مقالات الدكتور طه الدليمي

أُزعومة سب علي رضي الله عنه على المنابر

وحديث (لماذا لا تسب أبا التراب) ؟

د. طه حامد الدليمي

ثمت أُزعومة شائعة جداً في أوساط السنة.. مُفادها أن معاوية كان يلعن علياً على منابر الجمعة في بلاد الإسلام على عهده. وردت في (تاريخ الطبري)، يسندها حديث في (صحيح مسلم) يشتمل على حوار.. سؤال يوجهه معاوية إلى سعد بن أبي وقاص:

معاوية: ما منعك أن تسب أبا التراب؟

سعد: أما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلن أسبه. لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم… (وذكر الحديث).

متن الأزعومة

قبل أن أسلط على سند هذه الأزعومة المظلم أنوار البيان، سسأتناول متنها – كما عودناكم – بمعول الحق فأهدمها على رؤوس واضعيها. إن هذا الزعم لا يتفق ومنطق الأشياء. وذلك من وجوه عديدة، أولها تناقض الفعل مع شخصية معاوية، وأمور أُخرى أجملها فيما يلي:

  1. كان معاوية رضي الله عنه أحد رجال العرب المعدودين الذين اشتهروا بالحلم والأناة وسعة الصدر وحسن السياسة. كان حلمه يسع سفهاء يتجاوزون عليه في مجلسه؛ حتى صار حلمه مضرب الأمثال! فلا يعقل أن يسع حلم معاوية عامة الناس وسفهاءهم، ويضيق بعلي وهو من هو في فضله وسبقه، فيأمر بعد ذلك بلعنه وعلى المنابر، ويأمر ولاته بذلك في سائر الأمصار والبلدان!

 هذا لعمر الله من أبعد الأمور عن طبيعتها ومنطقها.

إن هذا الفعل لا يليق إلا بنزق حقود ضيق العطن، حصر الصدر، ضعيف مكبوت ينفس عن ألمه وحقده بمثل هذه السفاسف. ولم يكن معاوية كذلك. أضف إلى ذلك ما ثبت من فضله في الدين، وسموه في الخلق، وثناء الصحابة عليه وخيار التابعين، وما شهدوا له به من الدين والعلم والفقه والعدل والحلم وسائر خصال الخير ما يتناقض وهذا الفعل.

