مقالاتمقالات أخرى

لا يحبك إلا مؤمن!

أ. صالح السهيل

سئلت عن حديث علي رضي الله عنه في ذلك، فأقول :

روى أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والبزار وغيرهم من طرق عن الأعمش، عن عدي بن ثابت، عن زر، قال: قال علي:

والذي فلق الحبة وبرأ النسمة! إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي “أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق”.

وهذا أحسن إسناد يروى للحديث عن علي، كما قال البزار، وفيه علتان:

الأولى: عنعنة الأعمش، وهو مدلس، مما يدل على عدم سماعه الحديث مباشرة من عدي بن ثابت، وصفه بالتدليس الكرابيسي والنسائي والدارقطني، والتساهل مع عنعنته طريقة رخوة ترقيعية، مخالفة لمذهب المحققين، كالشافعي والخطيب، فيمن يدلس مرة واحدة فأكثر.

قال الشافعي: (من عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته في روايته، وليست تلك العورة بالكذب فنرد بها حديثه، ولا النصيحة في الصدق فنقبل منه ما قبلنا من أهل النصيحة في الصدق، فقلنا: لا نقبل من مدلس حديثاً حتى يقول فيه: حدثني أو سمعت).

وقال الخطيب: (فإن قيل: لم إذا عُرف تدليسه في بعض حديثه وجب حمل جميع حديثه على ذلك، مع جواز أن لا يكون كذلك؟ قلنا: لأن تدليسه الذي بان لنا صيّر ذلك هو الظاهر من حاله، كما ان من عرف بالكذب في حديث واحد صار الكذب هو الظاهر من حاله، وسقط العمل بجميع أحاديثه مع جواز كونه صادقا في بعضها، فكذلك حال من عرف بالتدليس ولو بحديث واحد).

وليس لمن يقبل عنعنة المدلس الذي خُرج له في الصحيح حجة إلا تحسين الظن! كما قال المزي! ومتى كان تحسين الظن حجة في الدين؟

الثانية: عدي بن ثابت، وثقه جماعة إلا أنه كان مفرطاً في التشيع، وقال الطبري مع تساهله مع الشيعة: يجب التثبت في نقله، وقال شعبة: كان من الرفاعين، وهذا جرح مفسر يدل على رفعه الموقوفات.

وقد قال ابن حجر في هدي الساري: (ما أخرج له في الصحيح شيء مما يقوي بدعته)! فيلزم رد ما يرويه مما يقوي بدعته كهذا الحديث الذي يجعل فيه علياً ركناً سابعاً للإيمان.

اما تأول ابن حجر لهذا الحديث في التهذيب بأنه مقيد بسبب، وهو نصرة علي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم، فهو تقييد لا يدل عليه ظاهر الحديث.

أما قياس هذا الحديث على حديث (لا يحب الأنصار إلا مؤمن) فقياس مع الفارق، لأن ذلك الحديث ليس فيه تحديد شخص معين من الأنصار، ثم إن ذلك فيه بيان للوصف المنوط به الإيمان أو النفاق، وهو المحبة أو البغض لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم، بخلاف هذا الحديث الذي اناط الإيمان أو النفاق بحب علي رضي الله عنه ذاته أو بغضه.

واعلم ان هذا الحديث ركبت له أسانيد أخرى، كغيره من أحاديث الفضائل، وأكثر من تتبعها أبو نعيم وابن عساكر، وكلها أسانيد تالفة لا يغترّ بكثرتها محقق.

فمنها ما رواه ابن عساكر وأبو نعيم من رواية شعبة عن عدي بن ثابت به، وقد أعلها أبو حاتم في العلل فقال: (وقد روى عن الأعمش الخلق، والحديث معروف بالأعمش، ومن حديث شعبة غلط، ولو كان هذا الحديث عند شعبة؛ كان أول ما يسأل عن هذا الحديث ).

ومنها ما رواه أحمد من طريق  مساور الحميري، عن أمه، قالت: سمعت أم سلمة، تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: ” لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق.

ومساور هذا مجهول هو وأمه، وترجمته في التهذيب.

ومنها ما رواه أبو يعلى من طريق النضر بن حميد الكوفى، عن أبى الجارود، عن الحارث الهمدانى، قال: رأيت عليا جاء حتى صعد، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: قضاء قضاه الله على لسان نبيكم – صلى الله عليه وسلم – النبي الأمى: أنه لا يحبنى إلا مؤمن، ولا يبغضنى إلا منافق، وقد خاب من افترى.

والنضر وأبو الجارود متروكان، والحارث ضعيف.

وزعم أبو نعيم أنه روى هذا الحديث عن عدي بن ثابت خمسة عشر راوياً من أعلام الكوفة! لكنه لم يسند ذلك إلا عن اثنين! ويرد عليه كلام أبي حاتم، ولو صح ما زعمه لبقيت الآفة من عدي بن ثابت.

