ماذا خسر شيعة العالم في البحرين (1)
أكتب سطوري هذه وقلبي يطوف بمدينة (الرستن) بـ(حمص)، والنظام قد ألقى بثقل قواته فيها حرباً كان ينبغي أن تدور في (الجولان)، ودعواتنا لأهلها، وأيدينا تحيي أبطال كتيبة سيف الله المسلول (خالد بن الوليد)، وأملنا أن مقتل النظام سيكون في مكمن قوته (الجيش)، وسيكون سقوطه مدوياً من مركز العاصمة (دمشق) الباسمة. سيضعف ويتآكل وتتشتت قواه أمام المزيد والمزيد من الانشقاقات حتى يكون الانشقاق هو الأساس، وسيأتيه أبو عبيدة ويزيد والقعقاع وعاصم والمرقال، فأين يذهبون؟
جلسة عربية في جبل الحسين
في أحد الطاعم البسيطة الهادئة في (جبل الحسين) بعمان، كنا ثلاثة: عراقيين وبحريني، جمعتنا القضية المشتركة، واللهفة على آخر أخبار البحرين الشقيق نسمعها من مباشرة من أهلها. كنت أتابع – على عجل – تدوين المفاصل الكبيرة في حديث الأخ البحريني. وفي نهاية اللقاء قال صاحبي العراقي: هذا يصلح لموضوع كبير بعنوان (ماذا خسر شيعة البحرين؟). قلت: بل (ماذا خسر شيعة العالم في البحرين). بحماقاتهم يسعون بظلفهم إلى حتفهم. لقد ذهب زمانهم وجاء زماننا. كان ذلك في (3/5/2011). وما زالت المشاغل والسفر والأحداث والأفكار تطوح بي بعيداً عن الموضوع حتى قالت لي شواطئ البحرين: أما كفاك تشاغلاً وتغافلاً؟ أم….. (حبيبِ الروحْ جافينا ! والا ،، بَعَدْ ،، ناسينا ؟).
والله ما بجفوة ولا نسيان، ولكنها طاقة الإنسان، لا سيما إذا كان يحمل – مضطراً – همّ أمة بجهد فرد، ويسعى لقلب هذه المعادلة. فما قصة ذلك المجلس؟ وماذا قال البحريني وقال العراقي وقلت؟
البحرين في ذاكرة الفرس – كالعراق – ولاية تابعة لإيران، كما أنها (الخاصرة الرخوة) للسعودية، وبوابة الدخول الأسهل لدول الخليج العربي. هنا منبع التلمظ الإيراني عبر الضفة الأخرى للبحر. وطبقاً للمساحة الكبيرة التي تتداخل فيها مصالح الدائرتين: الأمريكية والإيرانية فالظاهر أن ضوءاً أخضر انطلق عبر المحيط الأطلسي إلى هضبة إيران، فتحركت الريح الصفراء لتكتسح المنطقة، والبداية من الخاصرة وصولاً إلى حجر الزاوية. وبداية البداية تهييج المطية المستعدة دوماً لأن تركب وتكون ظهراً وظهيراً للفرس: الشيعة في كل بلد خارج إيران. فكانت الانطلاقة في 14/2 (أو ما عرف بـ 14 فبراير)، ومن دوار (اللؤلؤة): تظاهر واعتصام وقتل وحرق وتخريب ودعوات علنية لقلب النظام واحتلال البلد واستنساخ ما حل بالعراق لنقله إلى البحرين. هذا مع دعوى الاضطهاد والمظلومية والأكاذيب المليونية التي انطلقت بها أبواق الشيعة في كل العالم، ومعها أبواق مأجورة هنا وهناك تحت دعوى الديمقراطية وحق الشعوب في التظاهر والتعبير، وكأن هذا الحق لا شروط له ولا قيود ولا آداب! هكذا….. احرق، دمر، خرب، اقتل، عطل الحياة، هدد، خُن بلدك، تآمر مع الأجني، افعل ما تشاء؛ ألسنا في زمن الديمقراطية والحرية (بلا حدود)؟!
شواهد ومشاهد على الطريق السريع
إليكم هذه المشاهد مما رأيناه من قبل، وما حصل من بعد على طريقة اللقطات السريعة و…. بلا ترتيب:
– البحرين أصغر دولة عربية تبلغ مساحتها (690 كم2)، أي بحجم نصف مدينتي قضاء المحمودية في جنوبي بغداد.
– يتمتع الشيعة (المظلومون دوماً وأبداً ولو كانوا في جنة عدن) في هذا البلد الصغير بـ(37) مدرسة حوزوية تدرس العلم الشرعي، يقابلها للسنة معهد ديني واحد أسس منذ الأربعينيات. والطريف أن الشيعة لما رأوا هذا المعهد أقيم على أرض الواقع لم يهدأوا حتى أقاموا في مقابله معهداً. هذا ولا كلية شريعة واحدة للسنة!
– عدد الحسينيات (وتسمى مآتم في البحرين) الرسمية (1221) حسينية! أما غير الرسمية فعددها أكثر من خمسة آلاف! هل تعلمون ماذا يعني ذلك آخذين في الاعتبار أن نسبة الشيعة في البحرين أقل من النصف بقليل؟! (17حسينية/1 كم2) من الأرض!!! وقد شاهدت بعيني ثلاث حسينيات متجاورة في زقاق واحد: اثنتان في جهة والأخرى في الجهة المقابلة، لا يفصل بينها أكثر من 30 متراً ……………….! دعك من الحسينيات أو المآثم المبنية قصداً إلى جوار المساجد السنية (ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) (التوبة:107)! الشيء نفسه شهدناه في العراق.
– معظم قرى الشيعة ذات أسماء إيرانية: شهركان، دمستان، جانوسان، كربباد، كرزكان، سلمان باد. هذا ويطالبون بطرد المجنسين العرب!
– رئيس جامعة البحرين د. إبراهيم جمال الهاشمي (إيراني) ونائبه نزار، لعبوا بالبعثات وقبول الطلاب على ما يشتهون بحيث لا تجد في كليات الجامعة مقابل كل (30) طالباً شيعياً سوى طالب سني واحد! يقول محدثنا البحريني: بعد الأحداث وجدنا عشرات الكراتين فيها طلبات القبول الخاصة بالطلبة السنة مرمية فيها مهملة مجمدة!
– صفية دويغر (تبعية إيرانية)، كانت مسؤولة البعثات العلمية في وزارة التربية من سنة (1969-1995) – أكثر من ربع قرن! – بحيث لا يذهب في هذه البعثات سوى طالب سني واحد مقابل كل عشرة طلاب شيعة!
– توجد في البحرين (15) جامعة: عمداء كلياتها كلهم شيعة. ومجالس إدارتها تجد من بين كل (10) أعضاء منهم: (9) شيعة و (1) سنياً واحداً فقط!
– د. علي العريبي خريج النجف سنة (1980)، متتلمذاً على يد المقبور محمد باقر الصدر، رجع فعمل أستاذاً في الجامعة. بعدها أرسل على نفقة الدولة في بعثة إلى كندا وحصل على الدكتوراه. في أكتوبر (1993) ألقى محاضرة بعنوان (إسهامات علماء البحرين في الفكر الإسلامي)، قال فيها منتقداً: “علماؤنا شيّعوا إيران لكنهم قصروا فلم يشيعوا البحرين. قالوا له: والحل؟ قال: تزويج الشيعة من السنيات. لم يكن ذلك سهلاً ولا يفعله العرب الأصليون، لكن هناك عرب عاشوا في إيران تمكن الشيعة من التوزج منهم، ونجحت الخطة.
– في سنة (1980) أبعدت الحكومة البحرينية ألفَي إيراني. في سنة (2000) أرسل إليهم الملك يخبرهم باستعداده للعفو عنهم. قالوا: لا: كنا ألفين، الآن صرنا (23) ألفاً: فإما نرجع كلنا أو لا نرجع. ووافق الملك! ورجعوا كلهم (الحية وصلالها وأخواتها)، وبعفو ملكي. ليخرجوا في (14 فبراير) يطالبون بإسقاطه. عندها فقط قال الملك مخاطباً قيادة قوات درع الجزيرة: هذا المخطط كان معداً منذ (30) سنة. يقول محدثنا البحريني: (30) سنة نحذر المسؤولين ولا من أحد يلتفت إلينا. قلت للملك عيسى رحمه الله: “ليش مخلي صفية دويغر الطائفية مسؤولة بعثات وزارة التربية وهي لا تسمح بالابتعاث لغير الشيعة”؟ قال: لسنا عنصريين ولا طائفيين!
– وتطوف شوارع البحرين ومدنها وقراها فتعجب من نشاط البحريني – رجالاً ونساءً، حكومة وشعباً – وقدرته على العطاء، وتسخير الطاقات! وكيف حول هذا البلد: الصغير بحجمه الكبير بأهله، إلى بلد ينعم بحالة راقية من المدنية والتحضر والخير والرفاه والحرية والأمن، يتمتع بها الجميع (وأولهم الشيعة) بلا تفريق. الشوارع واسعة منسابة سهلة معبدة منظمة والشجر عن يمين وشمال. المؤسسات المتنوعة: حكومية ومدنية، التي تعبر عن دولة تحترم العلم وتبني عليه. البناء والإعمار والحدائق والمتنزهات، الأحزاب والجمعيات والمجالس الشعبية بلا رقيب ولا حسيب. الأسواق الكبيرة العامرة ذات العلامة المميزة (السنتر والمول) شيء مذهل! المؤسسات الاقتصادية، المطار الرائع…….. لا أدري ماذا أعدد؟ وأي شيء أذكر؟ وأياً أدع! وأجمل ما في البحرين…….. نعم وجدت أجمل ما فيها هو الإنسان البحريني: عروبة وطيبة وكرماً وعلماً وقوة وتواضعاً. شيء واحد ضايقني هو …….. الرطوبة.. الرطوبة فقط!
– كل هذا والشيعي (مضطهد .. مظلوم)! لا..! وشيعة العراق الغارقة مدنهم نهاراً في الذباب وليلاً في البعوض يتظاهرون تضامناً مع إخوانهم شيعة البحرين!!! هل تدرون لماذا؟ لأن الشيعي مسكون بهاجس (المظلومية)، ولأن الظلم عند الشيعي (آيدلوجيا) و (عقدة) وليس واقعاً أو (ظاهرة)!
ولأن الظلم عند الشيعي آيدلوجيا وعقدة وليس واقعاً أو ظاهرة، انظر ماذا جرى لابن الطرى: