تمارين عملية جميلة في تدبر القرآن الكريم اقرأ .. واقترب
د. طه حامد الدليمي
ها هو شهرنا الكريم أشرق علينا بوجهه الصبوح منذ غروب يوم أمس، وحمدنا الله على أن منحنا سنة أُخرى بلغتنا رمضان الحبيب. فهنيئاً لنا ولكم هذه النعمة، تقبل الله منا ومنكم ما فيها من عمل وقربى وخشوع ودموع.
هذا الشهر شهر تلاوة القرآن العظيم، وما من شك في أن التلاوة لها حقيقة تنتهي عندها ألا وهي فهم معاني المتلو والتأثر به ثم الحركة به في الناس: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام:122).
وبهذا تكون التلاوة تلاوة حقاً؛ لأن معنى تلا: اتبع. والقرآن متلو والقاري تالٍ أي تابع.
لنأخذ سورة من قصار الصور (العلق) ونتدبرها معاً.
للتدبر طرق عديدة.. مثلاً:
1. انظر إلى أول السورة وآخرها وقارن بينهما:
(اقرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) – (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ).
تفكر جيداً.. ماذا ترى؟
أولها قراءة وآخرها سجود واقتراب. ماذا يعني هذا لك؟
أما أنا فأفهمها هكذا: القراءة الربانية هي القراءة التي لا تنتهي عند العلم دون أن تصل بصاحبها الغاية من القراءة وهي الفهم فالخشوع فالسجود فالاقتراب.
2. ارجع البصر كرة أُخرى.. ألا يذكرك قوله سبحانه: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) بحديث النبي الذي رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة أن رسول الله قال: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)؟
انظر كيف يقرن بين السجود والقربى!
وتأمل كيف تكون – وأنت في أدنى نقطة من الوجود جسداً – في أعلى نقطة من الوجود روحاً!
هل أدركت عند هذه المرحلة مناسبة التسبيح في السجود باسمه (الأعلى)؟ وكيف يفيض هذا الاسم الكريم على الأدنى فيرفعه إلى درجة ليس بعدها درجة.. درجةٍ تتحطم فيها الحواجز والأبعاد وتتلاشى فيها الماديات والأجساد فلا يبقى سوى رب قريب وعبد يسجد ويقترب.
والآن تلمس قلبك.. أسألك بالله بم تشعر؟
وإلى لقاء في حلقة قادمة إن شاء الله.
لكن بعد أن نفتح المصحف الشريف ونتدبر معاً سورة (العلق) أول سورة علقت بأشرف قلب في الوجود.
غرة رمضان 1437
6 حزيران 2016
بارك الله بك شيخنا الغالي ،، زادك الله علما وإيمانا