جميل ذلك الإحساس.. أن ترى في الأمة من يتلمس جراحها.
لكن ليس في الاتجاه الذي يكون فيه ذلك الإحساس الجميل مجرد اجترار آلام أو تدارؤ مسؤوليات وتبادل تهم.
لا!.. حكمة الألم أن يتحول إلى وقود تنبثق عنه طاقة إيجابية للنهوض.
لدي الكثير من الملاحظات حول موضوع مقتل خاشقجي الذي يتداوله سنة العراق. وهي حالة منعكسة عن شخصية أبوية تفصمها العاطفة عن حقائق الواقع. انظر أيها السني:
– لا العرب يجمعهم وطن واحد لتكون المسؤولية عابرة للحدود
– ولا أهل السنة هم من يحكم العراق اليوم
– ولا أنتم في موقع وحال يسمح لكم بالكلام في شؤون الآخرين؛ فالكارثة المحيقة بكم تخر لديها الجبال هداً. كل هذا وتتركون مشاكلكم المحلية لتنشغلوا بمشاكل العالم من حولكم!
حركة خاطئة في مسار صحيح
المملكة العربية السعودية اليوم في مواجهة مباشرة مع إيران ووكلائها في المنطقة. وهذا مسار صحيح، يخدم باللزوم سنة العراق. وإذا صح ما تسرب من أخبار وشاهدناه من مقاطع مرئية لخاشقجي من تزعمه حركة تآمرية على بلده لا ندري ما مصلحته فيها، فإن هذا يدخله تحت طائلة الخيانة! وعلى هذا الأساس يكون الخطأ في طريقة قتله وحسب. وإن كان الرجل بريئاً فالأمر من أساسه خطأ وخطيئة. لكن يؤخذ بما يناسب حجمه والظرف المحيط، والمسار العام.
إن هذا الخطأ لا ينبغي أن نتعامل معه خارج نطاق المسار. وغاية أمره أن يوصف بأنه حركة خطأ ضمن مسار صحيح.
العالم المتحضر كله يعتمد سياسة تسير وفق قانون الحركة والمسار. وقد يحصل خطأ في الحركة، لا يهم ما دام المسار صحيح الاتجاه. فلماذا هذه الثقافة المتخلفة التي تسود الجمهور العربي؟ تشغلهم الحركة حد تضييع المسار. ثم قد لا يسألون إلى أين هم سائرون!
المملكة العربية السعودية تمر بظرف صعب ودقيق. يتطلب تأجيل البحث في أي حركة ناشزة إلى أن تنحسم المعركة ضد إيران وأشياعها. أو إعطاءها من الاهتمام ما يساوي حجمها بحيث لا يؤثر على مسار المعركة. إيران تحتل العراق والشام واليمن والأحواز. وتهدد السعودية والكويت والبحرين وبقية دول الخليج. وطردها من أي دولة من الدول التي تحتلها ينسحب أثره الإيجابي بالتبع على سنة العراق والمنطقة.
المعركة واضحة، والمفترض أن أهل السنة أوعى الناس بحقيقتها، خصوصاً سنة العراق بما جرى عليهم من ويلاتها أكثر من غيرهم. ها هي الجهات نفسها التي استدعت العالم لاحتلال العراق سنة 2003، تتعكز على الحجج نفسها وتحاول تتبع الخطوات نفسها مع السعودية سنة 2018. أما الحجج فأخطاء الحاكم مع تضخيمها واتهامه بالظلم والعمالة. وأما الخطوات فالخروج والثورة على الحاكم أو الاستعانة بالغزاة لخلعه، وليكن من بعده الطوفان. وقد كان وكان وكان!
لدينا سؤال : هل عندكم من بديل فتخرجوه لنا ؟
لدينا سؤال نأمل أن تجيبونا عنه: هل عندكم من بديل أفضل من هؤلاء الحكام؟
أزلتم صدام حسين وكان بديلكم شر من وطئ الحصا. ولم يكن من خلف حسني مبارك خيراً منه. وليت ليبيا أبقت على معمر القذافي! وسوريا لم تثر على بشار، واليمن ليتها لم تخرج على صالح!
ثم لماذا يركز العالم بأسره على خاشقجي ولدينا ملايين مثله دون أن يلقي لهم العالم الموتور بالاً؛ أفدماء أغلى من دماء؟ أم ذلك دم وهذا ماء؟
لقد فقدنا قامات وهامات لو نظر أحدهم أسفل منه ما درى خاشقجي أين يكون.
نعم التغيير للأفضل مطلوب ولكن هات البديل.
ولا يوجد بديل؛ الواقع أثبت ذلك؛ فعلام تحاولون إعادة التجربة على رؤوس الأبرياء للمرة العاشرة؟
احتاروا بأنفسكم .. ودعوا السعوديين وشأنهم
لا جدوى من التدخل في شؤون الآخرين وأنتم تحت مطرقة إيران. احتاروا بأنفسكم ودعوا السعوديين وشأنهم. ليست أحوالكم خيراً من أحوالهم من قبل ولا من بعد، ولا حكامكم خيراً من حكامهم.
ورحم الله قوماً عرفوا قدر أنفسهم فتكلموا على قدرها.
5/11/2018