مقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

حقل (الدرة) ولغم دِمَّلة (العدوانية) لدى الفرس

د. طه حامد الدليمي

مشكلة العرب مع الفرس ضعف معرفتهم بهم!

معرفة العرب بالفرس ما زالت في مرحلة الطفولة. تأبى أن تبلغ الرشد وتكتهل لتتضلع بالحكمة فتعرف كيف تتعامل مع هذا الجنس الغريب من البشر؛ رغم التاريخ الطويل الملآن بالألغام المتفجرة، التي لطالما حملتها العواصف لتتفجر في أرض العرب، خصوصاً العراق، الميدان المفضل للتنفيس عن المكبوت الفارسي الذي لا حدود له.

لا يلزم من هذا أن العالم الخارجي أعرف بالفرس منا، ولكن العالم يدرك كيف يستثمر شخصية هذا الصنف من البشر لتحقيق مصالحه وتسخيره لإثار الفتن وتفجير المزيد من الألغام في الأرض المفضلة للتفجير، والوصول إلى أهدافه من ذا وذا.

الشخصية الفارسية شخصية استثنائية، فهي شحيحة في الخير، خصبة في الشر. ذات حيلة وقدرة على التمويه بحيث كلما غصت فيها وجدت نفسك ما زلت في درجة من درجات السطح التي لا حدود لها أيضاً!

مخطئ من ظن أن ما يصدر عن هذه الشخصية بالآلية نفسها التي تصدر عنها أفعال الناس، أيّْ: آلية (الفعل ورد الفعل). كلا؛ ما يصدر عن الفارسي إنما يصدر عن عقدة متأصلة. عقدة تجعل أفعالها مقلوبة الطبيعة تجاه الفعل المقابل. إن أحسنت إليه أساء إليك. فإن أردته أن ينتهي عن الإساءة فاقطع عنه إحسانك “كثّر خيرك”، مع تلويحة بعصا! سيحقد؟ نعم، لكن سيتوقف عن الإساءة، إلى حين يراك قد ضعفت؛ فإياك أن تضعف أو تدع شيئاً من ذلك يظهر على محياك.. إياك!

إذا أردت أن يحترمك فأهنه، وإلا كان العكس هو التصرف الحتمي الذي سيواجهك به وبوقاحة. وإذا أردت أن يزيد في حقده عليك فأحسن إليه و(أبشر)! إذا مشيت معه في طريق فاعلم أنه لا يفكر إلا في اللحظة التي يقفز فيها على كتفيك ليدلي رجليه من فوقهما ويمتطيك! فتجنب هذه النتيجة المخزية بأن تمتطيه وتمتطيه!

الفارسية ظاهرة اجتماعية وبائية تصيب الفارسي والمحتكين به في مجتمعه

العقدة علة تتحكم تلقائياً بتصرف المصاب بها.

والشخصية الفارسية تتحكم بها أكثر من (20) عقدة. هذا عرض مختصر يمكنكم من خلاله أن تأخذوا صورة مختصرة عن هذه الشخصية التخريبية الخطيرة. عقدة: النقص، الدخالة، الحقد، الثأر، العدوانية، الاضطهاد، التخريب، التعصب، السيد، الاستخذاء، الشك، الغدر، الخداع، الكـذب، اللؤم (نكران الجميل)، التحلل، الاستعراض، الصفاقة، الذنب تأليه الحاكم، الخرافية.

وأنت مبتلى بجار محكوم بهذه الشبكة المتشابكة من العُقد، يتصرف بحكم الدافعية اللاواعية لحاصل التفاعل الجمعي لكل هذه التشكيلة العقدوية الغريبة: نوعاً وكمّاً!!! هل تخيلت الوضع على حقيقته؟ أم حالتك المرضية ما زالت في حاجة إلى مزيد من الصفعات على قفاك؟!

وحين يكون منشأ التصرف الشاذ علة أو عقدة نفسية لا فكرة أو تصوراً خاطئاً فحسب، لا يمكن، والحالة هذه، معالجتها بالبيان والتثقيف وحده – كما هو شائع بين الجمهور الصائع المائع: عامة ونخبة – دون الذهاب إلى هناك.. إلى دائرة النفس وعزل العقدة عن نسيجها المحيط، كما يعزل الجراح الماهر غدة السرطان قبل انتشارها، واجتثاثها من هناك. هل عرفت الآن معنى قولي: “مشكلة العرب مع الفرس ضعف معرفتهم بهم”؟

العدوانية إحدى مكونات الشخصية الفارسية

العدوانية أو عقدة الاعتداء إحدى مكونات الشخصية الفارسية. والاعتداء عند الفارسي يصدر عن سابق قصد وخطة مدروسة. وقد لا يتورع عن التصريح به لشدة انسجامه معه! خذ مثالاً هذا المقطع من خطاب قائد قوات الحرس محسن رضائي في المؤتمر الوطني للطلاب في 3/11/1985، ونشرته صحيفة كيهان الإيرانية الرسمية: “في كثير من المواقع نحن نعمل هذه الأيام من خلال الإرهاب بدلاً من النهج الثوري والثقافة السياسية. لقد نشرنا إرهاباً مكننا من التحكم في المعارضين. وإذا ما رفع هذا الإرهاب فإنهم سيستعيدون حيويتهم، ويبدأون في تهديدنا. ويجب أن نلتمس الأسباب لرد الفعل هذا، وأن نقرر الحلول. يجب أن نعرف كيف نبني دولة إسلامية”!

حقل (الدرة) والدمَّلة الفارسية

أقول لمن تصور أنني سأقدم تحليلاً سياسياً أو رأياً قانونياً عن مشكلة حقل (الدرة): لَلأسف لقد أخطأتَ التصور! إن أكثر ما يهمني من الحدث دلالته. بتعبير أعمق وأبلغ: استخلاص الفكرة الثابتة من الحدث المتحرك هي مدار اهتمامي.. منهج قرآني لا تخطئه العين، هذا الذي أقول. فاسمع مني:

الفارسي لا يكون إلا عدائياً.

لقد ترسخت الصفة عبر آلاف السنين. صارت لازماً من لوازم وجود الموصوف. قد يسالمك مضطراً، متملقاً وإن اقتضت (آداب التملق) أن يقبل يدك. وإن شئت نزل أكثر. متراجعاً خطوتين إلى الوراء وقد انحنى مطبقاً كفيه إلى بعضهما أمام صدره قائلاً: “آجا باجا”. أرجو أن لا تكون فضولياً فتسألني: ما معنى “آجا باجا”؟ ليس لذلك أية أهمية؛ دع عنك غير المهم إذن، وانشغل بما يهمك.

لم يتعود الفارسي على أن يضغط على أعصابه طوال أربعة شهور ليحافظ على أن يعيش مسالماً دون عدوان، أو محاولة على الأقل! ولماذا يصبر مخالفاً طبيعته؟ كيف لفأر أن يشم رائحة جبنة بالقرب ثم يضبط أعصابه على غير ما ضُبطت عليه؟ لمَ يرهق نفسه؟ أَمِنْ أجل معاهدة ضمنتها الصين؟ “طز بالصين، وضمان الصين”!

نحن العراقيين يخبرنا تاريخنا أنه منذ آلاف السنين لم تمر فترة (15) سنة دون أن يحصل فيها اعتداء فارسي علينا عبر الحدود. أتريدون دليلاً من التاريخ؟ ما تفعلون به ولدينا هذا الواقع؟! عينٌ تنظر وأذنٌ تسمع ولسان ينطق وقلم يكتب بمداد من دم ودمـ ع!

أم لم أنبئك من قبل أنه: “من أراد أن يعرف الواقع فليقرأ التاريخ، ومن أن أراد أن يعرف التاريخ فليقرأ الواقع”؟

ملاحظة/

حقل الدرة النفطي هو حقل غاز ونفط يقع في المنطقة المغمورة المشتركة بين المملكة العربية السعودية والكويت. تم اكتشافه في عام 1967. تزعم إيران أن لها حقاً فيه. وبسبب ذلك صار هذا الحقل أحد الأسباب المضافة التي تتخذها إيران سُلَّماً للنزاع وإثارة المشاكل.

10/7/2023

اظهر المزيد

‫15 تعليقات

  1. طالما وجد من يشرح حقيقة الشخصية الفارسية ويشخص عللها بجميع ابعادها
    سابقا وحاضرا – وحضرتك مثال خبير وحاضر
    ماسبب التغاضي وعدم الاحتياط من هذا الخطر المتجذر والمتجدد!! من قبل صناع القرار واصحاب النفوذ في البلدان المجاورة والمتضررة تاريخيا وحاضرا !!
    صلى الله على القائل: لايلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين

  2. جزاك الله خيرا شيخنا
    كل ما ذكرته صحيح و واقعي ومن يقول غير ذلك فهو نسخه فارسية متأصله بها عقد التبعية للفرس وهم كثر في وقتنا الحالي بالاخص العراق لانه دولة اخترقت دينيا و اجتماعيا و ثقافيا و علميا و ايران تستغل اي حدث بين الدول فهي طبعها الخبث والتخريب ،اليد الفارسية جذورها منغمسة في قلب العراق متى ما شائت تضعفه و تستثمر الحدث لها .

  3. الفرس لا عهد لهم ولاميثاق ولاصديق من جميع النواحي هذا حالهم منذ القدم الغدر والمكر مبدأهم.
    الفرس أعداء الإسلام والمسلمين والعرب أجمعين
    الدكتور حفظه الله أعطى الصورة الواضحة
    لمعرفة الفرس وأدوارهم الخبيثة

  4. جزاك الله خير دكتور مقالة قيمة
    كما قال سيدنا عمر ابن الخطاب (رضى الله عنه)
    (احذروا الفرس انهم غدرة مكرة) صدق سيدناعمر

  5. انا اعتقد جازمآ ان الدكتور طه هو الوحيد على مر التاريخ الذي حلل الشخصية الفارسية بعد دخل إلى أعماق هذا الجسد المتعفن بالاحقاد وكل اسباب الفساد ليستخرج انا عصارة فكره وسنين جهده وخبرته المتراكمة في الطب ليضع كل آليات الجراحة التشخيصية لشخصية معقدة لايمكن أن تعرف لها علاج الا بالكي او الجلد المستمر دون الإحسان إليها لأنها تعتبره من مدافع الضعف فتتجبر

  6. ما أجمل هذا المقال، وما أجمل الصياغات الأدبية الفريدة واللمسة الإبداعية الجديدة.
    لو توقف القارئ عند اللألفاظ والعبارات ( الرشد والكهولة)، كل ذلك لينتج لنا الحكمة .وأي حكمة يا أهل السنة؛؛؛؛ حكمة لعلاج مرض عضال ينهش بالأمة ما يقرب من 2500 عام..
    كم أنت حكيم يا دكتور حفظك الله…..
    أنظر أخي القارئ وتوقف هنيئة عند عتبات الحكم من رجل حكيم بل وخبير بالفرس. ( الشخصية الفارسية شخصية استثنائية، فهي شحيحة في الخير، خصبة في الشر. ذات حيلة وقدرة على التمويه بحيث كلما غصت فيها وجدت نفسك ما زلت في درجة من درجات السطح التي لا حدود لها أيضاً!)
    بل والله هذا المقال كله حكم تكتب بماء الذهب .

  7. ((العقدة علة تتحكم تلقائياً بتصرف المصاب بها))

    ولهذا لا تطالب الشيعي ان ينضم الى صفوفك وهو يحمل عُقده قبل ان تفكك هذه العقد و تخلصه منها والا نقل هذه العقد الى صفوفك واصبحت محتاج الى من يخلصك منها.

  8. مقال نافعة وتشخيص دقيق لقد دخل الفرس الإسلام وفي طباعهم هذه الأخلاق ، واستمر وهم عليها. وكذلك بقية الأخلاق والخصائص والصفات: الحقد الأسود، الرغبة بالانتقام، التعصب، التعالي والاستكبار، الشك، الخداع، الصفاقة والوقاحة، نكران الجميل، العدوانية، الكذب والنفاقية، الشعور العميق بالمظلومية، العقلية الخرافة الى آخره من العقد والاخلاق التى ذكرها الدكتور. كيف يمكن اقتلاع هذه الخصال من طبيعة شعب راسخة فيه منذ آلاف السنين؟! لا يتصور ذلك ممكناً إلا من خانته الرؤية العلمية للموضوع. نعم ربما خفف الدين من غلواء هذه السجايا عند بعض الأفراد، أو انمحت منهم تماماً فحملوا الرسالة بصدق وإخلاص ومودة ووفاء، أما على المستوى الجمعي للمجتمع فواهم جداً من تصور أن هذه الأخلاق قد زالت من طبيعة الشعب الفارسي. إن طبائع الشعوب تبقى عصية على التغيير إلا بنسب ضئيلة غير مؤثرة. إلا إذا افترضنا أن الشعب المعين تهيأت له مؤثرات وحواضن خاصة واستمرت عصراً طويلاً، وكان الشعب سهلاً قابلاً للتغير. وهذا ما لم يحصل لبلاد فارس. ومع الأسف فالعكس هو الحاصل بالنسبة للفرس حتى أعْدَوا غيرهم من الشعوب التي عايشتهم واختلطت بهم، فكانوا ناقلين لجراثيم المرض بدلاً من أن يتعافوا هم منها.

  9. الحكمة تقول: لا تتواضع أمام المتكبرين، ولا تتكبر أمام المتواضعين، والشخصية الفارسية شخصية متغطرسة متكبرة لذا وجب أن نعاملها بتكبر واحتقار كي يصير إلى حجمه صاغراً وكالصغار!
    وخير من عرفنا بهذه الشخصية هو شيخنا الفاضل الدكتور طه الدليمي ومن خلال كتاباته ومحاضراته التي شرَّحت هذه الشخصية.

  10. يبدو ان الفرس رغم وضع نفط العراق وموارده الاقتصادية في الخزينة الايرانية الا ان اقتصادهم متهاوي ويبحثون عن مورد جديد ،حقل الدرة سبب ممتاز لتنفيس عن العقد الفارسية والعدوانية اتجاه العرب وحجة لكسب موارد جديدة ، ما الذي ينتظره العرب حتى يفقهوا ويفهموا الحقد الفارسي اكثر ودول العربية ساحة لأرهابهم وخرابهم

  11. بالفعل والله اختراق الفرس لأهل السنة والجماعة بسبب معرفتهم بنا لكن في الجهة الماقبلة فنحن نفتقد كثيراً لمعرفة الفرس وخبثهم ومكرهم فأهل السنة يغلب عليهم طابع الابوة والتسامح وتنقصنا الحيلة والمكر فترى اهل السنة ورعين جداً ويتعامل مع الخبث الفارسي او ( الشيعي ) كما يتعامل مع ابناء جلدته السنة فترانا على مدار ال١٠٠ سنة المنصرمة وما قبلها الغلبة للفرس على اهل السنة والجماعة بالحيلة والمكر .. فمواردنا الارضية والبشرية كلها مستهلكة من قبل فارس وحزبهم ولا يكاد يذكر ما نجنيه من خيراتنا نحارب بالنيابة عنهم

    وفقك الله شيخنا ونفعنا من علمك وزادك .

  12. منذ أيام وأنا أشاهد ردّات الفعل على المزاعم الإيرانية ول حقل الدرة .. وأرى تحليلات توضح بالتفصيل أحقية السعودية والكويت وأن الادعاءات الإيرانية لا تستند على حقائق؛ حتى جاء هذا المقال.
    يحق لكل منتمي للفكر السني أن يفخر بها الانتماء ويشكر الله عل نعمة الهداية.
    مشكلة المشاكل في النظرة العربية الطيبة حد السذاجة لأي تصرف ودي من جارة السوء إيران، بحيث ننسى سريعا كل ما سبق من تجاوزات وتعديات ونتعامل معها بوديّة عالية حد أن يقال لهم في أحد المناسبات (هذا بلدكم اذا كنتم بحاجة إلى أي شيء في السعودية، فأنتم مرحب بكم … إيران والسعودية، إخوة) غافلين عن حقيقة الفارسي الذي يرى كل ود منك ضعف ويتعامل معك على هذا الأساس!!!
    صدقت يا دكتور :مشكلة العرب مع الفرس ضعف معرفتهم بهم!
    لذا لا بد من تحصين الجمهور السني في المشرق العربي على جميع الصعد السياسية والاجتماعية والفكرية والثقافية …
    فالاهتمام بهذا الجانب هو أولى الأولويات وواجب الوقت الذي علينا الاهتمام بترسيخه

  13. (الشخصية الفارسية شحيحة في الخير. خصبة بالشر) عبارة تختصر لنا سنيين من التجارب وكتب ومجلدات كثيرة لفهم الشخصيه الفارسية.
    بمثل هذه المقالات نفهم الفرس وطرق تفكيرهم وكيفية التعامل معهم للوصول إلى النضوج في التعامل مع مثل هذه الشخصية المريضة.

  14. مقالة اجتمعت فيها روعة التحليل مع البلاغة الادبية وجزالة الالفاظ????????????
    وفعلًا أبتلينا بالجار السوء و المليء بالعقد المتشابكة ،
    والله المستعان
    جزاك الله خير يادكتور

  15. روعه في بيان العقد عند الفرس
    وتحليل الشخصيه الفارسيه
    إذا أردت أن يحترمك فأهنه، وإلا كان العكس هو التصرف الحتمي الذي سيواجهك به وبوقاحة.

اترك رداً على شمعة إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى