وطن الشيعي طائفته
صباح هذا اليوم قادني جهاز التحكم (الرموت كونترول) عبثاً إلى (القناة العراقية). فإذا مقدم برنامج مهمل الهندام مفلفل الشعر، كأنه خارج للتو من الفراش. ليس من عادتي أن أتوقف كثيراً أمام هذه القناة، التي أولى أن تسمى بـ(القناة الفارسية). لكن دعاني إلى ذلك ما سمعته من المقدم من اسم (الأنبار)، والمواطن (حامد الدليمي). قلت: صبراً يا نفس! ربما خرجت بشعرة من جلد هذا. لا سيما وأن اسم المواطن يشبه اسم والدي رحمه الله، والأنبار هي موطن أجدادي.
في بداية الأمر لم أفهم ما المقصود بهذه الكلمات؟ التي يرددها بين عبارة وأخرى: (هذا كلام واحد من الأنبار، مو كلامي آنا وجيه عباس، حتى تقولون: طائفي) ثم قال: (نحن مو طائفيين، نحن لا نؤمن بالطائفية، نحن طائفتنا العراق). وضحكت عند سماعي الجملة الأخيرة وأنا أقول: صدقت وأنت كذوب. نعم أنتم طائفتكم هي العراق؛ ولا عراق غير طائفتكم.
شدني أكثر رغبتي في التطلع إلى (جوهر) الموضوع، الذي لم أتمكن من فهمه حتى اللحظة! فإذا هو يقول بعدها: (يقول: حامد الدليمي: نحن مسرورون لزيارتك أيها البطل) ويردفها بعبارته: (هذا كلام واحد من الأنبار، مو كلامي…)
ها..! الآن وضحت الصورة: الحديث عن زيارة الرئيس الإيراني (البطل) إلى العراق الذي جاء ليعبر عن (بطولته) فوق أشلائه! والرئيس الإيراني بطل. هذا ما يقوله حامد الدليمي، لا وجيه العجمي!
ويكرر عبارة (البطل) أكثر من مرة، وفي أكثر من جملة! وهو يذكر رئيس إيران.
بعدها: (يقول حامد الدليمي من الأنبار: “أنت بطل لأنك تحديت وجئت إلى العراق، ولست مثل باقي حكام العرب”. إي نعم. منو من حكام العرب بطل؟ منو؟ علي عبد الله صالح أبو القات، لو ذاك أبو الموز، الذي يبيع الموز ويشتري بثمنه سلاحاً يصدره لمن يقاتلنا به في العراق. لو أبو الأردن…)! وراح في تهويمة نسي نفسه فيها – وهو يكيل بمكياليه – ليعبر عما بداخلها من حقد شعوبي مكنون ضد العرب.
الحقيقة أني لم أعرف مقصوده بـ(أبو الموز)؟ رجائي من القارئ أن يعرفني به. أزعجني كلامه هذا، لكنه أضحكني وهو يستشهد أثناء حديثه قائلاً: (الحكاية من الأصل كما تقول فيفي عبدو)! وللأمانة لم ينسب شاهده هذا لـ(حامد الدليمي من الأنبار). لقد تحمل المسؤولية وحده بكل ما في نفسه من رباطة جهش.
قالت زوجتي الصغرى (وهي من محافظة القادسية في الجنوب): في كلامه شيء من الصحة: أين العرب مم حل بنا؟ وبعضهم سهل للاحتلال سبيل الدخول إلى بلادنا، ووقف معهم في غزونا!
ابتسمت وقلت: هكذا يستدرجون الناس. تأملي كيف استطاع أن يميل بك إلى جانبه؟! يعرفون من أين تلحس القدم!
طيب.. لو سلمنا بما يقول عن العرب، فهل قصرت إيران ورئيسها (البطل) عن فعل أشر واحد في العرب؟ إذن ليس مقصوده العراق، ولا الدفاع عنه، أو التألم لحاله. الطائفة هي المقصود، لكنه يعبر عنها بـ(العراق)؛ لأن وطن الشيعي طائفته.
والكلام – يا عزيزتي! – بمقاصده. لو تكلمت عن مساوئ أهل الديوانية (الاسم الآخر لمحافظة القادسية) – ولا يسلم أهل منطقة من مساوئ – وأنا أقصدك بالكلام، لا سيما وأنا أمدح أهل الأنبار (وضحكتُ هنا وضحكتْ؛ فزوجتي الكبرى من هناك) هل تتقبلينه مهما كان صحيحاً؟ قالت: لا. قلت: فكذلك الحال مع هذا الشعوبي. إنه يريد الإساءة إلى العرب في مقابل قومه العجم. وما في العرب من سوء ففي العجم ما هو أسوأ، خصوصاً ما تعلق منه بالعراق، وما في العجم من خير ففي العرب ما هو خير وزيادة.
كيف تكون الطائفية إذن؟! وكيف تكون الشعوبية؟!!
وهذا على القناة (العراقية)!!!
مسكين يا (حامد الدليمي)! أنت تشبه الوطن الذي يتكلم من هب ودب، ويلصق باسمه.
ولكن اصدقني القول: هل أنت من الأنبار؟ أم من قناة (العراقية)؟
وهل أصلك عربي كما تقول فيفي عبدو؟ أم عجمي حد النخاع كما يدلل وجيه عبسو؟
وهل اسمك (حامد الدليمي) حقاً؟ أم وجيه عباس صدقاً؟!!!
هذا إن كان المتكلم وجيهاً. ولا أراه كذلك.