محمود الملاح حضور الوعي وغياب المشروع (2)
أ. العنود الهلالي
” مهما كان السيف محققا للمنعة، فأنه لا يستقل بتحقيق المناعة، ما لم يُقرن به قلم منيع! وفي عصرنا هذا؛ فَقَدت أمتنا منعتها ومناعتها معاً! ولا خوف على أمة فَقَدت منعتها إذا هي حافظت على مناعتها!”[1] بهذا الوعي الدقيق كان يتصدى الأستاذ محمود الملاح للدعوات الهدامة التي تدعي أن غرضها الوحدة الإسلامية لتخدع به المجتمع السني الذي قال عن مناعته الأستاذ الملاح: “من المؤسف أن بعض الناس – ولو من جماعتنا – لم يدركوا أن غرضي من تجريد القلم هو الذب عن الجماعة، بإيراثهم المناعة لظهور ضعفها فيهم، فصاروا مطموعاً فيهم”.

لقد أدرك محمود الملاح أهمية المناعة الثقافية في حماية المجتمعات السنية من الخطر الشيعي وباقي فرق الباطل من قاديانية وبهائية وغيرها؛ فتصدى للرد على المنادين بالوحدة الإسلامية من هذه الفرق المخالفة بأسلوب لا هوادة فيه وقلم يأنف الردود المائعة “فالعلم المائع لا يقوم حجة”[2] كما يقول رحمه الله.
الآراء الصريحة في مواجهة المنهج الترضوي
عرّف الدكتور طه الدليمي المنهج الترضوي تعريفا دقيقا في كتابه ” لا بد من لعن الظلام” بأنه منهج دعوي يعتمد أساساً على الابتعاد عن التعرض للباطل، وعن كل ما يزعج أهله أو يثيرهم أو …(ينفرهم). على اعتبار أن (بيان الحق كفيل بزوال الباطل).
وقد كان هذا المنهج متسيّد الساحة الفكرية والدعوية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي حين برزت الدعوة الشيعية إلى التقريب بين المذاهب ونبذ الطائفية تحت ستار الوحدة الإسلامية. وما راجت هذه الدعوة للتقارب إلا نتيجة “للردود المائعة” كما يسميها الملاح رحمه الله.
لقد كان رحمه الله يرفض الأساليب الترضوية في التعاطي مع مسألة التقريب فالمواربات الحلزونية كما يقول لا تحل معضلة ولا تحسم مشكلة، كما أن التشخيص السيء لا ينفع المريض، بل يضره. ومن عباراته الشهيرة في نقد الكلمات العامة التي يستخدمها الترضويون في خطابهم التقريبي (العمومات لا تُصيب المحز! بل يركن إليها من لا يريد القطع؟!).
وقد صرّح في مقالاته بالتفريق بين السنة والشيعة وعدم إمكانية الوحدة بين الفريقين ومما قاله في كتابه “الآراء الصريحة لبناء قومية صحيحة”: نحن اليوم لا يجمعنا قرآن لأنَّا مختلفون في مقاصده، بل في تحديد مدلوله! ولا تجمعنا سنة لأنَّا مختلفون في مواردها ومصادرها.. وبعد أن لا يجمعنا القرآن لا يجمعنا شيء!.
ويقول في موضع آخر: (إن المقارنة بين الفقه السني والفقه الشيعي، والتقريب بينهما لا يقدمان ولا يؤخران في تحقيق الوحدة الإسلامية، أو ما أسماه الاستاذ بالتقريب النفسي! فلو أن الشيعة أخذوا بالفقه السني – على تقدير المحال – بحذافيره؛ لم يكن هناك تقريب ولا شبه تقريب إلا من باب التقية… لأن الاختلاف المرير هو في الأصول لا في الفروع! ولولا الاختلاف في الأصول؛ لكان الاعتراف “بالمذهب الخامس” سهلا ولما احتدم النزاع ثلاثة عشر قرنا.. وإنما عبرنا بالمذهب الخامس تجوٌّزاً لمجاراة أذواق الناس! والقضية في نظرنا ليست قضية مذهب؟! فلا ينبغي أن نزلق بالألفاظ المشتركة!!).
ومن آرائه الصريحة في نقد المنهج الترضوي السائد آنذاك تشنيعه على من يضخمون منزلة علي رضي الله عنه بـ ألقاب ومسميات لا معنى لها سوى التزيد لعلي وهو رضي الله عنه في غنى عن هذا التزيد. ففي هذا الجانب يقول في كتابه الآراء الصريحة تحت عنوان (أول من أسلم!): “قالوا أول من أسلم من الرجال أبو بكر، وأول من أسلم من النساء خديجة، وأول من أسلم من الصبيان علي رضوان الله عليهم، ولم يذكروا أول من أسلم من الصبايا!”. ويستنكر أيضا تخصيص علي رضي الله عنه بتعبير “كرم الله وجهه” دون سائر الصحابة؟ (مع أن الله وصف الصحابة بقوله “رضي الله عنهم ورضوا عنه” لم يزد ذلك، فالغلو يبدأ من المتسننين! ولم أقف على تاريخ هذه الصيغة، ويرد على الخاطر ما بال فاطمة رضي الله عنها لم تحظ بهذه الصيغة ؟). وقد نبه رحمه الله على أن كتب أهل السنة “طفحت بأنماط من بذور التشيع التي سقيت بماء الصناعة… فبسقت أغصانها، وتغلغلت جذورها وغلظت جذوعها وتكاثفت أوراقها حتى حجبت نور الشمس[3]“.
واختم بما ختم به رحمه الله أحد كتبه التي يرد فيها على إحدى فرق الباطل بعد أن أجهز عليها وقوّض أركانها المتهالكة بنقد علمي حصيف؛ قائلا: “بضع كلمات تكفي لزلزلة قواعد المبطلين! وإنما أكثرنا لكثرة الجاهلين وإهمال المهملين!
قوله تعالى: (ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم).
كافٍ لقطع كل ذريعة…
وقوله: (وخاتم النبيين)…
كاف لرد كل دعوى مزيفة بأسماءٍ مستعارة؟!”[4]
وهو بهذا الأسلوب الصريح يقطع الصلة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين كل من يحاول الانتساب إليه من أهل الباطل، ويهدم فكرة بيت الدين بالدليل القطعي من كتاب الله حتى لا يجد المبطلون موطئ قدم لأساليبهم الملتوية وحججهم الباطلة التي قد يغتر بها من لا يدرك حقيقة باطلهم. وشتان بين هذا الأسلوب الذي يصدع بالحق في وجه الباطل وإن انزعج ونفر أهل الباطل، والأسلوب الذي يتخذ من اللين والمداهنة وسيلة يلهث بها خلف سراب التقريب ووهم الوحدة!
[1] محمود الملاح: الآراء الصريحة لبناء قومية صحيحة
[2] المصدر السابق، ص 53
[3] محمود الملاح: الرزية في القصيدة الأزرية.
[4] محمود الملاح: النحلة الأحمدية وخطرها على الإسلام.
اذن صراحته هذه ومنهجه الواضح جعلهم يحاولون محاربة اثاره وكتبه بالإخفاء القسري لسيرته
بارك الله فيكم على هذا التوضيح المهم لآراء الملاح
لدي سؤال للأخت الكاتبة: كيف يمكننا الحصول على كتابي محمود الملاح الآراء الصريحة وتاريخنا بين الايجاب والسلب؟
وشكرا لكم على هذا الطرح وللدكتور الفاضل وللموقع الرائع الذي يعد كنزا معرفيا بحق ..يجب على اخوتنا في العراق أن يهتموا بمحتواه ففيه والله نجاتهم من براثن الفكر الشيعي.
حياك الله اخ ابو فيصل..
اما كتاب الاراء الصريحة فهو موجود pdf على الشبكة وايضا موجود في مكتبة جرير … اما تاريخنا بين الايجاب والسلب فلم اجده حتى الآن وبحثت في الشبكة كثيرا فلم اعثر على نسخة منه للاسف!
رحم الأستاذ محمود الملاح
عاش في زمن مليء بعلوج الترضوية
ورغم ذلك لم يتوقف عن قول الحق وفضح الباطل
هو فهم المنهج القراني وعمل به لكن دون حاضنة او مؤسسة
وجماعة دعوية تاسس هذه الافكار المنيرة لتضيء عتمت اهل السنة.من ظلمات الترضوية وافكارهم الغبية
رحم الله الاستاذ محمود الملاح
احسنت استاذة العنود المحترمة
ورحم الله العلامة اللغوي محمود الملاح هذه القامة الموصلية العملاقة الذي بخسه الترضويون حقه وسنفخر به رغم انف جبنهم فيكفيه أنه كان بطلا منتصرا في ذلك الزمن المهزوم
وكما ذكرتي كتاب الدكتور طه الدليمي حفظه
لابد من لعن الظلام وكلامه عن المنهج الترضوي
وفشله في تحصين اهل السُنة والحفاظ عليهم
اكتب هنا منه بعض السطور الرائعة
((فإذا كنت تعتقد أنك على الحق ،وأردت أن تنتصر على خصمك فانتصر أولاً على ضعفك وفكر بتقوية صفك وإعداده وإمداده .
إن هذه الحقيقة تكشف لنا بوضوح عن فشل المنهج الترضوي لأنه يريد اختراق الصف المقابل بطريقة لاتزيد صفه الداخلي إلا ضعفا وتمزقا وهزيمة!))من كتاب لابد من لعن الظلام
رحم الله الملاح كان فذا بطرح أفكاره كان وحده أمة في بحر تتلاطم فيه امواج الشرك والأفكار الالحادية ،رغم غياب المشروع لكن أفكاره كانت أفكاره ومضة أمل لكل من تصدى للمشروع الشيعي الشعوبي الفارسي ،اما اليوم فمشروعنا السني يتقدم بخطوات ثابتة بقيادة تجديدية وافكار واقعية ونخب واعية وجمهور يتأهل لنصرة قضيته.
الاستاذ محمود الملاح كان واعياً بفطرته السليمة والفكر الحر والباحث عن الحقيقة دون تقيد وتقليد لأنه شَخص المشكلة في زمانه في غياب وعي أهل السنة للتشيع وكان يدرك أن مخالطة الاوراق دون تمييز و تفريق بينهما هذا منهج ترضوي مرفوض أمام شرع الله
(وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ)
(يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ ۖ فَإِن تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَىٰ عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ )