العرب سبقوا كريستوفر كولومبس إلى الأمريكيتين بـ(2500) سنة
إلى متى نحن نصنع التاريخ وهم يكتبونه ؟! نحن نصنع التاريخ ؛ نحن نكتبه
د. طه حامد الدليمي
عندما أجد علماء آثار ولغة غربيين: رجالاً ونساء يؤلفون كتباً، ومنذ عشرات السنين، تتكلم عن وصول العرب الفينيقيين إلى الأمريكيتين منذ ثلاثة آلاف سنة، وأن لغة الحضارة الأولى في جزر الأطلسي هي العربية بلهجتيها السريانية والفينيقية، مستدلين بآثار ونقوش عربية اكتشفت في القارتين من الشمال إلى الوسط إلى الجنوب. ثم أجد في الوقت نفسه صمت معظم المؤرخين العرب، وكتب التاريخ التي تلقيناها في المدارس، أو غفلتهم عن ذلك.. يأخذني شعور أشبه ما يكون بالدوار، وتثور في نفسي تساؤلات شتى! وإذا كان من المؤرخين العرب من كتب في ذلك مثل د. أحمد داود (تاريخ سوريا الحضاري القديم) وإميل أده (الفينيقيون واكتشاف أمريكا) وغيرهما، فإننا حتى الآن لم نتمكن، ولم يتمكنوا هم، من تحويل المادة العلمية إلى ثقافة عامة.
انظرْ – كمثال – إلى عنوان هذا الكتاب للباحث الألماني لودينغ شفن هايغن: (الفينيقيون في البرازيل 1937)! وعنوان الكتاب الآخر للباحث الفرنسي أونفروا دي توران (الفينيقيون في جزيرة هايتي وعلى القارة الأمريكية 1885)!
مما جاء في الكتاب الأخير: (إن سكان هايتي الأصليين أخبروا المرسلين الأسبان الذين أموا العالم الجديد، بعد اكتشاف كريستوفر كولومبس، أنه منذ قرون كثيرة أتى بحارة من جهة البحر الشرقية واحتلوا الجزيرة واستوطنوها مدة طويلة. ثم غدرهم جيش الكاريب، فانتصر عليهم انتصاراً ساحقاً، وأبادهم لكنه أبقى نساءهم أحياء). وكذلك العالم النمساوي لودوفيكو شونهاغن أستاذ التاريخ واللغات في جامعات النمسا، الذي دعي إلى البرازيل فانكب على البحث والتنقيب ودراسة الآثار هناك وألف كتابه (تاريخ البرازيل القديم)، ضمَّنه دراسات وافية عن الآثار الفينيقية التي وجدها هناك.
لم يقتصر هذا الجهد على المؤرخين المتأخرين، بل سبقهم إلى ذلك مؤرخون قدماء كنعانيون ويونان ورومان، ذكروا مغامرات البحارة الكنعانيين وراء بحر الظلمات (المحيط الأطلسي)([1]).
إن متاحف واشنطن وبوسطن وميامي في أمريكا، ومدن كثيرة في كندا والمكسيك وكوبا وفنزويلا والبرازيل والأرجنتين، تضم جميعها بين معروضاتها الأثرية الكثير من الآثار والنقوش الفينيقية المكتشفة في هذه البلدان والتي تشير إلى أن بحارة الفينيق الكنعانيين قد وصلوا إلى شواطئ العالم الجديد وخاصة البرازيل وجزر الباهاما منذ بداية الألف الأول قبل الميلاد، أي قرابة ألفين وخمسمئة عام قبل كولومبوس. بل إن الألمانية هاينكه زودهوف تعود بالحدث إلى أبعد من ذلك بمئتي عام([2]).
من ذلك (منقوشة باريابا) التي اكتشفت – كما تذكر هاينكه – في القرن التاسع عشر في البرازيل مكتوبة بالأحرف الفينيقية يقدر تاريخها في القرن السادس قبل الميلاد، جاء في نصها: (نحن أبناء كنعان من صيدا، المدينة التي أصبح فيها تاجر ملكاً، أرسلنا إلى هذه الأرض البعيدة، أرض الجبال…) ويستمر النص يقص كيف أنهم أبحروا في عشر سفن وبقوا في البحر سنتين، مات منهم عشرة ووصل اثنا عشر رجلاً وثلاث نساء… إلخ ما جاء في النص([3]).
لولا علوم العرب وبحارتهم ما وصل كولومبس إلى أمريكا
استفاد كريستوفر كولومبس كثيراً من كتب الجغرافيا العربية في الأندلس ومجسمات الكرة الأرضية والخرائط الجغرافية التي وضعها العرب قبل مئتي عام من ذلك. واستخدم الإسطرلاب العربي في رحلته إلى (العالم الجديد). كما أن أخبار المغامرات البحرية للبحارة المغاربة والأندلسيين العرب بوجود بلاد واسعة وغنية وراء بحر الظلمات جعلته يصمم على القيام بتلك الرحلة الشهيرة. وكان معظم البحارة الذين رافقوه في رحلته الأولى من العرب (73 من مجموع 120)، معظمهم من إشبيلية وقرطبة وغرناطة في الأندلس، توزعوا على السفن الثلاث التي شاركت في الرحلة([4]).
ومن الكتب التي اطلعت عليها حول هذا الموضوع كتاب (معذرة كولومبوس لست أول من اكتشف أمريكا) للمؤرخة الألمانية هاينكه زودهوف. جاء في بدايته: (معذرة يا كولومبس، أنت لم تكن الأول! ولم تكن أمريكا تنتظرك بكراً، غير مكتشفة، بل عرفت شواطئها قبلك بعضاً من بحارة العالم القديم). ثم بعد قليل أفصحت أنهم الفينيقيون([5]). والكتاب كله في إثبات هذه الفرضية.
ومن علِم مسيرة الحضارة البشرية ومسارها علم أن العرب خرجوا بما عندهم من خير ورُقي إلى كل أصقاع العالم القديم. وتركوا في كل صقع دخلوه أثراً من لغتهم ولمسة من حضارتهم. ويجد أن أكثر من 60% من مفردات لغات العالم الذي احتكوا بأهله عربية الأصل. تشهد على ذلك اللغة اللاتينية والإنجليزية والإيطالية واليونانية والفرنسية وغيرها. أما اللغة الفارسية والتركية فنسبة المفردات العربية الداخلة في تكوينهما تتجاوز ذلك الرقم. لكن شعور الجميع بالنقص تجاه العرب والعربية يمنعهم من الاعتراف بالحقيقة كما هي.
عالمية اللغة العربية
إن جميع الدراسات الجادة لتاريخ الإغريق أثبتت – كما برهن العالم السوري المعاصر د. أحمد داود – أنهم جميعاً كانوا يتكلمون لغة واحدة هي السريانية، وإن اختلفت لهجاتها. بل إن لغة التخاطب للشعوب التي يمتد تواجدها من حوض السند إلى المحيط الأطلسي، ومن شواطئ البحر الأسود إلى شواطئ بحر العرب وإفريقيا إلى اليونان وإيطاليا هي السريانية. ولم يكن السوري قديماً وهو يتنقل بين هذه الأصقاع في حاجة إلى مترجم للتفاهم مع سكانها.
لقد كانت السريانية هي اللغة التي نطق بها إسكندر بن فريام في طروادة، وهيلين الجميلة في إسبارطة، وإخيل وأبناء قدموس في طيبة، وأرسطو وإفلاطون وسقراط في أثينا، وفيثاغورث في صاموس، وهيرودوت في كل البقاع التي طافها من سوريا إلى شبه جزيرة العرب إلى وادي النيل وليبيا. وكما تكلمها كورش وداريوس تكلمها أدونيس القائد في صاموطراقا، وإسكندر بن فيليب في مكدونيا… . يقول: “وبكلمة موجزة واحدة: ما من عبارة واحدة نطق بها إنسان للتفاهم مع جماعة حضرية أو كتب بها كاتب أو نظم بها شاعر غير السريانية التي كان يتكلم بها الجميع بالسليقة، ويتعلم أصولها الآخرون”. أثبت ذلك بجهده الخاص المستند إلى علمه بالتاريخ واللغة. واستشهد لذلك بعلماء من الغرب والشرق مثل أندريه إيمار ومحمد كامل عياد وبيير روسي وويل ديورانت([6]). وأن عرب الجزيرة أسسوا أول حضارة في تاريخ الهند في سواحل أو جزر الهند الغربية وذلك في الألف الرابع قبل الميلاد، ودعيت بحضارة ما قبل الهندية.
وبمثله اعترف الفيلسوف والمؤرخ الأمريكي ويل جيمس ديورانت (1885-1981) حين قال: (إن قصتنا تبدأ بالشرق، لا لأن آسيا كانت مسرحاً لأقدم مدنيّة معروفة لنا فحسب، بل كذلك لأن تلك المدنيات كونت البطانة والأساس للثقافة اليونانية والرومانية التي ظن “سير هنري مين” خطأً أنها المصدر الوحيد الذي استقى منه العقل الحديث. فسيدهشنا أن نعلم كم مخترَعاً مِن ألزمِ مخترَعاتنا لحياتنا، وكم من نظامنا الاقتصادي والسياسي ومما لدينا من علوم وآداب، وما لنا من فلسفة ودين، يرتدُّ إلى مصر والشرق! وفي هذه اللحظة التاريخية… نرى أن التعصب الإقليمي الذي ساد كتابتنا التقليدية للتاريخ، التي تبدأ رواية التاريخ من اليونان وتلخص آسيا كلها في سطر واحد، لم يعد مجرد غلطة علمية، بل ربما كان إخفاقاً ذريعاً في تصوير الواقع ونقصاً فاضحاً في ذكائنا)([7]).
حقاً إن عمليات سرقة تاريخنا العربي والاستيلاء عليه من قبل الشرق والغرب وتزويره لصالحهما لا يمكن تصورها! يعلمها كل من اطلع على طرف ولو بسيط مما جرى من تلك العمليات، التي أقل ما يقال فيها أنها غير شريفة.
2019/4/18
………………………………………………………………………………………………
- – أ. تاريخ سوريا الحضاري القديم (1- المركز)، ص80-82، د. أحمد داوود.
ب. مقال بعنوان (أجدادنا الكنعانيون الفينيقيون والعرب المسلمون من اكتشفوا قارة أميركا)، أحمد سعد، 18 أكتوبر 2008 على الرابط: http://alxe.ahlamontada.net/t116-topic . ↑
- – معذرة كولومبوس لست أول من اكتشف أمريكا، ص22، هاينكه زودهوف، تعريب د. حسين عمران، مكتبة العبيكان، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1421هـ/2001م ↑
- – المصدر السابق، ص159-160. ↑
- 2. مقال (أجدادنا الكنعانيون الفينيقيون…) السابق. ↑
- – معذرة كولومبوس لست أول من اكتشف أمريكا، ص20،7. المصدر السابق. ↑
- – تاريخ سوريا الحضاري القديم – 2، ص533-540. ↑
- – قصة الحضارة، ويليام جيمس ديورانت. ترجمة د. زكي نجيب محمود وآخرين، دار الجيل، بيروت – لبنان، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 1408هـ – 1988م. ↑
ان اس الحضارة اساسه اللغة وبدأ بالعراق ومن آكاد وكلما هجمت عليه زمر الخراب من غيران فارس يخرج لهم من العراق فقبل الاسلام كان حمورابي وبعد الاسلام كان ابا الاسود الدؤلي والفراهيدي واليوم المجدد د.طه حامد الدليمي فجزاكم الله عن فجر امة شع نوره بحرفكم خير الجزاء .
مربط الفرس عند:
فإننا حتى الآن لم نتمكن، ولم يتمكنوا هم، من تحويل المادة العلمية إلى ثقافة عامة.
إن لم يحدث فإن كل ما يكتب ويوثق و يكشف لن يغير من الامر شيء .. وتحويل هذه الحقائق الى ثقافة يحتاج الى جهود جبارة و دعم مؤسسي ولوجستي .. فاللهم اعن التيار السني على هذه المهمة
أقدم الحضارات التي سبقت حضارات الغرب قبل الاسلام هي الحضارة السومرية والبابلية والآشورية في العراق وكان أقو ىالملوك والقادة حمو رابي وآشور بانيبال و.نبوخذ نصر قبل الاسلام وكان لغة العرب هي أان قدم لغة على وجه الارض وهي لغة القرآن ولغة أبينا آدم علية السلام وهي أول لغة في العالم وهي لغة آهل الجنة وبعدة غفلة من الأمة أراد الشعوبيين اخفاء هذا التراث العربي الاصيل وتاريخنا المجيد هيئ الله رجال تصدو الى هذة المهم العظيمة ومنهم الدكتور المجدد طه الدليمي في عصرناً هذا