ديوان القادسيةلهيب القوافيمقالات

ذكرتكِ

د.طه حامد الدليمي

ذكرتُكِ يا ( لَطِيفيةْ )

ذكرتُكِ ..

يا لهيباً يلتظَّى فيَّ

ذكرتُكِ ..

يا مغاني العزّْ

ذكرتِكِ ..

والهوى أغصانُهُ تهتزّْ

تضُوعُ بمِسكِها الأذفرْ

ذكرتُ ..

شقائقَ النعمانْ

على شُرُفاتِ منزلِنا

تُطِلُّ بلونِها الأحمرْ

ذكرتُ ..

شُجيرةَ الرمانْ

تَمايَـلُ في حديقتِنا

يُعشعِشُ تحتَها القُنْبَرْ

ذكرتُ ..

( صفائحاً ) كنا

نوزِّعُها على الحيطانْ

« ورودُ الصبحِ » من أطرافِها تنظرْ

ذكرتُ ..

الصحبَ والخِلانْ

ذكرتُ ..

منازلَ الجيرانْ

وقد مرتْ بنا سنتانْ

على تاريخِ فُرقتِنا

وأربعةٌ من الأشهرْ([1])

فسالَ الدمعُ رقراقاً

وراحتْ تهمسُ الشفتانْ :

« لطيفيةْ ! .. لطيفيةْ ! »

فحَبْحَبَ في فمي السكَّرْ

وأكتبُها ..

فتضحكُ صفحةُ الدفترْ !

وأنثرُها ..

فتحضنُني حقولُ القمحِ والعنبرْ

وتُنشدُ لي سنابلُها

نشيداً كحَّل الأسحارَ

أنغاماً أثيريهْ :

« لطيفيةْ ! .. لطيفيةْ ! »

حروفٌ ..

في خلايا القلبِ قد نبتتْ

على جدرانِهِ طُبعتْ

وفي نبَضاتِهِ الخرساءِ ..

في طياتِهِ الصماءِ مخفيةْ

« لطيفيةْ ! .. لطيفيةْ ! »

وتنزلُ ..

من رحابِ ( الخُلدِ ) حوريةْ

لتضربَها على أوتارِهِ لحناً

يحيلُ الكونَ

،، كلَّ الكونِ ،، أُغنيَّةْ :

« لطيفيةْ ! .. لطيفيةْ ! »

وكم خبَّأتُها فيهِ !

رحيقاً ذاب يُرويهِ

وأكتمُها ..

حنيناً صار يُذويهِ

ومهما لذَّ في رئتي

مع الأيامِ .. يُمرضُني ويؤذيني

ولكن حينَ أنفثُها

وأخرجُها.. من الأعماقِ

آهاتٍ

وأرسمُها.. على شفتي

فَراشاتٍ

أرى الأقمارَ في الطرقاتِ

قد نزلتْ تحيِّيني

هوى عمري أُلَمْلِمُهُ

وأنشرُه ..

على حرفٍ

وأطوي الأحرفَ الأخرى

أنيناً في شراييني

وسراً ذاعَ في كلِّ الدواوينِ

أُردِّدُهُ ..

فأشعرُ أنَّ نارَ البُعدِ

عادتْ حينَ أنطقُهُ

كماءٍ باردٍ رقراقْ

وروحي دونَما وعيٍ

أراها نحوَها تنساقْ

على طبقٍ من الأشواقْ

وأهمسُ في دروبِ الليلْ

كعودٍ صاحَ منسياً

غريقاً في حميلِ السيلْ :

« لطيفيةْ ! .. لطيفيةْ ! »


[1]– غادرت بيتي عشية الحرب، أي مساء الأربعاء 19/3/2003. وتاريخ  كتابة القصيدة في 17/7/2005.

اظهر المزيد

‫5 تعليقات

  1. الله .. الله
    هذه العذوبة المنسابة تشدك لكل شطر فيها ..
    أدام الله حرفك العذب أيها الأديب الفذ

  2. اللطيفه كان فيها بيتنا كنت صغيره حينها ولكني اتذكر ان والدي اضطر ان يذهب بنا الى القائم في الانبار استأجر بيتاً هناك الى ان تنتهي الحرب لكنها لم تنتهي ولم نَعُد .
    حفظك الله شيخي وعوضك اضعافاً مضاعفه بعلمه ورحمته وكرمه وحوله وقدرته عن كل مافقدت وماافتقدت ????

  3. لقد ذكرتني … لا انسى نسمات اللطيفيه التي كنت اختتم بها طريقي قبل وصولي إلى جامعتي في المسيب كانت لحظات جميله وانا انظر إلى أشجارها وفي يدي ملازم الامتحان ..بوركت الانامل دكتور .

  4. ((كَمْ منزِلٍ في الأرض يألفُهُ الفَتى
    وحَنينُهُ أبداً لأوّلِ منزِلِ))
    _أبو تمام
    حفظك الله شيخنا الفاضل وأعانك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى