الباطل يأكل نفسه .. ويفضحها
آخر أخبار دولة (أهل بيت النار)، وما حققته من إنجازات غير مسبوقة على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية، وشريط طويل من هذه الأسماء الفارغة من المسميات.. ولكثرة هذه الإنجازات وازدحام عناوينها؛ سنقتصر على بعض أخبار مفصل صغير من مفاصل واحد من هذه الصعد، هو الكهرباء ضمن صعيد الخدمات:
- متظاهرون يهاجمون مبنى مجلس محافظة البصرة، والأجهزة الأمنية تطلق النار على المتظاهرين، وتقتل وتجرح عدداً منهم.
- ائتلاف (دولة القانون) الحاكم في كربلاء يمنع إعطاء ترخيص لتنظيم تظاهرة سلمية احتجاجاً على تردي الخدمات، ويحذر أن أي متظاهر غير مرخص له سيكون عرضة للضرب بالنار. ويقول: إن التظاهرات ذات أهداف سياسية.
- تظاهرات في النجف بعد أن ذاقوا الأمرّين – والتعبير على ذمة قول مذيعة قناة الشرقية الفضائية – من جراء استمرار انقطاع الكهرباء.
- العراقيون في الجنوب يبدأون تنظيم حملات يومية لتنظيم تظاهرات في السياق نفسه.
- اتساع دائرة الاحتجاجات في محافظات الجنوب.
- إياد علاوي يوجه رسالة حول اتساع نطاق التظاهرات الشعبية في الجنوب، ويقول: التظاهر السلمي حق من حقوق المواطن، ينبغي أن يحترم، لا أن يواجه بالرصاص.
- وفوق كل هذا وذاك، وعلى قاعدة (شر البلية…): محافظتا ميسان والبصرة تشهدان أمطاراً وعواصف ترابية ورعدية، تقتلع عدداً من أبراج الضغط العالي وخطوط الكهرباء.
مع هذا .. ولكن …
ابتداءً نقول: نحن مع الناس أياً وأين كانوا في مطالبتهم بحقوقهم المشروعة، ورفض الظلم ممن كان على من كان. ولكن لا بد من وضع الموشور على دائرة الضوء لنرى ألوان الطيف المشهود كما هي، لا كما تبدو في ظاهر الأمر؛ نحن لا نتعايش مع حالة عمى الألوان، ونرفض أن نتحول قفزة واحدة من اللون الأبيض إلى اللون الأسود، أو العكس، دون التوقف عند التدريج اللوني فيما بينهما.
سأتوقف عند مسألتين اثنتين فقط، تاركاً بقية المسائل – وهي كثيرة – لغيري من الناظرين بدقة ومسؤولية؛ حتى لا أغمط الناس حقهم في الرؤية والبحث والتحليل:
- سؤال مهم: من انتخب الحكومة الحالية، المنتهية ولايتها، التي هي السبب في ما يعانيه هؤلاء المتظاهرون وأهاليهم في الجنوب، دعك من بقية أجزاء العراق؟ ومن انتخب الحكومة المنتظرة، التي تضم الوجوه نفسها، مع تغيير طفيف لا أثر ولا تأثير له؟ أغير هؤلاء المتظاهرين؟ فما عدا مما بدا؟!!!
- المحافظات نفسها، لا غيرها، شهدت التظاهرات نفسها، بالمتظاهرين أنفسهم لا غيرهم، ترحيباً بالمحتل الأمريكي والإيراني وأذنابهما. من رفع جنود الغزاة على الرؤوس؟ ووزع عليهم الخمور والورود والحلوى؟ ومن زغرد لهم نساءً ورجالاً؟ وقد شكلوا – وما زالوا – الحاضنة التي رعت الاحتلالين بعملائهما. فأيهما أولى بالإنكار والنكير: الاحتلال الذي دنس الأرض والعرض، واستباح المال والحال؟ أم تدهور الحالة المعاشية والخدمية، وهما ناتجان عرضيان ملازمان للاحتلال؟ أم ماذا كان يتصور سفهاء الأحلام؟! يقول الله تعالى يصف حالة مشابهة من حالات أهل النفاق: (ومِنهمْ مَنْ يَلمِزُكَ في الصَّدقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رضُوا وإِنْ لمْ يُعطَوا مِنْها إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ) (التوبة:58).
أيها المرابطون! الباطل يفضح نفسه.. الباطل يأكل نفسه، (وَالَّذِينَ يَمكُرُونَ السَّيئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكرُ أُوْلئِكَ هُوَ يَبُورُ) (فاطر:10).
وسط هذه المعمعة تخرج علينا وكالات الأنباء بخبر مُفاده أن وزير الكهرباء يعلن عن عدم استعداده للاستقالة لأنه – حسب قوله – غير مسؤول عن تدهور حالة الكهرباء.
والسؤال الذي يضحك نفسه بقوة: ما هو عمل وزير الكهرباء على وجه التحديد؟ بمعنى: لو لم يكن هناك وزير كهرباء، هل يمكن تخيل وصول حالة التردي إلى أسوأ مما هي عليه؟
الظاهر أن مناصبهم السياسية كمناصبهم الدينية (الإمامة، العصمة، المهدي، الحجة، ولي أمر المسلمين…): أسماء بلا مسمى.. وألفاظ بلا معنى!