مقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

مأزق السنة ( العرب )

د.طه حامد الدليمي

لم يحقق السنة (العرب) شيئاً مما سعوا إليه خلال ثماني السنين التي مضت بعد الاحتلال رغم كل التضحيات التي قدموها:

  • لا العراق الموحد حقيقة على أساس وطني
  • ولا النسبة الدنيا المقبولة من حقوقهم المدنية
  • ولا عادوا في وضع يستطيعون فيه المحافظة حتى على وجودهم المهدد بالتآكل والذوبان، لا سيما من قبل المكون الشيعي ومن ورائه إيران، بعد التهميش والإقصاء والمطاردة باسم (الإرهاب) والتهجير والقتل على أيدي المليشيات والقوى الأمنية الحكومية، والاعتقال، والتضييق، وذهاب العز وفقدان العزة، والإهانة وامتهان الكرامة، والمعاناة المركبة التي تتضاعف في مناطقهم مقارنة بغيرهم من المناطق الأخرى: من سوء الخدمات، والبطالة وقلة فرص العمل. وفوق كل هذا هناك حركة دؤوبة لإحكام السيطرة عليهم وخنقهم ومحاصرتهم، وتنفيذ البرنامج الممنهج لتشييع أبنائهم بشتى الوسائل، وأخطرها الوسيلة الجغرافية وتغيير الديموغرافية السكانية كما يحصل في بغداد وسامراء.

باختصار.. قطع أعناق وأرزاق، و.. وضع لا يطاق.

في مقابل هذه الصورة المأساوية البائسة:

  • عمل الشيعة على خدمة كيانهم الخاص كطائفة منفصلة – وإن سايروا التيار أحياناً بشعارات وطنية لا يؤمنون بها – وبرز هذا التوجه بوضوح بعد الاحتلال.
  • عمل الكرد على خدمة كيانهم ككرد وتقويته والمطالبة بحقوقهم على هذا الأساس.
  • بقي السنة (العرب) جامدين على النهج الوطني: شعاراً وتطبيقاً، قبل الاحتلال وبعده.

تلك هي المقدمة بكل اختصار.. فماذا كانت النتيجة؟

  • قويَ الشيعة حتى سيطروا على مقاليد البلد.
  • قويَ الكرد حتى صارت لهم حكومة وبرلمان محلي.
  • ضعُفَ أهل السنة حتى إنه ليس لهم اليوم من كيان أو جهة أو شخص يمثلهم حتى صاروا أضعف المكونات الثلاثة الرئيسة في العراق، رغم أنهم أكبر هذه المكونات حجماً، وأفضلها كفاءاتٍ، وأعرقها خبرةً ، وأوسعها امتداداً خارج الحدود (من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي).. وأكثرها غنىً وثروة!

ثم ماذا بعد …….؟

  • ( لا ) .. شيعية تستطيع ان توقف العملية السياسية برمتها
  • ( لا ) .. كردية تستطيع ان توقف العملية السياسية برمتها
  • بينما لا توجد ( لا ) .. سنية توقف العملية السياسية برمتها([1])  

و .. لماذا …….؟

لقد آن للسنة أن يسألوا أنفسهم: لماذا؟

ثم يجيبوا على هذا السؤال الجوهري بموضوعية تتخطى قيود الثقافة القديمة، وتصل إلى لب المشكلة، مهما كان مخالفاً للموروث الثقافي، والأَفكار النمطية المسبقة؟ آخذين بنظر الاعتبار أن الزمن ليس في صالحهم، وأن كل يوم يمضي يسلب معه منهم جزءاً من القوة المتناقصة والقدرة المتلاشية على المناورة.

يمكننا حصر العلة في شيئين:

  1. جمود الفكر القديم الذي أفقدهم هويتهم السنية
  2. ضعف القيادات المتقدمة

ثماني سنين مرت تعد بأربعين، وقياداتنا التي وضعتها الموجة في المقدمة ما زالت تجتر أفكار ثمانين سنة مرت قبلها! الأفكار نفسها التي أدت بالعراق إلى ما أدت إليه. كأن لديهم (فوبيا) من أي فكرة جديدة!

ألا ترون أن هذا نوع من الجنون؟ جنون مصاب به أناس في سمت عقلاء، يجيدون الحديث ويحسنون التصرف. ولا غرابة! إن كان أحد تعاريف الجنون هو (الاستمرار في فعل الشيء نفسه مع توقع نتائج مختلفة)([2]). المشكلة أن مجانين العقلاء أخطر من عقلاء المجانين. وهذا ما نحن فيه. وإن طلبتم الدليل فانظروا ماذا جنينا على أنفسنا نحن العقلاء.. العقلاء إلى حد الجنون!


[1]– مقتبسات معدلة من مقالات للأستاذ برهان الدين أحمد سالم/ مركز الدراسات الإسلامية، منشورة على موقع القادسية www.alqadisiyya3.com، كما تضمنت الصفحات التالية كثيراً من هذه المقتبسات.

[2]– إدارة الأولويات ، ص35 ، ستيفن ر. كوفى . ترجمة د. السيد المتولي حسن . مكتبة جرير . الطبعة العاشرة 2010.

اظهر المزيد

‫5 تعليقات

  1. للاسف مع عدم التغيير والركود الذي يحدث للمكون الذي ظلم نفسه و ظُلم و الذوبان في مستنقع الاخوة دون النضر بعين الاعتبار للواقع و سياطة ذات الصدع القوي للقوقعة الفكرية التقليدية بأنه لا يوجد تعايش مالم يأخذ (السُني ) موقعة الاساس وهذا فرض الواقع علينا دون اي جهد يذكر من الطائفة السنية التي ابت الا ان تمثل دور قبيح لا يليق بها والخطأ يطغى على اي خطوة لا تتفق مع واقع اليوم!!

  2. متى ما طالب سُنة العراق بحقهم القانوني والدستوري
    وستخدموا هويتهم السُنية رمزهم قبل العراقية التي تمثلهم محليا وعالميا، هنا بر امانهم وسر تكوينهم
    ونهضتهم إلى الأبد.

  3. مشكلة السُنه الحقيقيه ليست في مساحة الارض التي يملكونها ولاالثروات . هم لديهم كل المقومات لإقامة دوله وليس إقليم فقط لكنهم ضعفاء مشتتون يفتقرون الى مرجع وقياده ومشروع يجمعهم في ظله لإتخاذ خطوات حقيقيه في الطريق الصحيح يحتاجون لكسب دول سُنيه تدعمهم وتتبنى مشروعهم وتطالب به لانهم ضعفاء وإلا لو ساروا منذ البدايه في الطريق الصح كقوه عظمى داخل العراق لما احتاجوا لأحد اما الان وبعد سيطرة المترديه والنطيحه عليهم قهم يحتاجون للدعم . السُنه تأخروا كثيرا كانوا ولازالوا عالقين بإسم الوطنيه والاخوه والعراق الواحد الكبير الغير مقسم الى ان اصبحوا تابعين اذلاء ليس لهم كلمه او موقف ولااحد يحسب لهم حساب فلا كلمه تجمعهم ولاقائد رشيد يتصدرهم وكل المتصدرين صفوفهم داخل العراق للأسف عملاء وخونه ومنبطحين يبحثون عن مصالح فرديه شخصيه رضوا بالذل فأذلهم الله .

  4. بارك الله فيك شيخنا الفاضل

    نعم نحن من جهلنا هويتنا السنية فقد حاربنا الامريكان والروافض هم العضو المختلف وبنا الكرد بيتهم وبنا الشيعة بيتهم لكن نحن من جهلنا بنتا ومن مما ادى الى يضعنا هو عدم الاعتماد الجهاد الفكري وتفضيل الجهاد ‏بالسلاح .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى