من خيالات الرافضين للفدرالية (1)
د. طه حامد الدليمي
كيفية تكوين الفدراليات
أضحك – أحياناً – من بعض الأفكار التي يتعلل بها المعارضون للفدرالية، وإن كان ضحكاً ممزوجاً بمرارة!
فبساطتها تصل أحياناً إلى حد السذاجة! سيما حين تصدر من شخصيات سياسية أو دينية معتبرة، فتكون المفارقة كبيرة. وعلى قدر حجم المفارقة تكون الرغبة في الضحك.
فإذا كانت الفكرة مع سذاجتها مصحوبة بحماس، قد يزيد فيصل إلى حد الاتهام، وربما تدهور ليدخل في حمى السب والطعن. هنا تتم المفارقة بأوسع حجمها.. أي تكون الطرفة من عيار الأوزان الثقيلة.. أي….. تحتاج إلى نفس عميق وطويل للضحك قد لا يتهيأ لمثلي. وتدور في ذهني أفكار طريفة للرد، هذا وفي نفْسي – بحكم طبيعتي التي خُلقتُ عليها – توق شديد للطرفة. لكنني لا أريد أن يفهم من كلامي الإساءة لهم، ولا لأحد سواهم، وفي الوقت نفسه لا أريد لشبهاتهم الذيوع والقبول. فأقع في حيرة من أمري. فماذا أفعل؟ لا أدري!
من هذه الطرائف والمضحكات قولهم: إن الفدرالية لا تكون إلا لإمارات أو ولايات متفرقة تتجمع في ظل الفدرالية. أما الدول الموحدة فلا يمكن أن تكون دولاً فدرالية؛ وإلا تعرضت للتقسيم.
الحقيقة أن هذا القول خيال محض، يدل على أن صاحبه لم يقرأ سطراً واحداً عن هذا الأنظمة السياسية في العالم، ولم يسمع عن دول موحدة أساساً لجأت للنظام الفدرالي لأسباب موضوعية دعتها لذلك. أقول هذا لأن الاحتمال الآخر لتفسير هذه السطحية قاسٍ جداً؛ فمن الأدب أن أتجنبه.
ويدل أيضاً على أن صاحبه لا يعرف إلا أن الفدرالية والتقسيم شيء واحد!
عندما تعلم أن الدول الفدرالية أكثر الدول استقراراً، وأن أمريكا مر عليها أكثر من مئتي عام تحت النظام الفدرالي، ولا تزداد إلا قوة وتماسكاً. وأن الأمثلة على تفكك وتقسيم الدول المركزية أكثر من أن تحصى، وآخرها السودان. بينما لا نكاد نقع على مثال واحد لدول فدرالية تعرضت للتقسيم. ومن الأمثلة التي تجمع بين الأمرين الهند؛ إذ تعرضت تحت الحكم المركزي إلى التقسيم فانفصلت عنها باكستان وبنغلاديش، فلجأت إلى الفدرالية فكان الاستقرار.
عندما تعلم ذلك…. ألا تضحك؟
أما تكوين الدول الفدرالية فالحقيقة الواقعة أنه يتم بالطريقين: ولايات أو إمارات مفرقة تتحد فيما بينها فدرالياً، مثل أمريكا والإمارات. وكذلك دول موحدة تختار النظام الفدرالي مثل الهند، وأسبانيا، وبلجيكا، وسويسرا، وألمانيا، وباكستان.
إذن القول بأن الفدرالية لا تتم إلا بالطريق الأول قول اعتباطي مجانب للحقيقة، ليس عليه أثارة من علم.
ترى لو علم فقهاء القانون في العالم المتقدم بهذا القول ماذا سيقولون؟!
هل يضحكون؟ أم يبكون؟
أم ماذا يفعلون؟