ويكفي في رد هذا الحديث مناقضته للواقع طرداً وعكسا، فكم من كافر  يحب علياً رضي الله عنه لصفاته الحسنة أو لمغالاته فيه! وقد صنف في تمجيد علي رضي الله عنه النصراني جورج جرداق كتاب (الإمام علي صوت العدالة الإنسانية)، ونظم الشاعر عبد المسيح الأنطاكي الملحمة العلوية في مديح علي رضي الله عنه، فهل صارا مؤمنَين بذلك؟

وأحب علياً النصيرية والقرامطة وغلاة الشيعة والمؤلهة، فهل صاروا مؤمنين بذلك؟

وكذلك أبغض علياً جماعات من أهل الشام والبصرة بسبب حزنهم على أقاربهم الذين قتلوا في معارك صفين والجمل، فهل صاروا منافقين بذلك؟

اظهر المزيد

‫6 تعليقات

  1. بورك القلم استاذ صالح .. وبوركت الاقلام التي تنفض عن تراثنا اللوثات بأشكالها خصوصاً الشيعية الفارسية!
    وهل يشك احد! بأن تراثنا مخترق من الشيعة بعد هذه الاحاديث الطوام! والله هذا ليس حديث نبي بل هذا حديث شيطان! وهل يقرن الايمان بعد رسول الله بحب شخص او بغضه! لا يقاس الايمان والنفاق بحب شخص او بغضه الا رسول الله، اما صحابته فعليهم الرضوان والرحمة ولهم الاحترام والتقدير.. لا يقاس على احدهم نفاق او ايمان ولا يكون احدهم قسيماً للنار او الجنة! هذه صفات خاصة بالنبي صاحب الرسالة.

  2. وبالضرورة من دين الإسلام نعلم أن محمداً رسول الله أفضل من عليٍّ بلا شك، وقد أحبه كثيرون وهم على الكفر، فعم رسول الله أحبه ونصره ودافع عنه ومات على الكفر ولم يحكم له بالإيمان لمجرد محبته له.

  3. واضح من هذا الحديث التمييز عن باقي الصحابة رضي الله عنه وهذه ليست بأخلاق المسلمين ويدل على انه حديث مختلق لصالح من تصب فصالحه هذه الامور و ببيانه وشرح تفاصيله جزاك الله خيرا

  4. الواقع الذي نعيشه الان يثبت ضعف الحديث وزيفه الشيعة الان هم مشركون ومنافقون ومع ذلك يدعون حب علي ( رضي الله عنه) اضافة الى الاسناد الضعيف وغيرها

  5. ما نراه لواقعنا اليوم كل محب لعلي مبغض الله ولرسول الله
    وأصحابه ودين الإسلام بأكمله هذه الأحاديث علة من علل التشيع الفارسي تحمل قدسية لعلي خارجة عن شرع الله وما أنزل في كتابه الكريم
    : وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)

  6. هذا الحديث هو دس من المؤسسة العميقة وبهذا الحديث دخلو على السلام كي يدسو السم ادعو انهم يحبون علي كي يمارسو افكرهم لأن هذا الحديث هو مشابه لروايه التي يرونها أولا باللطف من زمان ولا مكلف أحق به من مكلف آخر وليس يجوز في حكمة الله منع بعض المكلفين اللطف، فوجب إذن كون الإمام موجودا في جميع أزمنة التكليف فلا يجوز على الله تعالى بمقتضى حكمة إخلاء زمان من أزمنة التكليف من إمام بالمعنى المذكور وذلك بخلاف النبي فإنه وإن كان لطفا إلا أن اللطف غير منحصر فيه لقيام الإمام مقامه فيما بعث له من المصالح والفوائد فلذا جاز خلو الزمان من رسول حي ولم يجز خلوه من إمام ولذا قال العلامة جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي عطر الله مرقده في بعض كتبه.
    ” الإمامة لطف عام والنبوة لطف خاص لإمكان خلو الزمان من النبي الحي بخلاف الإمام ” انتهى وللشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه في هذا المقام كلام طويل لا بأس بنقل جملة منه لما فيه من الفوائد الجليلة قال روح الله روحه ونور ضريحه: ” والفترات بين الرسل (عليهم السلام) كانت جائزة لأن الرسل مبعوثة بشرائع الملة وتجديدها ونسخ بعضها بعضا وليس الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) كذلك، ولا لهم ذلك لأنه لا ينسخ بهم شريعة ولا تجدد بهم ملة، وقد علمنا أن بين نوح وإبراهيم وبين إبراهيم وموسى وبين موسى وعيسى وبين عيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله وعليهم) أنبياء وأوصياء يكثر عددهم، وإنما كانوا مذكرين لأمر الله مستحفظين مستودعين لما جعل الله تعالى عندهم من الوصايا والكتب والعلوم، وما جاءت به الرسل عن الله عز وجل إلى أممهم، وكان لكل نبي منهم مذكر عنه ووصي ومودع استحفظ من علومه ووصاياه، فلما ختم الله عز وجل الرسالة بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يجز أن تخلو الأرض من وصي هاد مذكر يقوم بأمره ويؤدي عنه ما استودعه، حافظا لما ائتمنه عليه من دين الله عزو جل فجعل الله ذلك سببا لإمامة منسوقة منظومة متصلة لما اتصل أمر الله عز وجل لأنه لا يجوز أن تتدارس آثار الأنبياء والرسل ولذالك فردو علي عن باقي الصحابه رضي اللّه عنهم أجمعين وقدسوه وجعله مشرع بل افضل من النبي بفكارهم أذن علي المقدس هوا صنيعة المؤسسة العميقه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى