشخص من قبل، لكنني رأيته أمس على شاشة إحدى الفضائيات. قلت للشيخ: يا شيخ! كاظم العنيزان سمعته يتحدث عن خروج فوري للأمريكان من العراق، ويطالب بالإفراج عن سجناء جيش المهدي. هذه مطاليب مقتدى الصدر. يظهر أن الرجل من أتباع مقتدى، وليس عروبياً وطنياً. هذه شعارات يتدثرون بها للوصول إلى مآربهم.
وصدقت الأيام ظني. وفي كل يوم يخرجون لنا ورقة. بالأمس احترقت ورقة مقتدى، فأخرجوا لنا مؤيد، واليوم يخرجون عنيزان. ولا أدري كم عنز أو عنيز ستفصح عنه الأحداث في قابل الأيام؟!
والسيستاني نايم..!
أرسل إلي صديق لي على صفحة الجوال يقول ما نصه: (اللاصت كل هاللوصة والسستاني نايم!!!). يقصد لم يصرح بأي كلمة توقف هذا النزيف الهادر بين أتباع ملته!
وضحكت.. نعم ضحكت من كل خاطري وأنا أقول: لماذا لا ينام؟ إذا كان إمام العصر والزمان (عج)([1]) لا يزال في سردابه يغط في نومته العميقة الهنيئة! وأن أطناناً من المتفجرات اقتحمت عليه غاره، لم تتمكن من إيقاظه من غفوته! وحرمانه من لذة نومته!
يا جيش المهدي! أين مهديكم؟ ما الذي يحصل لكم بعد حتى يظهر ليخلصكم مما أنتم فيه من كوارث وفضائح؟!
ما آنَ لِلسردابِ أن يلدَ الذي | صيرتموهُ بزعمكمْ إنسانا ؟ | |
فعلى عقولِكمُ العفاءُ فإنكمْ | ثلَّثتمُ العنقاءَ والغِيلانا ! |
وصدق الله تعالى إذ يقول: (ومنْ أضلُّ مِمَّنْ يدعو من دونِ اللهِ من لا يستجيبُ لهُ إلى يومِ القيامةِ وهم عن دعائِهم غافلونَ)؟!
___________________________________________________________________________________________
- – يظهر أن كلمة (عج) تمثل الحرفين الأولين من كلمة (عجمي) ، على طريقة (التوقيع بالأحرف الأولى). ↑