هرقل وكسرى ترجمة للشخصية الجمعية لأمتيهما في التاريخ الغابر والواقع الماثل
الشيخ عبد الغني شيت الموصلي/ منظومة الفقيه القائد
طالعت كُتبَ السيرة واحداً تلو الآخر فوجدت عليها طابع النقل وسرد الروايات، مع اهتمام ضعيف بالبحث عن صحة النقولات وثبوتها.
كنت في أعماق نفسي أرجو أن أجد ما أنشده من معانٍ أتوق إليها في أعظم قصة حياة، وأروع رواية، وأجلى حقيقة، حتى وقعت على بعض الكتابات الحديثة في استخراج الفوائد من السيرة، لكن بقي دون ما أطمح إليه بكثير. عندها بدأت أعوم في بحر السيرة لأملأ تلك الفراغات في نفسي، والتي أستطيع من خلالها استنباط المعاني الجديدة من غير تدوير في سطور الكتب، ولا تقليد لأسلوبها.
رسل النبي صلى الله عليه وسلَّم إلى الملوك
بعد أن نجحتْ المفاوضات الداخلية مع عمرو بن سهيل في الحديبية، أنزل الله سورة الفتح لتبعث في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلَّم بشارة من جهة، وبداية عمل عالمي آخر من جهة أُخرى، فبدأت المراسلات العالمية مع الملوك لأنَّ الفتح قادم لا محالة، فتح محلي، وفتح عالمي. ومن المرسل إليهم هرقل عظيم الروم، وكسرى ملك الفرس.
أمَّا الأوَّل فقد استلم الرسالة وتعامل معها بمنتهى الجدية والأهمية، بل تجاوب مع معانيها. لقد كان متعلِّماً يستحق مكانته، وملكاً يقاطع المعلومات ويستشير رجال العلم من الأساقفة ومن حوله ممَّن يثق بهم.
لم يتسرَّع.. لم يتكلم بما لا ينبغي لملك عاقل أن يفوه به، بحث عن رجل عربي يصف النبيَّ صلى الله عليه وسلَّم نسباً ورسالةً ودينًا وأتباعاً، فوجد أبا سفيان، وبدأت محاورة بينهما فاستقرَّت نفسه بأنَّ الأمر جد خطير فقال له: “فإنْ كان ما تقوله حق فسيملك موضع قدمي هاتين”.
ارتفع سقف الاستنفار الفكري والديني، فبعث يسأل كبير الأساقفة فأجابه بصدق، حتى ترجم الأسقف صدق الكلام بإسلامه، فلم يؤذه هرقل، بل تركه لما آل إليه علمه.
وعندها بدأت لواعج هرقل بين الامتثال والإباء، وكان يخاف من ثورة تطيح به فوازن بين الدنيا والآخرة إلى أن جرَّته نفسه للبقاء على دينه ولم يستجب لدعوة النبي صلى الله عليه وسلَّم فقال لحذافة: “والله إني لأعلم أنَّ صاحبك نبي مرسل، وأنَّه الذي كنا ننتظره، ونجده في كتابنا، ولكني أخاف الروم على نفسي، ولولا ذلك لاتبعته”[1].
لكنَّي مع هذه القصة ومع ما أخرجه مسلم في صحيحه أن المستورد القرشي ذكر أنَّه سمع الرسول صلى الله عليه وسلَّم يقول: “تقوم الساعة والروم أكثر الناس”. فاستوثقه[2] عمرو بن العاص فأكدَّ سماعه له، عند ذلك قال عمرو وهو داهية خبير بمعادن الناس وأخلاق الشعوب:”إن فيهم لخصالاً أربعاً: إنَّهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم ضعيف، وخامسة حسنة: وأمنعهم من ظلم الملوك”.
وها هنا أقف أمام الشخصية الجمعية التي ترجمها هرقل لنفهم أمته وشعبه عاداتٍ وتقاليد نفوسًا وحنكة توافق العنوان الذي كان يتقلَّده.
وهذه الخصال بيَّنها الداهية عمرو بن العاص، وهذا يجعلنا أكثر طمأنينة في التعامل مع من يتَّصف بهذه المواصفات التي تؤهِّله أن يكون شريكًا في العيش، حليفًا في السِّياسة، معتمَدًا حتى في الاستشارة، مأمونًا إذا ما طرأت حوادث خطيرة.
ومن العجيب أن يحلِّل داهية كعمرو بن العاص الشخصية الجمعية بمواصفات خمس يضعنا فيها أمام حقائق اجتماعية ونفسية ترشِّح لنا كسُنَّة أن نقدِّم أو نؤخِّر أحلافنا.
كسرى المُمزَّق
وتصل رسالة أخرى إلى كسرى، تشابه الرسالةَ الأولى في المضمون وتخالفها في الأسلوب، وهذا من حكمة وبلاغة النبي صلى الله عليه وسلَّم في إنزال الأمور منازلها، بل هو رقي سياسي في المخاطبات السياسية، وكما قيل: لكل مقام مقال.
لكن الشخصية الكسروية العاتية لم تمهل.. لم تستشر.. لم تُقاطع المعلومات كهرقل.
لقد فار دم كسرى وتعامل معها بسخرية وازدراء حتى قام ومزَّقها!
لا بل أرسل كسرى لعامله على اليمن باذان أن يرسل للنبي صلى الله عليه وسلَّم اثنين يأتيانه به مقيداً!
نعم هو كسرى الأمس خامينئي اليوم، المعبود كآلهة المستخف بأقوام استعبدهم، وأكل أموالهم واستحيى نساءهم، بل الذي زرع ذيوله في الأقاليم والبلدان، واستباح الأراضي فاحتلَّها ونصَّب عليها ذيوله.
فرش الأفكار
يقول شيخنا الدكتور طه الدليمي: إذا أردت أنْ تعرف واقع أمة أو قوم فاقرأ تاريخهم، وإنْ كنت تريد أنْ تعرف تاريخ أمَّة فانظر إلى واقعهم.
والحقيقة أنَّ ما قاله الشيخ نعايشه اليوم في حال القومَين أو الأمتين اللتين ترجمهما هرقل وكسرى من قبل، وعندي نموذجان أُحقِّقُ فيهما برهان النظرية.
الأوَّل: المخيمات التي أوى إليها أهل السُّنة والجماعة بعد فتنة داعش، فلقد تراقص الشيعة على آلام الصبايا اليُتَّمِ، والأرامل والثكالى وذوي الشَّيبة، وسرقوا هذه المخيمات بما كانت تأتي به المنظمات الخيرية من دول أوربية، بل الحكومة الشيعية ترفض إعادة النازحين إلى ديارهم وتعمير الخراب الذي خطَّطوا له بدخول داعش ثم نفَّذوه بعد سنتين ونصف[3] لأنَّ المخيمات غدت وأمست مكاناً للتشفي الشيعي بأهل السُّنة والجماعة.
وللإثراء الفاحش من سرقة ما تأتي به المنظمات الإنسانية من أوربا، ولنتذكَّر هنا الوصف التحليلي في عمرو بن العاص: “وخيرهم لمسكين ويتيم ضعيف”.
الثاني: هل تتذكَّرون اتفاقية 5 + 1 بخصوص المفاعل النووي الإيراني، كيف كان الفارسي كذاباً متلاعباً يتثعلب ويلتوي، وكان الجانب الآخر حليمًا معه في ظنِّه أنَّه سيصل معه لنتيجة مرضية؟
لكنَّ الحقيقة كشفت عن الشخصية الفارسية العاتية الكاذبة التي لا يمكن أن يُؤمن جانبها. وبعد طول نفس ومحاولات انتهت الاتفاقية وانفضحت الشخصية الجمعية للفارسي.
وممَّا نستفيد منه هنا إنَّنا نعيش أيام سورة الروم التي بشَّرت بنصر الروم وهزيمة فارس، ويقيناً أنَّ الفرح كبير جداً يوم نرى الهزيمة تتكرَّر، ولكنَّ التَّرح لذيول خامينئي ممَّن في العراق وسوريا واليمن ولبنان المكرورين كذيول كسرى من قبل.
فهل من نعمان آخر يصحو من ذلِّ التبعية؟!
[1]. ولك أيها القاريء الكريم العودة لأحداث الرسالة وكلام هرقل مطوَّلًا من مصادره.
[2]. أي: طلب منه توثيق الكلام والتأكد من صحة نقله.
[3]. استطراداً أقولها: يا لسفاهة السُّنة الذين نصبوا تمثالًا للساعدي الذي قتل أبناءهم ودمَّر ديارهم، وفجَّر منارة الحدباء مأثرة وتاريخ الموصليين، يا لتفاهة الرويبضة الذي شكَّل حشدًا عشائريًا ليكون ذيلًا للحشد الشيعي. يا لسفاهة السُّني الذي رضي أن يزوِّج ابنته لقاتل ابنه ومستبيح أرضه، وحقاً أُساءل: ألم يبقَ في هؤلاء من يعرق جبينه؟ أُسطِّر هذه الكلماتِ تاريخًا لمن يأتي من بعدنا لكي لا يقرأ ما كتبه الشيعة ورويبضوا السُّنة وسفهاءهم.
صدق عمرو بن العاص داهية العرب! لقد قلب الاسلاميون مفاهيم في القران والسنة وسيرة الصحابة واحداث التأريخ، بالغوا بالعلاقة بين الجنسين، وتجاهلوا كل احداث التأريخ، يجترون قصص تاريخية نادرة الحدوث، وغير معروف صحتها، امثال سعيد بن جبير، والحجاج، وعمروبن العاص!! تغص المساجد بخطباء يتحدثون فقط بالقصص الغريبة، عمرو بن العاص كان زاهدا حتى نزعوا منه صفة الخلافة التي يجب ان يتحلى بها كل خليفة ليصلح للخلافة، حاكم عليه ان ينام في الليل، ليجلس صباحا فيجلس في دار الخلافة يدير دولة ترامت اطرافها!!!
واضيف للكاتب ماذكره الله في القران عن النصارى واليهود والمشركين… ومن هو الاشد عداوة للذين امنوا!!
عندما تسقط امبراطورية يرثها المنتصر عليها، هكذا هو التاريخ، سقوط الدولة الرومانية، والفارسية، والعثمانية، والاتحاد السوفيتي! لماذا يختزل الاسلاميون التاريخ، وكأن الامبراطورية العثمانية هي الوحيدة التي تقاسم ارثها المنتصر؟
نحتاج قراءة التاريخ بعقول متحررة، قابلة للتحليل الموضوعي… والا سنبقى غارقين في اوحال الاسلاميين…
اطمإني..؛ الإسلاميون لن يخرجوا من وحل تخلفهم وعقدهم وذيليتهم.
لقد اختلف الزمان. وتغيرت المعادلات، وبؤرة الوعي تنتشر وتتعمق، وستتحول – بعون الله تعالى – إلى سراج وقمر منير .
تصحيح: قصدت عمربن عبدالعزيز الخليفة الاموي
الدراسة النفسية والتاريخية للشعوب وسيلة ناجحة لرسم خريطة افكار واضحة لقراءة واقع المجتمعات المعادية والحصول على نتائج تحلل وتحل المشكل والغامض لهذه الشعوب.
وكانت العلامة البارزة والخلق الظاهر للفرس ماذكره وحلله صاحب المقال كما جاد وأفلح في بيان واقع الروم..
والسؤال أين موقعنا نحن بين الأمم.؟ ونحن أمة الوسط فكراً وموقعا.!
لقد دفع وانتفع أجدادنا الصحابة من الفكر والموقع. فانتصروا باليرموك والقادسية حتى فتحوا نهاوند والاندلس والقسطنطينية..
نحن بحاجة للحركة الفكرية بالواقع والاستفادة من الخبرات والتجارب السابقة عندها ستعيد الأمة امجادها بدل ندب حظها والبكاء على اطلالها.
في عهد الفوضى القائمة للان قرات مرة للاستاذ أنور مالك زهو يحذر من الجمعيات الخيرية في البلاد المحتلة من قبل ايران عسكرا وثقافة انها مصادر للتجسس الامني والتسلل الثقافي للمجتمعات العربية ولقد شاهدنا بام أعيننا اناس من ذيول التشيع في الجمعيات الخيرية الذين يتباكون على اهل السنة واذا بهم يبيعون ما مطلوب ان يوزع الى اسواق الشيعة ويشتري بذلك بيوتا راقية في محافظة بغداد وليتهم وقفوا على منع ما أعطوا من تبرعات دولية من اوربا الى المجتمع العربي السني المكلوم والمهجر لا بل انهم تعدوا على اكبر من ذلك فقد أخذت أوقاف اهل السنة والتي تقع في المناطق الراقية والتجارية في بغداد كساحة الطبقجلي والشورجة واهدت لهم بلا ثمن دعما للحضد الشيعي واعطاء من لا يملك لمن لا يستحق وقد حالست احد كبار رجال الدعوة فقلت له ممكن تجرد لي مناطق الوقف السني من قبل 2003 وكان هو من يتحدث لي عن هذه السرقات فقال تعال لي للدائرة واتفقنا ان نخرج هذا الملف خارج العراق لكنه جبن واكتفينا بشرب القهوة وعرفت ان هؤلاء همه ان يخدم الشيعة ليبقى بمنصبه ودعوت الله وانا خارج ( رباه استبدلنا بجاهلية النعمان وبني شيبان ولا تذر على الارض من هؤلاء ديارا )
آه ايها الكاتب لقد ذكرتني بقول الشاعر
لا يلام الذئب في عدوانه ان يكن الراعي عدو الغنم
لايلام الروم وفارس لولا هؤلاء الذيول الذين يسمون انفسهم برموز الوطنية ورموز الاسلاموية .
مقال يأخذك في رحلة ممتعة للغوص في خبايا الشخصية التاريخية وتحليلها بوعي وحكمة لفهم كثير من الاحداث الغابرة والحاضرة..
القرآن الكريم عرض لنا صورة واضحة في سيرة الانبياء والتعامل مع أقوامهم صراع دائم لحل المشكلة في زمانهم هذه الدعوة الفكرية التي تلامس الواقع بصورتها الحقيقية ولذلك كان إبراهيم ولوط في زمن واحد ولكن المشكلة تختلف لكل نبي،
إبراهيم كانت مشكلته الشرك ومشكلة لوط أخلاقية هذا اسلوب التغيير لم يدركها أهل السنة في هذه المواعظ الفكرية ولذلك جعلوا فلسطين هي أساس القضية المحورية أتجاه المشرق العربي تقديم العدو اليهودي على الفارسي هذا يخالف مشكلتنا
الأساسية والواقعية أمام مواجهة التشيع وهذا يعارض أسلوب القرآن،
فالعدو الذي يتمثل بالإسلام ويتخفا بأسلوبه الماكر هذا العدو يتصدر المرحلة الأولى ضد الأمة الإسلامية لأن ثقافة التشيع الفارسي ثقافة شامله في كل أمور حياتنا اليومية فهي (ثقافة انتقامية ضد الإنسانية ) فكيف أذا كانت بإسم أطار الدين هنا تكمن خطورتها فهذه النفسية المعقدة الطاغية هي أشد اعدائنا اليوم ،
كل الديانات تستطيع التعامل معها والتتفاوض إلا الفرس ومن تلوث بفكرهم كانت معاملت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع النجاشي النصراني على الأمانة الصادقة للنجاشي عندما أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة في دار ودولة النجاشي
النجاشي صان الأمانة بأحسن صورة ،
العداوة الأبدية على مر العصور هم الفرس في كل شيء وألى اليوم الخطر الأول علينا التشيع الفارسي الذي تقوده إيران في المشرق العربي
مقال رائع واضح في تشخيص العدو الحقيقي اللأمة السنية
وشهادة صحابي وقائد مثل عمرو إبن العاص وذكره لروم ومدحه لهم وهذا ما يشهده واقعنا اليوم ونراهم كيف يتصدون للفرس وغزوهم لبلادنا حقائق اخفيت لمن لديه مصالح مع الفرس. { {{عمرو بن العاص فأكدَّ سماعه له، عند ذلك قال عمرو وهو داهية خبير بمعادن الناس وأخلاق الشعوب:”إن فيهم لخصالاً أربعاً: إنَّهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم ضعيف، وخامسة حسنة: وأمنعهم من ظلم الملوك”.}}}واليوم مهمة التيار السني والعاملين فيه المخلصين الصادقين المحبين لقضيتهم وإنقاذ مجتمعهم بهوية وقضية سنية لمواجهة التحديات الفارسية ..
جزاك الله خيرا
لقد وفق الكاتب في اختياره لموضوعه، عنوناً ومضموناً، ولعلي أول مرة أقرأ هذه المقارنة لتاريخ وواقع في آن واحد، وهذا ليس غريباً على كتاب التيار السني، فالإبداع أحد الصفات التي يتصفون بها.
وفق الله الكاتب وزاده علماً