  • إن أول ما يعني الحاكم هو السلم الاجتماعي واستقامة الأمور واستقرار الأمن وهدوء الناس؛ وسب شخصية كبيرة مثل علي، خصوصاً على المنابر، يناقض كل هذا: فهو يثير الناس، ويبعث الأحقاد، ويهيج الفتن، أفيسعى عاقل في خلخلة نظامه، وتقويض ملكه؟! والحكمة وحسن السياسة تقتضي منه العكس، لما فيه من تهدئة النفوس وتسكين الأمور. ومثل هذا لا يخفى على حاكم عادي من الحكام، فكيف بمعاوية في مثل عقله وفطنته وحدة ذكائه وبعد نظره وسعة أفقه، وهو الخبير بالملك وما يثبته وينقضه؟! لا سيما والدولة أو الأمة قد خرجت للتو من حرب أهلية دامت بضع سنين. أي نفع له في السب وهو الحاكم المطاع الذي دانت له البلاد، واجتمعت عليه قلوب العباد؟!
  • كان بين معاوية – بعد بيعة الحسن له واستقلاله بالخلافة – وبين أبناء علي وأقاربه كأبناء العباس: من الألفة والتقارب ما هو مشهور في كتب السير والتاريخ. وهم عمومته وخاصته. فلا يتصور أن يعمد عاقل إلى تخريب هذه العلائق ويهيج عليه لسبب نفسي تافه لا يجني منه غير الضرر. فكيف ينسب مثل هذا إلى مثل معاوية؟!
  •  كان الحسن والحسين كثيراً ما يفدان على معاوية في الشام ويمكثان عنده معززين مكرمين. وما من شك أنهما كانا يصليان الجمعة في مساجد العاصمة. أفيعقل أنهما يسمعان بآذانهما سب أبيهما تضج به المنابر ويسكتان على ذلك، وتستمر العلاقة مع معاوية رائقة رقراقة لا يعكر صفوها شيء؟! ثم لا يرجعان حتى توقر ركائبهما ذهباً. إن سيدنا الحسن والحسين رضي الله عنهما أكرم وأجل وأعز من ذلك. حقاً إن واضع هذه الروايات لا يتصور ما يقول!
  • إن قبول هذه الرواية يستلزم الطعن بالصحابة رضي الله عنهم من حيث إنهم يشهدون هذا الزور دون نكير منهم أو سعي لتغيير. وهذا يعني أنهم قد مالأوا الحاكم على الظلم والبغي، واتفقوا على الضلال! ومن له أدنى اطلاع على أخلاق الصحابة يعلم أنهم بعيدون كل البعد عن مثل هذا الخلق، ولا يرضخون لضيم أو يسكتون عن ظلم. وهم يعلمون إرشاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهيه عن سب المسلم فضلاً عن لعنه، وعلى المنابر! وهو القائل: (سباب المسلم فسوق). والقائل: (لعن المؤمن كقتله)([1]). وغيره من الأحاديث التي تزجر عن هذه الفعلة القبيحة، والتي يتورع عنها عوام الناس لعلمهم بحرمة دم المسلم وعرضه، فما بالك بالصحابة الكرام ومن شهد بدر و بيعة الرضوان؟! والله قد نزههم عن هذا وأمثاله في مئات الآيات منها قوله جل وعلا في معرض ذكر صفات عباده: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) (الفرقان:72). ومن أولى من الصحابة بهذا الوصف؟ كما أن تلك الأحدوثة تعني أن خيرة الأمة تلعن خيرة رجالها. فمعاوية رضي الله عنه حكم في زمن الصحابة والتابعين، والدولة الأموية في المشرق لم يتجاوز زمنها فترة القرون الثلاثة المفضلة. أفيعقل أن خيرة الأمة يلعنون خيرة رجالها؟
  • في رواية الطبري أن علياً كان يلعن في قنوته معاوية وأصحابه، وأن معاوية إذا قنت لعن علياً وأصحابه. وهذا يناقض أيضاً المعلوم من أخلاق علي رضي الله عنه ونهيه عن السب والشتم. لكن يلزم من يحتج بهذه الحكاية الباطلة على ذم معاوية أن يقول مثل ذلك في علي. بل ما هو أشد؛ لأن الرواية تذكر أن علياً كان هو البادئ باللعن والسب، ومعاوية إنما تكلم باللعن رداً عليه! والله يقول: (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) (الشورى:41). فإن اعتُذر لعلي فليُعتذر لمعاوية. فإذا انتقض ثبوت لعن علي لمعاوية انتقض معه ثبوت العكس، وهو لعن معاوية لعلي؛ إذ الأمران وردا في رواية واحدة لم تثبت. لكن أهل البدع والزيغ والجهل يتمسكون بما يتوافق وأهواءهم، ويعرضون عما يعارضها. فيتناسون أن علياً – طبقاً للرواية – كان يلعن معاوية وعمرو بن العاص وغيرهم! ويتباكون على أن معاوية كان يلعن علياً وغيره. فلماذا يذكرون لعناً، ويبلعون مثله؟! على أنه في كل الأحوال ليس في الرواية ما يفيد أن اللعن على المنابر. فمن أين جاءت هذه الأسطورة؟

وهناك أمور أخرى تعارض الدعوى أعرضت عنها لعدم الإطالة.

رواية اللعن على المنابر موضوعة لا تثبت

إن موضوعنا الذي نحن بصدده فيه مسألتان:

الأولى: أن علياً رضي الله عنه كان يُلعن على أعواد منابر الأموين حتى مجيء عمر بن عبد العزيز.

والثانية: أن سباً وشتماً أو لعناً حصل هنا أو هناك.

سند الأزعومة

ذكر هذه القصة الطبري في تاريخه (5/71) من طريق أبي مخنف عند ذكر قصة التحكيم. قال: (كان – أي علي – إذا صلى الغداة يقنت فيقول: اللهم العن معاوية وعمراً وأبا الأعور السلمي وحبيباً وعبد الرحمن بن خالد والضحاك بن قيس والوليد  فبلغ ذلك معاوية، فكان إذا قنت لعن علياً وابن عباس والأشتر وحسناً وحسيناً)!

والطبري لم يشترط لروايات كتابه الصحة وقد صرح بذلك في مقدمته، وأحال الناقل على السند. وسند الرواية يكفي لسقوطه أن فيه أبا مخنف لوطاً بن يحيى، وهو كذاب متروك الحديث وإخباري تالف لا يوثق به وعامة روايته عن الضعفاء والهلكى والمجاهيل. راجع (الميزان:3/419). ولهذا قال ابن كثير بعد ذكر الرواية (البداية والنهاية:7/284): ولا يصح هذا.

وعن الطبري تداوَلَ هذه الحكاية بعض المؤرخين. ثم تفنن من جاء بعدهم من مؤرخي الشيعة وغيرهم من الفرق الضالة أعداء الصحابة؛ كالمعتزلة والخوارج في حبك هذه الأكذوبة والزيادة عليها، وأنها استمرت يُعمل بها عشرات السنين على منابر المسلمين دون أن ينكرها أحد! إلى أن جاء عمر بن عبدالعزيز فأبطلها.

وروى ما يشبهها ابن سعد قال: أخبرنا علي بن محمد، عن لوط بن يحيى، قال: (كان الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبد العزيز يشتمون رجلاً رضي الله عنه، فلما ولي هو أمسك عن ذلك). فهذا الأثر تالف؛ فعلي بن محمد هو المدائني قال عنه أبو أحمد بن عدي الجرجاني (الكامل في الضعفاء:6/363): أبو الحسن المدائني مولى عبد الرحمن بن سمرة: ليس بالقوي في الحديث.إ.هـ. والموالي مولعون برواية مثل هذه الحكايات. وشيخه لوط بن يحيى كذاب تالف كما مر بنا.

مع رواية الإمام مسلم

روى الإمام مسلم بسنده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه سعد رضي الله عنه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسب أبا التراب؟ فقال: أما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله e فلن أسبه. لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم… (وذكر الحديث). وهذا أقوى نص ورد في ذلك. وثمت روايات لهذه المحاورة بألفاظ أخرى، رواها ابن ماجه وغيره، لا تثبت لانقطاعها ومجيئها عن طريق ضعفاء.

لقد تأول العلماء تلك الزيادة كالنووي والقرطبي. قال القرطبي (المفهم:20/30): “قوله لسعد بن أبي وقاص: ما يمنعك أن تسب أبا التراب؟ وهذا ليس بتصريح بالشيء؛ وإنَّما هو سؤال عن سبب امتناعه ليستخرج ما عنده من ذلك، أو من نقيضه، كما قد ظهر من جوابه، ولما سمع ذلك معاوية سكت وأذعن وعرف الحق لمستحقه”.

وفي رأيي أن هذا التأويل ضعيف ولا موجب له سوى التردد عن تضعيف رواية في (صحيح مسلم)، وإن توفرت أسباب ضعفها. وإذا كانت الرواية ضعيفة سنداً ومتناً فلا داعي لخوض سبيل التأويل معها. ثم..

  1. إن الرواية خارجة عن موضوع اللعن على المنابر، فضلاً عن استمرار هذه الخطيئة أربعين سنة من بعده.
  2. إن زيادة قول معاوية لسعد: “ما منعك أن تسب علياً” زيادة معلولة. وإن الصحيح ما رواه الإمام مسلم نفسه بسنده عن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، قال: قال رسول الله e لعلي: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)، دون تلك الزيادة.

إن زيادة قول معاوية لسعد: “ما منعك أن تسب علياً” زيادة غريبة شاذة بل منكرة معلولة الإسناد. والعلة في بكير بن مسمار. وهو ضعيف خالف فيها الثقات.

ضعفه البخاري، وترجم له العقيلي في (الضعفاء). وقال (الضعفاء الكبير، 1/150): بكير بن مسمار أخو مهاجر بن مسمار حدثني آدم بن موسى قال: سمعت البخاري يقول: بكير بن مسمار أخو مهاجر مولى سعد بن أبي وقاص، المدني، روى عنه أبو بكر الحنفي. قال البخاري: في حديثه بعض النظر.إ.هـ.

والحديث أصله الذي رواه الثقات عن سعد بن أبي وقاص مرفوعاً: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي)، ليس فيه هذه الزيادة: “ما منعك أن تسب علياً”، التي رواها بكير بن مسمار عن عامر بن سعد. لكن مسلماً يرويها عن عامر بن سعد نفسه، وذلك تحديثاً عن أربعة من شيوخه الثقات (وهم يحيى بن يحيى التميمي وأبو جعفر محمد بن الصبّاح وعبيد الله القواريري وسريج بن يونس، كلهم عن يوسف بن الماجشون (واللفظ لابن الصبّاح) حدثنا محمد بن المنكدر عن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، قال: قال رسول الله e لعلي: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي).

قال د. محمد طاهر البرزنجي([2]): أي إن بكير بن مسمار وسعيد بن المسيب كلاهما رويا الحديث عن عامر بن سعد عن أبيه سعد، وليس في رواية سعيد بن المسيب هذه الزيادة. ومما لا شك فيه أن سعيد بن المسيب أحفظ وأثبت عشرات المرات من بكير بن مسمار. والجمع من الرواة الثقات هم أولى بالحفظ من الثقة الفرد، فما بالك لو كان هذا الفرد (بكير بن مسمار) ضعيفاً، بينما من خالفه أحفظ وأكثر عدداً. إ.هـ.

كما ورد الحديث في (صحيح مسلم) دون زيادة مسمار عن طريقين نظيفين هما:

2. الحكم، عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه… .

3. شعبة، عن سعد بن إبراهيم، سمعت إبراهيم بن سعد، عن أبيه… .

  وبهذا يظهر قطعاً أن هذه الزيادة منكرة، استخرجها مسمار من كيسه. ولا يفوتنك أن مسمار مولى، وتفوح من زيادته، مع زيادات أُخر في الرواية، رائحة التشيع. وكثير من الطوامِّ إنما دخلت علينا من الموالي!

علماً أن مسمار ليس من رجال مسلم، وإنما ذكره مسلم استشهاداً لفائدة يقتضيها السياق، لا احتجاجاً. قال د. البرزنجي (في بحثه السابق): “ولم يستشهد مسلم ببكير بن مسمار إلا في موضعين من (الصحيح)؛ فهو ليس على شرط مسلم. ولم يعتمد عليه مسلم في مواضع الاحتجاج، وإنما ذكره في محل الاستشهاد؛ لفائدة استدعته؛ لذلك أخرج مسلم نفسه الحديث من طرق أخرى متعددة أصح إسناداً بكثير من هذا الاسناد ومن طريق رواة ثقات يحتج بهم مسلم كل الاحتجاج دون ذكر هذه الزيادة”. إ.هـ.

والفائدة التي من أجلها ذكر الإمام مسلم الزيادة المروية عن مسمار هي التنبيه على ضعفها؛ ولهذا جاءت الرواية عنه مقرونة بالإسناد المتعدد عن أولئك الثقات مجرداً عن زيادة مسمار.

ضعف رواية ابن ماجه

وضعف د. البرزنجي رواية ابن ماجه في (سننه): حدثنا علي بن محمد، حدثنا أبو معاوية، حدثنا موسى بن مسلم، عن ابن سابط – وهو عبد الرحمن – عن سعد بن أبي وقاص، قال: (قدم معاوية في بعض حجاته، فدخل عليه سعد، فذكروا علياً فنال منه، فغضب سعد). قال البرزنجي: وعلتها علي بن محمد، وفيه ضعف. وعبد الرحمن بن سابط ثقة لكنه كثير الإرسال. وقد حكم أئمة الحديث كالحافظ ابن معين وأبي زرعة والذهبي (تقريب التقريب ترجمة 3867) بأنه لم يسمع من سعد بن أبي وقاص؛ فالرواية غير صحيحة؛ لانقطاعها، ولتلك العلل.

رجل من آل مروان                            

هناك رواية فيها أن رجلاً من بني مروان أمر غيره شتم علياً t أو لعنه. روى مسلم قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز يعني ابن أبي حازم، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد. قال: استعمل على المدينة رجل من آل مروان. قال فدعا سهل بن سعد. فأمره أن يشتم علياً. قال فأبى سهل. فقال له: أما إذا أبيت فقل: لعن الله أبا التراب. فقال سهل: ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي التراب. وإن كان ليفرح إذا دعي بها…. إلخ.

فالرواية فيها ذكر (رجل من آل مروان)، ومعاوية من آل أبي سفيان. فهو معاوية بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد مناف. أما مروان فهو ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد مناف. فانظر كم بينهما من أب؟!

وفي السند عبد العزيز بن أبي حازم (سلمة بن دينار)، وتوثيق العلماء له من ناحية رواية الحديث فيه لين. وإنما هو موثق من حيث الفقه. ففي (تهذيب الكمال:18/123): أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ: لم يكن يعرف بطلب الحديث إلا كتب أبيه فإنهم يقولون: إنه سمعها. وكان يتفقه لم يكن بالمدينة بعد مالك أفقه منه. ويُقال: إن كتب سُلَيْمان بن بلال وقعت إليه ولم يسمعها. وقد روى عن أقوام لم يكن يعرف أنه سمع منهم. يحيى بْن مَعِين: ثقة صدوق ليس به بأس. النَّسَائي: ليس به بأس. وَقَال في موضع آخر: ثقة.

ولأجل كلام الإمام أحمد السابق ذكره أبو جعفر العقيلي في (الضعفاء كبير:3/10) وأورد زيادة عن أحمد بعد قوله: “إن كتب سليمان بن بلال صارت إليه” هي: “قلت له: وكان يدلسها؟ قال: ما أدري أخبرك. حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا عمرو بن علي قال: ما رأيت عبد الرحمن بن مهدي حدث عن ابن أبي حازم بحديث.إ.هـ.

وعبد العزيز هذا مولى لبني مخزوم، ورواية الموالي مثل هذه الأمور مشكوك فيها وإن كانوا ثقاة.

على أنه ليس في الخبر ذكر لموضوع السب على المنابر. وبهذا يتبين فيما لا مجال فيه لشك أن أزعومة سب علي رضي الله عنه على المنابر لا أساس لها من الصحة.


[1]– روى الحديث الأول البخاري ومسلم. وروى الثاني مسلم في (الصحيح) والبخاري في (الأدب).

[2]. في بحث بعنوان (حقيقة معاوية رضي الله عنه) على الرابط:

 http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=266680

اظهر المزيد

‫2 تعليقات

  1. سلمت يمينك دكتورنا الغالي مشتاقين لوجودك بيننا حفظك الله وسلمَّ قلبك من كل سوء.بعدما علمتنا القراءه وتتبع الاحداث رجعنا الى بداية الطريق فوجدنا ان معاويه والصحابه كانوا يُسَبون على منابر حمراء الكوفة اما سب علي فكذبه تنطلي على السفهاء.

  2. السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.. يا دكتور ليتك ذكرت قصة معاوية مع الاحنف بن قيس ، وكيف تصرف معاوية معه في حكمة عندما اغضبه في مجلسه ……بعد عام الجماعة وتنازل الحسن بن علي رضي الله عنه، اجتمع المسلمون على خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وكان الأحنف من أنصار الإمام علي بن أبي طالب، فلمّا التقيا كلّمه معاوية معاتبًا فقال:
    (والله يا أخنف ما تمثّلت “يوم صفين” وتذكّرت انحيازك عنّا، ووقوفك إلى جانب علي بن أبي طالب، إلا كانت حزازة في قلبي إلى أنْ أموت)، فردّ الاحنف ردّا قويًّا شديدًا:

    (والله يا معاوية إنّ القلوب التي أبغضناك بها ما تزال بين جوانحنا، وإنّ السيوف التي قاتلناك بها ما فتأتْ في أيدينا، وإنْ تدنو من الحرب فترًا ندنو منها شبرًا، وإنْ تمشي إليها مشيًا نمضي إليها هرولة، والله ما حملتنا إليك رغبة في عطائك أو رهبة في جفائك، وإنما جئناك لرأب الصدع ولمّ الشمل وجمع كلمة المسلمين).

    كانت أم الحكم أخت معاوية تستمع من خلف حجاب، فأزاحت الستار فرأت رجلًا: (قصير القامة، ضئيل الجسم، أصلع الراس، متراكب الأسنان، مائل الذقن، نخسف العينين، رجلاه معوجّتين، ليس في إنسان عيب إلا وله منه نصيب)، فتعجّبت وسألت معاوية عنه، فقال:
    (هذا الذي غضب؛ غضب له 100 ألف من بني تميم لا يدرون فيما غضب، هذا الأحنف بن قيس سيّد بني تميم)، واحد من أفذاذ العرب، ساد قومه بالحلم

اترك رداً على محمد رضا إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى