مقالاتمقالات أخرى

قصة تحريف حديث غدير خم، من الوصاة بكتاب الله الى حديث (من كنت مولاه فعلي مولاه)!

أ. صالح السهيل

روى مسلم من حديث حفيد سبط النبي صلى الله عليه وسلم جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب بعرفة في حجة الوداع فقال: (وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ. كِتَابُ اللَّهِ).

ثم قال: (وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي. فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ ” قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ. فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ “اللَّهُمَّ! اشْهَدِ اللَّهُمَّ! اشْهَدْ” ثَلَاثَ مَرَّاتٍ).

وأنا أشهد أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغ وأدى ونصح، واكتفى بالإيصاء بالثقل العظيم، والقول الثقيل، الذي به النجاة، وهو القرآن الكريم، ففيه الكفاية والدلالة على كل خير، والتحذير من كل شر، وهو الحجة العظمى المعصومة المقدسة، ومنه تتفرع الدلالة على الحجج الفرعية مثل السنة الصحيحة والقياس والاستصلاح وغيرها من مصادر التشريع.

المرحلة الأولى من التحريف: إضافة أهل البيت!

 ولكن هل طاب لدهاقنة الروايات، وأرباب البدع والضلالات، تأدية وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هي؟ فضلاً عن تطبيقها والعمل بها؟

والجواب: لا، لأنه دون ذلك تتنغص عليهم حياتهم، ويستحيل عليهم أكل أموال الأمة بالباطل والسحت الحرام، ويمتنع عليهم تفرقة الأمة وجعلها شيعاً وأحزاباً يكفر بعضهم بعضا.

ولأنه ليس في كتاب الله اي كلام عن إمامة علي رضي الله عنه وعصمته هو ونسله من الأئمة بعده!

فأملى على اولئك الرواة شيطانهم أن يضيفوا أهل البيت إلى القرآن، وينقلوا مناسبة الحديث من عرفة إلى غدير خم! لأن عرفة شهدها ألوف الصحابة، ويستحيل أن يمر على الناس إغفال اولئك الألوف لتلك الإضافة!

روى مسلم من حديث أبي حيان التيمي عن عمه يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يوما فِينَا خَطِيبًا. بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا. بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. وَوَعَظَ وَذَكَّرَ. ثُمَّ قَالَ “أَمَّا بَعْدُ. أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ! فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ. وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ. وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ” فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ. ثُمَّ قَالَ “وَأَهْلُ بَيْتِي. أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي. أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي. أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي”. فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ يَا زَيْدُ! أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ من حرم الصدقة بعده. قال: وهم؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ. قَالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصدقة؟ قال: نعم.

أقول: في هذا الحديث تسوية أهل البيت بكتاب الله من جهة تسميتهم ثقلا! ويزيد بن حيان ليس له في الدنيا إلا بضعة أحاديث، ولم يعرفه بالضبط والعدالة أحد من معاصريه، فلما جاء مسلم بعده بمائتي سنة خرج له هذا الحديث، ثم لما جاء النسائي حكم بأنه ثقة!

المرحلة الثانية: إخراج ازواج النبي صلى الله عليه وسلم من أهل البيت!

هل اكتفى الرواة بجعل أهل البيت الثقل الثاني؟

كلا، لأنه يمكن أن يأتي من يقول: أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من أهل البيت، فنحن نحبهم ونوقرهم! فكان لا بد من إخراجهم من مفهوم أهل البيت ولو ناقض هذا القرآن الكريم!

قال مسلم: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ. حَدَّثَنَا حَسَّانُ (يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ) عَنْ سَعِيدٍ (وَهُوَ ابْنُ مَسْرُوقٍ)، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ. قَالَ:

دَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا له: قد رَأَيْتَ خَيْرًا. لَقَدْ صَاحَبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي حَيَّانَ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ “أَلَا وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَحَدُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. هُوَ حَبْلُ اللَّهِ. مَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الْهُدَى. وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى ضَلَالَةٍ”. وَفِيهِ: فَقُلْنَا: مَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ نِسَاؤُهُ؟ قَالَ: لَا. وَايْمُ اللَّهِ! إِنَّ الْمَرْأَةَ تَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ الْعَصْرَ مِنَ الدَّهْرِ. ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فَتَرْجِعُ إِلَى أَبِيهَا وَقَوْمِهَا. أَهْلُ بَيْتِهِ أصله، وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده”. أقول: حسان بن ابراهيم هو قاضي كرمان، قال فيه النسائي: ليس بالقوي، وأنكر عليه أحمد بعض حديثه، وقال العقيلي: في حديثه وهم، وقال ابن حبان: ربما أخطأ.

وعليه فهذا اللفظ منكر، لأن فيه إخراج نساء النبي صلى الله عليه وسلم من اهل البيت، وهذا قد يخفى على رواة العجم، لكن لا يمكن ان يخفى على عربي قح، مثل زيد.

المرحلة الثالثة: إضافة الأمر بالتمسك بأهل البيت!

هل اكتفى الرواة بإخراج أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من مفهوم أهل البيت؟ كلا، بل أضافوا الأمر بالاستمساك بهم كالاستمساك بالقرآن سواء بسواء، وغفل هؤلاء عن نكتة إخوانهم في الانتقال بالحديث الى غدير خم، فأبقوه في عرفة!

روى الترمذي من حديث ‌زَيْد بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ ‌جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ‌أَبِيهِ ، عَنْ ‌جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ،» وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ يَخْطُبُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللهِ، وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي.

قلت: فيه زيد بن الحسن هو الأنماطي، منكر الحديث.

المرحلة الرابعة: إضافة نفي الافتراق بين القرآن وأهل البيت!

ثم أضاف الرواة إمعاناً في تقديس أهل البيت وتعصيمهم القول بعدم الافتراق بين القرآن وأهل البيت حتى يردا الحوض!

روى الترمذي وغيره من طريق ‌الْأَعْمَشُ ، عَنْ ‌عَطِيَّةَ ، عَنْ ‌أَبِي سَعِيدٍ ‌وَالْأَعْمَشُ ، عَنْ ‌حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ ‌زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي،» أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنَ الْآخَرِ؛ كِتَابُ اللهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا

وفي الإسناد مصائب: تدليس الأعمش وحبيب، وضعف عطية العوفي المتشيع!

المرحلة الخامسة: الاكتفاء بالأمر بموالاة علي رضي الله عنه!

ثم رأى بعض الرواة بعد تفكر ولأي أنه لا يكفي الأمر باتباع أهل البيت، بل لا بد من التنصيص على علي رضي الله عنه، ليخرجوا العباس وعقيلاً وغيرهما، فنزعوا حديث (من كنت مولاه فلي مولاه) من سياقه الصحيح كما سيأتي، ووضعوه هنا، ونزعوا عذار الحياء كله، فحذفوا الأمر باتباع القرآن من أصله، فلا داعي له، لأن اتباع علي المعصوم يكفي! فالله يوالي من والاه ويعادي من عاداه! فما الداعي إلى كتاب الله؟

روى أحمد من حديث عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ خَتَنًا لِي حَدَّثَنِي عَنْكَ، بِحَدِيثٍ فِي شَأْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ مَعْشَرَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِيكُمْ مَا فِيكُمْ، فَقُلْتُ لَهُ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنِّي بَأْسٌ، فَقَالَ: نَعَمْ، كُنَّا بِالْجُحْفَةِ فَخَرْجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا ظُهْرًا وَهُوَ آخِذٌ بِعَضُدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟ ” قَالُوا: بَلَى. قَالَ: ” فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ “. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ قَالَ: اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ؟ قَالَ: إِنَّمَا أُخْبِرُكَ كَمَا سَمِعْتُ

وعطية ضعيف متشيع كما سبق.

ثم تعب الرواة من كثرة تلفيقهم الاسانيد، فركبوا للرواية اسناداً واحداً عن زيد، وزعموا من خلاله أن ثلاثين صحابيا رووه! فضربوا ثلاثين عصفوراً بحجر واحد!

روى أحمد من حديث فِطْر، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: جَمَعَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ النَّاسَ فِي الرَّحَبَةِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَنْشُدُ اللهَ كُلَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ مَا سَمِعَ، لَمَّا قَامَ فَقَامَ ثَلَاثُونَ مِنَ النَّاسِ، وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَقَامَ نَاسٌ كَثِيرٌ فَشَهِدُوا حِينَ أَخَذَهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: “أ َتَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟ ” قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: ” مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا مَوْلَاهُ، اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ ” قَالَ: فَخَرَجْتُ وَكَأَنَّ فِي نَفْسِي شَيْئًا، فَلَقِيتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَمَا تُنْكِرُ؟ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ لَهُ.

وفطر بن خليفة شيعي كان يروي أحاديث تزري على عثمان، وقال أحمد: خشبي مفرط، اي رافضي، وقال الدارقطني: زائغ.

ورواه الترمذي من حديث سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل.

وسلمة وثقوه، لكنه شيعي يروي ما يؤيد مذهبه، وصاحب المذهب يتساهل فيما يوافق هواه.

وفيه علة أخرى، وهي أن سلمة لم يلق من الصحابة إلا جندباً وأبا جحيفة، كما قال ابن المديني، فإسناده منقطع، ومع ذلك صحح الألباني في صحيحه 4/332 السند على شرط الشيخين!

ورواه ابن ماجه من حديث عبد الرحمن بن سابط عن سعد بن أبي وقاص، وصححه الألباني مع أن ابن سابط لم يلق سعداً كما قال ابن معين، على ما في جامع التحصيل!

   أما الطرق عن علي فقد أقر الألباني أن كلاً منها ضعيف بمفرده، لا يقوم منها إسناد، وهكذا كل طريق لم أخرجها هنا، كفانا الألباني مؤنتها، وأقرّ بضعفها.

وروى أحمد من حديث رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: جَاءَ رَهْطٌ إِلَى عَلِيٍّ بالرَّحْبَةِ فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَانَا قَالَ: كَيْفَ أَكُونُ مَوْلَاكُمْ وَأَنْتُمْ قَوْمٌ عَرَبٌ؟ قَالُوا: سَمِعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ يَقُولُ: ” مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ، فَإِنَّ هَذَا مَوْلَاهُ “قَالَ رِيَاحٌ: فَلَمَّا مَضَوْا تَبِعْتُهُمْ، فَسَأَلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فِيهِمْ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ.

وقال الألباني: اسناده جيد! قلت: أنى له الجودة وفيه رياح بن الحارث لم يوثقه سوى ابن حبان والعجلي وهما يوثقان المجاهيل؟

والصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من كنت مولاه فعلي مولاه) ولكن في مناسبة خاصة توضح المقصود منها، فلم يقلها بتلك الصورة (الدرامية) في غدير خم، ولم يقل كل اللواحق التي ألحقها الرواة بها مثل (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) و(انصر من نصره واخذل من خذله)!

روى أحمد وغيره بإسناد صحيح عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عَلِيٍّ إِلَى الْيَمَنِ، فَرَأَيْتُ مِنْهُ جَفْوَةً، فَقَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ عَلِيًّا، فَتَنَقَّصْتُهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ وَقَالَ: يَا بُرَيْدَةُ «أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟» قُلْتُ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ.

وأصل القصة في صحيح البخاري بغير هذا السياق.

فهذه الرواية توضح أن الولاية المقصودة هي الولاية المقابلة للانتقاص والبغض، وهي ولاية المحبة، فلا اختصاص لعلي بهذا لأنه كغيره من الصحابة، وليس المقصود ولاية الحكم ولا الإمامة!

المرحلة السادسة: إضافة بعض أهل السنة الأمر باتباع السنة مناكفة للشيعة!

ثم جاء بعض أهل السنة، فأرادوا مناكفة الشيعة ومناكدتهم، فزادوا في حديث الوصاية بكتاب الله لفظة (وسنتي)! وهي لفظة باطلة، لا تثبت بأي إسناد، والوصية بكتاب الله تغني عنها، لأن كتاب الله دل على الأخذ بما صح من السنة.

ومنه تتضح خطورة التساهل في قبول الروايات وجبر بعضها ببعض، خصوصاً تساهل الألباني، وخطؤه في تعقبه ابن تيمية في تضعيفه حديث غدير خم، وان الروايات مهما كثرت لا قيمة لها إذا لم يقم اي اسناد لها، ودروشة بعض السلفيين حين ألف كتاباً عن حديث غدير خم! بل ذهب الى الغدير وصوّره وكتب في فقهه وفوائده!

اظهر المزيد

‫13 تعليقات

  1. قال تعالى فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾ . اينه اولاية علي (ض) في الموضوع

  2. اعجب من مشايخ السنة المدافعين عن الصحابة رضوان الله عليهم !
    يقولون النيل من الصحابة هدفه النيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن ثم القرآن،
    وماذا أبقوا لكتاب الله عز وجل حين صححوا أحاديث وروايات تساوي بين بشر وبين كتابه من حيث المكانة والفضل!!

  3. أجاد صاحب المقال في تسلسل وتتبع الزيادات التي طرأت على الحديث حتى لا يشبه آخره أوله.
    والمتتبع لكل رواية تراه يبدأ بصيغة ثم ينتهي بصيغة أخرى بعيدة كل البعد عن الأصل وهذا هو الشأن في كل حديث غير حديث الله تعالى وهو ما سجله الله تعالى في كتابه: ((وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)) النساء(82)

  4. شكرا للاستاذ الكاتب على هذه العلمية في النقد ..فقد أبان وأجاد بل وأفاد كثيرا ..
    وشكرا لكم موقع التيار على هذه المقالات الهامة

    1. مدهش هذا التدرج في شرح سلسلة الدس والكذب في هذه الرواية…الكاتب فكك السلسلة حلقة حلقه وبين كيف وضعت كل حلقة في السلسلة بناء على حلقة قبلها ليصل الى المراد وهو تخصيص علي بالولاية.
      أ. صالح السهيل.. ابدعت جزاك الله كل خير

  5. بورك القلم استاذ صالح السهيل وتتبع رائع لكيفية تغير معالم اصل القصة وحقيقتها وكيف انهم (اصحاب الفتنة) شوهوا المعنى الاصلي من الموالاة والتي هي المحبة الى ان جعلوها ديناً -لا اصل له ولا دليل في القرآن- مثل القرآن وجعلوا اهل البيت بموازاة القرآن فهو ثقل كما ان القرآن ثقل وهنا التشيع بأم عينه! يا لله! كم في تراثنا من تشيع وطوام ! ان لم ينبري لها العلماء والباحثون تكن فتنة في الارض وفساد كبير! ووالله لا يوجد فتنة اكبر من ان يتشيع المسلم ثقافيا ثم والعياذ بالله يصل الى عقيدته واصل دينه!
    المسلمون في اوروبا يدخلون الاسلام عن طريق قراءة القرآن وتسكن قلوبهم! لكن عندما يأتون الى الروايات وكيف ان فيها اشارات الى التشيع ينصدمون بهذه الروايات ويكأنهم وجدوا شيئاً ودينا غير موجود بالقرآن! فمنهم من يبقى على اسلامه (سني) ويرضى بترقيعات العلماء لهذه الروايات التالفة! ومنهم من يتشيع!
    لكن هل تشيع من خلال القرآن!! كلا !! تشيعه عن طريق الروايات حدث. فينبغي بشدة التصدي لهذا العبث بديننا الذي حدث عن طريق الروايات التي عبث بها اشكال والوان العابثين.

  6. عندما تكون الروايات والأحاديث خارج الوحي القرآني من يعصمها من العابثين
    الدليل الذي قرأناه في هذه المقالة كيف يكون التدريج بالروايات والأحاديث شيءً فشيئا في التزوير والتحريف لتعظيم من شخصية
    علي رضي الله عنه وكيف جعلوه
    أعلى مرتبه من الصحابة بالغلو والتقديس
    الولاية عند الشيعة أعلى مرتبه من النبوة أذاً مالفرق بين روايات الشيعية وتعظيمها لعلي في كتبهم. والروايات الشيعية التي اخترقت مصادر كتبنا عن ولاية علي وهذه تهدف الى ثقافة شيعية.
    من يقرأ هذه الروايات ولم يكن متحصنا بالقرآن الكريم في أساسيات دين وأصول دين تكون مناعته ضعيفة أمام هذه الروايات والأحاديث.
    جزاك الله خيرا أستاذصالح ألسهيل على هذا المقال

  7. اهل السُنة جعلوا الاحاديث مقدسة اكثر من القران الكريم
    لو عرضوا هذه الاحاديث على القران وما فيها
    من تشيع لما تمكن التشيع من اهل السنة
    وأسقطت هذه الاحاديث من كتبنا لما فيها
    من تزوير وانكار لكلام الله وشرعه لو جئنا
    الى الولاية في القران الكريم
    (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ
    ..و قوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ..} الآية:257
    اما ولاية علي المذكورة في كتبنا تخرج الناس من النور الى الظلمات وجزا الله خيرا استاذ صالح السهيل لهذا المقال
    فنحن بحاجة كبيرة لهكذا باحثين مميزين

  8. سبحان الله!!
    القران الكريم هوه الفرقان والكتاب الفيصل الذي يرد كل البدع و التخاريف و الانحرافات
    شكرا من القلب للاستاذ صالح السهيل على هذا التتبع والرد المُخْرِس لاهل الباطل والضلال

  9. لقد أخذ الشيعة نصف الحديث وتركوا النصف الآخر هذا اذا صح شطر الحديث الثاني ،فقد حرفوا القران وعبدوا بيت علي وهم الذين ذمهم الله تعالى فقد استبدلوا الذين هو أدنى بالذي هو خير ،واذا صح الحديث فقد خان الشيعة النبي وطعنوا في أهل بيته الذين هم أزواجه واتهموا ام المؤمنين ،فهم لم يأخذوا بطرفي الحديث .

  10. بسم الله الرحمن الرحيم
    جزى الله الاستاذ صالح خير الجزاء على هذا الجهد في الجمع بين الروايات ونقدها متنا وسندا

اترك رداً على ام وائل إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى