مقالاتمقالات الدكتور طه الدليمي

الحكم الراشد في الإسلام

د.طه حامد الدليمي

أساس الحكم في الإسلام وركنه الركين تحكيم شريعة الله تعالى. وهذا يتجلى في خمس قواعد أساسية:

  1. العدل بين الشعب، وكماله الرحمة.
  2. الشورى. وهي الوسيلة الشرعية الموصلة إلى القرارات السياسية.
  3. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
  4. تحقيق الأمن. وهو قسمان:

أ. داخلي:  بالحفاظ على أرواح الناس وأموالهم، وعقاب من يهددهم في ذلك. ومن ذلك ما جاء في حد (الحرابة)، ومسؤولية الحاكم في تأمين الطرق وتنفيذ الحدود على المخالف.

ب. خارجي: لحماية الدولة ببناء (القوة)، وتنظيم العلاقات مع الدول سلماً وحرباً.

  • توفير فرص الكسب والعيش الكريم.

يقول تعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50،49).

ويقول: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) (الحج:41). 

وعلى هذا يدور كلام العلماء. قال أبو المعالى الجويني: (الإمامة رياسة تامة، وزعامة عامة، تتعلق بالخاصة والعامة، في مهمات الدين والدنيا. مَهَمتها حفظ الحوزة، ورعاية الرعية، وإقامة الدعوة بالحجة والسيف، وكف الخيف والحيف، والانتصاف للمظلومين من الظالمين، واستيفاء الحقوق من الممتنعين، وإيفاؤها على المستحقين)([1]).

هذه أهم أسس الحكم الراشد ومضامينه في الإسلام.

عدم تحديد شكل للحكم في الإسلام

أما شكل الحكم، فلم يرد في الشرع تحديد له، وحصره في نوع معين من أنواع الحكم. فأي نظام تكتمل فيه هذه العناصر فهو حكم شرعي سواء كان خلافياً أم ملكياً أم جمهورياً أم غيره. تحت أي مسمى يتفق عليه: مُلك، رئاسة، خلافة، إمارة، غيرها. تنتقل فيه السلطة بالتعيين أم الوراثة أم بأي شكل آخر يناسب الحال. كل هذا مشروع ولا دليل على مخالفته للشرع. فالمدح والذم يتوجه لمضمون الحكم لا إلى شكله. وفي ذلك ورد القول عن علي أنه قال يوم الجمل: إن رسول الله e لم يعهد إلينا عهداً نأخذ به في إمارة، ولكنه شيء رأيناه من قبل أنفسنا، ثم استُخلف أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر، فأقام واستقام، ثم استخلف عمر، رحمة الله على عمر، فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانه([2]).

مجمل القول: الإسلام يركز على المضمون ولا يهمه الشكل، وبهذا نزلت نصوص الوحي كما قال سبحانه في وصف الحاكم الراشد: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) (الحج:41،40). 


[1]– غياث الأمم في التياث الظلم، ص22، أبو المعالي الجويني، مكتبة إمام الحرمين، الطبعة الثانية، 1401هـ.

[2]– مسند الإمام أحمد، 2/244، بتحقيق شعيب الإرناؤوط وآخرين. مصدر سابق. قال في الحاشية: إسناده ضعيف لجهالة الرجل الذي روى عن علي. وبقية رجاله رجال الصحيح.

اظهر المزيد

‫3 تعليقات

  1. جزاك الله خير الجزاء دكتور
    كم انا محظوظ اني عشت في زمن واحد مع المفكر المجدد دكتور طه الدليمي ، وكم هو خاسر من عاش في زمنه وأعرض عن فكره الكبير

  2. وعلى ضوء الوحي يسير القائد أو الحاكم
    ويعمل بما يرضي الله ويخدم الأنسانية جمعا
    هنا الغاية والمهمة التي ارادها الله لعباده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى