مقالات

اليوم كلام.. وغداً حســـام .. بمناسبة زيارة الرئيس الإيراني للعراق

ahmadi_najad1-650_416

الرئيس العراقي جلال يستقبل الرئيس الإيراني نجاد

رأيت على شاشات الفضائيات قبل يومين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وهو يزور (العراق). ساءني ما رأيت! وأنا أراقب المشهد، وأنظر بازدراء وامتعاظ، بل وألم!

رأيت فيه صورة عدو حاقد ماكر حضر ساحة الحرب ليدوس على أشلاء ميتة وأجساد جريحة، ويلقي ضحكة صفراء كالحة على مجاميع الأسرى المكبلين بالقيود. وهذا كل ما تبقى من عز ومجد باذخ، لطالما مرغ معطسه بالتراب!

لقد قيل الكثير عن هذه الزيارة. ونشرت بعض المواقع للزائر سجلاً عريضاً من الجرائم. أما ما يهمني أن أقوله فألخصه بهذه الكلمات:

  • لقد عملت إيران وخططت بدأب لتنتقم لكرامتها التي هدرت في (8/8/1988)، وتحقق هدفها في ما أسماه خميني بـ”تصدير الثورة”، الذي كان العراق أول وأهم هدف من أهدافه. وجندت جماهير الشيعة لهذا الهدف. وآوت قادتهم وأسست لهم أحزاباً وجيوشاً منها مجلس آل حكيم وذراعه العسكري “منظمة بدر”، وحزب الدعوة، ثم مقتدى وجيشه المهدوي. وغيرهم وغيرهم. دعك من حرسها الثوري، و”فيلق القدس” الذي ليس له من القدس غير قتل العراقيين واستغفال الفلسطينيين وجرهم لخدمتها. واستثمرت علاقتها مع الأكراد. ونسقت مع أمريكا وأحلافها. ومدت أذرعها الأخطبوطية إلى العرب، مستغلة حاجة البعض وسذاجة البعض الآخر. وها هي اليوم تحصد ثمار ما بذلت. فـ(هنيئاً) لها ولكل العاملين!

لقد جاء نجاد إلى العراق واستقبله رئيس الوزراء، ورؤساء الأحزاب والكتل الشيعية وعلى رأسهم عبد العزيز الحكيم. هذا في ظاهر الأمر. أما الحقيقة فهي أنه جاء ليرى ثمرة جهده، ويستقبله تلاميذه الذين طالما جلس معهم في إيران، وعملوا جميعاً وخططوا ليصلوا إلى ما وصلوا إليه. و.. وصلوا كما أرادوا؛ فـ(هنيئاً) لهم. من جد وجد، ومن زرع حصد، ومن سار على الدرب وصل.

والسؤال الذي ينبغي أن يطرح هنا: أليس من الواجب أن نعمل كما عملوا؟ لنصل إلى ما وصلوا، ولكن في اتجاه معاكس؟

  • الملفت للنظر أن الوضع الأمني في بغداد شهد في يوم الزيارة توقفاً كاملاً للعمليات العسكرية التي لم تهدأ منذ أن انطلقت قبل حوالي خمس سنين! وقد عبرت (قناة الشرقية) في نشراتها الإخبارية عن الوضع بقولها: (بغداد تشهد وضعاً أمنياً هو الأهدأ منذ أربع سنوات، بعدما أعطى فيلق القدس تعليماته للمليشيات بالهدوء، فالتزمت المليشيات بذلك بما فيهم تنظيم القاعدة)!

وفي هذا رسالة واضحة من إيران أنها هي المتحكم الحقيقي في شؤون العراق؛ فعلى أمريكا أن تفهم الرسالة جيداً. وختم الرئيس الإيراني زيارته بتصريحه الاستعراضي: على أمريكا أن ترحل من أرض العراق. وهو ما يصب في السياق نفسه.

كما أن توقف الجرائم الأمنية والقتل في هذا اليوم يدل دلالة واضحة على أن هذه الجرائم التي تحدث في بغداد يومياً تقوم بها هذه المليشيات، المرتبطة بإيران.

  • مما أسفرت عنه الزيارة قرض إيراني للعراق قدره مليار دولار، على أن يصرف في مشاريع تنفذ بأيدي إيرانية. الغريب أن لدى الميزانية العراقية فائض يبلغ (28) مليار دولار، لا تعرف الحكومة ماذا تفعل به؟! فعلام هذا القرض؟؟!!! وعلام تستقرض الحكومة من صندوق النقد الدولي مبالغ لا تتجاوز عدة مئات من الملايين من الدولارات (650 مليون)، تكبل بها العراق؟! ومن أول آثاره ارتفاع أسعار المحروقات أضعافاً مضاعفة، ودفع الصندوق باتجاه قطع أرزاق الفقراء ممثلة بالبطاقة التموينية. وما خفي أعظم.

والتقارير تتحدث عن سرقة إيران (الإسلامية) لنفط العراق في حقول مجنون في الجنوب بما قيمته (20) مليار دولار منذ بداية الاحتلال وإلى اليوم. وفي المقابل صدرت إلينا المخدرات والجريمة والتمزق و………(الثورة الإسلامية)! أليس من حق المصدر أن يستورد، ولو من (تحت العبا)؟!

  • مما يخفف من ألم المشهد المظاهرات العديدة التي قام بها العراقيون في الفلوجة والموصل وكركوك وديالى وبعض مناطق بغداد كأبي غريب والغزالية. اصطدمت قوات الجيش ببعضها ومنعت تصويرها. وقد رفعت لافتات تصف نجاد بالقاتل والمجرم، وتطالب إيران بالكف عن التدخل في الشأن العراقي، واستغلال الطائفية في تمزيق لحمته الاجتماعية. كما امتنعت مجالس (الصحوة) والكثير من الكتل والأحزاب السياسية والتجمعات الشعبية والعشائرية، والشخصيات المعروفة عن اللقاء بالرئيس الإيراني. وقد شكل هذا الرفض لطمة كبيرة له بحيث أمر وزير خارجيته منوشهر متكي بأن يقيل سفيره في العراق حسين كاظمي قمي لفشله في تحقيق هذه اللقاءات!

وهذا أقل ما يمكن فعله في مثل هذه الحال. فحين يعجز الإنسان عن عمل شيء مؤثر، فلا أقل من الامتناع المقابل والرفض والكلام. حتى لا نصل إلى درجة (أضعف الإيمان)، وإنما صعداً بإذن الله تعالى إلى أعلاه. وفي الختام نقول للزائر الثقيل: أيها العدو الحاقد الماكر! اليوم كلام.. وغداً حســـــام.

وإن غداً لناظره لقريب. ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء وهو العزيز الحكيم.

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى